قصيدة نبا بك دهر بالأفاضل نابي للشاعر خليل مطران

البيت العربي

نَبَا بِكَ دَهْرٌ بِالأَفَاضِلِ نَابِي


عدد ابيات القصيدة:56


نَبَا بِكَ دَهْرٌ بِالأَفَاضِلِ نَابِي
نَــبَــا بِــكَ دَهْــرٌ بِــالأَفَـاضِـلِ نَـابِـي
وَبُــدِّلْتَ قَــفْــراً مِــنْ خَــصِــيــبِ جَـنَـابِ
بِرَغْمِ العُلَى أَنْ يُمْسِيَ الصَّفْوَةُ الأُلَى
بَــنَــوْا شُــرُفَــاتِ العِــزِّ رَهْــنَ يَـبَـابِ
تَــوَلَّوْا فَـأَقْـوَتْ مِـنْ أَنِـيـسٍ قُـصُـورُهُـمُ
وَبَــاتُــوا سَــرَاةَ الدَّهْــرِ رَغْـمَ تُـرَابِ
أَتَـمْـضِـي أَبَـا شَـادٍ وَفِـي ظَـنِّ مَـنْ يَرَى
زُهُـــورَكَ أَنَّ النَّجـــْمَ قَـــبْـــلَكَ خَــالِي
عَــزِيــزٌ عَـلَى القَـوْمِ للَّذِيـنَ وَدِدْتَهُـمْ
وَوَدُّوكَ أَنْ تَــــنْــــأَى لِغَــــيْـــرِ مَـــآبِ
وَأَنْ يُــبْــكِــمَ المَـوْتُ الأَصَـمُّ أَشـدَّهُـمْ
عَـلَى مَـنْ عَـتَـا فِـي الأَرْضِ فَـصْلَ خِطَابِ
فَــتــىً جَـامِـعُ الأَضْـدَادِ شَـتَّى صِـفَـاتُهُ
وَأَغْــلَبُهــا الحُــسْــنــى بِـغَـيْـرِ غِـلاَبِ
مُـحَـامٍ بِـسِـحْـرِ القَـوْلِ يُـصْـبِـي قُـضَاتَهُ
فَــمَــا فِــعْــلُهُ فِــي سَــامِـعِـيـنَ طِـرَابِ
فَــبَــيْــنَــاهُ غِــرِّيــدٌ إذَا هُـوَ ضَـيْـغَـمٌ
زَمَــــاجِــــرُهُ لِلحَــــقِّ جِــــدُّ غِــــضَــــابِ
وَكَــمْ خَــلَبَ الأَلْبَــابَ مِــنْهُ بِــمَـوقِـفٍ
بَـــلِيـــغُ حِـــوَارٍ أَوْ سَـــدِيـــدُ جَـــوَابِ
رَقــيــقُ حَــديــثٍ إِنْ يُــشَــبَّهــْ حَـدِيْـثُهُ
فَـمَـا الخَـمْـرُ زَانَـتْهَـا عُـقُـودُ حَـبَـابِ
يَـسِـيـلُ فَـيُـرْوِي النَّفـْسَ مِنْ غَيْرِ نَشْوَةٍ
مَــسِــيــلَ نــطَــافٍ فــي الغَـدَاةِ عِـذَابِ
بــمَــا يُــخْـصِـبُ الأَذهَـانَ مُـخْـضَـلُّ دَرِّهِ
كَــمَــا يُــخْــصِـبُ القِـيـعَـانَ دَرُّ سَـحَـابِ
أَدِيــــــبٌ إذَا مَـــــا درَّ دَرُّ يَـــــرَاعِهِ
تَــبَــيَّنــْتَ أنَّ الفَــيْــضَ فَــيْــضُ عُـبَـابِ
فَـفِـي الذِّهْـنِ تـهْدَارُ الأَتِيِّ وَقَدْ جَرَى
عَـلَى أنَّ مَـا فِـي العَـيْـنِ صُـحْـفُ كِـتَابِ
وَفِـي الشِّعـْرِ كَـمْ قَـوْلٍ لَهُ رَاقَ سَـبْـكُهُ
أَتَــى الوَحْــيُ فِــي تَـنْـزِيـلِهِ بِـعُـجَـابِ
بِهِ نَــصَــرَ الوَهْــمُ الحَـقِـيـقَـةَ نُـصْـرَةً
تُــضِــيــءٌ نُــجُــومـاً مِـنْ فُـضُـولِ ثِـقَـابِ
فَـأَمَّاـ المَـسَـاعِي وَالمُرُوءَاتُ وَالنَّدَى
فَـــلَمْ يَـــدْعُهُ مِــنْهُــنَّ غَــيْــرُ مُــجَــابِ
كَـــأَنَّ جَـــنَـــى كَـــفَّيــْهِ وَقْــفٌ مُــقَــسَّمٌ
فَــــكُــــلُّ مُــــرَجٍ عَــــائِدٌ بِــــنِـــصَـــابِ
وَمَــا صُــدَّ عَــنْ إسْــعَـادِهِ بَـاسِـطٌ يَـداً
وَلاَ رُدَّ عَــــنْ جَــــدْوَاهُ طَـــارِقُ بَـــاب
وَلَمْ يَــكُ أَوْفَــى مِــنْهُ فِــي كُـلِّ حَـالَةٍ
لِمَــنْ يَــصْــطَــفِــي فِـي مَـحْـضَـرٍ وَغِـيَـابِ
إذَا هَـــوَ وَالَى فَهْـــوَ أَوَّلُ مَــنْ يُــرَى
مُــعِــيــنــاً أَخَــاهُ حِــيــنَ دَْعِ مُــصَــابِ
وَمَــا كُــلُّ مَــنْ صَــادَقْــتَهُــمْ بِـأَصَـادِقٍِ
وَمَــا كُــلُّ مَــنْ صَــاحَــبْــتَهُـمْ بِـصِـحَـابِ
يَــعِــفُّ فَــيَــعْـفُـو عَـنْ كَـثِـيـرٍ مُـؤَمِّلـاً
لَهُ الْعَــفْــوُ مِــنْ رَبٍ قَــرِيــب مَــتَــابٍ
وَمَــا عَهْــدُهُ إِنْ مَــحَّصــَتْهُ حَــقِــيــقَــةٌ
بِـــزَيْـــفٍ وَمَـــا مِـــيْــثَــاقُهُ بِــكِــذَابِ
وَفِـي النَّاـسِ مَنْ يُحْلِي لَكَ المُرَّ خِدْعَةً
وَتَــــرْجِـــعُ مِـــنْ جَـــنَّاـــتِهِ بِـــعَـــذَابِ
تَــذَكَّرْتُ عَهْــداً خَــالِيــاً فَــبَــكَــيْــتُهُ
وَهَــيْهَــاتَ طِـيـبُ العَـيـشِ بَـعْـدَ شَـبَـابِ
كَــأَنِّيــَ بِــاسْــتِــحْــضَــارِهِ نَـاظِـرٌ إلى
حُــــلاَهُ وَمُــــسْــــتَــــافٌ زَكِـــيَّ مَـــلاَبِ
بِــرُوْحِــيَ ذَاكَ الْعَهْــدُ كَــمْ خَــطَــرٍ بِهِ
رَكِــبْــنَــا وَكَــانَ الجِــدُّ مَــزْجَ لِعَــابِ
وَهَـلْ مَـنْ أُمُـورٍ فِـي الحَـيَـاةِ عَـظِـيمَةٍ
بَــغَــيْــرِ صِــبـا تَـمَّتـْ وغَـيْـرِ تَـصَـابِـي
زَمَـانٌ قَـضَـيْـنَـا المَـجْـدَ فِـيـهِ حُـقُوقَهُ
وَلَمْ نَـــلْهُ عَـــنْ لَهْـــوٍ وَرَشْـــفِ رَُضَــابِ
مَـحَـضْـنَـا بِهِ مِـصْـرَ الهَـوَى لاَ تَـشُوبُهُ
شَــــوَائِبُ مِــــنْ سُــــؤْلٍ لنـــا وطِـــلاَبِ
وَمَــا مِــصْــرَ إلا جَـنَّةـُ الأَرْضِ سُـيِّجـَتْ
بِـــكُـــلِّ بَـــعِـــيــدِ الهَــمِّ غَــضِّ إِهَــابِ
فَـدَاهَـا وَلَمْ يَـكْـرُثْهُ أْن جَـارَ حُـكْمُهَا
فَــذًَلَّ مُــحَــامِــيــهَــا وَعَــزَّ مُــحَــابــي
فَـكَـمْ وَقْـفَـةٍ إذْ ذَاكَ وَ المَوْتُ دُونَهَا
وَقَــفْــنَــا وَمَــا نَـلْوِي اتِّقـَاءَ عِـقَـابِ
وَكَـمْ كَـرَّةٍ فِـي الصُّحـْفِ وَالسَّوْطُ مُـرْهِـقٌ
كَــرَرْنَــا وَمَــا نَــرْتَــاضُ غَـيْـرَ صِـعَـابِ
وَكَــمْ مَـجْـلِسٍ مَـمَّ تَـوَخَّتـْ لَنـا المُـنَـى
غَــنِــمْــنَــا بِهِ اللَّذَاتِ غُــنْــمَ نِهَــابِ
لَنَـا مَـذْهَـبٌ فِـي العَيْشِ وَالمَوْتِ تَارِكٌ
قُـــشُـــورَ القَــضَــايَــا آخِــذٌ بِــلُبَــابِ
يَــرَى فَــوْقَ حُـسْـنِ النَّجـْمِ وَهْـوَ مُـحَـيِّرٌ
سَـنَـى الرَّجْـمِ يَـنْـقَـضُّ انْـقِـضَـاضَ شِهَـابِ
وَمَــا هُــلْكُ أَفْــرَادٍ وَمِــصــرُ عَــزِيــزَةٌ
أَمَـــا أَجَُ الإِنْـــسَـــانِ مِـــنْهُ بِــقَــابِ
كَـذا كَـانَ إِلْفِـي لِلفَـقِـيـدِ وَلَم يَـكُـنْ
