قصيدة معاد من الأيام تعذيبنا بها للشاعر البُحتُرِيّ

البيت العربي

مُعادٌ مِنَ الأَيّامِ تَعذيبُنا بِها


عدد ابيات القصيدة:44


مُعادٌ مِنَ الأَيّامِ تَعذيبُنا بِها
مُـعـادٌ مِـنَ الأَيّـامِ تَـعـذيـبُـنـا بِهـا
وَإِبـعـادُهـا بِـالإِلفِ بَـعـدَ اِقتِرابِها
وَمـا تَـمـلَأُ الآمـاقَ مِـن فَـيـضِ عَـبرَةٍ
وَلَيسَ الهَوى البادي لِفَيضِ اِنسِكابِها
غَــوى رَأيُ نَــفـسٍ لا تَـرى أَنَّ وَجـدَهـا
بِــتِـلكَ الغَـوانـي شُـقَّةـٌ مِـن عَـذابِهـا
وَحَــظُّكــَ مِــن لَيــلى وَلا حَـظَّ عِـنـدَهـا
سِــوى صَـدِّهـا مِـن غـادَةٍ وَاِجـتِـنـابِهـا
يُـفـاوِتُ مِـن تَـأليـفِ شَـعـبـي وَشَـعـبِها
تَـنـاهـي شَـبـابـي وَاِبـتِـداءُ شَـبـابِها
عَـسـى بِـكَ أَن تَـدنو مِنَ الوَصلِ بَعدَما
تَــبــاعَــدتَ مِـن أَسـبـابِهِ وَعَـسـى بِهـا
هِــيَ الشَـمـسُ إِلّا أَنَّ شَـمـسـاً تَـكَـشَّفـَت
لِمُــبــصِــرِهــا وَأَنَّهــا فــي ثِــيـابِهـا
مَـتـى تَـسـتَزِد فَضلاً مِنَ العُمرِ تَغتَرِف
بِـسَـجـلَيـكَ مِـن شُهـدِ الخُـطـوبِ وَصابِها
تُـشَـذِّبُـنـا الدُنـيـا بِـأَخـفَـضِ سَـعـيِهـا
وَغَــولُ الأَفــاعــي بَـلَّةٌ مِـن لُعـابِهـا
يُـــسَـــرُّ بِــعُــمــرانِ الدِيــارِ مُــضَــلَّلُ
وَعُــمــرانُهـا مُـسـتَـأنَـفٌ مِـن خَـرابِهـا
وَلَم أَرتَــضِ الدُنـيـا أَوانَ مَـجـيـئِهـا
فَــكَـيـفَ اِرتِـضـائيـهـا أَوانَ ذَهـابِهـا
أَقــولُ لِمَــكـذوبٍ عَـنِ الدَهـرِ زاغَ عَـن
تَــخَــيُّرِ آراءِ الحِــجــا وَانـتِـخـابِهـا
سَــيُــرديــكَ أَو يُــتــويـكَ أَنَّكـَ مُـخـلِسٌ
إِلى شُــقَّةــٍ يُــبــليــكَ بُــعــدُ مَـآبِهـا
وَهَـل أَنـتَ فـي مَـرمـوسَـةٍ طـالَ أَخـذُها
مِــنَ الأَرضِ إِلّا حَـفـنَـةٌ مِـن تُـرابِهـا
تُـــدِلُّ بِـــمِــصــرٍ وَالحَــوادِثُ تَهــتَــدي
لِمِــصـرٍ إِذا مـا نَـقَّبـَت عَـن جَـنـابِهـا
وَمـا أَنـتَ فـيـهـا بِـالوَليدِ بنِ مُصعَبٍ
زَمــانَ يُــعَــنّــيـهِ اِرتِـيـاضُ صِـعـابِهـا
وَلا كَــسِــنــانِ بـنِ المُـشَـلَّلِ عِـنـدَمـا
بَــنــى هَـرَمَـيـهـا مِـن حِـجـارَةِ لابِهـا
مُــلوكٌ تَــوَلّى صــاعِــدٌ إِرثَ فَــخــرِهــا
وَشـارَكَهـا فـي مُـعـلِيـاتِ اِنـتِـسـابِهـا
رَعــى مَـجـدَهـا عَـن أَن يَـضـيـعَ سَـوامُهُ
وَحِـفـظُ عُـلا المـاضينَ مِثلُ اِكتِسابِها
أَكــانَـت لِأَيـدي المَـخـلَدِيّـيـنَ شِـركَـةٌ
مَـعَ الغـادِيـاتِ فـي مَـخـيـلِ سَـحـابِهـا
تَــزِلُّ العَــطــايـا عَـن تَـعَـلّي أَكُـفِّهـِم
زَليــلَ السُـيـولِ عَـن تَـعَـلّي شِـعـابِهـا
إِذا السَـنَـةُ الشَهباءُ أَكدَت تَعاوَروا
سُـيـوفَ القِـرى فـيـهِـنَّ شِـبـعُ سِـغـابِها
يَــمُــدّونَ أَنــفــاسَ الظِــلالِ عَــلَيـهِـمُ
بِــأَبــنِــيَــةٍ تَــعـلو سُـمـوكَ قِـبـابِهـا
فَــكَــم فَــرَّجــوا مِــن كُـربَـةٍ وَتَـغَـوَّلَت
مَــشــاهِــدُهُــم مِــن طَـخـيَـةٍ وَضَـبـابِهـا
