البيت العربي

مَرَّت كبارِقَةِ السَّحابِ
عدد ابيات القصيدة:102

مَـــــرَّت كـــــبــــارِقَــــةِ السَّحــــابِ
ثُــــمَّ انْــــطَـــوَتْ طَـــيَّ الكِـــتَـــابِ
أَيَّاـــــــمُ وصْـــــــلٍ كــــــالشَّبــــــا
بِ مَــــضَــــتْ بــــأَيَّاــــمِ الشَّبــــَابِ
أَغْــــفَــــلْتُ وَجْهَ شَــــبـــيـــبَـــتـــي
حــــتَّى تَــــنَــــقَّبــــَ بِــــالنِّقــــَابِ
وذَهَــــلْت عــــن شَـــمْـــس الصـــبـــا
حـــــتَّى تَـــــوارَتْ بِــــالحِــــجَــــابِ
أَيـــــامَ أَغْـــــنــــانِــــي صِــــبــــا
يَ عَـــــن التَّعـــــَرُّضِ للتَّصــــَابِــــي
لله أَيـــــــــــامٌ مـــــــــــضَــــــــــتْ
بـــيـــنَ الحـــبـــائِبِ والحَـــبَـــابِ
ومَـــــليـــــحـــــةٍ كـــــالبــــدْر دَمْ
عـــي بَـــعْـــدهـــا مــثــلُ السَّحــابِ
أَدْعــــــو الوِصَــــــال فــــــلا أَرَى
غـــيـــرَ الجـــوى بِـــي مــن جَــوابِ
مـــا كُـــنْـــتُ أَحْـــسِـــب عِـــنْــدهــا
أَنِّيـــ أُنَـــاقَـــشُ فِـــي الحِـــســـابِ
يــــا عــــاذليــــن كَــــشَــــفْـــتُـــم
غَـــيِّيـــ وأَخْـــفَـــيْـــتُـــم صَــوابِــي
زدتُـــــم غَـــــرامــــي لا نَــــقَــــص
حــــيـــن زدتـــم فـــي عـــتـــابـــي
هـــي قـــد كـــفـــتــكــم مــا أراد
تُــــم بـــالصُّدودِ والاجْـــتِـــنَـــابِ
دعْهــــا كــــمــــا شــــاءَت تُـــمـــا
طِــــل بـــالرِّضَـــا أَو بـــالرُّضَـــاب
فَـــــلَمَـــــدْح مَــــوْلى الخــــلقِ أَحْ
لَى مِـــنْ ثَـــنَـــايَـــاهــا العِــذابِ
مَــــــــلِكٌ له الأَمْـــــــلاكُ تـــــــد
خُـــــل سُـــــجَّداً مِــــنْ كُــــلِّ بَــــاب
تــــأْتـــيـــه خـــاشـــعـــةَ الوُجـــو
ه لَديــــهِ خــــاضِــــعَـــةَ الرِّقَـــابِ
مَـــــــلكُ الأَنَـــــــامِ ولا أُحــــــا
شِــــي والمُــــلوكِ ولا أُحَــــابــــي
إِنْ أَظْـــــلَمَ الخَـــــطْــــبُ المُــــلِمُّ
فــــــرأْيُه مــــــثــــــلُ الشِّهــــــابِ
أَوْ خَــــاطَــــبــــتْــــك النَّاـــئِبـــا
تُ فـــعِـــنـــده فـــصْـــلُ الخِـــطــابِ
يــــشــــفِــــي الصُّدورَ بِــــفـــعـــلِه
