قصيدة كنيسة صارت إلى مسجد للشاعر أحمد شوقي

البيت العربي

كَنيسَةٌ صارَت إِلى مَسجِدِ


عدد ابيات القصيدة:35


كَنيسَةٌ صارَت إِلى مَسجِدِ
كَــنــيــسَــةٌ صــارَت إِلى مَــسـجِـدِ
هَـــــدِيَّةـــــُ السَـــــيِّدِ لِلسَـــــيِّدِ
كـانَـت لِعـيـسـى حَـرَمـاً فَـاِنتَهَت
بِـــنُـــصــرَةِ الروحِ إِلى أَحــمَــدِ
شَـــيَّدَهـــا الرومُ وَأَقــيــالُهُــمُ
عَــلى مِــثــالِ الهَــرَمِ المُـخـلَدِ
تُــنــبِــئُ عَــن عِــزٍّ وَعَــن صَــولَةٍ
وَعَــن هَــوىً لِلديــنِ لَم يَــخـمُـدِ
مَـجـامِـرُ اليـاقـوتِ فـي صَـحـنِها
تَــمــلُؤُهُ مِــن نَــدِّهــا المـوقَـدِ
وَمِـثـلُ مـا قَـد أودِعَـت مِـن حُلىً
لَم تَــتَّخــِذ داراً وَلَم تُــحــشَــدِ
كـانَـت بِهـا العَـذراءُ مِـن فَـضَّةٍ
وَكــانَ روحُ اللَهِ مِــن عَــســجَــدِ
عــيــســى مِــنَ الأُمِّ لَدى هــالَةٍ
وَالأُمُّ مِــن عــيـسـى لَدى فَـرقَـدِ
جَــلّاهُــمــا فــيــهـا وَحَـلّاهُـمـا
مُــصَــوِّرُ الرومِ القَــديـرُ اليَـدِ
وَأَودَعَ الجُـــدرانَ مِـــن نَــقــشِهِ
بَــدائِعــاً مِــن فَــنِّهــِ المُـفـرَدِ
فَــمِــن مَــلاكٍ فـي الدُجـى رائِحٍ
عِـنـدَ مَـلاكٍ فـي الضُـحـى مُغتَدي
وَمِــن نَــبــاتٍ عــاشَ كَــالبَـبَّغـا
وَهــوَ عَــلى الحــائِطِ غَــضٌّ نَــدي
فَــقُــل لِمَــن شــادَ فَهَـدَّ القُـوى
قُـوى الأَجـيـرِ المُـتعَبِ المُجهَدِ
كَـــأَنَّهـــُ فِــرعَــونُ لَمّــا بَــنــى
لِرَبِّهــِ بَــيــتــاً فَــلَم يَــقــصِــدِ
أَيُــعــبَــدُ اللَهُ بِــسَــومِ الوَرى
ما لا يُسامُ العَيرُ في المِقوَدِ
كَــنــيــسَـةٌ كَـالفَـدَنِ المُـعـتَـلي
وَمَــســجِــدٌ كَـالقَـصـرِ مِـن أَصـيَـدِ
وَاللَهُ عَــن هَـذا وَذا فـي غِـنـىً
لَو يَـعـقِـلُ الإِنـسانُ أَو يَهتَدي
قَـد جـاءَهـا الفـاتِـحُ فـي عُصبَةٍ
مِـــنَ الأُســـودِ الرُكَّعــِ السُــجَّدِ
رَمــى بِهِـم بُـنـيـانَهـا مِـثـلَمـا
يَــصــطَــدِمُ الجَــلمَـدُ بِـالجَـلمَـدِ
فَــكَـبَّروا فـيـهـا وَصَـلّى العِـدا
وَاِخــتَـلَطَ المَـشـهَـدُ بِـالمَـشـهَـدِ
وَمـا تَـوانـى الرومُ يَـفـدونَهـا
وَالسَـيـفُ في المُفدِيِّ وَالمُفتَدي
فَــخــانَهــا مِــن قَــيـصَـرٍ سَـعـدُهُ
وَأُيِّدَت بِــالقَــيــصَــرِ الأَســعَــدِ
بِــفــاتِــحٍ غـازٍ عَـفـيـفِ القَـنـا
لا يَـحـمِـلُ الحِـقـدَ وَلا يَـعتَدي
أَجــارَ مَــن أَلقــى مَــقــاليــدَهُ
مِـنـهُـم وَأَصـفى الأَمنَ لِلمُرتَدي
وَنــابَ عَــمّــا كــانَ مِــن زُخــرُفٍ
جَـلالَةُ المَـعـبـودِ فـي المَـعبَدِ
فَــيــا لِثَــأرٍ بَــيــنَـنـا بَـعـدَهُ
أَقــامَ لَم يَــقــرُب وَلَم يَــبـعُـدِ
بــاقٍ كَـثَـأرِ القُـدسِ مِـن قَـبـلِهِ
لا نَـنـتَهـي مِـنـهُ وَلا يَـبـتَـدي
فَــلا يَــغُــرَّنــكَ سُــكـونُ المَـلا
فَـالشَـرُّ حَـولَ الصـارِمِ المُـغـمَدِ
لَن يَــتــرُكَ الرومُ عِــبـاداتِهِـم
أَو يَــنـزِلَ التُـركُ عَـنِ السُـؤدَدِ
هَــذا لَهُــم بَـيـتٌ عَـلى بَـيـتِهِـم
مـا أَشـبَهَ المَـسـجِـدَ بِـالمَـسـجِدِ
فَــإِن يُــعـادوا فـي مَـفـاتـيـحِهِ
فَــــيــــا لِيَـــومٍ لِلوَرى أَســـوَدِ
يَـشـيـبُ فـيـهِ الطِـفـلُ فـي مَهدِهِ
وَيُــزعَــجُ المَــيـتُ مِـنَ الَمـرقَـدِ
فَـكُـن لَنـا اللَهُـمَّ فـي أَمـسِـنـا
وَكُـن لَنـا اليَـومَ وَكُـن فـي غَـدِ
لَولا ضَــلالٌ ســابِــقٌ لَم يَــقُــم
مِــن أَجــلِكَ الخَـلقُ وَلَم يَـقـعُـدِ
فَـــكُـــلُّ شَــرٍّ بَــيــنَهُــم أَو أَذى
أَنــتَ بَــراءٌ مِــنــهُ طُهـرُ اليَـدِ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932
تصنيفات قصيدة كَنيسَةٌ صارَت إِلى مَسجِدِ