قصيدة فرقت بين بنانها وخضابها للشاعر ابن سناء الملك

البيت العربي

فَرَّقْتُ بين بَنانِها وخِضَابها


عدد ابيات القصيدة:58


فَرَّقْتُ بين بَنانِها وخِضَابها
فَـرَّقْـتُ بـيـن بَـنـانِهـا وخِـضَـابـها
وجـمـعـتُ بـيـن سُـلافِهـا ورُضَـابِها
واعـتـضْـتُ بـالخَّديـن عـن تُـفَّاـحِها
وغَـنـيـتُ بـالشَّفـَتـين عَنْ أَكْوَابِها
وسَـمِـعـتُ بـالتـقـبيل صوتَ نعيمِها
وأَمِـنـتُ بـالتَّعـنـيـق سَوْطَ عَذَابِها
ورأَيـتُ مـنـهـا قَـدَّهـا مُـتـمـايـلاً
فـجـنـيـتُ مِـنـه زَهْـرَه مُـتَـشَـابـهـا
ولقــد أَحــلَّ السُّكــر حَـلَّ إِزارَهـا
مِـنْ بَـعـد تَـحـريـمـي لِحَـلِّ نِقَابِها
فـالحـسـنُ مـا تُبديه فوقَ جُفونها
كُـحـلاً ومـا تُـخـفِـيه تَحْت ثِيابِها
بـيـضـاءُ لَيْـلى بـالوصـالِ كثَغْرِها
كَـجـبـيـنِهـا كَـنـسـيـمِهـا كَشَبابِها
حَـضَـرِيِّةـُ الأَوطـانِ لا بَـدويِّةـ ال
أَعــطــانِ بَــائِلةٌ عَـلى أَعْـقـابِهـا
خُــذْ يــا كــثــيــرَ عــزةٍ لك عــزَّةً
ودَع المــليـحـةَ إِنَّنـي أَوْلى بِهـا
فَـتُـرابُ قَـاتـلتـي يـفُـوح كـمِسْكِها
طِـيـبـاً وعَـزَّةُ مِـسْـكُهـا كَـتُـرابِهـا
آتِـي فـأَعـثُـر فـي سـلوكِ عُـقـودها
وتَـظَـلُّ تـعـثـرُ أَنـتَ فـي أَطْـنَابها
وتُـجـيـبـني النغماتُ من أَوتَارِها
عـنـد الزِّيـارَة لا هَـريرُ كِلاَبها
لا تـكـذِبـنَّ فـما الهَوى إِلاَّ لَها
مـنِّيـ ومِـنْـكَ وما الضَّنى إِلاَّ بها
مــا أَنـت إِنـسـانٌ ولا لك قـيـمـةٌ
إِلا إِذا أَصــبـحـتَ مَـن أَحْـبَـابِهـا
وتـقـول كَـسْـرُ القلبِ من أَجْفانِها
أَو ليـسَ كـسرُ الجفْن مِنْ أَهْدَابِها
كـانـت وكـنـتُ وكانت الدَّارُ التي
يـا ليـتَ لا كَـانـت ولا كُنَّا بها
دارٌ حَـصـى اليـاقـوتِ نثرُ عِرَاصها
ومَـبـاسِـمُ الأَفـواهِ نَـظْـم رِحَابِها
والسـحـرُ مـن أَزهـارِها والدَّلُّ من
أَشـجـارِهـا والحُـسْـن مِـن أَعْشَابِها
ولكَــمْ بــهــا مِــن جَــنَّةــٍ عَـدَنِـيَّةٍ
ولكَـمْ دخـلنـاهـا بـغـيـر حِـسَابها
ثم انْطَوَتْ بيدِ البِلَى وأَذاعت ال
أَيَّاــمُ للأَبْــصــارِ ســرَّ خَــرَابِهــا
فـإِذا نـظرتَ إِلى الرِّياض رَأَيْتها
وكـأَنَّهـا فـي العَـين من أَسْلاَبِها
