البيت العربي
كَأَنّي بِنَفسي وَهيَ في السَكَراتِ
عدد ابيات القصيدة:43
كَــأَنّــي بِـنَـفـسـي وَهـيَ فـي السَـكَـراتِ
تُـــعـــالِجُ أَن تَــرقــى إِلى اللَهَــواتِ
وَقَــد زُمَّ رَحــلي وَاِســتَـقَـلَّت رَكـائِبـي
وَقَــد آذَنَــتــنــي بِــالرَحـيـلِ حُـداتـي
إِلى مَـــنـــزِلٍ فــيــهِ عَــذابٌ وَرَحــمَــةٌ
وَكَــم فــيــهِ مِــن زَجــرٍ لَنــا وَعِـظـاتِ
وَمِــن أَعــيُــنٍ ســالَت عَـلى وَجَـنـاتِهـا
وَمِــن أَوجُهٍ فــي التُــربِ مُــنــعَـفِـراتِ
وَمِــن وارِدٍ فــيــهِ عَــلى مــا يَــسُــرُّهُ
وَمِـــن وارِدٍ فـــيــهِ عَــلى الحَــسَــراتِ
وَمِــن عــاثِــرٍ مـا إِن يُـقـالُ لَهُ لَعـاً
عَـلى مـا عَهِـدنـا قَـبـلُ فـي العَـثَراتِ
وَمِـــن مَـــلِكٍ كـــانَ السُـــرورُ مِهــادَهُ
مَـــعَ الآنِـــســاتِ الخُــرَّدِ الخَــفِــراتِ
غَــداً لا يَـذودُ الدودَ عَـن حُـرِّ وَجـهِهِ
وَكــانَ يَــذودُ الأُســدَ فــي الأَجَـمـاتِ
وَعُــوِّضَ أُنــســاً مِــن ظِــبــاءِ كِــنــاسِهِ
وَأَرآمِهِ بِـــــالرُقـــــشِ وَالحَــــشَــــراتِ
وَصـارَ بِـبَـطـنِ الأَرضِ يَـلتَـحِـفُ الثَـرى
وَكـــانَ يَـــجُـــرُّ الوَشـــيَ وَالحَــبَــراتِ
وَلَم تُـــغـــنِهِ أَنـــصـــارُهُ وَجُـــنـــودُهُ
وَلَم تَـــحـــمِهِ بِــالبــيــضِ وَالأَسَــلاتِ
وَمِــمّــا شَــجــانـي وَالشُـجـونُ كَـثـيـرَةٌ
ذُنـــوبٌ عِـــظــامٌ أَســبَــلَت عَــبَــراتــي
وَأَقـــلَقَـــنــي أَنّــي أَمــوتُ مُــفَــرِّطــاً
عَـــلى أَنَّنـــي خَــلَّفــتُ بَــعــدُ لِداتــي
وَأَغــفَــلتُ أَمــري بَــعـدَهُـم مُـتَـثَـبِّطـاً
فَــيــا عَــجَــبــاً مِـنّـي وَمِـن غَـفَـلاتـي
إِلى اللَهِ أَشـكـو جَهـلَ نَـفـسـي فَإِنَّها
تَـــمـــيــلُ إِلى الراحــاتِ وَالشَهَــواتِ
وَيــــا رُبَّ خِـــلٍّ كُـــنـــتُ ذا صِـــلَةٍ لَهُ
يَــرى أَنَّ دَفــنــي مِــن أَجَــلِّ صِــلاتــي
وَكُــنــتُ لَهُ أُنــســاً وَشَـمـسـاً مُـنـيـرَةً
فَــأَفــرَدَنــي فــي وَحــشَــةِ الظُــلُمــاتِ
سَـأَضـرِبُ فُـسـطـاطـي عَـلى عَـسكَرِ البِلى
وَأَركُـــزُ فـــيـــهِ لِلنُـــزولِ قَــنــاتــي
وَأَركَـــبُ ظَهـــراً لا يَـــؤوبُ بِـــراكِــبٍ
وَلا يُــمــتَــطــى إِلّا إِلى الهَــلَكــاتِ
وَلَيـــسَ يُـــرى إِلّا بِــســاحَــةِ ظــاعِــنٍ
إِلى مَــصــرَعِ الفَــرحــاتِ وَالتَــرَحــاتِ
يُــسَـيِّرُ أَدنـى النـاسِ سَـيـراً كَـسَـيـرِهِ
بِـــأَرفَـــعِ مَـــنـــعِـــيٍّ مِـــنَ السَــرَواتِ
فَـطَـوراً تَـراهُ يَـحـمِـلُ الشُـمَّ وَالرُبـا
وَطَــوراً تَــراهُ يَــحــمِــلُ الحَــصَــيــاتِ
وَرُبَّ حَـــصـــاةٍ قَــدرُهــا فَــوقَ يَــذبُــلٍ
كَــمَــقـبـولِ مـا يُـرمـى مِـنَ الجَـمَـراتِ
