قصيدة متى تطلق الأيام حرية الفكر للشاعر معروف الرصافي

البيت العربي

متى تطلق الأيامُ حرية الفكر


عدد ابيات القصيدة:23


متى تطلق الأيامُ حرية الفكر
مــتــى تــطـلق الأيـامُ حـريـة الفـكـر
فـيـنـشـط فيها العقل من عقلة الأسر
ويــصــدع كــلّ بــالحــقــيــقـة نـاطـقـاً
ويـتـرك مـا لم يـدر مـنـها لمن يدري
أرانــا إذا رمــنــا بــيــان حـقـيـقـة
عُـزيـنـا مـعاذ الله فيها إلى الكفر
جــهــلنــا أشــدّ الجـهـل آخـر عـمـرنـا
كـمـا قـد جـهـلنـا قـبـله أوّل العـمـر
هـمـا سـاحـلا بـحـر مـن العـيـش مـائج
فـفـي أيّ أمـر نـحـن بـيـنـهـمـا نـجـري
ومـن أيـن جـئنـا أم إلى أيـن قـصدُنا
وفــي أيّ ليــل مــن تــشـكـكـنـا نـسـري
كــأنّــأ أتــيــنــا والمــعــيــشـة لجّـة
لنـعـبُـرَ والأعـمـار جـسـر إلى القـبر
ومــاذا وراء القــبــر مــمــا نـريـده
وهـل مـن مَدىً بعد العبور على الجسر
تــســائلنــي نــفــســي وللمــوت صــولة
ألا هـل لكـسـر المـوت ويـحـك من جبر
لعــلّ حــيــاة المــرء ليــلٌ سـتـنـجـلي
غـيـاهـبـه مـن سـكـرة المـوت بـالفـجر
فــإن كــان ذا حــقــاً فــإن حـيـاتـنـا
كـمـا قـيـل سـتـر والردى كاشف الستر
وقـد قـيـل إن الروح تـبـقـى فهل لها
عروج إلى الأعلى إلى الأنجم الزهر
وهـل تـعـرف الجـثـمـان بـعـد عـروجـها
فـتـمـكـثَ مـنـه فـي السـمـاء عـلى ذُكر
إذا أرضــنــا كــانـت سـمـاءً لغـيـرهـا
فـمـا مـن عـروج بـل نـزول إلى القعر
وهــل عــرجــت أرواح مــن فــي عـطـاردٍ
إلى الأرض أم هذا الكلام من الهذر
خــيــال بــه رحــنــا نــعــلّل أنــفـسـاً
هــز أن بــه لمــا رجـعـن إلى الحـجـر
وشــبّه بــالنــهــر الحــيــاةَ مــعـاشـرٌ
فــمــنــبــعـه فـي رأيـهـم قـدم الدهـر
ولكــنّهــم أعــيــا عــليــهــم مــصــبــه
وإن رجـمـوا بـالظـن فـي مـنبع النهر
فـيـا ليـت شـعـري أيـن يـنـصـبّ جـارياً
أعــوداً لبــدء أم إلى غــايــة يـجـري
لعــمـرك مـا هـذي الحـيـاة ومـا الذي
يُـراد بـنـا فـيـهـا مـن الخـير والشر
نــحــلول عــلمــاً بــالحــيــاة وإنّ ذا
مــنَــوط إلى مـا ليـس يـدرَك بـالفـكـر
ونــســلُك مــنــهــا فـي مـجـاهـل قـفـرة
فــنــخــرج مـن قـفـر ونـدخـل فـي قـفـر
عــلى أنــنــا نَـمـضـي إلى أمـر ربـنـا
كــمــا أنــنــا آتــون مـن ذلك الأمـر
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.
شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.
ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.
وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.
ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.
وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.
وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.
له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)
(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.
تصنيفات قصيدة متى تطلق الأيامُ حرية الفكر