قصيدة ملومكما يجل عن الملام للشاعر المُتَنَبّي

البيت العربي

مَلومُكُما يَجِلُّ عَنِ المَلامِ


عدد ابيات القصيدة:42


مَلومُكُما يَجِلُّ عَنِ المَلامِ
مَــلومُــكُــمــا يَـجِـلُّ عَـنِ المَـلامِ
وَوَقـــعُ فَـــعــالِهِ فَــوقَ الكَــلامِ
ذَرانـــي وَالفَـــلاةُ بِــلا دَليــلٍ
وَوَجــهــي وَالهَــجـيـرَ بِـلا لِثـامِ
فَــإِنّــي أَســتَــريــحُ بِــذي وَهَــذا
وَأَتــعَــبُ بِــالإِنـاخَـةِ وَالمُـقـامِ
عُــيـونُ رَواحِـلي إِن حُـرتُ عَـيـنـي
وَكُــلُّ بُــغــامِ رازِحَــةٍ بُــغــامــي
فَـقَـد أَرِدُ المِـيـاهَ بِـغَـيـرِ هـادٍ
سِــوى عَــدّي لَهــا بَــرقَ الغَـمـامِ
يُــذِمُّ لِمُهــجَــتــي رَبّــي وَسَــيـفـي
إِذا اِحتاجَ الوَحيدُ إِلى الذِمامِ
وَلا أُمـسـي لِأَهـلِ البُـخـلِ ضَـيفاً
وَلَيــسَ قِــرىً سِــوى مُــخِّ النِـعـامِ
فَــلَمّــا صــارَ وُدُّ النــاسِ خِــبّــاً
جَـزَيـتُ عَـلى اِبـتِـسـامٍ بِـاِبـتِسامِ
وَصِــرتُ أَشُــكُّ فــيــمَــن أَصـطَـفـيـهِ
لِعِـــلمـــي أَنَّهــُ بَــعــضُ الأَنــامِ
يُـحِـبُّ العـاقِـلونَ عَـلى التَـصافي
وَحُــبُّ الجــاهِـليـنَ عَـلى الوَسـامِ
وَآنَـــفُ مِـــن أَخــي لِأَبــي وَأُمّــي
إِذا مــا لَم أَجِــدهُ مِـنَ الكِـرامِ
أَرى الأَجـدادَ تَـغـلِبُهـا كَـثـيراً
عَـــلى الأَولادِ أَخـــلاقُ اللِئامِ
وَلَســتُ بِــقــانِــعٍ مِــن كُــلِّ فَـضـلٍ
بِـــأَن أُعـــزى إِلى جَـــدٍّ هُـــمــامِ
عَـــجِـــبـــتُ لِمَـــن لَهُ قَـــدٌّ وَحَـــدٌّ
وَيَـنـبـو نَـبـوَةَ القَـضِـمِ الكَهـامِ
وَمَـن يَـجِدُ الطَريقَ إِلى المَعالي
فَــلا يَــذَرُ المَــطِـيَّ بِـلا سَـنـامِ
وَلَم أَرَ فـي عُـيـوبِ النـاسِ شَيئاً
كَـنَـقـصِ القـادِريـنَ عَـلى التَمامِ
أَقَــمــتُ بِـأَرضِ مِـصـرَ فَـلا وَرائي
تَــخُــبُّ بِــيَ المَـطِـيُّ وَلا أَمـامـي
وَمَــلَّنِــيَ الفِــراشُ وَكـانَ جَـنـبـي
يَـــمَـــلُّ لِقـــاءَهُ فـــي كُــلِّ عــامِ
قَـــليـــلٌ عــائِدي سَــقِــمٌ فُــؤادي
كَــثــيــرٌ حــاسِــدي صَـعـبٌ مَـرامـي
عَـليـلُ الجِـسـمِ مُـمـتَـنِـعُ القِيامِ
شَـديـدُ السُـكـرِ مِـن غَـيرِ المُدامِ
وَزائِرَتـــي كَـــأَنَّ بِهـــا حَـــيــاءً
فَــلَيــسَ تَــزورُ إِلّا فـي الظَـلامِ
بَـذَلتُ لَهـا المَـطـارِفَ وَالحَشايا
فَـعـافَـتـهـا وَبـاتَـت فـي عِـظـامي
يَـضـيـقُ الجِـلدُ عَـن نَـفسي وَعَنها
فَــتــوسِــعُهُ بِــأَنــواعِ السِــقــامِ
إِذا مــا فــارَقَــتـنـي غَـسَّلـَتـنـي