وَكُـــلُّ صَـــغـــيـــرٍ كــانَ لِلّهِ خــالِصــاً
يُــرَبّــي عَـلى مـا جـاءَ فـي الصَـدَقـاتِ
وَكُـــلُّ كَـــبـــيـــرٍ لا يَــكــونُ لِوَجــهِهِ
فَــمِــثــلُ رَمــادٍ طــارَ فــي الهَـبَـواتِ
وَلَكِــنَّهــُ يُــرجــى لِمَـن مـاتَ مُـحـسِـنـاً
وَيُــخــشــى عَـلى مَـن مـاتَ فـي غَـمَـراتِ
وَمـا اليَـومَ يُـمـتازُ التَفاضُلُ بَينَهُم
وَلَكِــن غَــداً يُــمــتــازُ فـي الدَرَجـاتِ
إِذا رُوِّعَ الخـــاطـــي وَطـــارَ فُـــؤادُهُ
وَأُفـــرِخَ رَوعُ البَـــرِّ فــي الغُــرُفــاتِ
وَمــا يَــعــرِفُ الإِنـسـانُ أَيـنَ وَفـاتُهُ
أَفـي البَـرِّ أَم فـي البَـحرِ أَم بِفَلاةِ
فَـيـا إِخـوَتـي مَهـمـا شَهِـدتُـم جَنازَتي
فَــقــومــوا لِرَبّــي وَاِسـأَلوهُ نَـجـاتـي
وَجِدّوا اِبتِهالاً في الدُعاءِ وَأَخلِصوا
لَعَــــلَّ إِلَهــــي يَـــقـــبَـــلُ الدَعَـــواتِ
وَقـولوا جَـمـيـلاً إِن عَـلِمـتُـم خِـلافَهُ
وَأَغـضـوا عَـلى مـا كـانَ مِـن هَـفَـواتي
وَلا تَــصِــفــونــي بِــالَّذي أَنـا أَهـلُهُ
فَــأَشــقــى وَحَــلّونــي بِــخَــيــرِ صِـفـاتِ
وَلا تَــتَـنـاسَـونـي فَـقِـدمـاً ذَكَـرتُـكُـم
وَواصَــلتُــكُــم بِــالبِــرِّ طـولَ حَـيـاتـي
وَبِــالرَغــمِ فــارَقـتُ الأَحِـبَّةـَ مِـنـكُـمُ
وَلَمّــا تُــفــارِقــنــي بِــكُــم زَفَـراتـي
وَإِن كُـنـتُ مَـيـتـاً بَـيـنَ أَيـديكُمُ لَقىً
فَـــروحِـــيَ حَـــيٌّ ســـامِـــعٌ لِنُـــعــاتــي
أُنـاجـيـكُـمُ وَحـيـاً وَإِن كُـنـتُ صـامِـتاً
أَلا كُـــلُّكُـــم يَــومــاً إِلَيَّ سَــيــاتــي
وَلَيــسَ يَــقــومُ الجِــســمُ إِلّا بِــروحِهِ
هُــوَ القُــطــبُ وَالأَعــضـاءُ كَـالأَدَواتِ
وَلا بُــدَّ يَــومــاً أَن يَــحـورَ بِـعَـيـنِهِ
لِيُــجــزى عَـلى الطـاعـاتِ وَالتَـبِـعـاتِ
وَإِلّا أَكُـــن أَهـــلاً لِفَــضــلٍ وَرَحــمَــةٍ
فَـــرَبِّيـــَ أَهــلُ الفَــضــلِ وَالرَحَــمــاتِ
فَــمــا زِلتُ أَرجــو عَــفــوَهُ وَجِــنــانَهُ
وَأَحـــمَـــدُهُ فــي اليُــســرِ وَالأَزَمــاتِ
وَأَســـجُـــدُ تَــعــظــيــمــاً لَهُ وَتَــذَلُّلاً
وَأَعـــبُـــدُهُ فـــي الجَهـــرِ وَالخَــلَواتِ
وَلَســتُ بِــمُــمــتَــنٍّ عَــلَيــهِ بِـطـاعَـتـي
لَهُ المَــنُّ فـي التَـيـسـيـرِ لِلحَـسَـنـاتِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أبو اسحاق الألبيري
شاعر أندلسي، أصله من أهل حصن العقاب، اشتهر بغرناطة وأنكر على ملكها استوزاره ابن نَغْزِلَّة اليهودي فنفي إلى إلبيرة وقال في ذلك شعراً فثارت صنهاجة على اليهودي وقتلوه. شعره كله في الحكم والمواعظ، أشهر شعره قصيدته في تحريض صنهاجة على ابن نغزلة اليهودي ومطلعها (ألا قل لصنهاجةٍ أجمعين).