البيت العربي

لو يعلم الحيوان ما عندي له
عدد ابيات القصيدة:34

لو يـعـلم الحـيـوان مـا عـندي له
مــن رحــمــة لأتــى اليّ مــســلمــا
فـي الليـل يـرقـد مقلقا من شرهم
والفـجـر إن يـبـسـم يـقـم مـتجهما
كم قال في الانسان شعرا دون ما
نــفــع فــعــاش مــعـذبـا مـتـبـرمـا
هــذا لعــمــركــم الجــزاء لشـاعـر
قـد صـار بـالحـيـوان صـبـا مـغرما
ومـتـى رغبت إلى الجمال وجدت في
حـسـن الظـبـا لطـفـا وحسنا أعظما
لكـــنـــه إن صـــاح يـــومــاً وحــده
أســكـتـه ثـم أقـول لا تـفـح فـمـا
فــالجــوق يـلزم فـيـه صـوت أضـخـم
كـي يـغـتـدي جـوق الغـنـاء مـتمما
أمـا الحـمـار فـلسـت أنـكـر صـوته
إن يـعـل في الأصوات صوتا أضخما
فــهــنــاك أسـمـع جـوقـة قـد ألفـت
مــن طــائر غــنــى ووحــش هــمــهــا
وطــلبــت مـنـهـا أن تـغـنـي كـلهـا
فـشـدت فـأشـدو بـيـنـهـا مـتـرنـمـا
ومـتـى فـرغـت من الوليمة سرت ما
بــيـن الوحـوش مـرفـهـا مـتـنـعـمـا
وتــعــودي يــا ضــان أكــل لحـومـه
فـلكـم فـرى لحـمـا وكـم أجرى دما
قـد كـان مـنـكـم ثـم خـالف شـرعكم
فـتـبـرأوا مـنـه إذا لكـم انـتـمى
مــا لحــمــه الا لحــوم جــدودكــم
وعــظــامــه مــن عــظــم جــد حُـطِّمـا
فــكـلوه هـذا كـان يـأكـل قـومـكـم
ولكــم أبــاح لنــفــسـه مـا حـرمـا
وذبــحــتــه وأقــمــت مـنـه وليـمـة
ودعـوت دونـكـم الأعـق الأظـلمـا
ومـتـى ظـفـرت بـأي خـصم في الورى
أمــعــنــت فـيـه قـسـاوة وتـحـكـمـا
فـمـتـى يـر البـشـر المدل جحافلي
يـهـزم وكـان يـظـن أن لن يـهـزمـا
ولأصــبــحــت كــل الوحــوش أليـفـةً
عـنـدي وخـالتـنـي أبـاً أو أرحـمـا
وتــبـرعـت حـتـى الاسـود لأمـتـطـي
أكـتـافـهـا فـأكـون قـدتُ الضـيغما
ولحـــلقـــت لي للمـــجـــرة أنــســرٌ
حـتـى أقـوم بـنـزهـة بـيـن السـمـا
وحــبــانــي السـمـور نـاعـم شـعـره
كـي أتـقـي قـرس الشـتـاء المؤلما
ولأرضـعـتـنـي السـائمـات حـليـبها
فـكـأنـنـي طـفـل لهـا لن يـفـطـما
و لدافـعـت عـنـي الكـلاب بـنابها
وعـوت فـردت خـصـمـي المـتـهـجـمـا
أنـا شـاعـر الحـيـوان غـير مدافع
وبــغــيــره آليــت أن لن أنــظـمـا
وتـنـزّت القـطـط الصـغـار بـجـانبي
لتـزيـل هـمـا فـي حـشـاي مـخـيـما
و لأسـكـنـتـني في الشتاء كهوفها
وحـنـت عـلي وأسـبـغـت لي أنـعـما
و لقــدمــت لي صــيـدهـا فـرفـضـتـه
فـأنـا أرى الصيد الحلال محرما
ولكــم شــرار لاح لي بــعـيـونـهـا
فأضاء لي في الليل كهفاً مظلما
لكــن يــعــز عــليّ إتــعــابـي لهـا
ويــعــز مــنــهــا أن أرد تــكـرمـا
فــاذا ركـبـت ركـبـتـهـا مـتـنـقـلا
مــن ذي لتــلك تــعـطـفـا وتـرحـمـا
وأسـيـر فـي الحـيـوان أحـكي سيداً
وأقـود جـيـشـا للوحـوش عـرمـرمـا
و لأبـصـرت تـلك الوحـوش بـبـردتي
وحـشـاً يـضـاهـيـهـا إبـاً وتـجـهـمـا
ومـتـى نـظـمـت بـغـيـره قلت الهجا
فـمـديـحـه بـالكـذب أصـبـح مـفـعما
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أحمد الصافي النجفي
ولد أحمد الصافي النجفي في مدينة النجف 1897 وتوفي في بغداد، وعاش في إيران وسوريا ولبنان وتنحدر أصوله من اسرة علمية دينية يتصل نسبها بـ الإمام موسى الكاظم تعرف بآل السيد عبد العزيز، توفي والده بوباء الكوليرا الذي انتشر في العالم في تلك الفترة عندما بلغ عمره 11 عاما, فكفله أخوه الأكبر محمد رضا.
ثم توفيت والدته سنة 1912 وتلقى علومه الأدبية والدينية وبقية العلوم الطبيعية ومحاضرات عن الفلك والكواكب والطب الإسلامي في مجالس الدرس من خلال جهود علماء الدين ثم أخذ يدرس قواعد اللغة والمنطق وعلم الكلام والمعاني والبيان والأصول وشيئا من الفقه على يد الاساتذة المرموقين في النجف وبدأ يقول الشعر في سن مبكرة، عند بلوغه سن العشرين وابان الحرب العالمية الأولى انتقل من النجف إلى البصرة بحثا عن العمل, ولكنه لم يحظى بتلك الفرصة لضعف بنيته واعتلال صحته, فتركها إلى عبادان ومنها إلى الكويت.
- من أهم دواوينه ديوان هواجس
قام بترجمة العديد من الكتب والمؤلفات من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية ومن أثاره النادرة في هذا المجال ترجمته الرباعيات.
رحل عن الحياة في السابع والعشرين من شهر يونيو (حزيران) سنة 1977 في وهج الحرب الاهلية اللبنانية حيث اصابته رصاصة أطلقها عليه قناص في منتصف يناير 1976 وهو يبحث عن رغيف خبز يأكله بعد أن أمضى ثلاثة أيام لم يذق فيها الطعام, فحمله بعض المارة إلى مستشفى المقاصد, ولم يطل بها مكوثه لصعوبة الوضع القائم انذاك, فنقل إلى بغداد وقد كف بصره قبل عودته وأصبح مقعداً لابستطيع الحراك فلما وصلها انشد قائلا:
يا عودةً للدارِ ما أقساها *** أسمعُ بغدادَ ولا أراها.
وقال بعدها:
بين الرصاصِ نفدتُّ ضمنَ معاركٍ *** فبرغمِ أنفِ الموتِ ها أنا سالمُ
ولها ثقوبٌ في جداري خمسةٌ *** قد أخطأتْ جسمي وهنّ علائمُ
وهناك اجريت له عملية جراحية ناجحة لإخراج الرصاصة من صدره، ولكن العملية زادت جسده نحولا وضعفا فاسلم الروح بعد عدة أيام لبارئها وهو في "80" من عمره، بعد أن ترك تراثاً شعرياً خصباً، وترجمة دقيقة لـ رباعيات الخيام الخالدة