قصيدة قم سليمان بساط الريح قاما للشاعر أحمد شوقي

البيت العربي

قُم سُلَيمانُ بِساطُ الريحِ قاما


عدد ابيات القصيدة:60


قُم سُلَيمانُ بِساطُ الريحِ قاما
قُـم سُـلَيـمـانُ بِـسـاطُ الريحِ قاما
مَـلَكَ القَـومُ مِـنَ الجَـوِّ الزِمـامـا
حــيــنَ ضــاقَ البَـرُّ وَالبَـحـرُ بِهِـم
أَسرَجوا الريحَ وَساموها اللِجاما
صـــارَ مـــا كــانَ لَكُــم مُــعــجِــزَةً
آيَــةً لِلعِــلمِ آتــاهــا الأَنـامـا
قُـــدرَةٌ كُـــنـــتَ بِهـــا مُــنــفَــرِداً
أَصـبَـحَـت حِـصَّةـَ مَـن جَـدَّ اِعـتِـزامـا
عَــيــنُ شَــمــسٍ قــامَ فـيـهـا مـارِدٌ
مِـن عَـفـاريـتِـكَ يُـدعـى شـاتَهـامـا
يَــمــلَأُ الجَــوَّ عَــزيــفــاً كُــلَّمــا
ضَــرَبَ الريــحَ بِــسَـوطٍ وَالغَـمـامـا
مَـــلِكُ الجَـــوِّ تَـــليـــهِ عُـــصـــبَــةٌ
جَــمَــعَـت شَهـمـاً وَنَـدبـاً وَهُـمـامـا
اِســـتَـــوَوا فَــوقَ مَــنــاطــيــدِهــمُ
مــا يُــبـالونَ حَـيـاةً أَم حِـمـامـا
وَقُــبــوراً فــي السَــمَـواتِ العُـلا
نَـــزَلوا أَم حُـــفَـــراتٌ وَرَغـــامــا
مُــطــمَــئِنّــيــنَ نُــفــوســاً كُــلَّمــا
عَـبَـسَـت كـارِثَـةٌ زادوا اِبـتِـسـاما
صَهــوَةَ العِــزِّ اِعـتَـلَوا تَـحـسَـبُهُـم
جَـمـعَ أَمـلاكٍ عَـلى الخَـيـلِ تَسامى
رَفَـــعـــوا لَولَبَهــا فَــاِنــدَفَــعَــت
هَـل رَأَيـتَ الطَـيـرَ قَـد زَفَّ وَحـاما
شــــالَ بِـــالأَذنـــابِ كُـــلٌّ وَرَمـــى
بِـجَـنـاحَـيـهِ كَـمـا رُعـتَ النَـعـاما
ذَهَــبَــت تَــسـمـو فَـكـانَـت أَعـقُـبـاً
فَــنُــســوراً فَــصُــقــوراً فَـحَـمـامـا
تَــنــبَــري فــي زَرَقِ الأُفــقِ كَـمـا
سَــبَــحَ الحــوتُ بِــدَأمــاءٍ وَعـامـا
بَــعــضُهــا فـي طَـلَبِ البَـعـضِ كَـمـا
طـارَدَ النَـسرُ عَلى الجَوِّ القُطاما
وَيَــــراهــــا عــــالَمٌ فــــي زُحَــــلٍ
أَرسَـلَت مِـن جـانِـبِ الأَرضِ سِهـامـا
أَو نُـــجـــومــاً ذاتَ أَذنــابٍ بَــدَت
تُــنــذِرُ النـاسَ نُـشـوراً وَقِـيـامـا
أَتَــــرى القُــــوَّةَ فــــي جُـــؤجُـــؤهِ
وَهــوَ بِــالجُــؤجُــؤِ مـاضٍ يَـتَـرامـى
أَم تَـراهـا فـي الخَـوافـي خَـفِـيَـت
أَم مَـقَـرُّ الحَولِ في بَعضِ القُدامى
أَم ذُنـــــــابـــــــاهُ إِذا حَــــــرَّكَهُ
يَــزِنُ الجِــســمَ هُـبـوطـاً وَقِـيـامـا
أَم بِــعَــيــنَــيـهِ إِذا مـا جـالَتـا
تَـكـشِـفـانِ الجَـوَّ غَـيثاً أَم جَهاما
أَم بِـــأَظـــفـــارٍ إِذا شَـــبَّكـــَهـــا
نَـفَـذَت في الريحِ دَفعاً وَاِستِلاما
أَم أَمَــــــــدَّتـــــــهُ بِـــــــروحٍ أُمُّهُ
يَـومَ أَلقَـتـهُ وَمـا جـازَ الفِـطاما
فَــــتَــــلَقّــــاهُ أَبٌ كَــــم مِــــن أَبٍ
دونَهُ في الناسِ بِالوُلدِ اِهتِماما
فَـــــــــلَكِـــــــــيٌّ هُــــــــوَ إِلّا أَنَّهُ
لَم يَـنَـل فَهماً وَلَم يُعطَ الكَلاما
طِـــلبَـــةٌ قَـــد رامَهـــا آبــاؤُنــا
وَاِبـتَـغاها مَن رَأى الدَهرَ غُلاما
أَســقَــطَــت إيــكــارَ فــي تَــجـرِبَـةٍ
وَاِبنَ فِرناسٍ فَما اِستَطاعا قِياما
فــي سَــبــيــلِ المَـجـدِ أَودى نَـفَـرٌ
شُهَــداءُ العِـلمِ أَعـلاهُـم مَـقـامـا
خُــلَفــاءُ الرُسـلِ فـي الأَرضِ هُـمـو
يَـبـعَـثُ اللَهُ بِهِـم عـامـاً فَـعـاما
قَـــطـــرَةٌ مِـــن دَمِهِـــم فــي مُــلكِهِ
تَــمــلَأُ المُـلكَ جَـمـالاً وَنِـظـامـا
رَبِّ إِن كـــانَـــت لِخَـــيـــرٍ جُــعِــلَت
فَـاِجـعَـلِ الخَـيـرَ بِـناديها لِزاما
وَإِنِ اِعـــتَـــزَّ بِهـــا الشَـــرُّ غَــداً
فَـتَـعـالَت تُـمـطِـرُ المَوتَ الزُؤاما
فَــاِمــلَأ الجَــوَّ عَــلَيــهــا رُجُـمـاً
رَحــمَـةً مِـنـكَ وَعَـدلاً وَاِنـتِـقـامـا
يــا فَــرَنـسـا لا عَـدِمـنـا مِـنَـنـاً
لَكِ عِــنـدَ العِـلمِ وَالفَـنِّ جُـسـامـا
لَطَـــــفَ اللَهُ بِـــــبــــاريــــسَ وَلا
لَقِــيَــت إِلّا نَــعــيــمــاً وَسَـلامـا
رَوَّعَـــت قَـــلبـــي خُـــطـــوبٌ رَوَّعَـــت
سـامِـرَ الأَحـيـاءِ فيها وَالنِياما
أَنــا لا أَدعــو عَــلى سـيـنٍ طَـغـى
إِنَّ لِلســـيـــنِ وَإِن جــارَ ذِمــامــا
لَســتُ بِــالنــاســي عَــلَيـهِ عـيـشَـةً
كـانَـتِ الشَهـدَ وَأَحـبـابـاً كِـرامـا
اِجــعَــلوهــا رُسـلَكُـم أَهـلَ الهَـوى
تَـحـمِـلُ الأَشـواقَ عَنكُم وَالغَراما
وَاِســتَــعـيـروهـا جَـنـاحـاً طـالَمـا
شَــغَــفَ الصَـبَّ وَشـاقَ المُـسـتَهـامـا
يَـحـمِـلُ المُـضـنـى إِلى أَرضِ الهَوى
يَـــمَـــنــاً حَــلَّ هَــواهُ أَم شَــآمــا
أَركَــــبُ اللَيــــثَ وَلا أَركَـــبُهـــا
وَأَرى لَيــثَ الشَـرى أَوفـى ذِمـامـا
غَـــدَرَت جَـــيــرونَ لَم تَــحــفِــل بِهِ
وَبِــمــا حــاوَلَ مِــن فَــوزٍ وَرامــا
وَقَـــعَـــت نــاحِــيَــةً فَــاِحــتَــرَقَــت
مِثلَ قُرصِ الشَمسِ بِالأُفقِ اِضطِراما
راضَهــا بِــاليُــمــنِ مِــن طَــلعَــتِهِ
خَــيــرُ مَـن حَـجَّ وَمَـن صَـلّى وَصـامـا
كَـــخَـــليـــلِ اللَهِ فـــي حَـــضـــرَتِهِ
خَـرَّتِ النـارُ خُـشـوعـاً وَاِحـتِـرامـا
مــا لِروحــي صـاعِـداً مـا يَـنـتَهـي
أَتُــــراهُ آثَـــرَ الجَـــوَّ فَـــرامـــا
كُـــــــــــلَّمـــــــــــا دارَ بِهِ دَورَتَهُ
أَبـدَتِ الريـحُ اِمتِثالاً وَاِرتِساما
أَنـــا لَو نِـــلتُ الَّذي قَــد نــالَهُ
مـا هَـبَـطـتُ الأَرضَ أَرضاها مُقاما
هَــل تَــرى فــي الأَرضِ إِلّا حَـسَـداً
وَرِيـــاءً وَنِـــزاعـــاً وَخِـــصـــامـــا
مُــلكُ هَــذا الجَــوِّ فــي مَــنــعَــتِهِ
طـالَمـا لِلنَـجـمِ وَالطَيرِ اِستَقاما
حَــسَــدَ الإِنــســانُ سِــربَـيـهِ بِـمـا
أوتِـيـا فـي ذُروَةِ العِـزِّ اِعتِصاما
دَخَــــلَ العُــــشَّ عَــــلى أَنــــسُــــرِهِ
أَتُـرى يَـغـشـى مِنَ النَجمِ السَناما
أَيُّهــا الشَـرقُ اِنـتَـبِه مِـن غَـفـلَةٍ
مـاتَ مَـن فـي طُـرُقاتِ السَيلِ ناما
لا تَــــقــــولَنَّ عِـــظـــامِـــيٌّ أَنـــا
فــي زَمــانٍ كــانَ لِلنـاسِ عِـصـامـا
شــاقَــتِ العَــليــاءُ فــيــهِ خَـلفـاً
لَيـسَ يَـألوهـا طِـلابـاً وَاِغـتِناما
كُــلَّ حــيــنٍ مِــنــهُــمــو نــابِــغَــةٌ
يَــفــضُــلُ البَــدرَ بَهـاءً وَتَـمـامـا
خــــالِقَ العُـــصـــفـــورِ حَـــيَّرتَ بِهِ
أُمَماً بادوا وَما نالوا المَراما
أَفــنَـوا النَـقـدَيـنِ فـي تَـقـليـدِهِ
وَهــوَ كَــالدِرهَـمِ ريـشـاً وَعِـظـامـا
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932
تصنيفات قصيدة قُم سُلَيمانُ بِساطُ الريحِ قاما