قصيدة لله سر في الأنام مطلسم للشاعر معروف الرصافي

البيت العربي

لله سرّ في الأنام مطلسم


عدد ابيات القصيدة:24


لله سرّ في الأنام مطلسم
لله ســرّ فــي الأنــام مــطــلســم
حـار الفـصـيـح بـوصـفـه والأعـجم
بـرأ ابـن آدم وهـو إن لم تـلقهَ
فـي الخـلق أقـدم فـهو فيه مقدّم
وإذا نـظـرنـا فـي العجائب نظرةً
ظـهـر ابن آدم وهو منها الأغطم
أما العجيب من ابن آدم فهو ما
نـسـق الكـلام بـه إذا نطق الفم
والوجــه أعــجـب مـا رأيـت وإنـه
لَيَــحـارُ فـي سـحـنـائه المـتـوسّـم
هــــو مـــن طـــراز الله إلاّ إنّه
بـسـرائر النـفـس الحـديـثة معلم
أمـا الحـواجـب فـيـه فـهي كواشف
والعـيـن فـيـه عن الضمير تترجم
ولربّ خـافـيـه يـكـتّـمـهـا الفـتـى
والوجــه مــنــه بـسـرّهـا يـتـكـلم
كــلٌ يـشـيـر إلى السـريـرة وجـهُه
فــكــأنــه بــضــمــيــره مــتــلثــم
فـالوجـه فـيـه من القرونة مسحةٌ
للخــافــيــات بـهـا وضـوح مـبـهـم
صـرع النـهـى فـالوهـم فـيه تيقّن
تـحـت المـلامـح واليـقـيـن تـوهّم
ولرب وجــه فــي تـبـسّـمـه البـكـا
ولرب وجــه فــي بــكــاء تــبــسّــم
والأنـف فـي وجـه ابـن آدم زينة
فــالوجــه لولا أنــفــه مـتـجـهّـم
كـالهـدُب فـي شـفـر العـيون فإنه
لولاه تـنـشـتـر العـيـون وتـسـجم
إن الوجــوه صــحــائف مــطــمـوسـة
يـمـحـو كـتـابـتها ويثبتها الدم
بـيـنـاك تـقـرأ حـرفـهـا مـتـفهّماً
يــبــدو تــحـرّفـهـا فـلا تـتـفـهّـم
فـالعـقـل فـيـهـا عـالم مـتـجـاهل
طــوراً وطــوراً جــاهــل مــتــعــلّم
إنـي أرى هـذي الوجـوه نـواطـقـاً
بــالســرّ لكــنْ نُـطـقـهـنّ مـجـمـجـم
وأرى لحــاظ عـيـونـهـا مـتـحـدّثـاً
عــنــهــا ولكــنْ الحــديــث مـرجّـم
فـكـأنـنـي البـدويّ يـسـمـع راطناً
وكــأنــمــا هــي أعــجــمّـي طـمـطـم
ولربّ وجــه يــســتــبـيـك بـحـسـنـه
فــتــروح مــنــه وأنـت صـبّ مـغـرم
يـبـدو إليـك وأنـت خـلِوٌ مـن هوى
ويــصــدّ عـنـك وأنـت فـيـه مـتـيّـم
وإذا تــغّــيـب فـالبـدور مـضـيـئة
وإذا أضــاء فــكــل بــدر مــظــلم
لله فــي وجــه ابــن آدم حــكـمـة
يـعـنـو السـفـيـه لها ومن يتحكّم
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.
شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.
ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.
وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.
ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.
وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.
وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.
له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)
(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.