يــــــــــــــــومَ النَّوالِ أَوِ الضِّرَابِ
فَــــــلِقَــــــاؤه يــــــومَ الوعــــــي
د وَجُـــــودُه قـــــبـــــلَ الطِّلـــــابِ
مـــــن بَـــــأْسِه غــــابَ الغَــــضَــــنْ
فــــر خَــــائِفـــاً فـــي كُـــلِّ غَـــابِ
ولِبَــــطْــــشــــه خـــبَّاـــ المـــهـــنَّ
دُ شَــــفْــــرَتَـــيـــهِ فـــي القِـــرَاب
يــــــــأَيُّهــــــــا المــــــــلِكُ الَّذي
يُــعــطِــي الكــثــيــرَ بــلا حِـسـاب
أُنْهـــــي إِليـــــكَ وأَشْـــــتـــــكِــــي
فَــــقْــــرِي وضُـــرِّي واكْـــتِـــئابـــي
ولقـــــد عَـــــجَــــزْتُ لفــــرط فَــــقْ
رِي عـــن طَـــعـــامِـــي أَو شَــرَابِــي
ولقـــــد كُـــــســــيــــتُ مــــن النُّح
ولِ كـــمَـــا عَــرِيــتُ مــن الثِّيــابِ
فـــاغْـــنَـــم ثَـــوابِـــي لا شـــغِــل
تَ ولا فَــــــرَغْـــــتَ مـــــن الثَّوابِ
آذَنَــتْــنَــا يــومَ اللوى بـالحَـرْب
أَسْهُــمُ التُّركِ فــي عُــيـونِ العُـرْبِ
ورمَــتْ كُــلَّ مــن رَآهــا سِــوى قــل
بِــي فــإِنِّيـ أَرْمِـي إِليـهَـا قَـلْبِـي
وغَــدت ســالبــاتٍ عــقـلي ولم تَـقْ
تُــلْ وقَــتْــلي أَسَـرُّ لي مِـنْ سـلبـي
وَوَراءَ السُّجـــوفِ مـــحـــتـــجــبــاتٌ
تَهْـــتَـــزُّ أَنـــوارُهـــا بــالْحُــجْــبِ
لُثِّمــتْ فــوق نَــقْــبِهــا فَهــنِـيـئاً
ولا غَــرْوَ فــالهَــنــا فـي النَّقـْبِ
وتـــبـــدَّت مــليــحــةً قــد تــبــدَّت
تـسْـكُـنُ الشِّعـب مـع ظِـبـاءِ الشِّعـب
لو نــأَتْ عـن فَـلاتِهـا لأَحـسَّ السِّ
رْبُ إِذ فـــارقَـــتْه نَـــقْـــصَ السِّرب
تــرتـعـي بـالصُّدودِ أَخـضـرَ عَـيْـشِـي
أَتُــراهــا ظَــنَّتــْه بَــعْــضَ العُـشْـب
فـغـدا كُـلُّ قـاصِر الطَّرفِ في المُدْ
نِ بــل القَـصْـرِ كـاعِـبـاً فـي كَـعْـبِ
أَلِفَــتْ نَـوْمَهـا عـلى الكُـثْـب حـتَّى
حَــمَـلت فـي الإِزَارِ بَـعْـضَ الكُـثْـبِ
يَـفْـضَـحُ المـسـكَ مـا يُـرى بِـيدَيْها
مِــنْ بَــقـايـا طِـلاءِ بَـعْـضِ الجُـرْب
وهـي مـمَّن تُبدِي الصُّدود لِبنْت ال
كَـــــرْمِ وصْـــــلاً لدَرِّ أُمِّ السَّقــــْب
لا تُـحِـبُّ المُـدامَ فـي الكأْس لكن
لبَــنَ البَــخـتِ فـي خَـلَنـجِ القُـعْـبِ
