قصيدة فؤاد ما تسليه المدام للشاعر المُتَنَبّي

البيت العربي

فُؤادٌ ما تُسَلّيهِ المُدامُ


عدد ابيات القصيدة:43


فُؤادٌ ما تُسَلّيهِ المُدامُ
فُــؤادٌ مــا تُــسَــلّيــهِ المُــدامُ
وَعُــمــرٌ مِـثـلُ مـا تَهَـبُ اللِئامُ
وَدَهــــرٌ نـــاسُهُ نـــاسٌ صِـــغـــارٌ
وَإِن كــانَــت لَهُــم جُـثَـثٌ ضِـخـامُ
وَمـا أَنـا مِـنـهُمُ بِالعَيشِ فيهِم
وَلَكِــن مَــعــدِنُ الذَهَـبِ الرَغـامُ
أَرانِـــبُ غَـــيـــرَ أَنَّهـــُمُ مُــلوكٌ
مُـــفَـــتَّحــَةٌ عُــيــونُهُــمُ نِــيــامُ
بِـأَجـسـامٍ يَـحَـرُّ القَـتـلُ فـيـهـا
وَمــا أَقــرانُهــا إِلّا الطَـعـامُ
وَخَــيــلٍ مــا يَـخِـرُّ لَهـا طَـعـيـنٌ
كَــأَنَّ قَــنــا فَــوارِسِهــا ثُـمـامُ
خَــيــلُكَ أَنـتَ لا مَـن قُـلتَ خِـلّي
وَإِن كَــثُــرَ التَـجَـمُّلـُ وَالكَـلامُ
وَلَو حـيـزَ الحِـفـاظُ بِـغَـيرِ عَقلٍ
تَـجَـنَّبـَ عُـنـقَ صَـيـقَـلِهِ الحُـسـامُ
وَشِــبــهُ الشَـيـءِ مُـنـجَـذِبٌ إِلَيـهِ
وَأَشـبَهُـنـا بِـدُنـيـانـا الطِـغامُ
وَلَو لَم يَـــعـــلُ إِلّا ذو مَــحَــلٍّ
تَـعـالى الجَـيـشُ وَاِنحَطَّ القَتامُ
وَلَو لَم يَـــرعَ إِلّا مُـــســتَــحِــقٌّ
لِرُتــبَــتِهِ أَســامَهُــمُ المُــســامُ
وَمَـن خَـبَـرَ الغَـواني فَالغَواني
ضِـــيـــاءٌ فــي بَــواطِــنِهِ ظَــلامُ
إِذا كانَ الشَبابُ السُكرَ وَالشَي
بُ هَـمّـاً فَـالحَـيـاةُ هِـيَ الحِمامُ
وَمــا كُــلٌّ بِــمَــعــذورٍ بِــبُــخــلٍ
وَلا كُـــلٌّ عَـــلى بُـــخـــلٍ يُــلامُ
وَلَم أَرَ مِـثـلَ جِـيـرانـي وَمِـثلي
لِمِــثــلي عِــنـدَ مِـثـلِهِـمِ مُـقـامُ
بِـأَرضٍ مـا اِشـتَهَـيتَ رَأَيتَ فيها
فَــلَيــسَ يَـفـوتُهـا إِلّا الكَـرامُ
فَهَـلّا كـانَ نَـقـصُ الأَهـلِ فـيها
وَكـانَ لِأَهـلِهـا مِـنـهـا التَمامُ
بِهـا الجَـبَـلانِ مِـن صَـخـرٍ وَفَخرٍ
أَنافا ذا المُغيثُ وَذا اللِكامُ
وَلَيــسَــت مِــن مَــواطِــنِهِ وَلَكِــن
يَــمُــرُّ بِهـا كَـمـا مَـرَّ الغَـمـامُ
سَـقـى اللَهُ اِبـنَ مُـنجِبَةٍ سَقاني
بِــــدَرٍّ مـــا لِراضِـــعِهِ فِـــطـــامُ
وَمَـن إِحـدى فَـوائِدِهِ العَـطـايـا
وَمَــن إِحــدى عَــطـايـاهُ الدَوامُ
فَـقَـد خَـفِـيَ الزَمـانُ بِهِ عَـلَينا
كَـسِـلكِ الدُرِّ يُـخـفـيـهِ النِـظـامُ
تَــلَذُّ لَهُ المُــروءَةُ وَهـيَ تُـؤذي
وَمَــن يَــعـشَـق يَـلَذُّ لَهُ الغَـرامُ
تَــعَــلَّقَهــا هَــوى قَــيـسٍ لِلَيـلى
وَواصَــلهــا فَــلَيــسَ بِهِ سَــقــامُ