لِيَــضْــرِبَ خِــلْفٌ بَــيْــنَــنَــا بِــحِــجَــابِ
حَــفِــظْـتُ لهُ عَهْـدِي وَلَوْ بَـانَ مَـقْـتَـلِي
لِدَهْــــرٍ بِهِ جَـــدُّ المُـــرُوءَةِ كَـــابِـــي
وَمَـا خِـفْتُ فِي أنْ أُلْفى كَغَيْرِيَ مُولَعاً
بِــخَــلْعِ أَحِــبَّاــئي كَــخَــلْعِ ثِــيَــابِــي
فَـمَـا أَنَـا مَـنْ فِـي كُـلِّ يَـوْمٍ لَهُ هَـوىً
وَلاَ كُــــلَّ يَـــوْمٍ لِي جَـــدِيـــدُ صَـــوَابِ
يَــرَانِــي صَــدِيـقِـي مِـنْهُ حِـيـنَ إيَـابِهِ
بِـــحَـــيْــثُ رَآنِــي مِــنْهُ حِــيــنَ ذَهَــابِ
وَمَــا ضَــاقَ صَــدْرِي بِــالذِيـنَ وَدِدْتُهُـمْ
وَلاَ حَــرِجَــتْ بِــالنَّاــزِليــنَ رِحَــابِــي
وَآنَــفُ سَــعْـيـاً فِـي رِكَـابٍ فَـكَـيْـفَ بِـي
وَِلي كُــــلَّ حَــــوْلٍ آَخْــــذَةٌ بِــــرِكَــــابِ
حَـرَامٌ عَـلَيْنَا الْفَخْرُ بالشِّعْرِ إنْ تَقَعْ
نُـــسُـــورُ مَـــعَـــالِيـــهِ وُقُـــوعَ ذُبَــابِ
وَمَـا كِـبْـرِيَـاءُ القَـوْلِ حِـيـنَ نُـفُوسُنَا
تَــجَــاوِيـفُ أَرْضٍ فِـي انْـتِـفَـاخِ رَوَابـي
وَمَــا زَعْــمُـنَـا رَعْـيَ الذِّمَـامِ وَشَـدُّنَـا
بِــظُــفْـرٍ عَـلَى مَـنْ فِـي الأَمَـامِ وَنَـابِ
زَكِـيٍّ لَكَ الإِرْثُ العَـظِـيـمُ مِـن العُـلَى
وَمَـــا ثَـــرْوَةٌ فِــي جَــنْــبِهِ بِــحِــسَــابِ
فَـكُـنْ لأَبِـيـكَ الْبَـاذِخِ القَـدْرِ مُخْلَفاً
بِـــأَكْـــرَمِ ذِكْــرَى عَــنْ مَــظِــنَّةــِ عَــابِ
وَعِـشْ نَـابِهـاً بِـالْعِـلْمِ وَالْفَـنِّ نَابِغاً
فَـــخَـــرُكَ مَـــوْفُـــورٌ وَفَـــضْـــلُكَ رَابِــي
أَلاَ إِنَّنــِي أَبْــكــي بُــكَــاءَكَ فَــقْــدَهُ
وَمَــا بِــكَ مِــنْ حُــزْنٍ عَـلَيْهِ كَـمَـا بِـي
قَـضَـى لِي بِهَـذَا الْخَـطْـبِ فِـيـمَـنْ أُحِبُّهُ
إلهٌ إلَيْهِ فِـــي الخُـــطُــوبِ مَــنَــابِــي
فَـفِـي رَحْمَةِ المَوْلَى أَبُوكَ أَبُو النَّدَى
وَفِــي عَــفْــوِهِ أَحْــرَى امْــرئٍ بِــثَــوَابِ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

خليل بن عبده بن يوسف مطران.
شاعر، غواص على المعاني، من كبار الكتاب، له اشتغال بالتاريخ والترجمة.
ولد في بعلبك (بلبنان) وتعلم بالمدرسة البطريركية ببيروت، وسكن مصر، فتولى تحرير جريدة الأهرام بضع سنين.
ثم أنشأ "المجلة المصرية" وبعدها جريدة الجوائب المصرية يومية ناصر بها مصطفى كامل باشا في حركته الوطنية واستمرّت أربع سنين.
وترجم عدة كتب ولقب بشاعر القطرين، وكان يشبّه بالأخطل، بين حافظ وشوقي.
وشبهه المنفلوطي بابن الرومي في تقديمه العتابة بالمعاني وبالألفاظ كان غزير العلم بالأدبين الفرنسي والعربي، رقيق الطبع، ودوداً، مسالماً له (ديوان شعر - ط) أربعة أجزاء توفي بالقاهرة.
تصنيفات قصيدة نَبَا بِكَ دَهْرٌ بِالأَفَاضِلِ نَابِي