وتَـعُـدُّ الهـبـيـدَ قـوتـاً ومـن لِلصَّ
بِّ لو تـــشـــتــهــيــه مــثــلُ الضَّبِّ
أَخـصـبَ الوجـهُ بـالجـمـالِ وخصَّ ال
خَـــصْـــرُ فــي فَــلاَتِهــا بــالجَــدْب
عَـذَّبَـتْـنـي بِـحُـبِّهـا وهـو عَذْب الط
عــمِ وَيْــلِي مــن الأُجَــاج العَــذْبِ
رُبَّ ليــلٍ واصــلْتُهــا فِـيـه والشُّه
بُ تَــرانِــي وَاصَــلْتُ بــعـضَ الشُّهـْب
والثَّنـايَـا نُـقْـلَى وقد كادَ يُفْنَى
مــاءُ أَطــرافِهـا بـلَثْـمـي وشُـربـي
آهِ واحــــســــرتــــي لدهـــرٍ أَغـــرَّ
وزمـــــانٍ غـــــضٍّ وعــــيــــشٍ رطْــــب
ذاك عَـيْـشٌ يـا قـبحَ يا لؤمَ فِعْلي
حــيــنَ لم أَقْـضِ إِذْ تَـقَـضَّى نَـحْـبـي
ليـسَ إِلاَّ دَمْـعِي الَّذي منْ رَأَى جف
نِـــي رَآه كـــأَنَّ دَمْـــعِـــيَ هُــدْبــي
أَنـجـم الدَّمـع لا تـغـيـبُ شـروقـاً
مَــع أَنِّيــ رأَيْــتُهــا فــي الْغَــرْب
أَنا أَبكي لِما مَضى لاَ لِما يأِْتِي
فــيــا عَـيْـنُ لا تَـنـي فـي السَّكـب
أَمـرضَـتْـنـي خـطـوبُ ذا الدهرِ لكن
عِــنْـد عـبـدِ الرَّحـيـمِ مِـنْهـا طِـبِّي
الأَجَــلُّ المــوقِّيـ النـكـبـاتِ الر
عــنَ إِذ رُعــن بــالرِّيــاح النُّكــْبِ
مَـن مَـدارُ الدُّنـيـا عليه فَلا تَع
جَــبْ إِذا كــان ثَـابِـتـاً كـالقُـطْـب
وله الرِّيُّ فــي القــلوبِ الصَّوادِي
وله الغُــلُّ فــي الرقــاب الْغُــلْبِ
كُـــــلُّ وجـــــهٍ له يُـــــعَـــــفَّر إِمَّا
بـــســـجـــودٍ لطـــاعـــةٍ أَو سَـــحْــبِ
هَــيــبــةٌ أَرْغَـبـت صـروفَ اللَّيـالِي
فَهِــي مــنــهـا مَـنـصـورةٌ بـالرُّعـب
ومَــعــالٍ تــجِــلُّ قــدراً عــن الأَو
صــافِ إِلا عــن وصــفـهـا بـالسَّلـْبِ
كــلُّ مــن ضــيَّقــ الزَّمــانُ عــليــه
نــازِلٌ مـنـه فـي الفِـنـاءِ الرَّحْـب
وهْـوَ فَـكُّ الأَسـيـر مُحْيي رَميمَ ال
مـجـدِ قـوتُ الثـاويـن زادُ الرَّكـب
غَـلِطُـوا مَـا هـيَ الأساريرُ في كف
يـــه بـــل تــلك مِــســحــبٌ للسُّحــب
شــاع مــثــلَ الشُّعـاع جـودُ يـديـه
ورَسَـــا حِـــلْمُه كــمِــثْــلِ الهُــضْــبِ
أَبـداً قَـصْدُه عَن الخلْق صَرْف الصَّر
فِ مــن بــيــنــهــم وخَـطْـمُ الخَـطْـبِ
ظَـفِـرَ النَّاـسُ بـالقـشـورِ من السَّعْ
دِ وحَــــــازَ الأَجَـــــلُّ جُـــــلَّ اللُّبِّ
وهْــو فــي كُــلِّ روضــةٍ لِلْمــعــالي
فــي اقــتــطـافٍ وغـيـرُه فـي حَـطْـبِ
أَنْــحــلَتْه عــبــادةٌ هــو فــيــهــا
مـــن مَـــضـــاءٍ ورِقَّةـــٍ كــالعَــضْــبِ
هُــو صــبٌّ بــهـا فـلا غَـرْو أَن يـن
حَـــــل إِنَّ النُّحـــــولَ حَــــلْيُ الصَّبِّ
ورأَت حــبَّهــ المــلوكُ مــن الفــر
ضِ ولا فـــرضَ مـــثـــلُ حُـــبُّ النَّدب
وجــمـيـعُ التِّيـجـان إِن عـصـبُـوهـا
فـهـو قـد صـار مـثـلَهـم بـالعَـصْـب
غَــنــيــت بـالآراءِ مِـنْه وبـالسـع
دِ عـن الطَّعـْن فـي الوَغَـى والضَّرْبِ
كُـــتـــبٌ تَــضْــرِب الرِّقَــاب ولم أَدْ
رِ بــأَنَّ الســيــوفَ بــعــضُ الكُـتْـب
مـعـجـزُ القـولِ مـنـه قد طَبَّق الآ
فـــاق بـــالسِّيــر تَــارَةً والوَثْــبِ
فـهـو لو سَـار مَـشْـرِقـاً هو والشم
سُ لوافــى مِــنْ قــبــلهــا لِلْغَــرْب
أَنـا أشْـكـو إليـكَ ما لم يَدُرْ لي
فــي حِــســابٍ وأَنْــتَ مِــنْه حَــسْـبـي
قَــلَّ قــدرِي عــن العِــتــابِ ولكــن
أَنــا أُنْهِــي تَــظَــلُّمـي لا عـتـبـي
أَنــا فـيـمـا يُـعـيـذُك اللهُ مـنـه
فـي هُـمـومٍ عَـن سُـوءِ حَـالِيَ تُـنْـبِي
واهــتــضــامٍ لِجَــانِـبـي ولَكـمْ مُـدْ
يــة صــدٍّ يُــحَــزُّ مــنــهــا جَــنْـبـي
لا مُـعـيـنـي لا ناصِري لا حَميمي
لا حَـبـيـبـي لا أُسـرتـي لا صَحْبي
قَـدْ تـبَـرَّا بـعـضـي عن البَعضِ حتَّى
كَــبِــدي قــدْ تَــبَــرَّأَتْ مِــنْ قَـلْبـي
وَحْــدَةٌ واســتــكــانــةٌ وافــتـقـارٌ
واغـــتـــنــامٌ وكُــرْبــةٌ واكَــرْبِــي
أَنـا مَـيْـتٌ مـا غَـيَّبـوني إِذ البِرُّ
بــمــثــلي تَــغْــيِــيـبُه فـي التُّرب
كــلُّ يـسْـرٍ أَراه قـد صـار فـي حـقِّ
يَ عُــســراً فــالسَّهـْل مـثـلُ الصَّعـب
وتـــــمـــــالاَ عَــــلَيَّ كــــلُّ عــــدوٍّ
لا يَـنِـي فـي ثَـلْمي ولا في ثَلْبي
قــصْــدُ هـذا قَـتْـلي وهَـذا مُـلاقـا
تــي وهــذا أسْــري وهَــذَا نَهْــبــي
كــم ســفــيــهٍ عـليَّ أَسـرفَ فـي سـبّ
ي ولم يَــلْق نــاهِــيــاً عَــنْ سَــبِّي
وكــــــذوبٍ عــــــليَّ صُـــــدِّق حـــــتَّى
صَـارَ كـالصِّدْق مـا افْـترى منْ كَذْبِ
وحــســودٍ كــمـا يُـقـال عـلى الصَّلْ