يَــروعُ رَكــانَــةً وَيَــذوبُ ظَـرفـاً
فَــمــا نَــدري أَشَــيـخٌ أَم غُـلامُ
وَتَــمــلِكُهُ المَـسـائِلُ فـي نَـداهُ
وَأَمّــا فـي الجِـدالِ فَـلا يُـرامُ
وَقَــــبـــضُ نَـــوالِهِ شَـــرَفٌ وَعِـــزٌّ
وَقَـبـضُ نَـوالِ بَـعـضِ القَـومِ ذامُ
أَقــامَـت فـي الرِقـابِ لَهُ أَيـادٍ
هِـيَ الأَطـواقُ وَالنـاسُ الحَـمامُ
إِذا عُــدَّ الكِــرامُ فَـتِـلكَ عِـجـلٌ
كَـمـا الأَنـواءُ حـيـنَ تُـعَدُّ عامُ
تَـقـي جَـبَهـاتُهُـم مـا في ذَراهُم
إِذا بِــشِـفـارِهـا حَـمِـيَ اللِطـامُ
وَلَو يَـمَّمـتُهُـم فـي الحَشرِ تَجدو
لَأَعــطَـوكَ الَّذي صَـلَّوا وَصـامـوا
فَـإِن حَـلُمـوا فَـإِنَّ الخَيلَ فيهِم
خِــفــافٌ وَالرِمــاحُ بِهــا عُــرامُ
وَعِــنــدَهُــمُ الجِــفــانُ مُـكَـلَّلاتٍ
وَشَـزرُ الطَـعـنِ وَالضَـربُ التُؤامُ
نُــصَــرِّعُهُــم بِــأَعـيُـنِـنـا حَـيـاءً
وَتَــنـبـو عَـن وُجـوهِهِـمِ السِهـامُ
قَـبـيـلٌ يَـحـمِـلونَ مِـنَ المَـعالي
كَـمـا حَـمَـلَت مِنَ الجَسَدِ العِظامُ
قَـبـيـلٌ أَنـتَ أَنـتَ وَأَنـتَ مِـنـهُم
وَجَــدُّكَ بِــشــرٌ المَــلِكُ الهُـمـامُ
لِمَــن مــالٌ تُــمَـزَّقُهُ العَـطـايـا
وَيَــشــرَكُ فــي رَغـائِبِهِ الأَنـامُ
وَلا نَــدعــوكَ صــاحِـبَهُ فَـتَـرضـى
لِأَنَّ بِــصُــحــبَــةٍ يَــجِـبُ الذِمـامُ
تُـــحـــايِـــدُهُ كَـــأَنَّكــَ ســامِــرِيٌّ
تُــصــافِــحُهُ يَــدٌ فــيــهـا جُـذامُ
إِذا ما العالِمونَ عَرَوكَ قالوا
أَفِـدنـا أَيُّهـا الحِـبـرُ الإِمـامُ
إِذا ما المُعلِمونَ رَأَوكَ قالوا
بِهَــذا يُــعـلَمُ الجَـيـشُ اللُهـامُ
لَقَـد حَـسُـنَـت بِـكَ الأَوقـاتُ حَتّى
كَـأَنَّكـَ فـي فَـمِ الدَهـرِ اِبـتِسامُ
وَأُعــطــيـتَ الَّذي لَم يُـعـطَ خَـلقٌ
عَــلَيــكَ صَــلاةُ رَبِّكــَ وَالسَــلامُ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب.
الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة المعاني المبتكرة.
ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس.
قال الشعر صبياً، وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه.
وفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه.
قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز.
عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسّد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد.
وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي.
تصنيفات قصيدة فُؤادٌ ما تُسَلّيهِ المُدامُ