البيت العربي
لم تر أن النفس يرديك شرها
عدد ابيات القصيدة:37

لم تــر أن النــفــس يـرديـك شـرهـا
وأنــك مــأخـوذ بـمـا كـنـت سـاعـيـاً
فـمـن أجـل ذا أرجـوه إذ كـان نـاظرا
لضـعـفـي وجـهلي في الملائم حاليا
ومن أجل ذا أرجوه إذا كان غافرا
ومـن أجـل ذا قـد صـح مـنـي رجـائيـا
ومـن أجـل ذا أرجـوه إذ لم يـكافني
ولكــن بـلطـف مـنـه كـان ابـتـدائيـا
فـلو كـنـت ذا عـقل لما قد رجوته
لقـد كـنـت ذا خـوف وشـكـري محاذيا
ولو كــنــت أرجــوه لحـسـن صـنـيـعـه
شــكـرت فـصـح الآن مـنـي حـيـائيـا
فـشـكـري له إذ صـيـرت بـالحق عالما
وللشــر وصــافــا وللخــيــر واصـيـا
ومـن بـعـد ذا وصـفـي لنـفـسـي وطبعها
ووصـفـي غـيـري إذ عـرفـت ابتدائيا
فــهــذا مــن الأنــبــاء وصـف غـرائب
فــمــن كــان وصــف لكــان بــجـاليـا
فـكـيـف بـه إذ كـان بـالحق عالما
فـهـيـهـات لا ينجيه إلا الفيافيا
وذاك لأن النـاس قـد آثروا الهوى
عـلى الحـق سـراً ثـم جـهـراً عـلانـيا
فـهـذا زمـان الشـر فـاحـذر سبيله
فــإن ســبـيـل الشـر ردى المـهـاويـا
ســيــأتـيـك مـن أنـبـائه وصـف خـابـر
كــلام بــتــدبــيــر ووصــف قــوافـيـا
يــقــولون لي اهــجـر هـواك وإنـمـا
أكــد وأســعــى أن أقـيـم هـوائيـا
ونــفــســك جــاهــدهــا وإنــي لمــائل
إليــهـا فـمـا أن دار إلا ثـنـائيـا
وكـيـف أطـيـق اليوم أن أهجر الهوى
وقــد مـلكـتـه النـفـس مـنـي زمـامـيـا
وفــهــمــنــي نــوراً وعــلمـه وحـكـمـة
فـشـكـري له فـي الشـاكـرين موازيا
تــقــودنــي الأيــام فــي كـل مـحـنـة
لدى طــبــع يــبـدو بـهـيـج ذاتـيـا
وصـيـرنـي مـن بـعـد فـي ديـن أحـمـد
وعــلمــنــي مــا غــاب عـنـه سـؤاليـا
ولو شــاء مـن إبـليـس صـيـر مـخـرجـي
فـكـنـت مـضـلا جـاحـد الحـق طـاغـيا
فـمـن ذا يريد اليوم للنفس حكمة
وعـلمـا يـزيـد العقل للصدر شافيا
هــلم إليَّ الآن إن كــنــت طــالبــاً
سـبـيـل هـدى أو كـنـت للحـق بـاغيا
فــعــنــدي مـن الأنـبـاء عـلم مـجـرب
فــمــنــه بــإلهــام ومـنـه سـمـاعـيـا
أخــبــر أخــبــاراً تــقـادم عـهـدهـا
وكيف بدا الإسلام إذا كان باديا
وكــيـف نـمـى حـتـى اسـتـتـم كـمـاله
وكـيـف ذوي إذ صـار كـالثوب باليا
ومـن بـعد ذا عندي من العلم جوهر
يـفـيـدك عـلمـاً إن وعـيـت كـلامـيـا
وعـلمـا غزيراً جالى الرين والصدى
عـن القـلب حتى يترك القلب صافيا
فــصـبـحٌ صـحـيٌـح مـحـكـم القـول واضـح
أعــز مــن اليـاقـوت والدر غـاليـا
فـأصـبـحـت بـالتـوفـيـق للحق واضحا
وذاك بـــإلهـــام مــن الله مــاضــيــا
لأنــــي فـــي دهـــر تـــغـــرب وصـــفـــه
فـصـار غـريـبـاً مـوحش الأهل قاصيا
فــأحـوج مـا كـنـا إلى وصـف ديـنـنـا
ووصــف دلالات العــقــول زمــانــيــا
عــجــائب مــن خــيــر وشــر كــليــهـمـا
فـإن كـنـت سـمّـاعـا بدا القلب واعيا
فــقــد نــدب الإســلامَ أحـمـدُ نـدبـةً
كـمـا نحَبَ الأمواتَ ذو الشجو شاجيا
فــأول مــا أبــدأ فـبـالحـمـد للذي
بــرانــي للإسـلام إذ كـان بـاريـا
وصــيــرنــي إذ شــاء مــن نـسـل آدم
ولم أك شـيـطـانـاً مـن الجـن عـاتـيا
ولكــنـه قـد كـان بـاللطـف سـابـقـا
وإذ لم أكـن حـيا على الأرض ماشيا
فأصبحت مأسوراً لدى النفس والهوى
يـشـدان مـنـي مـا اسـتطاعا وثاقيا
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أحمد بن عاصم الأنطاكي
قال أبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الطوفية: كان من طبقة الحارث المحاسبي، وبشر الحافي، وكان أبو
سليمان الدراني يسميه جاسوس القلوب لحدة فراسته،
وهو القائل:
وكانت له كلمات سائرة نقل بعضها أبو حيان في "الإمتاع والمؤانسة" وابن حمدون في تذكرته. وأبو القاسم القشيري في "الرسالة القشيرية" وأبو نُعيم في "الحلية" قال: ومنهم القاصم الهاشم، اللائم الناقم، الأنطاكي أحمد بن عاصم رحمه الله. كان للهوى قاصماً، ولشرور النفس هاشماً، يديم القيام، وينقم على اللوام. (ثم أورد قطعة طويلة من مواعظه وحكمه انظر بعضها في صفحة الديوان) ثم أورد قصيدته اليائية التي يصف فيها دعوته وزمانه ولم يورد له من الشعر غير هذه القصيدة وتقع في 37 بيتا وهي أطول ما وصلنا من شعره.
وترجم له الحافظ ابن كثير في تاريخه في وفيات سنة 239هـ قال:
وقد أطال الحافظ ابن عساكر ترجمته، ولم يؤرخ وفاته، وإنما ذكرته ههنا تقريباً، والله أعلم
وفي بغية الطلب ترجمة مطولة له وفيها: كنيته أبو علي، ويقال أبو عبد الله، (وهو الأصح) من متقدمي مشايخ الثغور من أقران بشر بن الحارث، وسري، وحارث المحاسبي. ... وعن ابن أبي حاتم قال: أحمد بن عاصم أبو عبد الله الأنطاكي، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، وسمعت أبا زرعة يقول: رأيته بدمشق يجالس محمود بن خالد وسمعت أبي يقول: أدركته ولم أكتب عنه، كان صاحب مواعظ وزهد.