ب فــلا زال جِــسْــمُه فــي الصَّلــْبِ
ليـت شِـعْـري عـلامَ أُحْـسَـدُ يـا قـو
مُ وحـــالي حـــقـــيـــقــةٌ بــالنَّدبِ
أَمَـكَـانِـي أَمْ مَـنْـصِـبي أَمْ غِنَى كفَّ
يْــي أَمْ قَهْــرُ حــاسِــدي أَمْ غَـلْبـي
إِن حَــظِّيـ مـا هـبّ بَـعْـدُ مـن النَّو
م ورِيـــحِـــي مــا آذنَــتْ بــالهَــبِّ
نِـلْتُ مـا أَرْتـجـيه لو كانَ لي عن
دكَ بَـخْـتٌ والبَـخْـتُ لا مِـن كَـسْـبـي
ودهَــتْــنِــي أَقــاربٌ لي مــن الأَنْ
ســاب لاَ بَــلْ عَــقــارِبٌ فــي اللَّب
غـصـبوني حَقِّي من الإِرْثِ في الخد
مَــةِ إِذ ديــنُهــم جَــوازُ الغَــصْــبِ
هـــم بُـــزَاةٌ كــواسِــرٌ آكــلاتُ ال
لحــم مــا هــمُ طـيـورُ لَقْـط الحَـبِّ
زعَــمُــوا أَنَّ مــالكِــي هُــو مـمـدو
حِـيَ يـهْـوى بُـعـدي ويَـشْـنـأُ قُـربـي
صـدقـوا فـي مَـقـالهـم إِنَّ بُعدَ ال
قُــربِ مِــنْه دليــلٌ بُــعــدِ القَــلْبِ
لي حـــقـــوقٌ أَقــلُّهــا أَن أُجــازى
بــســكــونِ المــثْـوَى وأَمْـن السِّرْب
أَيــن مَـدْحِـي وأَيْـن حَـمـدِي لا بـل
أَيـــن إِجْـــلاَلِي ذا وهَـــذَا حُـــبِّي
أَيُّ ذنـــبٍ أَذنَـــبْـــتُه ونـــعــم أَذْ
نَـبْـتُ قـد جـئتُ تَـائِبـاً مِـنْ ذَنْـبي
عَــطْـفَـةٌ والتـفـاتَـةٌ مـنـك تُـحـيـي
نــي وتَــلْقَــى ثَــوابَهــا مِــنْ رَبِّي
أَنــا رَاضٍ مــن الكَــرامَـةِ أَن تـج
عــل ضَـرْبِـي مـن غَـيـرِ هَـذَا الضَّرْب
بــك تَــغْــنَــى يــدي وتَـنْـجَـحُ آمـا
لِي ويُـؤسَـى جُـرحِـي ويَـعْـلُو كَـعْـبي
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: ابن سناء الملك
شاعر من النبلاء، مصري المولد والوفاة، كان وافر الفضل، رحب النادي جيد الشعر بديع الإنشاء، كتب في ديوان الإنشاء بمصر مدة، ولاه الملك الكامل ديوان الجيش سنة 606 هـ.وكان ينبز بالضفدع لجحوظ في عينيه
له (دار الطراز- ط) في عمل الموشحات، (وفصوص الفصل- خ) جمع فيه طائفة من إنشاء كتاب عصره ولاسيما القاضي الفاضل، و(روح الحيوان) اختصر به الحيوان للجاحظ و "كتاب مصايد الشوارد"، و(ديوان شعر- ط) بالهند، وفي دار الكتاب الظاهرية بدمشق الجزء الثاني من منظومة في (غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم) يُظن آنها له.
