البيت العربي
مَلامي النَوى في ظُلمِها غايَةُ الظُلمِ
عدد ابيات القصيدة:39

مَـلامـي النَوى في ظُلمِها غايَةُ الظُلمِ
لَعَـلَّ بِهـا مِـثـلَ الَّذي بـي مِـنَ السُـقـمِ
فَـلَو لَم تَـغَـر لَم تَـزوِ عَـنّـي لِقـاءَكُـم
وَلَو لَم تُـرِدكُـم لَم تَـكُـن فـيـكُمُ خَصمي
أَمُــنــعِـمَـةٌ بِـالعَـودَةِ الظَـبـيَـةُ الَّتـي
بِــغَــيــرِ وَلِيٍّ كــانَ نـائِلَهـا الوَسـمـي
تَـــرَشَّفـــتُ فــاهــا سُــحــرَةً فَــكَــأَنَّنــي
تَــرَشَّفـتُ حَـرَّ الوَجـدِ مِـن بـارِدِ الظُـلمِ
فَــتــاةٌ تَــســاوى عِــقــدُهــا وَكَـلامُهـا
وَمَـبـسِـمُهـا الدُرِّيُّ فـي الحُـسنِ وَالنَظمِ
وَنَـــكـــهَـــتَهـــا وَالمَــنــدَلِيُّ وَقَــرقَــفٌ
مُــعَـتَّقـَةٌ صَهـبـاءُ فـي الريـحِ وَالطَـعـمِ
جَــفَــتــنـي كَـأَنّـي لَسـتُ أَنـطَـقَ قَـومِهـا
وَأَطــعَـنَهُـم وَالشُهـبُ فـي صـورَةِ الدُهـمِ
يُــحــاذِرُنــي حَــتــفــي كَــأَنِّيــَ حَــتــفُهُ
وَتَـنـكُـزُنـي الأَفـعـى فَـيَـقـتُـلُهـا سُـمّي
طِــوالُ الرُدَيــنِــيّــاتِ يَــقـصِـفُهـا دَمـي
وَبـيـضُ السُـرَيـجِـيّـاتِ يَـقـطَـعُهـا لَحـمـي
بَـرَتـنـي السُـرى بَـريَ المُـدى فَرَدَدنَني
أَخَـفُّ عَـلى المَـركـوبِ مِـن نَـفَـسـي جِرمي
وَأَبـــصَـــرَ مِـــن زَرقـــاءِ جَـــوٍّ لِأَنَّنـــي
إِذا نَـظَـرَت عَـيـنـايَ سـاواهُـمـا عِـلمـي
كَـأَنّـي دَحَـوتُ الأَرضَ مِـن خِـبـرَتـي بِهـا
كَـأَنّـي بَـنـى الإِسكَندَرُ السَدَّ مِن عَزمي
لِأَلقــى اِبــنَ إِســحـاقَ الَّذي دَقَّ فَهـمُهُ
فَــأَبــدَعَ حَــتّــى جَــلَّ عَــن دِقَّةـِ الفَهـمِ
وَأَســمَــعَ مِــن أَلفــاظِهِ اللُغَــةَ الَّتــي
يَــلَذُّ بِهــا سَـمـعـي وَلَو ضُـمِّنـَت شَـتـمـي
يَــمــيــنُ بَــنــي قَـحـطـانَ رَأسُ قُـضـاعَـةٍ
وَعِـرنـيـنُهـا بَـدرُ النُـجـومِ بَـنـي فَهـمِ
إِذا بَـيَّتـَ الأَعـداءَ كـانَ اِسـتِـمـاعُهُـم
صَـريـرُ العَـوالي قَـبـلَ قَـعـقَـعَةِ اللُجمِ
مُـــذِلُّ الأَعِـــزّاءِ المُـــعِـــزُّ وَإِن يَــئن
بِهِ يُـتـمُهُـم فَـالمـوتِـمُ الجابِرُ اليُتمِ
وَإِن تُــمــسِ داءً فــي القُــلوبِ قَـنـاتُهُ
فَـمُـمـسِـكُهـا مِـنـهُ الشِـفـاءُ مِـنَ العُدمِ
مُــقَــلَّدُ طــاغــي الشَــفــرَتَــيــنِ مُـحَـكَّمٍ
عَــلى الهــامِ إِلّا أَنَّهـُ جـائِرُ الحُـكـمِ
تَـــحَـــرَّجَ عَـــن حَـــقــنِ الدِمــاءِ كَــأَنَّهُ
يَــرى قَـتـلَ نَـفـسٍ تَـركَ رَأسٍ عَـلى جِـسـمِ
وَجَـدنـا اِبـنَ إِسـحـاقَ الحُـسَـيـنِ كَـجَـدِّهِ
عَـلى كَـثـرَةِ القَـتلى بَريئاً مِنَ الإِثمِ
مَــعَ الحَــزمِ حَــتّــى لَو تَــعَــمَّدَ تَــركَهُ
لَأَلحَــقَهُ تَــضــيِــيـعُهُ الحَـزمَ بِـالحَـزمِ
