قصيدة نجا وتماثل ربانها للشاعر أحمد شوقي

البيت العربي

نَجا وَتَماثَلَ رُبّانُها


عدد ابيات القصيدة:48


نَجا وَتَماثَلَ رُبّانُها
نَـــجـــا وَتَـــمـــاثَــلَ رُبّــانُهــا
وَدَقَّ البَـــشـــائِرَ رُكـــبـــانُهــا
وَهَــلَّلَ فــي الجَــوِّ قَــيــدومُهــا
وَكَــبَّرَ فــي المــاءِ سُــكّــانُهــا
تَـحَـوَّلَ عَـنـهـا الأَذى وَاِنـثَـنـى
عُــبــابُ الخُــطــوبِ وَطــوفـانُهـا
نَـجـا نـوحُهـا مِـن يَـدِ المُعتَدي
وَضَـــلَّ المُـــقــاتِــلَ عُــدوانُهــا
يَــدٌ لِلعِــنــايَــةِ لا يَــنــقَـضـي
وَإِن نَــفَــدَ العُــمـرُ شُـكـرانُهـا
وَقـــى الأَرضَ شَـــرَّ مَــقــاديــرِهِ
لَطــيــفُ السَــمــاءِ وَرَحــمـانُهـا
وَنَــجّــى الكِــنـانَـةَ مِـن فِـتـنَـةٍ
تَهَـــدَّدَتِ النـــيــلَ نــيــرانُهــا
يَــســيــلُ عَـلى قَـرنِ شَـيـطـانِهـا
عَــقــيــقُ الدِمــاءِ وَعِـقـيـانِهـا
فَـيـا سَـعـدُ جُـرحُـكَ ساءَ الرِجالَ
فَــلا جُــرِحَــت فــيــكَ أَوطـانُهـا
وَقَـتـكَ العِـنـايَـةُ بِـالراحَـتَـينِ
وَطَـــوَّقَ جـــيـــدَكَ إِحـــســـانُهـــا
مَـنـايـا أَبـى اللَهُ إِذ ساوَرَتكَ
فَــلَم يَـلقَ نـابَـيـهِ ثُـعـبـانُهـا
حَــوَت دَمَــكَ الأَرضُ فــي أَنـفِهـا
زَكِـــيّـــاً كَــأَنَّكــَ عُــثــمــانُهــا
وَرَقَّتــ لِآثــارِهِ فــي القَــمـيـصِ
كَـــأَنَّ قَـــمـــيـــصَـــكَ قُـــرآنُهــا
وَريـعَـت كَـمـا ريعَتِ الأَرضُ فيكَ
نَــواحــي السَــمـاءِ وَأَعـنـانُهـا
وَلَو زُلتَ غُــيَّبـَ عَـمـرُو الأُمـورِ
وَأَخــلى المَــنـابِـرَ سَـحـبـانُهـا
رَمــــاكَ عَــــلى غِــــرَّةٍ يـــافِـــعٌ
مُــثــارُ السَــريــرَةِ غَـضـبـانُهـا
وَقِـدمـاً أَحـاطَـت بِـأَهـلِ الأُمورِ
مُــيــولُ النُــفــوسِ وَأَضــغـانُهـا
تَــلَمَّســَ نَــفـسَـكَ بَـيـنَ الصُـفـوفِ
وَمِــن دونِ نَــفــسِــكَ إيــمـانُهـا
يُــريــدُ الأُمــورَ كَـمـا شـاءَهـا
وَتَــأبــى الأُمــورُ وَسُــلطـانُهـا
وَعِــنـدَ الَّذي قَهَـرَ القَـيـصَـرَيـنِ
مَــصــيــرُ الأُمــورِ وَأَحــيـانُهـا
وَلَو لَم يُـسـابِـق دُروسَ الحَـياةِ
لَبَـــصَّرَهُ الرُشـــدَ لُقـــمـــانُهــا
فَــإِنَّ اللَيـالي عَـلَيـهـا يَـحـولُ
شُــعــورُ النُــفــوسِ وَوُجــدانُهــا
وَيَــخـتَـلِفُ الدَهـرُ حَـتّـى يَـبـيـنَ
رُعــــاةُ العُهــــودِ وَخُـــوّانُهـــا
أَرى مِـصـرَ يَـلهـو بِـحَـدِّ السِلاحِ
وَيَـــلعَـــبُ بِــالنــارِ وِلدانُهــا