فــلو أنَّ جــودَ أَبـي عـليِّ ربْـعُهـا
مـا جَـاز تـغـييرُ الزَّمانِ بِبَابِها
جــودٌ بـسـيـطٌ والبـسـيـطُ طـبـيـعـةٌ
أمـنـت تـغـيـرهـا عـلى أحـقـابـها
عـبـد الرحـمـن على البرية رحمة
أَمِـنـت بـصُـحـبـتـهـا حلولَ عِقابها
يــا ســائلاً عــنـه وعَـنْ أَسْـبـابِه
نـالَ السَّمـاءَ فـسـلْه عَنْ أَسْبابها
كــذَب الَّذي قــد قـال إِنَّ جـبـيـنَه
كــهِـلالِهـا ويـمـيـنَه كَـسَـحـابـهـا
فــجــبــيـنُه أَبْهَـى بـثـاقِـب نُـورِه
ويــمـيـنُه أَنْـدى بـفـيـضِ رِغَـابِهـا
لكـن رأَيـتُ الشـهـبَ سـاعـةَ خَطْفِها
فـرأَيـتُ فـيـهـا مـن ذَكاةُ مُشابِها
مـتـوقِّدُ الفِـكَـرِ الَّتـي مـن أُفْقِها
يُـردِي شـيـاطـيـنَ العِـدا بِشِهَابِها
مـا زالَت الأَعـداءُ يـوم نِـزَالها
تَـطـوى كَـتَـائِبَهَـا بـنـشـرِ كِتَابِها
والدَّهْـرُ يـعـلمُ أَن فـيـصـل خَـطْـبهِ
بـخـطـا يَـراعَـتـهِ وفَـصْـلِ خِـطَـابِها
حِـكَـمٌ يُـرى الإِسـهابُ في إِيجازِها
ولقـد يُـرى الإِيجازُ في إِسْهابِها
ويـدٌ لهـا فـي كُـلِّ جـيـدٍ كـاسْـمِها
مـنـنٌ يُـقَـلدُهـا بـلا اسْـتِـيجابِها
يُـولي صـنـائعـهَا العظامَ لِذَاتِها
لا رغـبـةً في الشكر مِنْ أَصْحَابِها
مــا قــالَ هــاتِ له عَــلى عِـلاَّتـه
مُــســتــرفــدٌ فــأَجــابَه إِلاَّ بِهــا
ولقد عَلَتْ رُتَبُ الأَجَلِّ على الوَرى
بِـسُـمُـوِّ مـنـصِـبِهَـا وطـيـبِ نِـصَابِها
وأَتــتــه خــاطــبــةً إِليــه وَزارةٌ
ولَطــالَمــا أَعْـيَـت عَـلَى خُـطَّاـبِهـا
مـا لَقَّبـُوه بـهـا لأَنْ يَـعْـلو بِها
أَســمــاؤه أَغْــنَـتْه عـن أَلْقـابِهـا
قــال الزَّمـانُ لغـيـرهِ إِذْ رامَهـا
تَـرِبَـت يـمـيـنُـك لَسْت مِنْ أَتْرَابِها
اذهَـبْ طـريـقَـك لسـتَ مـن أَرْبَابها
وارْجـع وراءَك لسْـتَ مِـنْ أَصْـحَابِها
وبِـــعـــزِّ ســيِّدنــا وســيِّد عِــزِّنــا
ذَلَّت مِـن الأَيَّاـم شُـمْـسُ صِـعَـابـهـا
وأَتَـــت ســـعــادتُه إِلى أَبْــوابــه
لا كَـالَّذِي يَـسْـعـى إِلَى أَبْـوابـها
تـعـنُـو المـلوكُ لوجـهـهِ بوجُوهِهَا
لا بــل تُـسـاق لِبَـابِه بِـرِقَـابِهـا
شَـغَـل المـلوكَ بـمـا يـقولُ ونفسُه
مـشـغـولةٌ بـالذِّكْـرِ فِـي مِـحْـرَابِها
فِـي الصَّومِ والصَّلـواتِ أَتْعب نَفْسه
وضــمــانُ رَاحَـتـه عَـلى أَتـعـابِهـا
وتــعــجَّلــ الإقـلاعَ عـن آثـامِهـا
ثِــقَــةً بــحُــســنِ مـآلِهـا وَمـآبِهـا
فَـسِـواهُ تَـسـبـيـه المِـلاَحُ بِـحُبها
وسِـواهُ تُـصـبـيـه الطِّلـاَ بِحبَابها
فـلتَـفْـخـر الدُّنـيـا بسائِس مُلِكها
مــنــه ودَارِسِ عِــلْمِهـا وكِـتَـابِهـا
صـــوَّامِهـــا قَـــوَّامِهـــا عــلاَّمِهــا
عـــمَّاـــلِهَــا بــذَّالِهــا وهَّاــبِهــا
فــتـهـنَّ بـالنِّعـَمِ الَّتـي هُـنِّئـْتَهَـا
بــرَبَـابِهـا دانَـتْ عَـلَى أَرْبـابِهـا
مــحــروســةً مــن ذُلِّهـا ومِـطـالِهـا
وســليــمـةً مـن ذَمِّهـا أَوْ عَـابـهـا
وتــهَــنًّ عــيــداً أَقــبَــلت أَيَّاــمُه
تَـعْـدو إِليـكَ بـأَجـرْهـا وثَـوابِهـا
ولْتُهـنـنـيِ مـنـكَ الكـرامـةُ إِنَّنـي
أَخْـطُـو وأَخْـطُـر مِـنْـك في جِلْبابها
أَكْــرمْـتَـنـي وعَـمَـمـتـنـي بـفـوائد
كَـادت تُـغَـرِّق سـاحـتـي بِـعُـبـابِهـا
وكـسـوتَـنـي خِـلعـاً عَـذَرتُ مَـعاطِفي
لما ازْدَهاها التِّيهُ مِنْ إِعْجَابِها
ورأَيـتَ قَـدْري فـي البـريَّة خاملاً
فـجـعـلتَ قَـدْرِي في البَرِيَّة نَابِها
فــلَيْــشـكُـرنَّكـ مِـقْـولي عـن مُهْـجـةٍ
نَـادت فـكـان نَـداك رَجْـعَ جَـوابها
شَـكَـرتْـكَ نـفـسٌ أَنـتَ أَصْـلُ حـياتها
وبَــقــائِهـا وطَـعـامِهـا وشَـرابِهـا
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

هبة الله بن جعفر بن سناء الملك أبي عبد الله محمد بن هبة الله السعدي أبو القاسم القاضي السعيد.
شاعر من النبلاء، مصري المولد والوفاة، كان وافر الفضل، رحب النادي جيد الشعر بديع الإنشاء، كتب في ديوان الإنشاء بمصر مدة، ولاه الملك الكامل ديوان الجيش سنة 606 هـ.وكان ينبز بالضفدع لجحوظ في عينيه
له (دار الطراز- ط) في عمل الموشحات، (وفصوص الفصل- خ) جمع فيه طائفة من إنشاء كتاب عصره ولاسيما القاضي الفاضل، و(روح الحيوان) اختصر به الحيوان للجاحظ و "كتاب مصايد الشوارد"، و(ديوان شعر- ط) بالهند، وفي دار الكتاب الظاهرية بدمشق الجزء الثاني من منظومة في (غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم) يُظن آنها له.
