البيت العربي
هَمَّتِ الفُلكُ وَاِحتَواها الماءُ
عدد ابيات القصيدة:289

هَــمَّتــِ الفُــلكُ وَاِحـتَـواهـا المـاءُ
وَحَـــداهـــا بِــمَــن تُــقِــلُّ الرَجــاءُ
ضَــرَبَ البَــحـرُ ذو العُـبـابِ حَـوالَي
هـا سَـمـاءً قَـد أَكـبَـرَتـهـا السَماءُ
وَرَأى المــارِقــونَ مِــن شَــرَكِ الأَر
ضِ شِـــبـــاكــاً تَــمُــدُّهــا الدَأمــاءُ
وَجِـــبـــالاً مَــوائِجــاً فــي جِــبــالٍ
تَـــتَـــدَجّـــى كَـــأَنَّهـــا الظَـــلمــاءُ
وَدَوِيّـــاً كَـــمـــا تَـــأَهَّبـــَتِ الخَـــي
لُ وَهــاجَــت حُــمــاتَهــا الهَــيـجـاءُ
لُجَّةـــٌ عِـــنـــدَ لُجَّةـــٍ عِــنــدَ أُخــرى
كَهِــضــابٍ مــاجَــت بِهــا البَــيــداءُ
وَسَــفــيــنٌ طَــوراً تَــلوحُ وَحــيــنــاً
يَـــتَـــوَلّى أَشـــبـــاحَهُــنَّ الخَــفــاءُ
نــازِلاتٌ فــي سَــيــرِهــا صــاعِــداتٌ
كَــــالهَـــوادي يَهُـــزُّهُـــنَّ الحُـــداءُ
رَبِّ إِن شِــئتَ فَــالفَــضــاءُ مَــضــيــقٌ
وَإِذا شِـــئتَ فَـــالمَــضــيــقُ فَــضــاءُ
فَـاِجـعَـلِ البَـحرَ عِصمَةً وَاِبعَثِ الرَح
مَــةَ فــيــهــا الرِيــاحُ وَالأَنــواءُ
أَنــتَ أُنــسٌ لَنــا إِذا بَــعُــدَ الإِن
سُ وَأَنـــتَ الحَـــيـــاةُ وَالإِحـــيــاءُ
يَــتَــوَلّى البِــحـارَ مَهـمـا اِدلَهَـمَّت
مِـــنـــكَ فـــي كُـــلِّ جـــانِـــبٍ لَألاءُ
وَإِذا مــــا عَـــلَت فَـــذاكَ قِـــيـــامٌ
وَإِذا مــــا رَغَــــت فَــــذاكَ دُعــــاءُ
فَـــــإِذا راعَهـــــا جَــــلالُكَ خَــــرَّت
هَـــيـــبَــةً فَهــيَ وَالبِــســاطُ سَــواءُ
وَالعَــريـضُ الطَـويـلُ مِـنـهـا كِـتـابٌ
لَكَ فــــيــــهِ تَــــحِـــيَّةـــٌ وَثَـــنـــاءُ
يــا زَمـانَ البِـحـارِ لَولاكَ لَم تُـف
جَــع بِــنُــعـمـى زَمـانِهـا الوَجـنـاءُ
فَـقَـديـمـاً عَـن وَخـدِها ضاقَ وَجهُ ال
أَرضِ وَاِنــقــادَ بِــالشِــراعِ المــاءُ
وَاِنـتَهَـت إِمـرَةُ البِـحارِ إِلى الشَر
قِ وَقــامَ الوُجــودُ فــيــمــا يَـشـاءُ
وَبَـــنَـــيـــنـــا فَــلَم نُــخَــلِّ لِبــانٍ
وَعَـــلَونـــا فَــلَم يَــجُــزنــا عَــلاءُ
وَمَــلَكــنــا فَــالمــالِكــونَ عَــبـيـدٌ
وَالبَـــرايـــا بِـــأَســـرِهِــم أُسَــراءُ
قُــل لِبــانٍ بَــنــى فَــشــادَ فَـغـالى
لَم يَـجُـز مِـصـرَ فـي الزَمـانِ بِـنـاءُ
لَيـسَ فـي المُمكِناتِ أَن تُنقَلَ الأَج
بــالُ شُــمّــاً وَأَن تُــنــالَ السَـمـاءُ
أَجــفَــلَ الجِــنُّ عَــن عَــزائِمَ فِـرعَـو
نَ وَدانَــــت لِبَــــأسِهــــا الآنــــاءُ
شــادَ مــا لَم يُــشِـد زَمـانٌ وَلا أَن
شَـــأَ عَـــصـــرٌ وَلا بَـــنـــى بَـــنّــاءُ
هَــيــكَــلٌ تُــنـثَـرُ الدِيـانـاتُ فـيـهِ
فَهـــيَ وَالنـــاسُ وَالقُــرونُ هَــبــاءُ
وَقُــبــورٌ تَــحُــطُّ فــيــهـا اللَيـالي
وَيُـــوارى الإِصـــبــاحُ وَالإِمــســاءُ
تَـشـفَـقُ الشَـمـسُ وَالكَـواكِـبُ مِـنـهـا
وَالجَــديــدانِ وَالبِــلى وَالفَــنــاءُ
زَعَـــمـــوا أَنَّهـــا دَعـــائِمُ شــيــدَت
بِــيَــدِ البَــغــيِ مِــلؤُهــا ظَــلمــاءُ
فَـاِعـذُرِ الحـاسِـديـنَ فـيها إِذا لا
مـوا فَـصَـعـبٌ عَـلى الحَـسودِ الثَناءُ
دُمِّرَ النـــاسُ وَالرَعِـــيَّةــُ فــي تَــش
يـــيـــدِهـــا وَالخَـــلائِقُ الأُسَــراءُ
أَيـنَ كـانَ القَـضـاءُ وَالعَدلُ وَالحِك
مَــــةُ وَالرَأيُ وَالنُهـــى وَالذَكـــاءُ
وَبَــنــو الشَــمــسِ مِــن أَعِــزَّةِ مِـصـرٍ
وَالعُــلومُ الَّتــي بِهــا يُــســتَـضـاءُ
فَــاِدَّعَــوا مــا اِدَّعـى أَصـاغِـرُ آثـي
نــا وَدَعــواهُــمُ خَــنــاً وَاِفــتِــراءُ
وَرَأَوا لِلَّذيــــنَ ســـادوا وَشـــادوا
سُــــبَّةــــً أَن تُــــسَــــخَّرَ الأَعــــداءُ
إِن يَــكُــن غَــيــرَ مـا أَتَـوهُ فَـخـارٌ
فَــأَنــا مِــنــكَ يــا فَــخــارُ بَــراءُ
لَيــتَ شِــعـري وَالدَهـرُ حَـربُ بَـنـيـهِ
وَأَيـــاديـــهِ عِـــنـــدَهُـــم أَفـــيــاءُ
مــا الَّذي داخَــلَ اللَيــالِيَ مِــنّــا
فـــي صِـــبـــانـــا وَلِلَّيــالي دَهــاءُ
فَـعَـلا الدَهـرُ فَـوقَ عَـليـاءِ فِـرعَـو
نَ وَهَـــــمَّتـــــ بِــــمُــــلكِهِ الأَرزاءُ
أَعــلَنَــت أَمـرَهـا الذِئابُ وَكـانـوا
فـي ثِـيـابِ الرُعـاةِ مِن قَبلُ جاؤوا
وَأَتــى كُــلُّ شــامِـتٍ مِـن عِـدا المُـل
كِ إِلَيـــهِـــم وَاِنــضَــمَّتــِ الأَجــزاءُ
وَمَــضــى المــالِكــونَ إِلّا بَــقـايـا
لَهُــمُ فــي ثَـرى الصَـعـيـدِ اِلتِـجـاءُ
فَــــعَـــلى دَولَةِ البُـــنـــاةِ سَـــلامٌ
وَعَـلى مـا بَـنـى البُـنـاةُ العَـفـاءُ
وَإِذا مِـصـرُ شـاةُ خَـيرٍ لِراعي السَو
ءِ تُـــؤذى فـــي نَــســلِهــا وَتُــســاءُ
قَـــد أَذَلَّ الرِجـــالَ فَهــيَ عَــبــيــدٌ
وَنُــــفـــوسَ الرِجـــالِ فَهـــيَ إِمـــاءُ
فَــــإِذا شـــاءَ فَـــالرِقـــابُ فِـــداهُ
وَيَــــســــيــــرٌ إِذا أَرادَ الدِمــــاءُ
وَلِقَــــــــومٍ نَــــــــوالُهُ وَرِضــــــــاهُ
وَلِأَقــــوامِ القِــــلى وَالجَــــفــــاءُ
فَـــفَـــريـــقٌ مُـــمَـــتَّعـــونَ بِــمِــصــرٍ
وَفَـــريـــقٍ فـــي أَرضِهِـــم غُـــرَبـــاءُ
إِن مَـلَكـتَ النُـفـوسَ فَـاِبـغِ رِضـاهـا
فَـــلَهـــا ثَــورَةٌ وَفــيــهــا مَــضــاءُ
يَــســكُـنُ الوَحـشُ لِلوُثـوبِ مِـنَ الأَس
رِ فَـــكَـــيــفَ الخَــلائِقُ العُــقَــلاءُ
يَــحــسَــبُ الظــالِمـونَ أَن سَـيَـسـودو
نَ وَأَن لَن يُــــؤَيَّدَ الضُــــعَــــفــــاءُ
وَاللَيــالي جَــوائِرٌ مِــثــلَمــا جــا
روا وَلِلدَهـــرِ مِـــثـــلَهُـــم أَهــواءُ
لَبِــثَــت مِـصـرُ فـي الظَـلامِ إِلى أَن
قــيــلَ مــاتَ الصَــبــاحُ وَالأَضــواءُ
لَم يَــكُــن ذاكَ مِـن عَـمـىً كُـلُّ عَـيـنٍ
حَــجَــبَ اللَيــلُ ضَــوءَهــا عَــمــيــاءُ
مـا نَـراهـا دَعـا الوَفـاءُ بَـنـيـها
وَأَتــاهُــم مِــنَ القُــبــورِ النِــداءُ
لِيُـزيـحـوا عَـنـهـا العِدا فَأَزاحوا
وَأُزيــحَــت عَــن جَــفــنِهـا الأَقـذاءُ
وَأُعــيــدَ المَـجـدُ القَـديـمُ وَقـامَـت
فــي مَــعــالي آبــائِهــا الأَبـنـاءُ
وَأَتــى الدَهــرُ تــائِبــاً بِــعَــظـيـمٍ
مِـــن عَـــظـــيـــمٍ آبــاؤُهُ عُــظَــمــاءُ
مَـن كَـرَمـسـيـسَ فـي المُـلوكِ حَـديثاً
وَلِرَمــــســــيــــسٍ المُــــلوكُ فِــــداءُ
بـايَـعَـتـهُ القُـلوبُ فـي صُـلبِ سـيتي
يَــومَ أَن شــاقَهــا إِلَيــهِ الرَجــاءُ
وَاِســتَــعـدَّ العُـبّـادُ لِلمَـولِدِ الأَك
بَـــــرِ وَاِزَّيَّنـــــَت لَهُ الغَــــبــــراءُ
جَــلَّ ســيــزوســتَــريــسُ عَهـداً وَجَـلَّت
فــــي صِــــبـــاهُ الآيـــاتُ وَالآلاءُ
فَــسَــمِــعـنـا عَـنِ الصَـبِـيِّ الَّذي يَـع
فـو وَطَـبـعُ الصِـبا الغَشومُ الإِباءُ
وَيَـــرى النـــاسَ وَالمُـــلوكَ سَـــواءً
وَهَــــلِ النــــاسُ وَالمُـــلوكُ سَـــواءُ
وَأَرانـا التـاريـخُ فِـرعَـونَ يَـمـشـي
لَم يَــحُــل دونَ بِــشــرِهِ كِــبــرِيــاءُ
يـــولَدُ السَـــيِّدُ المُـــتَـــوَّجُ غَــضّــاً
طَهَّرَتــهُ فــي مَهــدِهــا النَــعــمــاءُ
لَم يُـــغَـــيِّرهُ يَــومَ مــيــلادِهِ بُــؤ
سٌ وَلا نــــالَهُ وَليــــداً شَــــقــــاءُ
فَـــإِذا مـــا المُـــمَـــلِّقــونَ تَــوَلَّو
هُ تَــــوَلَّى طِــــبــــاعَهُ الخُـــيَـــلاءُ
وَسَـــرى فـــي فُــؤادِهِ زُخــرُفُ القَــو
لِ تَــراهُ مُــســتَــعــذَبــاً وَهــوَ داءُ
فَـــإِذا أَبـــيَـــضُ الهَـــديــلِ غُــرابٌ
وَإِذا أَبــــلَجُ الصَـــبـــاحِ مَـــســـاءُ
جَـــلَّ رَمـــســيــسُ فِــطــرَةً وَتَــعــالى
شـــيـــعَــةً أَن يَــقــودَهُ السُــفَهــاءُ
وَسَــمــا لِلعُــلا فَــنــالَ مَــكــانــاً
لَم يَــنَــلهُ الأَمــثــالُ وَالنُـظَـراءُ
وَجُــيــوشٌ يَــنـهَـضـنَ بِـالأَرضِ مَـلكـاً
وَلِواءٌ مِــــن تَـــحـــتِهِ الأَحـــيـــاءُ
وَوُجـــودٌ يُـــســـاسُ وَالقَـــولُ فــيــهِ
مــا يَــقــولُ القُــضـاةُ وَالحُـكَـمـاءُ
وَبِــنــاءٌ إِلى بِــنــاءٍ يَــوَدُّ الخُــل
دُ لَو نــــالَ عُـــمـــرَهُ وَالبَـــقـــاءُ
وَعُــلومٌ تُــحــيِ البِــلادَ وَبِــنــتــا
هــورُ فَــخــرُ البِــلادِ وَالشُــعَــراءُ
إيـهِ سـيـزوسـتَـريـسَ ماذا يَنالُ ال
وَصــفُ يَــومــاً أَو يَــبـلُغُ الإِطـراءُ
كَـــبُـــرَت ذاتُــكَ العَــلِيَّةــُ أَن تُــح
صــي ثَـنـاهـا الأَلقـابُ وَالأَسـمـاءُ
لَكَ آمـــــونُ وَالهِـــــلالُ إِذا يَــــك
بُـــرُ وَالشَـــمـــسُ وَالضُـــحــى آبــاءُ
وَلَكَ الريــفُ وَالصَــعــيــدُ وَتــاجــا
مِــصــرَ وَالعَــرشُ عــالِيــاً وَالرِداءُ
وَلَكَ المُـــنـــشَــآتُ فــي كُــلِّ بَــحــرٍ
وَلَكَ البَــــــرُّ أَرضُهُ وَالسَـــــمـــــاءُ
لَيــتَ لَم يُــبــلِكَ الزَمـانُ وَلَم يَـب
لَ لِمُـــلكِ البِـــلادِ فـــيـــكَ رَجــاءُ
هَـــكَـــذا الدَهـــرُ حـــالَةٌ ثُــمَّ ضِــدٌّ
مـــا لِحـــالٍ مَــعَ الزَمــانِ بَــقــاءُ
لا رَعـاكَ التـاريـخُ يـا يَومَ قَمبي
زَ وَلا طَــنــطَــنَــت بِــكَ الأَنــبــاءُ
دارَتِ الدائِراتُ فــــيــــكَ وَنــــالَت
هَـــذِهِ الأُمَّةـــَ اليَـــدُ العَـــســراءُ
فَــمُــبــصِــرٌ مِــمّــا جَــنَــيــتَ لِمِـصـرٍ
أَيُّ داءٍ مـــــــا إِن إِلَيـــــــهِ دَواءُ
نَــــكَـــدٌ خـــالِدٌ وَبُـــؤسٌ مُـــقـــيـــمٌ
وَشَـــقـــاءٌ يَـــجُـــدُّ مِـــنـــهُ شَــقــاءُ
يَــومَ مَــنــفــيـسَ وَالبِـلادُ لِكِـسـرى
وَالمُـــلوكُ المُـــطــاعَــةُ الأَعــداءُ
يَـأمُـرُ السَـيـفُ فـي الرِقـابِ وَيَنهى
وَلِمِـــصـــرٍ عَـــلى القَـــذى إِغــضــاءُ
جــيــءَ بِــالمـالِكِ العَـزيـزِ ذَليـلاً
لَم تُــــزَلزِل فُــــؤادَهُ البَـــأســـاءُ
يُــبــصِــرُ الآلَ إِذ يُــراحُ بِهِـم فـي
مَـــوقِـــفِ الذُلِّ عَـــنـــوَةً وَيُـــجـــاءُ
بِـنـتُ فِـرعَـونَ فـي السَـلاسِـلِ تَـمشي
أَزعَــجَ الدَهــرُ عُــريُهــا وَالحَـفـاءُ
فَــكَـأَن لَم يَـنـهَـض بِهَـودَجِهـا الدَه
رُ وَلا ســـارَ خَـــلفَهـــا الأُمَـــراءُ
وَأَبــوهــا العَــظــيــمُ يَـنـظُـرُ لَمّـا
رُدِّيَـــت مِـــثــلَمــا تُــرَدّى الإِمــاءُ
أُعــطِــيَــت جَــرَّةً وَقــيـلَ إِلَيـكِ الن
نَهــر قـومـي كَـمـا تَـقـومُ النِـسـاءُ
فَـمَـشَـت تُـظهِرُ الإِباءَ وَتَحمي الدَم
عَ أَن تَـــــســـــتَــــرِقَّهــــُ الضَــــرّاءُ
وَالأَعــــادي شَـــواخِـــصٌ وَأَبـــوهـــا
بِـــيَـــدِ الخَـــطـــبِ صَــخــرَةٌ صَــمّــاءُ
فَــأَرادوا لِيَــنــظُـروا دَمـعَ فِـرعَـو
نَ وَفِـــرعَـــونُ دَمـــعُهُ العَـــنــقــاءُ
فَــأَرَوهُ الصَــديــقَ فــي ثَــوبِ فَـقـرٍ
يَــســأَلُ الجَــمــعَ وَالسُــؤالُ بَــلاءُ
فَــبَــكــى رَحـمَـةً وَمـا كـانَ مَـن يَـب
كــــي وَلَكِــــنَّمــــا أَرادَ الوَفــــاءُ
هَــكَــذا المُــلكُ وَالمُـلوكُ وَإِن جـا
رَ زَمــــــــانٌ وَرَوَّعَـــــــت بَـــــــلواءُ
لا تَـسَـلنـي مـا دَولَةُ الفُرسِ ساءَت
دَولَةُ الفُـرسِ فـي البِـلادِ وَسـاؤوا
أُمَّةـــٌ هَـــمُّهـــا الخَـــرائِبُ تُــبــلي
هــــا وَحَــــقُّ الخَـــرائِبِ الإِعـــلاءُ
سَــلَبَــت مِــصــرَ عِــزَّهــا وَكَــسَــتـهـا
ذِلَّةً مــا لَهــا الزَمــانَ اِنــقِـضـاءُ
وَاِرتَــوى سَــيــفُهــا فَـعـاجَـلَهـا ال
لَهُ بِــــسَــــيـــفٍ مـــا إِن لَهُ إِرواءُ
طِــلبَــةٌ لِلعِــبــادِ كــانَــت لِإِسـكَـن
دَرَ فــي نَــيـلِهـا اليَـدُ البَـيـضـاءُ
شـــادَ إِســـكَــنــدَرٌ لِمِــصــرَ بِــنــاءً
لَم تَـــشِـــدهُ المُـــلوكُ وَالأُمَـــراءُ
بَــــلَداً يَـــرحَـــلُ الأَنـــامُ إِلَيـــهِ
وَيَـــحُـــجُّ الطُـــلّابُ وَالحُـــكَـــمـــاءُ
عاشَ عُمراً في البَحرِ ثَغرَ المَعالي
وَالمَـــنـــارَ الَّذي بِهِ الاِهــتِــداءُ
مُــطــمَــئِنّــاً مِـنَ الكَـتـائِبِ وَالكُـت
بِ بِــمــا يَــنــتَهــي إِلَيـهِ العَـلاءُ
يَــبــعَــثُ الضَــوءَ لِلبِـلادِ فَـتَـسـري
فــي سَــنــاهُ الفُهــومُ وَالفُهَــمــاءُ
وَالجَواري في البَحرِ يُظهِرنَ عِزَّ ال
مُــــلكِ وَالبَـــحـــرُ صَـــولَةٌ وَثَـــراءُ
وَالرَعــايــا فــي نِــعـمَـةٍ وَلِبَـطـلَي
مـــوسَ فـــي الأَرضِ دَولَةٌ عَـــليـــاءُ
فَــقَــضــى اللَهُ أَن تُـضَـيِّعـَ هَـذا ال
مُـلكَ أُنـثـى صَـعـبٌ عَـلَيـهـا الوَفاءُ
تَـخِـذَتـهـا رومـا إِلى الشَـرِّ تَـمـهي
داً وَتَــمــهــيــدُهُ بِــأُنــثــى بَــلاءُ
فَـتَـنـاهـى الفَـسـادُ فـي هَـذِهِ الأَر
ضِ وَجـــــازَ الأَبـــــالِسَ الإِغــــواءُ
ضَــيَّعــَت قَــيــصَــرَ البَــرِيَّةــِ أُنـثـى
يــا لَرَبّــي مِــمّــا تَــجُــرُّ النِـسـاءُ
فَــتَـنَـت مِـنـهُ كَهـفَ رومـا المُـرَجّـى
وَالحُــــســــامَ الَّذي بِهِ الاِتِّقــــاءُ
قــاهِـرَ الخَـصـمِ وَالجَـحـافِـلِ مَهـمـا
جَـــدَّ هَـــولُ الوَغــى وَجَــدَّ اللِقــاءُ
فَــأَتــاهــا مَــن لَيــسَ تَــمــلُكُهُ أُن
ثـــى وَلا تَـــســـتَـــرِقُّهــُ هَــيــفــاءُ
بَــطَــلُ الدَولَتَـيـنِ حـامـى حِـمـى رو
مـــا الَّذي لا تَـــقــودُهُ الأَهــواءُ
أَخَـذَ المُـلكَ وَهـيَ فـي قَـبـضَةِ الأَف
عــى عَــنِ المُــلكِ وَالهَـوى عَـمـيـاءُ
سَـلَبَـتـهـا الحَـيـاةَ فَـاِعـجَب لِرَقطا
ءَ أَراحَــت مِــنــهــا الوَرى رَقـطـاءُ
لَم تُــصِــب بِـالخِـداعِ نُـجـحـاً وَلَكِـن
خَـــدَعـــوهــا بِــقَــولِهِــم حَــســنــاءُ
قَـــتَـــلَت نَــفــسَهــا وَظَــنَّتــ فِــداءً
صَـــغُـــرَت نَــفــسُهــا وَقَــلَّ الفِــداءُ
سَــل كِــلوبَــتــرَةَ المُــكــايِـدِ هَـلّا
صَــدَّهــا عَــن وَلاءِ رومــا الدَهــاءُ
فَــــبِــــرومـــا تَـــأَيَّدَت وَبِـــرومـــا
هِـــيَ تَـــشــقــى وَهَــكَــذا الأَعــداءُ
وَلِرومــا المُــلكُ الَّذي طـالَمـا وا
فــاهُ فــي السِـرِّ نُـصـحُهـا وَالوَلاءُ
وَتَــوَلَّت مِــصـراً يَـمـيـنٌ عَـلى المِـص
رِيِّ مِــــن دونِ ذا الوَرى عَـــســـراءُ
تُـسـمِـعُ الأَرضُ قَـيـصَـراً حـيـنَ تَدعو
وَعَــقــيــمٌ مِــن أَهـلِ مِـصـرَ الدُعـاءُ
وَيُــنـيـلُ الوَرى الحُـقـوقَ فَـإِن نـا
دَتــــهُ مِــــصــــرٌ فَــــأُذنُهُ صَـــمّـــاءُ
فَــاِصــبِــري مِــصــرُ لِلبَــلاءِ وَأَنّــى
لَكِ وَالصَــــبــــرُ لِلبَــــلاءِ بَــــلاءُ
ذا الَّذي كُــنــتِ تَــلتَــجــيـنَ إِلَيـهِ
لَيــسَ مِــنــهُ إِلى سِــواهُ النَــجــاءُ
رَبِّ شُــقــتَ العِـبـادَ أَزمـانَ لا كُـت
بٌ بِهـــا يُهـــتَــدى وَلا أَنــبِــيــاءُ
ذَهَــبــوا فـي الهَـوى مَـذاهِـبَ شَـتّـى
جَــمَــعَــتــهـا الحَـقـيـقَـةُ الزَهـراءُ
فَــــإِذا لَقَّبــــوا قَــــوِيّـــاً إِلَهـــا
فَـــلَهُ بِـــالقُــوى إِلَيــكِ اِنــتِهــاءُ
وَإِذا آثَــروا جَــمــيــلاً بِــتَــنــزي
هٍ فَـــإِنَّ الجَـــمــالَ مِــنــكِ حِــبــاءُ
وَإِذا أَنــشَــئوا التَــمـاثـيـلَ غُـرّاً
فَــــإِلَيـــكِ الرُمـــوزُ وَالإيـــمـــاءُ
وَإِذا قَـــدَّروا الكَـــواكِـــبَ أَربـــا
بـاً فَـمِـنـكِ السَـنـا وَمِـنـكِ السَناءُ
وَإِذا أَلَّهـــوا النَـــبــاتَ فَــمِــن آ
ثــارِ نُــعــمــاكِ حُــســنُهُ وَالنَـمـاءُ
وَإِذا يَــمَّمــوا الجِــبــالَ سُــجــوداً
فَـــالمُـــرادُ الجَـــلالَةُ الشَـــمّــاءُ
وَإِذا تُــعــبَــدُ البِــحـارُ مَـعَ الأَس
مـــاكِ وَالعـــاصِـــفـــاتُ وَالأَنــواءُ
وَسِــبــاعُ السَــمــاءِ وَالأَرضِ وَالأَر
حــــــامُ وَالأُمَّهــــــاتُ وَالآبــــــاءُ
لِعُــــلاكَ المُــــذَكَّراتُ عَــــبــــيــــدٌ
خُـــــضَّعـــــٌ وَالمُــــؤَنَّثــــاتُ إِمــــاءُ
جَـــمَـــعَ الخَــلقَ وَالفَــضــيــلَةَ سِــرٌّ
شَــفَّ عَــنــهُ الحِــجــابُ فَهــوَ ضِـيـاءُ
سَــجَــدَت مِــصـرُ فـي الزَمـانِ لِإيـزي
سَ النَـدى مَـن لَهـا اليَـدُ البَيضاءُ
إِن تَــلِ البَــرَّ فَــالبِــلادُ نُــضــارٌ
أَو تَــلِ البَــحــرَ فَــالرِيـاحُ رُخـاءُ
أَو تَـلِ النَـفـسَ فَهـيَ فـي كُـلِّ عُـضـوٍ
أَو تَــلِ الأُفــقَ فَهــيَ فــيـهِ ذُكـاءُ
قــيــلَ إيــزيــسُ رَبَّةـَ الكَـونِ لَولا
أَن تَــــوَحَّدتِ لَم تَــــكُ الأَشـــيـــاءُ
وَاِتَّخـَذتِ الأَنـوارَ حُـجـبـاً فَـلَم تُب
صِــــركِ أَرضٌ وَلا رَأَتــــكِ سَــــمــــاءُ
أَنــتِ مــا أَظـهَـرَ الوُجـودُ وَمـا أَخ
فــى وَأَنــتِ الإِظــهــارُ وَالإِخـفـاءُ
لَكَ آبــــيــــسُ وَالمُــــحَـــبَّبـــُ أوزي
ريـــسُ وَاِبـــنــاهُ كُــلُّهُــم أَولِيــاءُ
مُـــثِّلـــَت لِلعُــيــونِ ذاتُــكِ وَالتَــم
ثــيــلُ يُــدنــي مَــن لا لَهُ إِدنــاءُ
وَاِدَّعـاكِ اليـونـانُ مِـن بَـعـدِ مِـصـرٍ
وَتَـــلاهُ فـــي حُـــبِّكـــِ القُـــدَمـــاءُ
فَــإِذا قــيــلَ مــا مَــفــاخِــرَ مِـصـرٍ
قــيــلَ مِــنـهـا إيـزيـسُهـا الغَـرّاءُ
رَبِّ هَــذي عُــقــولُنــا فــي صِــبـاهـا
نـالَهـا الخَـوفُ وَاِسـتَباها الرَجاءُ
فــعَـشِـقـنـاكَ قَـبـلَ أَن تَـأتِـيَ الرُس
لُ وَقـــامَـــت بِـــحُـــبِّكــَ الأَعــضــاءُ
وَوَصَــلنـا السُـرى فَـلَولا ظَـلامُ ال
جَهــلِ لَم يَــخـطُـنـا إِلَيـكِ اِهـتِـداءُ
وَاِتَّخــَذنــا الأَسـمـاءَ شَـتّـى فَـلَمّـا
جــاءَ مـوسـى اِنـتَهَـت لَكَ الأَسـمـاءُ
حَــجَّنـا فـي الزَمـانِ سِـحـراً بِـسِـحـرٍ
وَاِطــمَـأَنَّتـ إِلى العَـصـا السُـعَـداءُ
وَيُــريــدُ الإِلَهُ أَن يُــكــرَمَ العَــق
لُ وَأَلّا تُـــــــــــحَـــــــــــقَّرَ الآراءُ
ظَـــنَّ فِـــرعَـــونُ أَنَّ مـــوســى لَهُ وا
فٍ وَعِــنــدَ الكِـرامِ يُـرجـى الوَفـاءُ
لَم يَــكُــن فــي حِــســابِهِ يَـومَ رَبّـى
أَن سَــيَــأتـي ضِـدَّ الجَـزاءِ الجَـزاءُ
فَــــــرَأى اللَهُ أَن يَــــــعِــــــقَّ وَلِلَّ
هِ تَــفــي لا لِغَــيــرِهِ الأَنــبِـيـاءُ
مِـصـرُ مـوسـى عِـنـدَ اِنـتِـماءٍ وَموسى
مِــصــرُ إِن كــانَ نِـسـبَـةٌ وَاِنـتِـمـاءُ
فَـــبِهِ فَـــخــرُهــا المُــؤَيَّدُ مَهــمــا
هُـــزَّ بِـــالسَــيِّدِ الكَــليــمِ اللِواءُ
إِن تَـكُـن قَـد جَـفَتهُ في ساعَةِ الشَكِّ
فَــحَــظُّ الكَــبــيـرِ مِـنـهـا الجَـفـاءُ
خِــلَّةٌ لِلبِــلادِ يَــشـقـى بِهـا النـا
سُ وَتَــشــقــى الدِيــارُ وَالأَبــنــاءُ
فَـــكَـــبــيــرٌ أَلّا يُــصــانَ كَــبــيــرٌ
وَعَــظــيــمٌ أَن يُــنــبَــذَ العُــظَـمـاءُ
وُلِدَ الرِفــقُ يَــومَ مَــولِدِ عــيــســى
وَالمُـــروءاتُ وَالهُـــدى وَالحَــيــاءُ
وَاِزدَهــى الكَـونُ بِـالوَليـدِ وَضـاءَت
بِـــسَـــنــاهُ مِــنَ الثَــرى الأَرجــاءُ
وَسَــرَت آيَــةُ المَــســيــحِ كَــمـا يَـس
ري مِـنَ الفَـجرِ في الوُجودِ الضِياءُ
تَـــمـــلَأُ الأَرضَ وَالعَــوالِمَ نــوراً
فَــــالثَــــرى مــــائِجٌ بَهـــاً وَضّـــاءُ
لا وَعــيــدٌ لا صَـولَةٌ لا اِنـتِـقـامُ
لا حُـــســـامٌ لا غَـــزوَةٌ لا دِمـــاءُ
مَــــلَكٌ جــــاوَرَ التُــــرابَ فَـــلَمّـــا
مَــلَّ نــابَــت عَـنِ التُـرابِ السَـمـاءُ
وَأَطـــاعَـــتـــهُ فـــي الإِلَهِ شُــيــوخٌ
خُــــشَّعــــٌ خُــــضَّعــــٌ لَهُ ضُــــعَـــفـــاءُ
أَذعَــنَ النــاسُ وَالمُــلوكُ إِلى مــا
رَسَـــمـــوا وَالعُــقــولُ وَالعُــقَــلاءُ
فَـــلَهُـــم وَقـــفَـــةٌ عَـــلى كُـــلِّ أَرضٍ
وَعَـــــلى كُـــــلِّ شــــاطِــــئٍ إِرســــاءُ
دَخَــلوا ثَــيــبَــةً فَــأَحــسَــنَ لُقـيـا
هُـــم رِجـــالٌ بِــثــيــبَــةٍ حُــكَــمــاءُ
فَهِــمـوا السِـرَّ حـيـنَ ذاقـوا وَسَهـلٌ
أَن يَــنــالَ الحَــقــائِقَ الفُهَــمــاءُ
فَــإِذا الهَــيــكَــلُ المُــقَــدَّسُ دَيــرٌ
وَإِذا الدَيــــــرُ رَونَـــــقٌ وَبَهـــــاءُ
وَإِذا ثَــيــبَــةٌ لِعــيــســى وَمَــنـفـي
سُ وَنَـــيـــلُ الثَــراءِ وَالبَــطــحــاءُ
إِنَّمـــا الأَرضُ وَالفَـــضـــاءُ لِرَبّـــي
وَمُــلوكُ الحَــقــيــقَــةِ الأَنــبِـيـاءُ
لَهُــمُ الحُــبُّ خــالِصــاً مِــن رَعـايـا
هُـــم وَكُـــلُّ الهَــوى لَهُــم وَالوَلاءُ
إِنَّمــا يُــنــكِــرُ الدِيــانــاتِ قَــومٌ
هُــم بِــمــا يُــنــكِــرونَهُ أَشــقِـيـاءُ
هَـــرِمَـــت دَولَةُ القَــيــاصِــرِ وَالدَو
لاتُ كَـــالنـــاسِ داؤُهُــنَّ الفَــنــاءُ
لَيـسَ تُـغـنـي عَنها البِلادُ وَلا ما
لُ الأَقــاليـمِ إِن أَتـاهـا النِـداءُ
نـالَ رومـا مـا نـالَ مِـن قَـبلُ آثي
نــا وَســيــمَـتـهُ ثَـيـبَـةُ العَـصـمـاءُ
سُــنَّةـُ اللَهِ فـي المَـمـالِكِ مِـن قَـب
لُ وَمِــن بَــعــدِ مـا لِنُـعـمـى بَـقـاءُ
أَظـلَمَ الشَـرقُ بَـعـدَ قَـيـصَـرَ وَالغَـر
بُ وَعَـــــمَّ البَـــــرِيَّةــــَ الإِدجــــاءُ
فَـــالوَرى فـــي ضَـــلالِهِ مُـــتَــمــادٍ
يَــفــتُــكُ الجَهــلُ فــيـهِ وَالجُهَـلاءُ
عَــــرَّفَ اللَهَ ضِــــلَّةً فَهــــوَ شَـــخـــصٌ
أَو شِهــــابٌ أَو صَــــخــــرَةٌ صَـــمّـــاءُ
وَتَــوَلّى عَــلى النُــفـوسِ هَـوى الأَو
ثــانِ حَــتّــى اِنــتَهَـت لَهُ الأَهـواءُ
فَـــرَأى اللَهُ أَن تُـــطَهَّرَ بِـــالسَـــي
فِ وَأَن تَــغـسِـلَ الخَـطـايـا الدِمـاءُ
وَكَــــذاكَ النُـــفـــوسُ وَهـــيَ مِـــراضٌ
بَــعــضُ أَعــضــائِهــا لِبَــعــضٍ فِــداءُ
لَم يُــعــادِ اللَهُ العَــبــيـدَ وَلَكِـن
شَــقِــيَــت بِــالغَــبـاوَةِ الأَغـبِـيـاءُ
وَإِذا جَــــــلَّتِ الذُنـــــوبُ وَهـــــالَت
فَــمِــنَ العَــدلِ أَن يَهــولَ الجَــزاءُ
أَشــرَقَ النــورُ فــي العَـوالِمِ لَمّـا
بَـــشَّرَتـــهــا بِــأَحــمَــدَ الأَنــبــاءُ
بِـاليَـتـيـمِ الأُمِّيـِّ وَالبَـشَـرِ المـو
حـــى إِلَيـــهِ العُــلومُ وَالأَســمــاءُ
قُـــوَّةُ اللَهِ إِن تَـــوَلَّت ضَــعــيــفــاً
تَــعِــبَــت فــي مِــراسِهِ الأَقــوِيــاءُ
أَشــرَفُ المُــرسَــليــنَ آيَــتُهُ النُــط
قُ مُــبــيــنــاً وَقَــومُهُ الفُــصَــحــاءُ
لَم يَــفُه بِــالنَــوابِـغِ الغُـرِّ حَـتّـى
سَــبَــقَ الخَــلقَ نَــحــوَهُ البُــلَغــاءُ
وَأَتَــتــهُ العُــقـولُ مُـنـقـادَةَ اللُب
بِ وَلَبّـــى الأَعـــوانُ وَالنُـــصَـــراءُ
جـــاءَ لِلنـــاسِ وَالسَــرائِرُ فَــوضــى
لَم يُـــــؤَلِّف شَـــــتـــــاتُهُـــــنّ لِواءُ
وَحِــمــى اللَهُ مُــسـتَـبـاحٌ وَشَـرعُ ال
لَهِ وَالحَــــــــقُّ وَالصَــــــــوابُ وَراءُ
فَــــلِجِــــبــــريــــلَ جَـــيـــئَةٌ وَرَواحٌ
وَهُـــبـــوطٌ إِلى الثَــرى وَاِرتِــقــاءُ
يُـحـسَـبُ الأُفـقُ فـي جَـنـاحَـيـهِ نـورٌ
سُـــلِبَـــتـــهُ النُـــجــومُ وَالجَــوزاءُ
تِــلكَ آيُ الفُــرقــانِ أَرسَــلَهــا ال
لَهُ ضِــيــاءً يَهــدي بِهِ مَــن يَــشــاءُ
نَــسَــخَــت سُــنَّةــَ النَـبِـيّـيـنَ وَالرُس
لِ كَــمـا يَـنـسَـخُ الضِـيـاءَ الضِـيـاءُ
وَحَــــمــــاهـــا غُـــرٌّ كِـــرامٌ أَشِـــدّا
ءُ عَــلى الخَــصــمِ بَــيـنَهُـم رُحَـمـاءُ
أُمَّةــٌ يَــنــتَهــي البَــيــانُ إِلَيـهـا
وَتَــــؤولُ العُــــلومُ وَالعُــــلَمــــاءُ
جــازَتِ النَــجــمَ وَاِطــمَـأَنَّتـ بِـأُفـقٍ
مُــطــمَــئِنٍّ بِهِ السَــنــا وَالسَــنــاءُ
كُــــلَّمــــا حَــــثَّتـــِ الرِكـــابَ لِأَرضٍ
جــاوَرَ الرُشــدُ أَهــلَهــا وَالذَكــاءُ
وَعَـلا الحَـقُّ بَـيـنَهُـم وَسَـمـا الفَـض
لُ وَنــالَت حُــقــوقَهــا الضُــعَــفــاءُ
تَـحـمِـلُ النَـجـمَ وَالوَسـيـلَةَ وَالمـي
زانَ مِــن ديــنِهــا إِلى مَــن تَـشـاءُ
وَتُــنــيــلُ الوُجــودَ مِــنـهُ نِـظـامـاً
هُـــوَ طِـــبُّ الوُجـــودِ وَهـــوَ الدَواءُ
يَــرجِــعُ النـاسُ وَالعُـصـورُ إِلى مـا
سَــــنَّ وَالجــــاحِــــدونَ وَالأَعــــداءُ
فـيـهِ مـا تَـشـتَهـي العَزائِمُ إِن هَم
مَ ذَووهــا وَيَــشــتَهــي الأَذكِــيــاءُ
فَــلِمَــن حــاوَلَ النَــعــيــمَ نَــعـيـمٌ
وَلِمَـــن آثَـــرَ الشَـــقـــاءَ شَـــقـــاءُ
أَيَـرى العُـجمُ مِن بَني الظِلِّ وَالما
ءِ عَــجــيــبـاً أَن تُـنـجِـبَ البَـيـداءُ
وَتُــثــيــرُ الخِــيــامُ آسـادَ هَـيـجـا
ءَ تَــراهــا آســادَهــا الهَــيــجــاءُ
مـا أَنـافَـت عَـلى السَواعِدِ حَتّى ال
أَرضُ طُــرّاً فــي أَســرِهــا وَالفَـضـاءُ
تَــشـهَـدُ الصـيـنُ وَالبِـحـارُ وَبَـغـدا
دُ وَمِـــصـــرٌ وَالغَـــربُ وَالحَـــمــراءُ
مَـن كَـعَـمـرِو البِـلادِ وَالضـادُ مِمّا
شـــادَ فـــيــهــا وَالمِــلَّةُ الغَــرّاءُ
شــادَ لِلمُــسـلِمـيـنَ رُكـنـاً جَـسـامـاً
ضــــافِــــيَ الظِـــلِّ دَأبُهُ الإيـــواءُ
طــالَمــا قــامَــتِ الخِــلافَــةُ فـيـهِ
فَــاِطــمَــأَنَّتــ وَقــامَــتِ الخُــلَفــاءُ
وَاِنــتَهــى الديـنُ بِـالرَجـاءِ إِلَيـهِ
وَبَــنــو الديــنِ إِذ هُــمُ ضُــعَــفــاءُ
مَــن يَــصُــنــهُ يَــصُــن بَــقِــيَّةــَ عِــزٍّ
غَـــيَّضـــَ التُــركُ صَــفــوَهُ وَالثَــواءُ
فَـاِبـكِ عَـمَـراً إِن كُـنـتَ مُنصِفَ عَمرو
إِنَّ عُــــــمَــــــراً لَنَــــــيِّرٌ وَضّــــــاءُ
جـادَ لِلمُـسـلِمـيـنَ بِـالنـيـلِ وَالني
لُ لِمَــن يَــقــتَــنــيــهِ أَفــريــقــاءُ
فَهـيَ تَـعـلو شَـأنـاً إِذا حُـرِّرَ الني
لُ وَفـــــــي رِقِّهـــــــِ لَهــــــا إِزراءُ
وَاِذكُـــرِ الغُـــرَّ آلَ أَيّــوبَ وَاِمــدَح
فَــــمِـــنَ المَـــدحِ لِلرِجـــالِ جَـــزاءُ
هُـم حُـمـاةُ الإِسـلامِ وَالنَفَرُ البي
ضُ المُـــلوكُ الأَعِـــزَّةُ الصُـــلَحـــاءُ
كُـــلَّ يَـــومٍ بِــالصــالِحِــيَّةــِ حِــصــنٌ
وَبِـــبُـــلبَـــيـــسَ قَـــلعَـــةٌ شَـــمّـــاءُ
وَبِــــمِـــصـــرٍ لِلعِـــلمِ دارٌ وَلِلضَـــي
فـــانِ نـــارٌ عَـــظـــيــمَــةٌ حَــمــراءُ
وَلِأَعـــــداءِ آلِ أَيّـــــوبَ قَـــــتـــــلٌ
وَلِأَســــــراهُــــــمُ قِـــــرىً وَثَـــــواءُ
يَــعــرِفُ الديــنُ مَــن صَـلاحٌ وَيَـدري
مَــن هُــوَ المَــســجِــدانِ وَالإِســراءُ
إِنَّهــُ حِــصــنُهُ الَّذي كــانَ حِــصــنــاً
وَحُـــمـــاهُ الَّذي بِهِ الاِحـــتِـــمــاءُ
يَــومَ ســارَ الصَــليــبُ وَالحـامِـلوهُ
وَمَــشــى الغَــربُ قَــومُهُ وَالنِــســاءُ
بِــنُــفـوسٍ تَـجـولُ فـيـهـا الأَمـانـي
وَقُــلوبٍ تَــثــورُ فــيــهــا الدِمــاءُ
يُــضــمِــرونَ الدَمــارَ لِلحَـقِّ وَالنـا
سِ وَديــنِ الَّذيــنَ بِــالحَــقِّ جــاؤوا
وَيَهُــــدّونَ بِــــالتِــــلاوَةِ وَالصُــــل
بــانِ مــا شـادَ بِـالقَـنـا البَـنّـاءُ
فَــــتَــــلَقَّتــــهُــــمُ عَــــزائِمُ صِــــدقٍ
نُـــصَّ لِلديـــنِ بَـــيـــنَهُـــنَّ خِـــبــاءُ
مَـــزَّقَـــت جَــمــعَهُــم عَــلى كُــلِّ أَرضٍ
مِــثــلَمــا مَــزَّقَ الظَــلامَ الضِـيـاءُ
وَسَــــبَـــت أَمـــرَدَ المُـــلوكِ فَـــرَدَّت
هُ وَمـــا فـــيــهِ لِلرَعــايــا رَجــاءُ
وَلَو أَنَّ المَــــليــــكَ هـــيـــبَ أَذاهُ
لَم يُــخَــلِّصــهُ مِــن أَذاهـا الفِـداءُ
هَــكَـذا المُـسـلِمـونَ وَالعَـرَبُ الخـا
لونَ لا مـــا يَـــقـــولُهُ الأَعـــداءُ
فَـبِهِـم فـي الزَمـانِ نِلنا اللَيالي
وَبِهِـــم فـــي الوَرى لَنــا أَنــبــاءُ
لَيـــسَ لِلذُلِّ حـــيـــلَةٌ فـــي نُــفــوسٍ
يَـسـتَـوي المَـوتُ عِـنـدَهـا وَالبَـقاءُ
وَاِذكُـرِ التُـركَ إِنَّهـُم لَم يُـطـاعـوا
فَـيَـرى النـاسُ أَحـسَنوا أَم أَساؤوا
حَــكَــمَــت دَولَةُ الجَــراكِــسِ عَــنـهُـمُ
وَهـــيَ فـــي الدَهــرِ دَولَةٌ عَــســراءُ
وَاِســتَــبَـدَّت بِـالأَمـرِ مِـنـهُـم فَـبـا
شــا التُــركِ فــي مِـصـرَ آلَةٌ صَـمّـاءُ
يَـأخُـذُ المـالَ مِـن مَـواعـيدَ ما كا
نــوا لَهــا مُــنـجِـزيـنَ فَهـيَ هَـبـاءُ
وَيَـــســـومـــونَهُ الرِضـــا بِـــأُمـــورٍ
لَيـــسَ يَـــرضـــى أَقَـــلَّهُــنَّ الرَضــاءُ
فَــيُــداري لِيَــعــصِــمَ الغَـدَ مِـنـهُـم
وَالمُــــداراةُ حِــــكــــمَـــةٌ وَدَهـــاءُ
وَأَتـى النَـسـرُ يَـنـهَـبُ الأَرضَ نَهباً
حَـــولَهُ قَـــومُهُ النُـــســـورُ ظِــمــاءُ
يَـشـتَهـي النـيـلَ أَن يُـشـيـدَ عَـلَيـهِ
دَولَةً عَــرضُهــا الثَــرى وَالسَــمــاءُ
حَــلُمَــت رومَــةٌ بِهــا فـي اللَيـالي
وَرَآهـــا القَـــيــاصِــرُ الأَقــوِيــاءُ
فَــأَتَــت مِــصــرَ رُســلُهُــم تَــتَــوالى
وَتَـــرامَـــت ســودانَهــا العُــلَمــاءُ
وَلَوِ اِســتَـشـهَـدَ الفَـرَنـسـيـسُ رومـا
لَأَتَــتــهُــم مِــن رومَــةَ الأَنــبــاءُ
عَــــلِمَــــت كُــــلُّ دَولَةٍ قَـــد تَـــوَلَّت
أَنَّنــــا سُـــمُّهـــا وَأَنّـــا الوَبـــاءُ
قــاهِــرُ العَـصـرِ وَالمَـمـالِكِ نـابِـل
يــــونُ وَلَّت قُــــوّادُهُ الكُــــبَــــراءُ
جـاءَ طَـيـشـاً وَراحَ طَـيـشـاً وَمِـن قَب
لُ أَطـــاشَـــت أُنــاسَهــا العَــليــاءُ
سَــكَــتَــت عَــنـهُ يَـومَ عَـيَّرَهـا الأَه
رامُ لَكِـــن سُـــكــوتُهــا اِســتِهــزاءُ
فَهــيَ تــوحـي إِلَيـهِ أَن تِـلكَ واتِـر
لو فَــأَيــنَ الجُــيـوشُ أَيـنَ اللِواءُ
وأتــى المــنــتـمـي لأمـة عـثـمـا
ن عــليٌّ:ــ مــن يــعــرف الأحــيــاء
مــلك الحــلم والعـزائم إن عـد
دت مــــلوك الزمــــان والأمــــراء
رام بـالريـف والصـعـيد أمورا
لم تـنـل كـنـه غـورهـا الاغـبـياء
رام تـاجـيـهـمـا وعـرش المـعـالي
ويـــروم العـــظـــائم العـــظــمــاء
أمــل ابــيــض الخــلال رفــيــع
صـــغـــرتـــه الأذلة الأشـــقــيــاء
فـكـفـاه أن جـاء مـيـتـا فـأحـيـا
وكـــفـــى مـــصـــر ذلك الإحـــيـــاء
واذكـر العـادل الكـريـم سـعـيدا
إن قــومــا له انــتــمــوا سـعـداء
المـهـيب اللواء في السيف والس
لم المـــفـــدى فـــمـــا له اعــداء
عـــــربـــــي زمـــــانـــــه عــــمــــري
عـــهـــده فـــيـــه رحـــمـــة ووفــاء
مــثــلمــا شــاءت الرامــل والأي
تـــام والبـــائســون والضــعــفــاء
أحـمـر عـنـد أبـيـض للبـرايـا
حــصــة القــطــر مــنــهــمـا سـوداء
وغزير الهدى من الحمد والتو
فــيــق صــيــغــت لذاتــه الأسـمـاء
جــمــع الزاخـريـن كـرهـا فـلا كـا
نـــا ولا كـــان ذلك الإلتـــقـــاء
بـــثـــت العــدل راحــتــاه وعــزت
فــي حــمــاه العــلوم والعــلمــاء
إن أتـاهـا فـليـس فـيـها بباد
أو جــنــاهــا فــذا الورى شـركـاء
أخـطـا الأقـربـون موضعها الدا
نــي وفــازت بــنــيــله البـعـداء
لا يـلم بـعـضـكم على الخطب بعضا
أيــهــا القــوم كــلكــم أبــريــاء
ضــلة زانــهــا الشــقــاء لمــصــر
ومــن الذنــب مـا يـجـيـء الشـقـاء
وقــضــى الله للعــزيـز بـنـصـر
فـــأتـــى نــصــره وكــان القــضــاء
يـا عـزيـز الأنـام والعصر سمعا
فــلقــد شــاق مــنــطـقـي الإصـغـاء
إن عــصـرا مـولاي فـيـه المـرجـى
أنــا فــيــه القــريــض والشـعـراء
هــذه حــكــمــتــي وهــذا بــيـانـي
لي بــه نــحــو راحــتـيـك ارتـقـاء
ألثـم السـدة التي إن أنلها
تــهــو فــيــهــا وتـسـجـد الجـوزاء
سـائلا أن تـعـيـش مـصـر ويـبـقى
لك مــنــهـا ومـن بـنـيـهـا الولاء
كــيــف تـشـقـى بـحـب حـلمـي بـلاد
نـحـن أسـيـافـهـا وحـلمـي المـضـاء
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أحمد شوقي
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932