وَراحَ بِــغَــيــرِ مَـجـالِ العُـقـولِ
يُــجــيــلُ السِـيـاسَـةَ غُـلمـانُهـا
وَما القَتلُ تَحيا عَلَيهِ البِلادُ
وَلا هِــمَّةــُ القَــولِ عُــمـرانُهـا
وَلا الحُـكـمُ أَن تَـنـقَـضـي دَولَةٌ
وَتُـــقـــبِــلَ أُخــرى وَأَعــوانُهــا
وَلَكِن عَلى الجَيشِ تَقوى البِلادُ
وَبِــالعِــلمِ تَــشــتَــدُّ أَركـانُهـا
فَـأَيـنَ النُـبـوغُ وَأَيـنَ العُـلومُ
وَأَيــنَ الفُــنــونُ وَإِتــقــانُهــا
وَأَيــنَ مِـن الخُـلقِ حَـظُّ البِـلادِ
إِذا قَــتَــلَ الشــيــبَ شُــبّـانُهـا
وَأَيـنَ مِـنَ الرِبـحِ قِـسطُ الرِجالِ
إِذا كـانَ فـي الخُـلقِ خُـسرانُها
وَأَيـــنَ المُـــعَــلِّمُ مــا خَــطــبُهُ
وَأَيــنَ المَــدارِسُ مــا شَــأنُهــا
لَقَـد عَـبَـثَـت بِـالنِـياقِ الحُداةُ
وَنــامَ عَــنِ الإِبــلِ رُعــيـانُهـا
إِلى الخُـلقِ أَنـظُـرُ فـيما أَقولُ
وَتَــأخُــذُ نَــفــسِــيَ أَشــجــانُهــا
وَيـا سَـعـدُ أَنـتَ أَمـيـنُ البِلادِ
قَــدِ اِمــتَـلَأَت مِـنـكَ أَيـمـانُهـا
وَلَن تَـرتَـضـي أَن تُـقَـدَّ القَـناةُ
وَيُــبــتَــرَ مِــن مِـصـرَ سـودانُهـا
وَحُــجَّتــُنـا فـيـهِـمـا كَـالصَـبـاحِ
وَلَيــسَ بِــمُــعــيـيـكَ تِـبـيـانُهـا
فَــمِــصــرُ الرِيــاضُ وَســودانُهــا
عُــيــونُ الرِيــاضِ وَخُــلجــانُهــا
وَمـــــا هُـــــوَ مـــــاءٌ وَلَكِـــــنَّهُ
وَريــدُ الحَــيــاةِ وَشِــريــانُهــا
تُـــتَـــمِّمــُ مِــصــرَ يَــنــابــيــعُهُ
كَــمـا تَـمَّمـَ العَـيـنَ إِنـسـانُهـا
وَأَهـــلوهُ مُـــنـــذُ جَـــرى عَــذبُهُ
عَــشــيــرَةُ مِــصــرَ وَجــيــرانُهــا
وَأَمّــــا الشَـــريـــكُ فَـــعِـــلّاتُهُ
هِـــيَ الشَـــرِكــاتُ وَأَقــطــانُهــا
وَحَــربٌ مَــضَــت نَــحــنُ أَوزارُهــا
وَخَــيــلٌ خَــلَت نَــحـنُ فُـرسـانُهـا
وَكَــم مَــن أَتــاكَ بِــمَــجــمـوعَـةٍ
مِــنَ البـاطِـلِ الحَـقُّ عُـنـوانُهـا
فَـأَيـنَ مِـنَ المَـنشِ بَحرُ الغَزالِ
وَفَــيــضُ نِــيــانـزا وَتَهـتـانُهـا
وَأَيــنَ التَــمــاســيــحُ مِــن لُجَّةٍ
يَــمــوتُ مِـنَ البَـردِ حـيـتـانُهـا
وَلَكِــــــن رُؤوسٌ لِأَمـــــوالِهِـــــم
يُــحَــرِّكُ قَــرنَــيــهِ شَــيــطـانُهـا
وَدَعـوى القَـوِيِّ كَـدَعـوى السِباعِ
مِـنَ النـابِ وَالظُـفـرِ بُـرهـانُها
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932
تصنيفات قصيدة نَجا وَتَماثَلَ رُبّانُها