وترجم له الصفدي في الوافي قال:
قال ابن سعيد المَغرِبي": كان غالياً في التشيّع (ثم سمى كتبه ثم قال):
وقال ياقوت الحموي: حدثني الصاحب الوزير جمال الدين الأكرم، قال: كان سناء الملك واسمه رَزين رجلاً يهودياً صيرفيّاً بمصر وكانت له ثروةٌ، فأسلم ثم مات، وخلّف ولدَه الرشيد جعفراً، وكان له مضارَباتٌ وقُروضٌ وتجاراتٌ اكتسب بها أموالاً جمّةً ولم يكن عنده من العلم ما يشتهِر إلا أنه ظفِر بمصر بجزء من كتاب الصِحاح الجَوهري، وهو نِصف الكتاب بخط الجوهري نفسِهِ فاشتراه بشيء يسير، وأقام عنده محروساً عدّة سنين إلى أن ورد إلى مصر رجلٌ أعجمي ومعه النصف الآخر من صحاح الجوهري، فعرضه على كتبيّ بمصر، فقال له: نصف هذا الكتاب الآخر عند الرشيد بن سناء الملك، فجاءه به وقال: هذا نصف الكتاب الذي عندك، فإما أن تُعطِيَني النصفَ الذي عندك وأنا أدفَعُ إليك وزنَه دراهم، فجعل الرشيد يضرب أخماساً لأسداس ويخاصم نفسَه في أحد الأمرين حتى حمل نفسه وأخرج دراهم ووزَن له ما أراد، وكان مقدارها خمسةَ عشر ديناراً، وبقيت النسخة عنده، ونشأ له السعيد ابنهُ هبةُ الله، فتردّد بمصر إلى الشيخ أبي المحاسن البَهنَسي النحوي، وهو والد الوزير البهنسي الذي وزر للأشرف بن العادل، وكان عنده قَبولٌ وذكاء وفطنة، وعاشر في مجلسه رجلاً مغربيّاً كان يتعانى عمل الموشحات المغربية والأزجال، فوقّفه على أسرارها وباحثه فيها وكثّر حتى انقَدَح له في عملها ما زاد على المَغاربة حُسناً، وتعانى البلاغة والكتابة، ولم يكن خَطّه جيّداً، انتهى، قلتُ: وكان يُنبَز بالضفدع لجحوظٍ في عينيه، وفيه يقول ابن الساعاتي، وكتب ذلك على كتابه "مصايد الشوارد":
وفيه يقول أيضاً وقد سقط عن بغل له، كان عالياً جدّاً ويسمَّى الجَمَل:
وهذا دليل على أن ابنَ سناء الملك كان شيعيّاً، ...إلخ
ولم يذكر ابن خلكان أن جده كان يهوديا ولا أنه كان ينبز بالضفدع قال:
ابن سناء الملك القاضي السعيد أبو القاسم هبة الله بن القاضي الرشيد أبي الفضل جعفر بن المعتمد
سناء الملك أبي عبد الله محمد بن هبة الله بن محمد السعدي، الشاعر المشهور، المصري صاحب ديوان الشعر البديع والنظم الرائق، أحد الفضلاء الرؤساء النبلاء، ...إلخ.
وفي السلوك للمقريزي ترجمة نادرة لوالده الرشيد في وفيات سنة 592 ونصها:
وفي خامس ذي الحجة: مات القاضي الرشيد ابن سناء الملك. قال القاضي الفاضل فيه: "ونعم الصاحب الذي لا تخلفه الأيام، ولا يعرف له نظير من الأقوام: أمانة سمينة، وعقيدة ود متينة، ومحاسن ليست بواحدة، ومساع في نفع المعارف جاهدة. وكان حافظا لكتاب الله، مشتغلا بالعلوم الأدبية، كثير الصدقات، نفعه الله، والأعمال الصالحات، عرفه الله بركاتها".
ومن شعر ابن سناء الملك قصيدة في 68 بيتا يودع بها والده القاضي الرشيد في سفرة له إلى دمشق، وفيها قوله:
ومن مدائحه في الرشيد الموشح الذي مطلعه:
أَخْمَلَ ياقوتَ الشفقْ - دُرُّ الدراري
وفيه قوله:
ثم أورد العماد موشحا له في رثاء أمه أوله:
وكلا الموشحين ليسا في ديوانه المنشور في إصدارات الموسوعة السابقة
(1) قلت أنا بيان: انفرد ياقوت بهذه المعلومة الخطيرة وقد فندها الأستاذ محمد إبراهيم نصر في كتابه (ابن سناء الملك) انظر كلامه كاملا في صفحة القصيدة الدالية التي أولها:
تصنيفات قصيدة فَرَّقْتُ بين بَنانِها وخِضَابها