البيت العربي
وَفَدَ الرَّبِيعُ إِلَيْكِ قَبْلَ أَوَانِهِ
عدد ابيات القصيدة:67
وَفَــدَ الرَّبِــيــعُ إِلَيْــكِ قَــبْــلَ أَوَانِهِ
يُهْـــدِي حِـــلَى جَـــنَّاـــتِهِ الْفَــيْــحَــاءِ
مِــنْ كُــلِّ بَـارِعَـةِ الْجَـمَـالِ يُـرَى بِهَـا
شَـــبَهٌ لِبَـــعْـــضِ خِـــلاَلِكِ الحَــسْــنَــاءِ
فِي النَّظْمِ أَوْ فِي النَّثْرِ مِنْ طَاقَاتِهَا
لُطْـــفُ البَـــيَــانِ وَرَوْنَــقُ الإِخْــفَــاءِ
نَـمَّ البَـدِيـعُ بِـحُـسْـنِهَـا فَـرَأَى النُّهَى
مِــنْ فَــنِّهــَا مَــا لَيْــسَ بِــالمُـتَـرَائِي
أَبْهِــجْ بِــإِكْــلِيـلِ الزَّفَـافِ وَقَـدْ جَـلاَ
لِلْعَــــيْــــنِ كُــــلَّ أَثِــــيــــرَةٍ غَــــرَّاءِ
لَوْ شِـئْتِ صِـيـغَ مِـنَ الفَـرِيـدِ وَمَا وَفَى
لَكِـــنْ أَبَـــيْـــتِ وَكَـــانَ خَــيْــرَ إِبَــاءِ
هَــلْ فِــي يَـدِ الدِّهْـقَـانِ أَبْهَـجُ زِيـنَـةً
مِـــنْ زِيـــنَــةِ البُــسْــتَــانِ لِلْعَــذْرَاءِ
صَــفَـتِ السَّمـَاءُ فَـخَـالَفَـتْ مِـنْ عَهْـدِهَـا
وَالفَــــصْـــلُ لِلأَمْـــطَـــارِ وَالأَنْـــوَاءِ
شَــفَّاــفَــةً يُــبْــدِي جَــمِــيـلُ نَـقَـائِهَـا
مَــا فِــي ضَــمِـيـركِ مِـنْ جَـمِـيـلِ نَـقَـاءِ
جَــادَتْ عَــلَيْــكِ بِــشَــمْــسِهَــا وَكَـأَنَّهـَا
لَكِ تَـــسْـــتَـــقِـــلُّ جَـــلاَلَةَ الإِهْـــدَاءِ
هَــذِي مَــلِيــكَــاتُ الَّلآلِيــءِ أَقْــبَــلَتْ
تَـــفْـــتَـــرُّ عَـــنْ قِــطَــعٍ مِــنَ اللأْلاَءِ
بَــادٍ صَــفَـاءُ القَـطْـرِ فِـي قَـسِـمَـاتِهَـا
وَتَــــنَــــافُــــسِ الأَلْوَانِ وَالأَضْــــوَاءِ
ظَــلَّتْ تَــكَــوَّنُ فِــي حَــشَــى أَصْــدَافِهَــا
كَـــتَـــكَـــوُّنِ الأَنْـــوَارِ فِــي أَفْــيَــاءِ
وَقَــضَــتْ عُــصُــوراً سَــيِّدَاتِ بِــحَــارِهَــا
يُــسْــعَــى لَهَــا مِــنْ أَبْـعَـدِ الأَنْـحَـاءِ
حَـــتَّى إِذَا حُـــمِـــلَتْ إِليْـــكَ سَـــبِـــيَّةً
مَــــجْــــلُوبَـــةً فِـــي جُـــمْـــلَةِ الآْلاَءِ
وَجَـــدَتْ عَـــزَاءً فِــي رِحَــابِــكِ طَــيِّبــاً
عَـــنْ عَـــزِّهَـــا المَـــاضِــي وَأَيَّ عَــزَاءِ
بِــلِقَـائِهَـا حُـسْـنـاً يُـضَـاعِـفُ مَـا بِهَـا
مِــــنْ رَوْنَــــقٍ وَنَــــفَــــاسَـــةٍ وَبَهَـــاءِ
وَجِــوَارِهَــا شِــيَــمــاً كَـرَائِمَ صُـنْـتِهَـا
فِــي خِــدْرِ عِــصْــمَــتِهَـا عَـنِ الرُّقَـبَـاءِ
لاَ غَـــرْوَ أَنَّ المَـــاسَ أَكْــرَمُ جَــوْهَــرٍ
خَـــبَـــأَتْهُ أَرْضٌ مِـــنْ كُـــنُــوزِ سَــمَــاءِ
كَـــمْ فِـــي مَــنَــاجِــمِهِ تَــسَهَّدَ كَــوْكَــبٌ
مُــتَــوَاقِّداً كَــأَخِــيــهِ فِــي الظَّلـْمَـاءِ
يَـشْـتَـاقُ أَنْ يَـلْقَـى الصَّبـَاحَ وَلَوْ تَوَى
وَيُــسَــاءُ أَنْ يَــبْــقَــى سِــرَاجَ مَــسَــاءِ
حَـــتَّى حَـــلِيـــتِ بِهِ فَـــقَــرَّ مُــنَــعَّمــاً
وَغَــــدَا تَــــحَــــرُّقُهُ تَــــوَهُّجــــَ مَــــاءِ
وَلَعَــلَّ مُــنْــفَــرِداً بِــجِــيــدِكِ عَـالِقـاً
مُـــتَـــفَــوِّقــاً قَــدْراً عَــلَى النُّظــَرَاءِ
دُعِــيَ اليَــتِــيـمُ مِـنَ التَّوَحُّدِ فَـادَّعَـى
حَـــقًّاـــ عَـــلَيْـــكِ لِكُــلِّ حِــلْفِ شَــقَــاءِ
وَمِــنَ الكِــيَــاسَــةِ وَهْـوَ أَصْـلَبُ جَـوْهَـرٍ
أَنْ رَقَّ رِقَّةـــــَ أَدْمُـــــعِ الْفُــــقَــــرَاءِ
فَــأَصَــابَ عِــنْــدَكِ وَالشَّفــَاعَـةُ لاسْـمِهِ
حَـــظَّ اليَـــتــيــمِ وَفَــازَ بِــالإِيــوَاءِ
مَــا يَــغْــلُ مِــنْ شَــيْــءٍ فَـإِنَّ لِحِـكْـمَـةٍ
جَــلَّتْ غَــلاَءَ المَــاسِ فِــي الأَشْــيَــاءِ
هُــوَ بِــالْمَـتَـانَـةِ وَالسَّنـَى مِـرْآةُ مَـا
بِــــكِ مِــــنْ وَفَـــاءٍ ثَـــابِـــتٍ وَذَكَـــاءِ
يَــا مَــعْــدِنَ الذَّهَــبِ الَّذِي فِــي لَوْنِهِ
لِلشَّمــــْسِ مَــــسْـــحَـــةُ بَهْـــجَـــةٍ وَرُوَاءِ
يَــا مُــدْنِـيَ الأَرَبِ البَـعِـيـدِ مَـنَـالُهُ
وَلَقَـــدْ أَقُـــولُ مُـــنِـــيــلُ كُــلِّ رَجَــاءِ
يَــا مُــرِخـصـاً مِـنْ كُـلِّ نَـفْـسٍ مَـا غَـلاَ
حَــاشَــا نُــفُــوسِ العِــلْيَــةِ النُّبــَلاَءِ
إِنْ أَلَّهَــتْــكَ النَّاـسُ كُـنْ عَـبْـداً هُـنَـا
وَاخْـــضَـــعْ لِهــذِي الشِّيــمَــةِ الشَّمــَّاءِ
وَزِنَ الَّتِــي دَفَــعَــتْ ضَــلاَلَكَ بِـالْهُـدَى
وَسَــوَادَ مَــكْــرِكَ بِــاليَــدِ البَــيْـضَـاءِ
عَــجــبــاً أَرَى وَلَعَــلَّ أَعْـجَـبَ مَـا يُـرَى
دُنْــيَــا الخَــلاَئِقِ تَــنْــبَــرِي لِفِــدَاءِ
لمــــاحَــــةً لِلْغَــــيْــــبِ شَـــاعِـــرَةً بِهِ
حَــتَّى لَيَــحْــضُــرُهَــا الْخَــفِـيُّ النَّاـئِي
تِــلْكَ الرَّوَاعِــي كُــلَّ أَخْــضَــرَ نَــاعــمٍ
مِــنْ كُــلِّ نَــاعِــمَــةِ الْخُــطَــى مَـلْسَـاءِ
مَــنْ بَــثَّ فِــيـهَـا وَهْـيَ تَـقْـنِـي قَـزَّهَـا
مِــنْ بَــذْلِهَــا أَعَــمَــارَهَــا بِــسَــخَــاءِ
أَنَّ الَّذِي تَـــقْـــضِــي شَهِــيــدَةَ نَــسْــجِهِ
لَكِ فِــيــهِ سَــعْــدٌ وَامْــتِــدَادُ بَــقَــاءِ
هَـــبَّتـــْ صَــبِــيَّاــتُ المَــزَارِعِ بُــكْــرَةً
يَــخْــطِــرْنَ بَــيْــنَ السَّيــْرِ وَالإِسْــرَاءِ
مِــنْ كُـلِّ عَـاصِـيَـةِ النُّهـُودِ بِهَـا تُـقًـى
مِـــطْـــوَاعَــةِ الأَعْــطَــافِ ذَاتِ حَــيَــاءِ
نَـادَى بِهَـا الْبُـشَـرَاءُ حَيِّ عَلَى الْجَنَى
فَـــعَـــدَتْ تُـــلَبِّيـــ دَعْــوَةَ الْبُــشَــرَاءِ
وَالْقُـــطْـــنُ مُــوفٍ ضَــاحِــكٌ بِــبَــيــاضِهِ
وَصَـــفَـــائِهِ مِـــنْ كُـــدْرَةِ الْغَـــبْـــرَاءِ
يَــشْـقُـقْـنَ مِـثْـلَ السِّتـْرِ مِـنْ جَـنَـبَـاتِهِ
وَيَــخُـضْـنَ شِـبْهَ الْبَـحْـرِ فـي الأَثْـنَـاءِ
مُــتَــغَــنِّيــَاتٍ مِــنْ أَهَــازِيــجِ الصِّبــا
مَــا شَــاءَ وَحْــيُ هَــوَىً وَطِــيــبُ هَــوَاءِ
يُــنْــشِــدْنَ مِـنْ وَصْـفِ المَـخِـيـلَةِ جَـلْوَةً
لَعَـــرُوسِ شِـــعْـــرٍ زَيْـــنَـــةٍ هَـــيْــفَــاءِ
حُــورِيَّةــٍ عَــيْــنَــاءَ أَبْهَــى مَــا يُــرَى
فِــي الْغِــيــدِ مِــنْ حُــورِيَّةــٍ عَــيْـنَـاءِ
وَفَـرَ الإِلَهُ لَهَـا الَعْـطَـاءَ فَـلَمْ يَـعُدْ
عَــنْ بَــابِهَــا عَــافٍ بِــغَــيْــرِ عَــطَــاءِ
وَبِـأَمْـرِهَـا تَـعْـرَى الْحُـقُـولُ فَـتَـنْـثَنِي
أُمُّ الْعُــــرَاةِ بِــــمِـــيـــرَةٍ وَكِـــسَـــاءِ
تِــلْكَ الَّتِــي أَكْــبَــرْنَهَــا وَنَـعَـتْـنَهَـا
بِـــأَحَـــاسِـــنِ الأَوْصَـــافِ وَالأَسْــمَــاءِ
كَـــانَـــتْ عَــرُوسَ تَــوَهُّمــٍ فَــتَــحَــقَّقــَتْ
بِــصِــفَــاتِهَــا وَغَــدَتْ مِــنَ الأَحْــيَــاءِ
أَعَــرَفْــتَهــا فَــلَقَــدْ أَكُــونُ بِـمَـسْـمَـعٍ
مِـــنْهَـــا أَقُــولُ الشِّعــْرَ وَهْــيَ إِزَائِي
للهِ أًجْهِـــــزَةُ الْحَـــــدِيــــدِ مُــــدَارةً
تَــــأْتِــــي بِـــأَثْـــوابٍ زَهَـــتْ وَمُـــلاَءِ
عَــجَــبٌ ضَــخَــامَــتُهَــا وَدِقَّةــُ صُــنْـعِهَـا
كَــمْ رِقَّةــٍ مــعــي غِــلْظَــةِ الأَعْــضَــاءِ
مَــنْ كَــانَ يَــحْــسِــبُ أَنَّ عَـنْـتَـرَةً يُـرَى
مُــتَــفَــوِّقــاً ظَــرْفــاً عَــلَى الشُّعــَرَاءِ