بِــمَــلمــومَـةٍ تَـحـتَ العَـجـاجِ مُـضـيـئَةٍ
تَـحـوزُ الأَعـادي خَـطـفَـةٌ مِـن عُـقابِها
وَأَبـطـالِ هَـيـجٍ فـي اِصـفِـرارِ بُـنودِها
ضُـروبُ المَـنـايـا وَاِبـيِـضـاضُ حِـرابِها
تُــرَشِّحــُهــا نَــجــرانُ فــي كُــلِّ مَــأزِقٍ
كَــمــا رَشَّحــَت خَــفّــانُ آســادَ غـابِهـا
أَرى الكُـفـرَ وَالإِنعامَ قَد مَثَّلا لَنا
إِبـــاقَ رِجـــالٍ رِقُّهـــُ فـــي رِقــابِهــا
فَــكَــم آمِــلٍ قَــد عَــضَّ كَــفّــاً نَـدامَـةً
عَـلى العَـكـسِ مِـن آمـالِهِ وَاِنـقِلابِها
فَـإِمّـا قَـنِـعـتُـم بِالأَباطيلِ فَاِربَعوا
عَــلى صَــرِّهـا أَوحـادَكُـم وَاِخـتِـلابِهـا
إِذا اللَهُ أَعــطــاهُ اِعــتِـلاءَةَ قُـدرَةٍ
بَـكَـت شَـجـوَهـا أَو عُـزِّيَـت عَـن مُصابِها
إِذا مَــذحِــجٌ أَجــرَت إِلى نَهــجِ سُــؤدَدٍ
فَهَـمّـيـكَ مِـن دَأبِ المَـسـاعـي وَدابِهـا
كُــنــيـنـا وَأُمِّرنـا وَغُـنـمُ يَـدَيـكَ فـي
تَــرادُفِ أَيّــامِ العُــلا وَاِعـتِـقـابِهـا
وَمـا زالَتِ الأَذواءُ فـيـنـا وَكَـونُهـا
لِحَــيٍّ سِــوانــا مِــن أَشَـقِّ اِغـتِـرابِهـا
وَجَــدنــا المُـعَـلّى كَـالمُـعَـلّى وَفَـوزِهِ
بِــغُـنـمِ القِـداحِ وَاِحـتِـيـازِ رِغـابِهـا
وَفـي جـودِهِ بِـالبَـحرِ وَالبَحرُ لَو رَمى
إِلى ســاعَـةٍ مِـن جـودِهِ مـا وَفـى بِهـا
عَـقـيـدُ المَـعـالي مـا وَنَت في طِلابِهِ
لِتَـــعـــلَقَهُ وَلا وَنــى فــي طِــلابِهــا
تَــنــاهــى العِــدى عَـنـهُ وَرُبَّتـَ قَـولَةٍ
أَبـاهـا عَـلى البـادي حِـذارَ جَـوابِها
إِذا طَـمِـعَ السـاعـونَ أَن يَـلحَـقوا بِهِ
تَـمَهَّلـَ قـابَ العَـيـنِ أَو فَـوتَ قـابِهـا
إِذا مـا تَـراءَتـهُ العَـشـيـرَةُ طـالِعـاً
عَــلَيــهـا جَـلَت ظَـلمـاءَهـا بِـشِهـابِهـا
وَإِن أَنــهَــضَــتــهُ كــافِــئاً فـي مُـلِمَّةٍ
مِـنَ الدَهـرِ سَـلَّت سَـيـفَهـا مِن قِرابِها
إِذا اِصــطَــحَــبَـت آلاؤُهُ غَـطَّتـِ الرُبـى
وَحُـسـنُ اللَآلي زائِدٌ فـي اِصـطِـحـابِها
وَمـا حَـظَـرَ المَـعـروفَ إيـصـادُ ضَـيـقَـةٍ
مِـنَ الدَهـرِ إِلّا كُـنـتَ فـاتِـحَ بـابِهـا
أَبــــا صــــالِحٍ لا زِلتَ والِيَ صــــالِحٍ
مِـنَ العَـيشِ وَالأَعداءُ تَشجى بِما بِها
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي أبو عبادة البحتري. شاعر كبير، يقال لشعره سلاسل الذهب، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، المتنبي وأبو تمام والبحتري، قيل لأبي العلاء المعري: أي الثلاثة أشعر؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري. وأفاد مرجوليوث في دائرة المعارف أن النقاد الغربيين يرون البحتري أقل فطنة من المتنبي و أوفر شاعرية من أبي تمام. ولد بنمنبج بين حلب والفرات ورحل إلى العراق فاتصل بجماعة من الخلفاء أولهم المتوكل العباسي وتوفي بمنبج. له كتاب الحماسة، على مثال حماسة أبي تمام.
تصنيفات قصيدة مُعادٌ مِنَ الأَيّامِ تَعذيبُنا بِها