البيت العربي

في مِثلِهِ مِن طارِقِ الأَرزاءِ
عدد ابيات القصيدة:46

فـــي مِـــثــلِهِ مِــن طــارِقِ الأَرزاءِ
جــادَ الجَــمــادُ بِــعَــبــرَةٍ حَـمـراءِ
مِــن كُــلِّ قــانِــيَـةٍ تَـسـيـلُ كَـأَنَّهـا
شُهُـــبٌ تَـــصَــوَّبُ مِــن فُــروجِ سَــمــاءِ
تَــحـمـى فَـتَـغـرَقُ مُـقـلَةٌ فـي حـاجِـمٍ
مِــنــهــا وَتُــحــرَقُ وَجـنَـةٌ فـي مـاءِ
مَـحَـتِ الكَـرى بَـيـنَ الجُـفونِ وَرُبَّما
غَــسَــلَت سَــوادَ المُـقـلَةِ الكَـحـلاءِ
لا تُـــورِثُ الأَحـــشـــاءَ إِلّا غُـــلَّةً
وَالمــاءُ يَــنــقَــعُ غُــلَّةَ الأَحـشـاءِ
أَهـــوِلِ بِهِ مِـــن يَـــومِ رُزءٍ فـــادِحٍ
سَــحَــبَ الصَــبــاحُ بِهِ ذُيــولَ مَـسـاءِ
مُــتَــلاطِــمُ الأَحــشـاءِ تَـحـسِـبُ أَنَّهُ
بَــحــرٌ طَــمــى مُــتَــلاطِـمَ الأَرجـاءِ
جَمَعَ الحِدادَ إِلى العَويلِ فَما تَرى
فــي القَــومِ غَـيـرَ حَـمـامَـةٍ وَرقـاءِ
مِــن مــاسِــحٍ عَــن وَجــنَـةٍ مَـمـطـورَةٍ
أَو رافِــــعٍ مِـــن زَفـــرَةٍ صُـــعَـــداءِ
وَكَـأَنَّمـا يَـسـقـي بِـمـا يَـبـكـي ثَرى
مــاقَــد ذَوى مِــن دَوحَــةِ العَـليـاءِ
وَلَئِن جَــــزِعــــتَ لِيَــــومِ أُمٍّ بَــــرَّةٍ
نَــشَــأَت تَــطــولُ أَكــابِــرَ الآبــاءِ
تَـصِـلُ الدُعـاءَ إِلى البُـكاءِ كَأَنَّما
تَــرمــي السَــمـاءَ بِـمُـقـلَةٍ مَـرهـاءِ
فَــلِمِــثــلِهِ مِــن يَــومِ خَــطـبٍ نـازِلٍ
جَــمَّتــ دُمــوعُ أَفــاضِــلِ الأَبــنــاءِ
فَـاِسـمَـح بِـأَعـلاقِ الدُمـوعِ فَـإِنَّمـا
تُــقــنــى دُمــوعُ العَـيـنِ لِلبُـرَحـاءِ
وَاِهـتِـف بِـمـا تَـشـكـو إِلَيـها لَوعَةً
إِن كـــانَ يُـــصــغــي هــالِكٌ لِنِــداءِ
وَاِقـرَع لَهـا بـابَ السَـمـاءِ بِـدَعوَةٍ
تَــســتَــمــطِــرُ الخَـضـراءَ لِلغَـبـراءِ
حَــتّــى تَــجــودُ بِــكُـلِّ عـارِضِ رَحـمَـةٍ
تَــســتَــضــحِــكُ الأَنــوارَ لِلأَنــواءِ
زَجِــلِ الرُعــودِ كَــأَنَّمـا مَـسَـحَـت بِهِ
كَــفُّ الصَــبــا عَــن نــاقَــةٍ عُـشَـراءِ
فَــبِـمِـثـلِهـا مِـن تُـربَـةٍ قَـد قُـدِّسَـت
نَــثَــرَ النَــسـيـمُ قَـلائِدَ الأَنـداءِ
وَسَــرى يُــمَــرِّغُ خَــدَّهُ قَــمَـرُ الدُجـى
وَيُــذيــلُ فَــضــلَ ضَـفـيـرَةِ الجَـوزاءِ
وَلَئِن صَــبَـرتَ وَصَـبـرُ مِـثـلِكَ حِـسـبَـةٌ
فَــلَقَــد أَخَــذتَ بِـشـيـمَـةِ النُـبَـلاءِ
مِـن كُـلِّ ماضي العَزمِ يُهوي بِالأَسى
عَــن هَــضــبَــةٍ مِــن صَــبــرِهِ خَـلقـاءِ
كَــشَـفَـت لَهُ الأَيّـامُ عَـن أَسـرارِهـا
فَـــرأى جَـــلِيَّ عَــواقِــبِ الأَشــيــاءِ
لَم يَـثـنِ فـي السَـرّاءِ مِن تيهٍ بِها
