قصيدة هنيئا أمير المؤمنين فإنما للشاعر أحمد شوقي

البيت العربي

هَنيئاً أَميرَ المُؤمِنينَ فَإِنَّما


عدد ابيات القصيدة:52


هَنيئاً أَميرَ المُؤمِنينَ فَإِنَّما
هَــنـيـئاً أَمـيـرَ المُـؤمِـنـيـنَ فَـإِنَّمـا
نَــجــاتُــكَ لِلديــنِ الحَــنــيــفِ نَـجـاةُ
هَــــنــــيــــئاً لِطَهَ وَالكِـــتـــابِ وَأُمَّةٍ
بَـــقـــاؤُكَ إِبـــقـــاءٌ لَهـــا وَحَـــيــاةُ
أَخَـذتَ عَـلى الأَقـدارِ عَهـداً وَمَـوثِـقاً
فَـــلَســـتَ الَّذي تَـــرقـــى إِلَيــهِ أَذاةُ
وَمَــن يَــكُ فــي بُــردِ النَــبِـيِّ وَثَـوبِهِ
تَــــجُـــزهُ إِلى أَعـــدائِهِ الرَمَـــيـــاتُ
يَــكــادُ يَــسـيـرُ البَـيـتُ شُـكـراً لِرَبِّهِ
إِلَيــكَ وَيَــســعــى هــاتِــفــاً عَــرَفــاتُ
وَتَـسـتَـوهِـبُ الصَـفـحَ المَـسـاجِـدُ خُـشَّعاً
وَتَــبــسُــطُ راحَ التَــوبَــةِ الجُــمُـعـاتُ
وَتَـسـتَـغـفِـرُ الأَرضُ الخَـصيبُ وَما جَنَت
وَلَكِـــن سَـــقــاهــا قــاتِــلونَ جُــنــاةُ
وَتُـثـنـي مِـنَ الجَـرحـى عَـلَيـكَ جِراحُهُم
وَتَــأتــي مِــنَ القَــتـلى لَكَ الدَعَـواتُ
ضَــحِــكـتَ مِـنَ الأَهـوالِ ثُـمَّ بَـكَـيـتَهُـم
بِــدَمــعٍ جَــرَت فــي إِثــرِهِ الرَحَــمــاتُ
تُــثــابُ بِــغــاليــهِ وَتُــجــزى بِـطُهـرِهِ
إِلى البَـــعـــثِ أَشــلاءٌ لَهُــم وَرُفــاتُ
وَمـا كُـنـتَ تُـحـيـيـهِـم فَـكِـلهُم لِرَبِّهِم
فَـمـا مـاتَ قَـومٌ فـي سَـبـيـلِكَ مـاتـوا
رَمَـتـهُـم بِـسَهـمِ الغَـدرِ عِـنـدَ صَلاتِهِم
عِــــصــــابَــــةُ شَــــرٍّ لِلصَـــلاةِ عُـــداةُ
تَــبَــرَّأَ عــيــســى مِــنــهُــمُ وَصِــحــابِهِ
أَأَتــبـاعُ عـيـسـى ذي الحَـنـانِ جُـفـاةُ
يُــعــادونَ ديــنــاً لا يُـعـادونَ دَولَةً
لَقَـــد كَـــذِبَــت دَعــوى لَهُــم وَشُــكــاةُ
وَلا خَيرَ في الدُنيا وَلا في حُقوقِها
إِذا قــيــلَ طُــلّابُ الحُــقــوقِ بُــغــاةُ
بِــأَيِّ فُـؤادٍ تَـلتَـقـي الهَـولَ ثـابِـتـاً
وَمـــا لِقُـــلوبِ العــالَمــيــنَ ثَــبــاتُ
إِذا زُلزِلَت مِــن حَـولِكَ الأَرضُ رادَهـا
وَقــارُكَ حَــتّــى تَــســكُــنَ الجَــنَــبــاتُ
وَإِن خَــرَجَــت نــارٌ فَــكــانَــت جَهَـنَّمـاً
تُـــغَـــذّى بِــأَجــســادِ الوَرى وَتُــقــاتُ
وَتَـــرتَـــجُّ مِــنــهــا لُجَّةــٌ وَمَــديــنَــةٌ
وَتَــــصــــلى نَـــواحٍ حَـــرَّهـــا وَجِهـــاتُ
تَـمَـشَّيـتَ فـي بُـردِ الخَـليـلِ فَـخُـضـتَها
سَـــلامـــاً وَبُــرداً حَــولَكَ الغَــمَــراتُ
وَسِـــــــــــرتَ وَمِـــــــــــلءُ الأَرضِ أَدرُعٌ
وَدِرعُـــــكَ قَـــــلبٌ خــــاشِــــعٌ وَصَــــلاةُ
ضَـحـوكـاً وَأَصـنـافُ المَـنـايـا عَـوابِـسٌ
وَقـــوراً وَأَنـــواعُ الحُــتــوفِ طُــغــاةُ
يَـحـوطُـكَ إِن خـانَ الحُـمـاةَ اِنتِباهُهُم
مَـــلائِكُ مِـــن عِـــنـــدِ الإِلَهِ حُــمــاةُ
تُـــشـــيـــرُ بِـــوَجــهٍ أَحــمَــدِيٍّ مُــنَــوِّرٍ
عُــيــونُ البَــرايــا فـيـهِ مُـنـحَـسِـراتُ
يُــحَــيِّ الرَعــايــا وَالقَــضــاءُ مُهَــلِّلٌ
يُـــحَـــيــيــهِ وَالأَقــدارُ مُــعــتَــذِراتُ
نَـــجـــاتُـــكَ نُـــعــمــى لِلإِلَهِ سَــنِــيَّةٌ
لَهـــا فـــيـــكَ شُـــكــرٌ واجِــبٌ وَزَكــاةُ
فَــصَـيِّر أَمـيـرَ المُـؤمِـنـيـنَ ثَـنـاءَهـا
مَـــآثِـــرَ تُـــحـــيِ الأَرضَ وَهــيَ مَــواتُ
إِذا لَم يَــفُــتــنـا مِـن وُجـودِكَ فـائِتٌ
فَـــلَيـــسَ لِآمـــالِ النُـــفـــوسِ فَـــواتُ
بَـلَونـاكَ يَـقـظـانَ الصَـوارِمِ وَالقَـنـا
إِذا ضَــيَّعــَ الصــيــدَ المُــلوكَ سُـبـاتُ
سَهِــــرتَ وَلَذَّ النَـــومُ وَهـــوَ مَـــنِـــيَّةٌ
رَعـــايـــا تَــوَلّاهــا الهَــوى وَرُعــاةُ
فَــلَولاكَ مُــلكُ المُــســلِمــيــنَ مُـضَـيَّعٌ
وَلَولاكَ شَــمــلُ المُــســلِمــيــنَ شَـتـاتُ
لَقَــد ذَهَــبَــت رايــاتُهُـم غَـيـرَ رايَـةٍ
لَهــا النَــصـرُ وَسـمٌ وَالفُـتـوحُ شِـيـاتُ
تَـــظَـــلُّ عَـــلى الأَيّـــامِ غَــرّاءَ حُــرَّةً
مُـــحَـــجَّلـــَةً فـــي ظِـــلِّهـــا الغَــزَواتُ
حَــنــيــفِــيَّةــٌ قَــد عَــزَّهــا وَأَعَــزَّهــا
ثَــلاثــونَ مَــلكــاً فــاتِــحــونَ غُــزاةُ
حَـمـاهـا وَأَسـمـاهـا عَلى الدَهرِ مِنهُمُ
مُـــــلوكٌ عَـــــلى أَمـــــلاكِهِ سَـــــرَواتُ
غَــمــائِمُ فـي مَـحـلِ السِـنـيـنِ هَـواطِـلٌ
مَــصــابــيـحُ فـي لَيـلِ الشُـكـوكِ هُـداةُ
تَهــادَت سَــلامــاً فــي ذَراكَ مَـطـيـفَـةً
لَهـــا رَغَـــبــاتُ الخَــلقِ وَالرَهَــبــاتُ
تَـمـوتُ سِـبـاعُ الجَـوِّ غَـرثـى حِـيـالَهـا
وَتَــحــيــا نُــفـوسُ الخَـلقِ وَالمُهَـجـاتِ
سَـنَـنـتَ اِعـتِدالَ الدَهرِ في أَمرِ أَهلِهِ
فَــبــاتَ رَضِــيّــاً فــي دَراكَ وَبــاتــوا
فَــأَنــتَ غَــمــامٌ وَالزَمــانُ خَــمــيــلَةٌ
وَأَنـــتَ سِـــنـــانٌ وَالزَمـــانُ قَـــنـــاةُ
وَأَنــتَ مِــلاكُ السِــلمِ إِن مـادَ رُكـنُهُ
وَأَشــــفَـــقَ قُـــوّامٌ عَـــلَيـــهِ ثُـــقـــاتُ
أَكــانَ لِهَــذا الأَمــرِ غَــيــرُكَ صــالِحٌ
وَقَـــد هَـــوَّنَــتــهُ عِــنــدَكَ السَــنَــواتُ
وَمَــن يَــسُــسِ الدُنـيـا ثَـلاثـيـنَ حِـجَّةً
تُــعِــنــهُ عَــلَيــهــا حِــكــمَــةٌ وَأَنــاةُ
مَـلَكـتَ أَمـيـرَ المُـؤمِـنـيـنَ اِبنَ هانِئٍ
بِــفَــضــلٍ لَهُ الأَلبــابُ مُــمــتَــلَكــاتُ
وَمــازِلتُ حَــسّــانَ المَــقـامِ وَلَم تَـزَل
تَـليـنـي وَتَـسـري مِـنـكَ لي النَـفَـحـاتُ
زَهِــدتُ الَّذي فــي راحَـتَـيـكَ وَشـاقَـنـي
جَـــوائِزُ عِـــنــدَ اللَهِ مُــبــتَــغَــيــاتُ
وَمَـن كـانَ مِثلي أَحمَدَ الوَقتِ لَم تَجُز
عَــلَيــهِ وَلَو مِــن مِــثــلِكَ الصَــدَقــاتُ
وَلي دُرَرُ الأَخلاقِ في المَدحِ وَالهَوى
وَلِلمُـــــتَـــــنَــــبّــــي دُرَّةٌ وَحَــــصــــاةُ
نَـــجَـــت أُمَّةــٌ لَمّــا نَــجَــوتَ وَدورِكَــت
بِـــلادٌ وَطـــالَت لِلسَـــريـــرِ حَـــيـــاةُ
وَصــيــنَ جَــلالُ المُــلكِ وَاِمــتَـدَّ عِـزُّهُ
وَدامَ عَــلَيــهِ الحُــســنُ وَالحَــسَــنــاتُ
وَأُمِّنــَ فــي شَــرقِ البِــلادِ وَغَــربِهــا
يَــتــامــى عَــلى أَقــواتِهِــم وَعُــفــاةُ
سَــلامِــيَ عَــن هَــذا المَــقــامِ مُـقَـصِّرٌ
عَــــلَيـــكَ سَـــلامُ اللَهِ وَالبَـــرَكـــاتُ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932
تصنيفات قصيدة هَنيئاً أَميرَ المُؤمِنينَ فَإِنَّما