وَفــي الحَــربِ حَــتّــى لَو أَرادَ تَــأَخُّراً
لَأَخَّرَهُ الطَــبــعُ الكَــريـمُ إِلى القُـدمِ
لَهُ رَحــمَــةٌ تُــحــيّ العِــظــامَ وَغَــضـبَـةٌ
بِهـا فَـضـلَةٌ لِلجُـرمِ عَـن صـاحِـبِ الجُـرمِ
وَرِقَّةـــُ وَجـــهٍ لَو خَـــتَـــمــتَ بِــنَــظــرَةٍ
عَـلى وَجـنَـتَـيـهِ مـا اِنمَحى أَثَرُ الخَتمِ
أَذاقَ الغَــوانــي حُـسـنُهُ مـا أَذَقـنَـنـي
وَعَــفَّ فَــجــازاهُــنَّ عَــنّــي عَـلى الصُـرمِ
فِــدىً مَـن عَـلى الغَـبـراءِ أَوَّلُهُـم أَنـا
لِهَـذا الأَبِـيِّ المـاجِـدِ الجائِدِ القَرمِ
لَقَـد حـالَ بَـيـنَ الجِـنِّ وَالأَمـنِ سَـيـفُهُ
فَـمـا الظَنُّ بَعدَ الجِنِّ بِالعُربِ وَالعُجمِ
وَأَرهَــــبَ حَــــتّــــى لَو تَــــأَمَّلــــَ دِرعَهُ
جَــرَت جَـزَعـاً مِـن غَـيـرِ نـارٍ وَلا فَـحـمِ
وَجـــادَ فَـــلَولا جـــودُهُ غَـــيــرَ شــارِبٍ
لَقــيــلَ كَـريـمٌ هَـيَّجـَتـهُ اِبـنَـةُ الكَـرمِ
أَطَعناكَ طَوعَ الدَهرِ يا اِبنَ اِبنِ يوسُفٍ
لِشَهــوَتِــنــا وَالحــاسِــدو لَكَ بِـالرُغـمِ
وَثِـقـنـا بِـأَن تُـعـطي فَلَو لَم تَجُد لَنا
لَخِـلنـاكَ قَـد أَعـطَـيـتَ مِـن قُـوَّةِ الوَهمِ
دُعــيــتُ بِــتَــقـريـظـيـكَ فـي كُـلِّ مَـجـلِسٍ
وَظَـنَّ الَّذي يَـدعـو ثَـنـائي عَـلَيكَ اِسمي
وَأَطــعَــمـتَـنـي فـي نَـيـلِ مـالا أَنـالُهُ
بِـمـا نِـلتُ حَـتّـى صِـرتُ أَطمَعُ في النَجمِ
إِذا مــا ضَــرَبـتَ القِـرنَ ثُـمَّ أَجَـزتَـنـي
فَــكِــل ذَهَــبـاً لي مَـرَّةً مِـنـهُ بِـالكَـلمِ
أَبَــــت لَكَ ذَمّـــي نَـــخـــوَةٌ يَـــمَـــنِـــيَّةٌ
وَنَــفــسٌ بِهــا فــي مَـأزِقٍ أَبَـداً تَـرمـي
فَـكَـم قـائِلٍ لَو كـانَ ذا الشَـخـصُ نَفسَهُ
لَكــانَ قَـراهُ مَـكـمَـنَ العَـسـكَـرِ الدَهـمِ
وَقـــائِلَةٍ وَالأَرضَ أَعـــنـــي تَـــعَــجُّبــاً
عَـلَيَّ اِمـرُؤٌ يَـمـشـي بِـوَقـري مِـنَ الحِلمِ
عَــظُــمــتَ فَــلَمّــا لَم تُــكَــلَّم مَهــابَــةً
تَـواضَـعـتَ وَهـوَ العُظمُ عُظماً عَنِ العُظمِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: المُتَنَبّي
الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة المعاني المبتكرة.
ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس.
قال الشعر صبياً، وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه.
وفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه.
قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز.
عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسّد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد.
وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي.