البيت العربي
وَطَنٌ يَرُفُّ هَوىً إِلى شُبّانِهِ
عدد ابيات القصيدة:37
وَطَــــنٌ يَــــرُفُّ هَــــوىً إِلى شُـــبّـــانِهِ
كَــــالرَوضِ رِفَّتـــُهُ عَـــلى رَيـــحـــانِهِ
هُــم نَــظــمُ حِــليَــتِهِ وَجَـوهَـرُ عِـقـدِهِ
وَالعِــقــدُ قــيــمَـتُهُ يَـتـيـمُ جُـمـانِهِ
يَــرجـو الرَبـيـعَ بِهِـم وَيَـأمَـلُ دَولَةً
مِــن حُــســنِهِ وَمِــنِ اِعــتِـدالِ زَمـانِهِ
مَـن غـابَ مِـنـهُـم لَم يَـغِـب عَـن سَمعِهِ
وَضَــــمــــيــــرِهِ وَفُــــؤادِهِ وَلِســــانِهِ
وَإِذا أَتـــاهُ مُـــبَـــشِّرٌ بِـــقُــدومِهِــم
فَــمِــنَ القَــمـيـصِ وَمِـن شَـذى أَردانِهِ
وَلَقَــد يَــخُــصُّ النــافِـعـيـنَ بِـعَـطـفِهِ
كَــالشَــيــخِ خَــصَّ نَــجــيـبَهُ بِـحَـنـانِهِ
هَــيــهــاتَ يَـنـسـى بَـذلَهُـم أَرواحَهُـم
فـــي حِـــفــظِ راحَــتِهِ وَجَــلبِ أَمــانِهِ
وَقَـــفـــوا لَهُ دونَ الزَمــانِ وَرَيــبِهِ
وَمَــشَــت حَــداثَــتُهُــم عَــلى حَـدَثـانِهِ
فـــي شِـــدَّةٍ نُـــقِـــلَت أَنــاةُ كُهــولِهِ
فــيــهــا وَحِــكـمَـتُهُـم إِلى فِـتـيـانِهِ
قُـم يـا خَطيبَ الجَمعِ هاتِ مِنَ الحَلي
مـــا كُـــنــتَ تَــنــثُــرُهُ عَــلى آذانِهِ
فَــلَطــالَمــا أَبــدى الحَـنـيـنَ لِقِـسِّهِ
وَاِهــتَــزَّ أَشــواقــاً إِلى سَــحــبــانِهِ
نـادِ الشَـبـابَ فَـلَم يَـزَل لَكَ نـادِياً
وَالمَـــرءُ ذو أَثَـــرٍ عَـــلى أَخـــدانِهِ
اُمـدُد حُـداءَكَ فـي النَـجـائِبِ تَـنصَرِف
يَهـــوى أَعِـــنَّتــِهــا إِلى تَــحــنــانِهِ
أَلقَ النَـصـيـحَـةَ غَـيـرَ هـائِبِ وَقـعِها
لَيــسَ الشُـجـاعُ الرَأيِ مِـثـلَ جَـبـانِهِ
قُــل لِلشَــبــابِ زَمــانُــكُــم مُــتَـحَـرِّكٌ
هَــل تَــأخُــذونَ القِــسـطَ مِـن دَوَرانِهِ
نِـمـتُـم عَـلى الأَحـلامِ تَـلتَـزِمـونَها
كَــالعــالَمِ الخــالي عَــلى أَوثــانِهِ
وَتُــنــازِعــونَ الحَــيَّ فَــضــلَ ثِـيـابِهِ
وَالمَــيــتَ مــا قَـد رَثَّ مِـن أَكـفـانِهِ
وَلَقَــد صَــدَقـتُـم هَـذِهِ الأَرضَ الهَـوى
وَالحُــرُّ يَــصــدُقُ فــي هَــوى أَوطــانِهِ
أَمَــــلٌ بَــــذَلتُــــم كُـــلَّ غـــالٍ دونَهُ
وَفَـــقَـــدتُــمُ مــا عَــزَّ فــي وُجــدانِهِ
اللَيــثُ يَــدفَــعُــكُــم بِــشِــدَّةِ بَــأسِهِ
عَــنــهُ وَيُــطــعِــمُــكُـم بِـفَـرطِ لِبـانِهِ
وَيُــريـدُ هَـذا الطَـيـرَ حُـرّاً مُـطـلَقـاً
لَكِـــن بِـــأَعــيُــنِهِ وَفــي بُــســتــانِهِ
أَوفَــــدتُـــمُ وَفـــداً وَأَوفَـــدَ رَبُّكـــُم
مَــعَهُ العِــنــايَـةَ فَهـيَ مِـن أَعـوانِهِ
العَــصــرُ حُــرٌّ وَالشُــعــوبُ طَــليــقَــةً
مـا لَم يَـحُـزهـا الجَهـلُ فـي أَرسانِهِ
فـاضَ الزَمـانُ مِـنَ النُـبوغِ فَهَل فَتى
غَــمَــرَ الزَمــانَ بِــعِــلمِهِ وَبَــيــانِهِ
أَيـنَ التِـجـارَةَ وَهـيَ مِـضـمارُ الغِنى
أَيــنَ الصِــنـاعَـةُ وَهـيَ وَجـهُ عَـنـانِهِ
أَيـنَ الجَـوادُ عَـلى العُـلومِ بِـمـالِهِ
أَيــنَ المُــشــارِكُ مِــصــرَ فـي فِـدانِهِ
أَيــنَ الزِراعَـةُ فـي جِـنـانٍ تَـحـتَـكُـم
كَــخَــمــائِلِ الفِــردَوسِ أَو كَــجِـنـانِهِ
أَإِذا أَصــابَ القُــطــنَ كــاسِـدُ سـوقِهِ
قُــمــنــا عَــلى ســاقٍ إِلى أَثــمــانِهِ
يـــا مَـــن لِشَــعــبٍ رُزؤُهُ فــي مــالِهِ
أَنــســاهُ ذِكــرَ مُــصــابِهِ بِــكَــيــانِهِ
المُــلكُ كــانَ وَلَم يَــكُـن قُـطـنٌ فَـلَم
يُــغــلَب أُبُــوَّتُــنــا عَــلى عُــمــرانِهِ
الفـــاطِـــمِـــيَّةـــُ شُـــيِّدَت مِـــن عِــزِّهِ
وَبَــنــى بَــنــو أَيّــوبَ مِــن سُـلطـانِهِ
بِــالقُــطـنِ لَم يَـرفَـع قَـواعِـدَ مُـلكِهِ
فِــرعَــونُ وَالهَــرَمــانُ مِـن بُـنـيـانِهِ
لَكِـــن بِـــأَوَّلِ زارِعٍ نَـــقَـــضَ الثَــرى
بِــــذَكــــائِهِ وَأَثـــارِهِ بِـــبَـــنـــانِهِ
وَبِــكُــلِّ مُــحــسِــنِ صَــنـعَـةٍ فـي دَهـرِهِ
تَــتَــعَــجَّبــُ الأَجــيـالُ مِـن إِتـقـانِهِ
وَبِهِـــمَّةـــٍ فـــي كُـــلِّ نَــفــسٍ حَــلَّقَــت
فـي الجَـوِّ وَاِرتَـفَـعَـت عَـلى كَـيـوانِهِ
مَــلِكٌ مِــنَ الأَخــلاقِ كــانَ بِــنــاؤُهُ
مِـــن نَـــحـــتِ أَوَّلِكُـــم وَمِــن صَــوّانِهِ
فَأتوا الهَياكِلَ إِن بَنَيتُم وَاِقبُسوا
مِــن عَــرشِهِ فــيــهــا وَمِـن تـيـجـانِهِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أحمد شوقي
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932