وترجم له الصفدي في الوافي قال:
قال ابن سعيد المَغرِبي": كان غالياً في التشيّع (ثم سمى كتبه ثم قال):
وقال ياقوت الحموي: حدثني الصاحب الوزير جمال الدين الأكرم، قال: كان سناء الملك واسمه رَزين رجلاً يهودياً صيرفيّاً بمصر وكانت له ثروةٌ، فأسلم ثم مات، وخلّف ولدَه الرشيد جعفراً، وكان له مضارَباتٌ وقُروضٌ وتجاراتٌ اكتسب بها أموالاً جمّةً ولم يكن عنده من العلم ما يشتهِر إلا أنه ظفِر بمصر بجزء من كتاب الصِحاح الجَوهري، وهو نِصف الكتاب بخط الجوهري نفسِهِ فاشتراه بشيء يسير، وأقام عنده محروساً عدّة سنين إلى أن ورد إلى مصر رجلٌ أعجمي ومعه النصف الآخر من صحاح الجوهري، فعرضه على كتبيّ بمصر، فقال له: نصف هذا الكتاب الآخر عند الرشيد بن سناء الملك، فجاءه به وقال: هذا نصف الكتاب الذي عندك، فإما أن تُعطِيَني النصفَ الذي عندك وأنا أدفَعُ إليك وزنَه دراهم، فجعل الرشيد يضرب أخماساً لأسداس ويخاصم نفسَه في أحد الأمرين حتى حمل نفسه وأخرج دراهم ووزَن له ما أراد، وكان مقدارها خمسةَ عشر ديناراً، وبقيت النسخة عنده، ونشأ له السعيد ابنهُ هبةُ الله، فتردّد بمصر إلى الشيخ أبي المحاسن البَهنَسي النحوي، وهو والد الوزير البهنسي الذي وزر للأشرف بن العادل، وكان عنده قَبولٌ وذكاء وفطنة، وعاشر في مجلسه رجلاً مغربيّاً كان يتعانى عمل الموشحات المغربية والأزجال، فوقّفه على أسرارها وباحثه فيها وكثّر حتى انقَدَح له في عملها ما زاد على المَغاربة حُسناً، وتعانى البلاغة والكتابة، ولم يكن خَطّه جيّداً، انتهى، قلتُ: وكان يُنبَز بالضفدع لجحوظٍ في عينيه، وفيه يقول ابن الساعاتي، وكتب ذلك على كتابه "مصايد الشوارد":
وفيه يقول أيضاً وقد سقط عن بغل له، كان عالياً جدّاً ويسمَّى الجَمَل:
وهذا دليل على أن ابنَ سناء الملك كان شيعيّاً، ...إلخ
ولم يذكر ابن خلكان أن جده كان يهوديا ولا أنه كان ينبز بالضفدع قال:
ابن سناء الملك القاضي السعيد أبو القاسم هبة الله بن القاضي الرشيد أبي الفضل جعفر بن المعتمد
سناء الملك أبي عبد الله محمد بن هبة الله بن محمد السعدي، الشاعر المشهور، المصري صاحب ديوان الشعر البديع والنظم الرائق، أحد الفضلاء الرؤساء النبلاء، ...إلخ.
وفي السلوك للمقريزي ترجمة نادرة لوالده الرشيد في وفيات سنة 592 ونصها:
وفي خامس ذي الحجة: مات القاضي الرشيد ابن سناء الملك. قال القاضي الفاضل فيه: "ونعم الصاحب الذي لا تخلفه الأيام، ولا يعرف له نظير من الأقوام: أمانة سمينة، وعقيدة ود متينة، ومحاسن ليست بواحدة، ومساع في نفع المعارف جاهدة. وكان حافظا لكتاب الله، مشتغلا بالعلوم الأدبية، كثير الصدقات، نفعه الله، والأعمال الصالحات، عرفه الله بركاتها".
ومن شعر ابن سناء الملك قصيدة في 68 بيتا يودع بها والده القاضي الرشيد في سفرة له إلى دمشق، وفيها قوله:
ومن مدائحه في الرشيد الموشح الذي مطلعه:
أَخْمَلَ ياقوتَ الشفقْ - دُرُّ الدراري
وفيه قوله:
ثم أورد العماد موشحا له في رثاء أمه أوله:
وكلا الموشحين ليسا في ديوانه المنشور في إصدارات الموسوعة السابقة
(1) قلت أنا بيان: انفرد ياقوت بهذه المعلومة الخطيرة وقد فندها الأستاذ محمد إبراهيم نصر في كتابه (ابن سناء الملك) انظر كلامه كاملا في صفحة القصيدة الدالية التي أولها: