البيت العربي
هُوَ الدَهرُ فَاصبِر لِلَّذي أَحدَثَ الدَهرُ
عدد ابيات القصيدة:73
هُـوَ الدَهـرُ فَـاصـبِـر لِلَّذي أَحـدَثَ الدَهرُ
فَـمِـن شِـيَـمِ الأَبـرارِ فـي مِثلِها الصَبرُ
سَـتَـصـبِـرُ صَـبـرَ اليَـأسِ أَو صَـبـرَ حِـسـبَـةٍ
فَــلا تُــؤثِــرِ الوَجـهَ الَّذي مَـعَهُ الوِزرُ
حِــذارَكَ مِــن أَن يُــعــقِـبَ الرُزءُ فِـتـنَـةً
يَـضـيـقُ لَهـا عَـن مِـثـلِ إيـمـانِـكَ العُذرُ
إِذا آسَـــفَ الثُـــكــلُ اللَبــيــبَ فَــشَــفَّهُ
رَأى أَفـدَحَ الثَـكـلَيـنِ أَن يَهـلِكَ الأَجـرُ
مُــصــابُ الَّذي يَــأســى بِــمَــيــتِ ثَــوابِهِ
هُوَ البَرحُ لا المَيتُ الَّذي أَحرَزَ القَبرُ
حَــيــاةَ الوَرى نَهـجٌ إِلى المَـوتِ مَهـيَـعٌ
لَهُـم فـيـهِ إيـضـاعٌ كَـمـا يـوضِـعُ السَـفرُ
فَــيــا هــادِيَ المِــنــهـاجِ جُـرتَ فَـإِنَّمـا
هُـوَ الفَـجـرُ يَهـديـكَ الصِـراطَ أَوِ البَجرُ
إِذا المَــوتُ أَضــحــى قَــصــرَ كُــلِّ مُـعَـمِّرٍ
فَـــإِنَّ سَـــواءً طــالَ أَو قَــصُــرَ العُــمــرُ
أَلَم تَــــرَ أَنَّ الديـــنَ ضـــيـــمَ ذِمـــارُهُ
فَــلَم يُــغــنِ أَنــصــارٌ عَــديــدُهُــمُ دَثــرُ
بِــحَــيــثُ اسـتَـقَـلَّ المُـلكُ ثـانِـيَ عِـطـفِهِ
وَجَــرَّرَ مِــن أَذيــالِهِ العَــسـكَـرُ المَـجـرُ
هُــوَ الضَــيـمُ لَو غَـيـرُ القَـضـاءِ يَـرومُهُ
ثَـنـاهُ المَرامُ الصَعبُ وَالمَسلَكُ الوَعرُ
إِذا عَـثَـرَت جُـردُ العَـنـاجـيجِ في القَنا
بِـــلَيـــلٍ عَــجــاجٍ لَيــسَ يَــصــدَعُهُ فَــجــرُ
أَأَنــفَـسَ نَـفـسٍ فـي الوَرى أَقـصَـدَ الرَدى
وَأَخــطَــرَ عِــلقٍ لِلهُــدى أَفــقَــدَ الدَهــرُ
أَعَــبّــادُ يــا أَوفـى المُـلوكِ لَقَـد عَـدا
عَـــلَيـــكَ زَمــانٌ مِــن سَــجِــيَّتــِهِ الغَــدرُ
فَهَــــلّا عَــــداهُ أَنَّ عَــــليــــاكَ حَــــليُهُ
وَذِكــــرُكَ فــــي أَردانِ أَيّــــامِهِ عِـــطـــرُ
غُــشــيــتَ فَــلَم تَــغــشَ الطِــرادَ سَـوابِـحٌ
وَلا جُــرِّدَت بــيــضٌ وَلا أُشــرِعَــت سُــمــرُ
وَلا ثَـــنَـــتِ المَــحــذورَ عَــنــكَ جَــلالَةٌ
وَلا غُـــرَرٌ ثَـــبـــتٌ وَلا نـــائِلٌ غَـــمـــرُ
لَئِن كـــانَ بَـــطــنُ الأَرضِ هُــيِّئــَ أُنــسُهُ
بِـــأَنَّكـــَ ثــاويــهِ لَقَــد أَوحَــشَ الظَهــرُ
لَعَـمـرُ البُـرودِ البـيـضِ فـي ذَلِكَ الثَرى
لَقَـد أُدرِجَـت أَثـنـاءَهـا النِـعَـمُ الخُـضرُ
عَـــلَيـــكَ مِـــنَ اللَهِ السَـــلامُ تَـــحِـــيَّةً
يُــنَــسِّمـُكَ الغُـفـرانَ رَيـحـانُهـا النَـضـرُ
وَعـــاهَـــدَ ذاكَ اللَحـــدَ عَهـــدُ سَــحــائِبٍ
إِذا اِسـتَـعـبَـرَت في تُربِهِ اِبتَسَمَ الزَهرُ
فَـــفـــيــهِ عَــلاءٌ لايُــســامــى يَــفــاعُهُ
وَقَـــدرُ شَـــبـــابٍ لَيـــسَ يَـــعـــدِلُهُ قَــدرُ
وَأَبـــيَـــضَ فـــي طَـــيِّ الصَــفــيــحِ كَــأَنَّهُ
صَــفــيــحَــةُ مَــأثــورٍ طَــلاقَــتُهُ الأَثــرُ
كَـأَن لَم تَـسِـر حُـمـرُ المَـنـايـا تُـظِـلُّها
إِلى مُهَــجِ الأَقــيــالِ رايــاتُهُ الحُـمـرُ
وَلَم يَـحـمِ مِـن أَن يُـسـتَـباحَ حِمى الهُدى
فَــلَم يُــرضِهِ إِلّا أَنِ ارتُــجِــعَ الثَــغــرُ
وَلَم يَــنــتَـجِـعـهُ المُـعـتَـفـونَ فَـأَقـبَـلَت
عَــطــايـا كَـمـا والى شَـآبـيـبَهُ القَـطـرُ
وَلَم تَــــكــــتَــــنِــــف آراءَهُ أَلمَـــعِـــيَّةٌ
كَــأَنَّ نَــجِــيَّ الغَــيــبِ فــي رَأيِهـا جَهـرُ
وَلَم يَــــتَـــشَـــذَّر لِلأُمـــورِ مُـــجَـــلِّيـــاً
إِلَيـهـا كَـمـا جَـلّى مِـنَ المَـرقَـبِ الصَقرُ
كِـــلا لَقَـــبَـــي سُـــلطـــانِهِ صَـــحَّ فَــألُهُ
فَــــبــــاكَــــرَهُ عَـــضـــدٌ وَراوَحَهُ نَـــصـــرُ
إِلى أَن دَعـــــاهُ يَـــــومُهُ فَـــــأَجـــــابَهُ
وَقَـد قَـدَمَ المَـعـروفُ وَاِسـتَـمـجَـدَ الذُخرُ
فَــأَمــســى ثَــبــيــرٌ قَــد تَـصَـدّى لِحَـمـلِهِ
سَــريــرٌ فَــلَم يَـبـهَـضـهُ مِـن هَـضـبِهِ إِصـرُ
أَلا أَيُّهــا المَــولى الوَصــولُ عَــبـيـدَهُ
لَقَـد رابَـنـا أَن يَـتـلُوَ الصِـلَةَ الهَـجـرُ
نُــغــاديـكَ داعـيـنـا السَـلامُ كَـعَهـدِنـا
فَـمـا يُـسـمَـعُ الداعـي وَلا يُرفَعُ السِترُ
أَعَــتــبٌ عَــلَيــنــا ذادَ عَـن ذَلِكَ الرِضـى
فَـنُـعـتَـبَ أَم بِـالمَـسـمَـعِ المُـعـتَلي وَقرُ
أَمـــا إِنَّهـــُ شُـــغـــلٌ فَـــراغُـــكَ بَــعــدَهُ
سَــيَــنــصــاتُ إِلّا أَنَّ مَــوعِــدَهُ الحَــشــرُ
أَأَنــســاكَ لَمّــا يَــنــأَ عَهــدٌ وَلو نَــأى
سَـجـيـسَ اللَيـالي لَم يَـرِم نَـفسِيَ الذِكرُ
وَكَــيــفَ بِــنِــســيــانٍ وَقَــد مَــلَأَت يَــدي
جِــســامُ أَيــادٍ مِــنــكَ أَيـسَـرُهـا الوَفـرُ
لَئِن كُــنـتُ لَم أَشـكُـر لَكَ المِـنَـنَ الَّتـي
تَــمَــلَّيــتُهـا تَـتـرى لَأَوبَـقَـنـي الكُـفـرُ
فَهَـــل عَـــلِمَ الشِـــلوُ المُـــقَــدَّسُ أَنَّنــي
مُــسَــوِّغُ حــالٍ ضَــلَّ فـي كُـنـهِهـا الفِـكـرُ
وَأَنَّ مَـــتـــابـــي لَم يُـــضِـــعـــهُ مُــحَــمَّدٌ
خَـليـفَـتُـكَ العَـدلُ الرِضـى وَابـنُـكَ البَرُّ
هُــوَ الظــافِـرُ الأَعـلى المُـؤَيَّدُ بِـالَّذي
لَهُ فـــي الَّذي وَلّاهُ مِـــن صُـــنـــعِهِ سِــرُّ
رَأى فــي اِخــتِـصـاصـي مـارَأَيـتَ وَزادَنـي
مَــزِيَّةــَ زُلفــى مِــن نَــتـائِجِهـا الفَـخـرُ
وَأَرغَـــمَ فـــي بِـــرّي أُنـــوفَ عِـــصـــابَــةٍ
لِقــــاؤُهُــــمُ جَهــــمٌ وَلَحــــظُهُــــمُ شَــــزرُ
إِذا مـا اِسـتَـوى فـي الدَستِ عاقِدَ حَبوَةٍ
وَقــامَ سِــمــاطــاً حَــفــلِهِ فَــلِيَ الصَــدرُ
وَفــي نَــفــسِهِ العَــليــاءَ لي مُــتَــبَــوَّأٌ
يُـنـافِـسُـنـي فـيـهِ السِـمـاكـانِ وَالنَـسـرُ
يُــطــيــلُ العِـدا فِـيَّ التَـنـاجِـيَ خُـفـيَـةً
يَــقــولونَ لاتَـسـتَـفـتِ قَـد قُـضِـيَ الأَمـرُ
مَــضـى نَـفـثُهُـم فـي عُـقـدَةِ السَـعـيِ ضَـلَّةً
فَــعــادَ عَــلَيــهِــم غُــمَّةــً ذَلِكَ السِــحــرُ
يَــشِــبَّ مَــكــانــي عَــن تَــوَقّـي مَـكـانِهِـم
كَـمـا شَـبَّ قَـبـلَ اليَـومِ عَـن طَـوقِهِ عَـمـرُ
لَكَ الخَــيــرُ إِنَّ الرُزءَ كــانَ غَــيــابَــةً
طَــلَعَــت لَنـا فـيـهـا كَـمـا طَـلَعَ البَـدرُ
فَــقَــرَّت عُــيــونٌ كـانَ أَسـخَـنَهـا البُـكـا
وَقَـــرَّت قُـــلوبٌ كـــانَ زَلزَلَهـــا الذُعــرُ
وَلَولاكَ أَعـــيـــا رَأيُــنــا ذَلِكَ الثَــأيُ
وَعَــزَّ فَــلَمّــا يَــنــتَــعِــش ذَلِكَ العَــثــرُ
وَلَمّــا قَـدَمـتَ الجَـيـشَ بِـالأَمـسِ أَشـرَقَـت
إِلَيــكَ مِــنَ الآمــالِ آفــاقُهــا الغُـبـرُ
فَــقَــضَــيــتِ مِــن فَــرضِ الصَــلاةِ لُبـانَـةً
مُـــشَـــيِّعـــُهـــا نُــســكٌ وَفــارِطُهــا طُهــرُ
وَمَــن قَــبــلُ مـا قَـدَّمـتَ مَـثـنـى نَـوافِـلٍ
يُــلاقــي بِهــا مَـن صـامَ مِـن عَـوَزٍ فِـطـرُ
وَرُحـــتَ إِلى القَـــصــرِ الَّذي غَــضَّ طَــرفَهُ
بُـعَـيـدَ التَـسـامـي أَن غَدا غَيرَهُ القَصرُ
فَــدامــا مَــعــاً فــي خَـيـرِ دَهـرٍ صُـروفُهُ
حَــرامٌ عَــلَيــهــا أَن يَــطــورَهُـمـا هَـجـرُ
وَأَجـمِـل عَـنِ الثـاوي العَـزاءَ فَـإِن ثَوى
فَـإِنَّكـَ لا الوانـي وَلا الضَـرَعُ الغُـمـرُ
وَمـا أَعـطَـتِ السَـبعونَ قَبلُ أُولي الحِجى
مِـنَ الإِربِ مـا أَعـطَـتـكَ عَـشروكَ وَالعُشرُ
أَلَســــتَ الَّذي إِن ضــــاقَ ذَرعٌ بِـــحـــادِثٍ
تَــبَــلَّجَ مِــنــهُ الوَجــهُ وَاِتَّســَعَ الصَــدرُ
فَــلا تَهِــضِ الدُنــيــا جَــنــاحَــكَ بَـعـدَهُ
فَــمِــنــكَ لِمَــن هــاضَــت نَـوائِبُهـا جَـبـرُ
وَلا زِلتَ مَـــوفـــورَ العَـــديـــدِ بِــقُــرَّةٍ
لِعَــيــنَــيــكَ مَــشـدوداً بِهِـم ذَلِكَ الأَزرُ
فَـــإِنَّكـــَ شَـــمـــسٌ فــي سَــمــاءِ رِيــاسَــةٍ
تَــطَــلَّعُ مِــنــهُــم حَــولَهــا أَنــجُـمٌ زُهـرُ
شَــكَــكــنـا فَـلَم نُـثـبِـت أَأَيّـامُ دَهـرِنـا
بِهــا وَسَــنٌ أَم هَــزَّ أَعــطــافَهــا سُــكــرُ
وَمــا إِن تَــغَــشَّتــهــا مُــغـازَلَةُ الكَـرى
وَمــا إِن تَــمَــشَّتـ فـي مَـفـاصِـلِهـا خَـمـرُ
سِـــوى نَـــشَــواتٍ مِــن سَــجــايــا مُــمَــلَّكٍ
يُــصَــدِّقُ فـي عَـليـائِهـا الخَـبَـرَ الخُـبـرُ
أَرى الدَهــرَ إِن يَـبـطِـش فَـأَنـتَ يَـمـيـنُهُ
وَإِن تَـضـحَـكِ الدُنـيـا فَـأَنـتَ لَهـا ثَـغـرُ
وَكَــم ســائِلٍ بِــالغَــيــثِ عَــنــكَ أَجَـبـتَهُ
هُـنـاكَ الأَيادي الشَفعُ وَالسُؤدَدُ الوِترُ
هُـنـاكَ التُـقـى وَالعِلمُ وَالحِلمُ وَالنُهى
وَبَـذلُ اللُهـا وَالبَـأسُ وَالنَـظمُ وَالنَثرُ
هُـــمـــامٌ إِذا لاقـــى المُـــنــاجِــزَ رَدَّهُ
وَإِقـــبـــالُهُ خَـــطـــوٌ وَإِدبـــارُهُ حُـــضــرُ
مَـــحـــاسِــنُ مــالِلرَوضِ خــامَــرَهُ النَــدى
رُواءٌ إِذا نُـــصَّتـــ حُــلاهــا وَلا نَــشــرُ
مَـتـى انـتُـشِـقَـت لَم تُـطـرِ دارينُ مِسكِها
حَــيــاءً وَلَم يَــفـخَـر بِـعَـنـبَـرِهِ الشَـحـرُ
عَـــطـــاءٌ وَلا مَـــنٌّ وَحُـــكـــمٌ وَلا هَـــوىً
وَحِـــلمٌ وَلا عَـــجـــزٌ وَعِـــزٌّ وَلا كِـــبـــرُ
قَـدِ اِسـتَـوفَـتِ النَـعـمـاءُ فـيـكَ تَـمامَها
عَــلَيــنـا فَـمِـنّـا الحَـمـدُ لِلَّهِ وَالشُـكـرُ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: ابن زيدون
وزير، كاتب وشاعر من أهل قرطبة، انقطع إلى ابن جهور من ملوك الطوائف بالأندلس، فكان السفير بينه وبين ملوك الأندلس فأعجبوا به. واتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد فحبسه، فاستعطفه ابن زيدون برسائل عجيبة فلم يعطف.
فهرب واتصل بالمعتضد صاحب إشبيلية فولاّه وزارته، وفوض إليه أمر مملكته فأقام مبجّلاً مقرباً إلى أن توفي باشبيلية في أيام المعتمد على الله ابن المعتضد.
ويرى المستشرق كور أن سبب حبسه اتهامه بمؤامرة لإرجاع دولة الأمويين.
وفي الكتاب من يلقبه بحتري المغرب، أشهر قصائده: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا.
ومن آثاره غير الديوان رسالة في التهكم بعث بها عن لسان ولاّدة إلى ابن عبدوس وكان يزاحمه على حبها، وهي ولاّدة بنت المستكفي.
وله رسالة أخرى وجهها إلى ابن جهور طبعت مع سيرة حياته في كوبنهاغن وطبع في مصر من شروحها الدر المخزون وإظهار السر المكنون.