أَعــطــافَهُ فَــيَــخــورُ فــي الضَــرّاءِ
مـــا اِرتـــابَ أَنَّ سُــرورَهُ لِكَــآبَــةٍ
يَـــومـــاً وَأَنَّ بَـــقـــاءَهُ لَفَـــنـــاءِ
فَــكَــأَنَّهــُ وَالعــيـسُ تَـبـسُـطُ خَـطـوَهُ
قَــد بــانَ مُـرتَـحِـلاً عَـنِ الأَحـيـاءِ
فَــلَرُبَّ رَكــبٍ لِلرَدى تَــحــتَ السُــرى
ضَــرَبــوا قِــبــابَهُــم بِهــا لِثَــواءِ
مُــتَــوَسِّديــنَ بِهـا التُـرابَ كَـأَنّهُـم
لَم يَـرتَـعـوا فـي زَهـرَةِ النَـعـمـاءِ
صَــرعــى فَــلا قَـلبٌ لِغَـيـرِ صَـبـابَـةٍ
يُــذكــى وَلا عَــيــنٌ لِغَــيــرِ بُـكـاءِ
مـا شِـئتَ مِـن قُـرَنـاءِ خَـيـرٍ أَعـصَفَت
ريـــحُ الرَدى بِهِـــم وَمِــن قُــرَبــاءِ
مُــلِئَت بِهِـم عَـيـنـي دُمـوعـاً كُـلَّمـا
مُــلِئَت عُــيــونُهُــمُ مِــنَ الإِغــفــاءِ
وَكَــفـى أَسـىً وَصَـبـابَـةً أَن أُنـزِلوا
وَهُــمُ الأَقــارِبُ مَــنــزِلَ البُـعَـداءِ
بَــدَداً بِــمَــســرى كُــلِّ ريــحٍ عـاصِـفٍ
وَمَـــصـــابِ كُــلِّ غَــمــامَــةٍ هَــطــلاءِ
أَلوى بِهِـــم وَلِكُـــلِّ جَــنــبٍ مَــصــرَعٌ
داءٌ عَـــــيـــــاءٌ عَـــــزَّ كُـــــلَّ دَواءِ
وَطَـوى القُـرونَ بِـحَـيـثُ صُـمَّتـ عَـنهُمُ
أُذُنُ المُــصــيــخِ وَكُـلِّ طَـرفُ الرائي
وَلَئِن سَــطــا وَالفــاصِـلاتُ كَـثـيـرَةٌ
فَــلَقَــد سَــطـا بِـقَـليـلَةِ النُـظَـراءِ
وَنَــجــيــبَــةٍ جــاءَت بِـأَوحَـدِ أَمـجَـدٍ
قَــد فــاتَ طَــولاً أَيـدِيَ النُـجَـبـاءِ
مُــتَــقَــلِّبٌ فـي اللَهِ بَـيـنَ بَـشـاشَـةٍ
يَـنـدى الهَـشـيـمُ بِهـا وَبَـيَـن مَضاءِ
لَدِنٌ كَــمَــطــلولِ النَــســيـمِ وَتـارَةً
خَــشِــنٌ كَــصَــدرِ الصُـعـدَةِ السَـمـراءِ
فــي مَــقــعَـدٍ وَسِـعَ الأَنـامَ عَـدالَةً
وَسَــمــا فَــزاحَـمَ مَـنـكِـبَ الخَـضـراءِ
يَـسـتَـنـزِلُ الأَروى هُـنـاكَ سَـكـيـنَـةً
وَيَــروعُ قَــلبَ الصَــخــرَةِ الصَــمّــاءِ
عَــدلٌ يَــظَــلُّ بِــظِــلِّهِ ذِئبُ الغَــضــا
جــاراً هُــنــاكَ لِظَــبـيَـةِ الوَعـسـاءِ
وَكَــفــاهُــمــا أَن يَـخـلوا بِـأَراكَـةٍ
عِـنـدَ المَـقـيـلِ وَيَـشـرَبـا مِـن مـاءِ
وَإِلَيــكَ مِــن حُــرِّ الكَـلامِ عَـقـيـلَةً
قَــصَــرَت خُــطــاهـا خَـجـلَةُ العُـذَراءِ
نَــشَــأَت وَشُــقــرٌ دارُهــا فَــكَـأَنَّمـا
وَرَدَتـــــــكَ زائِرَةً مِـــــــنَ الزَوراءِ
رَقَّتـ وَقَـد عَـلِمَـت بِـمَـوضِـعِ حُـسـنِهـا
فَــأَتَـتـكَ تَـمـشـي مِـشـيَـةَ الخُـيَـلاءِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: ابن خفاجة
قال الحجاري في كتابه (المسهب): (هو اليوم شاعر هذه الجزيرة، لا أعرف فيها شرقاً ولا غرباً نظيره)