قَــالَ امْــرُؤٌ مِــنْ سَـامِـعِـي ضَـوْضَـائِهَـا
وَشُهُــــودِ تِــــلْكَ الْجَهْـــمَـــةِ السَّوْدَاءِ
إِنَّ ابْــتِـسـامـاً لاَحَ مِـنْهَـا عِـنْـدَ مَـا
جَـــاءَتْ بِهـــذِي الْحُـــلَّةِ البَـــيْــضَــاءِ
أَليَـــوْمَ عِـــيــدٌ فِــي تَــقَــاسُــمِ حَــظِّهِ
لِلْبَــــائِسِــــيــــنَ رِضــــىً وَلِلسُّعــــَدَاءِ
مَـا اسْـطَـاعَ فِـيهِ الدَّهْرُ أَشْكَى كُلَّ ذِي
شَـــكْـــوَى وَهَـــادَنَ كُـــلَّ ذِي بُـــرَحَـــاءِ
عَـــمَّ السُّرُورُ وَتَـــمَّ حَـــتَّى لَمْ يَـــكَــدْ
أَثَــــرٌ يُــــرَى لِتَــــفَــــرُّقِ الأَهْــــوَاءِ
كُــــلٌّ بِهِ مِــــنْ شَــــاهِــــدٍ أَوْ غَــــائِبِ
أَثْــنَــى عَــلَيْــكِ وَقَــدْ ثَــنَــى بِـدُعَـاءِ
بِــنــتَ السَّلــِيـمِ وَجَـلَّ مِـنْ رَجُـلٍ سَـمَـا
بِـــــصَـــــوَادِقِ العَــــزَمَــــاتِ وَالآرَاءِ
أَلفَـــخْـــرُ حَـــقُّ مَـــنِ الثُّرَيَّاــ أُمُّهــَا
نَـــسَـــبــاً وَوَالِدُهَــا أَخُــو الْجَــوَزَاءِ
مِـــنْ أُسْـــرةٍ هُـــمْ أَهْـــلُ كُــلِّ مُــروُءَةٍ
يَـــوْمَ الْحِـــفَــاظِ وَأَهْــلُ كُــلِّ ثَــنَــاءِ
إِنْ عَــالَنُــوا لِتِــجَــارَةٍ فَــلَطَــالَمَــا
بَــذَلُوا النَّوَالَ الْجَــمَّ رَهْــنَ خَــفَــاءِ
بِـــتَـــرَفُّعـــِ عَـــنْ كُــلِّ فَــخْــرٍ بَــاطِــلٍ
وَتَـــجَـــنُّبـــِ فِـــي البِـــرِّ لِلْغَـــوْغَــاءِ
لِيَـــكُـــنْ لَكِ الْحَــظُّ الَّذِي تَــرْجِــيــنَهُ
فَــلَقَــدْ ظَــفِــرْتِ بِــأَكْــرَمِ الأَكْــفَــاءِ
نَـسْـلِ الأَمَـاجِـدِ مِـنْ أَمَـاجِـدِ قَـدْ زَكَتْ
أَنْـــسَـــابُهُــمْ فِــي دَوْحَــةِ العَــلْيَــاءِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: خليل مطران
شاعر، غواص على المعاني، من كبار الكتاب، له اشتغال بالتاريخ والترجمة.
ولد في بعلبك (بلبنان) وتعلم بالمدرسة البطريركية ببيروت، وسكن مصر، فتولى تحرير جريدة الأهرام بضع سنين.
ثم أنشأ "المجلة المصرية" وبعدها جريدة الجوائب المصرية يومية ناصر بها مصطفى كامل باشا في حركته الوطنية واستمرّت أربع سنين.
وترجم عدة كتب ولقب بشاعر القطرين، وكان يشبّه بالأخطل، بين حافظ وشوقي.
وشبهه المنفلوطي بابن الرومي في تقديمه العتابة بالمعاني وبالألفاظ كان غزير العلم بالأدبين الفرنسي والعربي، رقيق الطبع، ودوداً، مسالماً له (ديوان شعر - ط) أربعة أجزاء توفي بالقاهرة.