كَــأَنّــا عــاكِــفــانِ عَــلى حَــرامِ
كَــأَنَّ الصُـبـحَ يَـطـرُدُهـا فَـتَـجـري
مَــدامِــعُهــا بِــأَربَــعَــةٍ سِــجــامِ
أُراقِــبُ وَقــتَهــا مِـن غَـيـرِ شَـوقٍ
مُــراقَــبَـةَ المَـشـوقِ المُـسـتَهـامِ
وَيَــصــدُقُ وَعــدُهــا وَالصِــدقُ شَــرٌّ
إِذا أَلقـاكَ فـي الكُـرَبِ العِـظامِ
أَبِــنــتَ الدَهـرِ عِـنـدي كُـلُّ بِـنـتٍ
فَــكَـيـفَ وَصَـلتِ أَنـتِ مِـنَ الزِحـامِ
جَــرَحــتِ مُــجَـرَّحـاً لَم يَـبـقَ فـيـهِ
مَــكــانٌ لِلسُــيــوفِ وَلا السِهــامِ
أَلا يـا لَيـتَ شَـعـرَ يَـدي أَتُـمسي
تَـــصَـــرَّفُ فــي عِــنــانٍ أَو زِمــامِ
وَهَــل أَرمــي هَــوايَ بِــراقِــصــاتٍ
مُــحَــلّاةِ المَــقــاوِدِ بِــاللُغــامِ
فَــرُبَّتــَمــا شَـفَـيـتُ غَـليـلَ صَـدري
بِــسَــيــرٍ أَو قَــنــاةٍ أَو حُــســامِ
وَضــاقَــت خُــطَّةــٌ فَـخَـلَصـتُ مِـنـهـا
خَـلاصَ الخَـمـرِ مِـن نَـسـجِ الفِدامِ
وَفــارَقــتُ الحَــبــيـبَ بِـلا وَداعٍ
وَوَدَّعـــتُ البِـــلادَ بِـــلا سَـــلامِ
يَـقـولُ لي الطَـبـيـبُ أَكَـلتَ شَيئاً
وَداؤُكَ فــي شَــرابِــكَ وَالطَــعــامِ
وَمـــا فـــي طِـــبِّهـــِ أَنّــي جَــوادٌ
أَضَــرَّ بِــجِــســمِهِ طــولُ الجِــمــامِ
تَــعَـوَّدَ أَن يُـغَـبِّرَ فـي السَـرايـا
وَيَــدخُــلَ مِــن قَــتـامِ فـي قَـتـامِ
فَــأُمــسِـكَ لا يُـطـالُ لَهُ فَـيَـرعـى
وَلا هُوَ في العَليقِ وَلا اللِجامِ
فَـإِن أَمـرَض فَـمـا مَـرِضَ اِصـطِباري
وَإِن أُحـمَـم فَـمـا حُـمَّ اِعـتِـزامـي
وَإِن أَســلَم فَــمــا أَبــقـى وَلَكِـن
سَـلِمـتُ مِـنَ الحِـمامِ إِلى الحِمامِ
تَـــمَـــتَّعــ مِــن سُهــادِ أَو رُقــادٍ
وَلا تَــأمُــل كَـرىً تَـحـتَ الرِجـامِ
فَــإِنَّ لِثــالِثِ الحــالَيـنِ مَـعـنـىً
سِـوى مَـعـنـى اِنـتِـباهِكَ وَالمَنامِ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب.
الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة المعاني المبتكرة.
ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس.
قال الشعر صبياً، وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه.
وفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه.
قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز.
عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسّد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد.
وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي.
تصنيفات قصيدة مَلومُكُما يَجِلُّ عَنِ المَلامِ