قصيدة يا أخت أندلس عليك سلام للشاعر أحمد شوقي

البيت العربي

يا أُختَ أَندَلُسٍ عَلَيكِ سَلامُ


عدد ابيات القصيدة:105


يا أُختَ أَندَلُسٍ عَلَيكِ سَلامُ
يـــا أُخـــتَ أَنـــدَلُسٍ عَـــلَيــكِ سَــلامُ
هَــوَتِ الخِــلافَــةُ عَــنــكِ وَالإِســلامُ
نَـزَلَ الهِـلالُ عَـنِ السَـمـاءِ فَـلَيتَها
طُـــوِيَـــت وَعَــمَّ العــالَمــيــنَ ظَــلامُ
أَزرى بِهِ وَأَزالَهُ عَــــــــــــــــن أَوجِهِ
قَـــدَرٌ يَـــحُــطُّ البَــدرَ وَهــوَ تَــمــامُ
جُـرحـانِ تَـمـضـي الأُمَّتـانِ عَـلَيـهِـمـا
هَـــذا يَـــســـيـــلُ وَذاكَ لا يَــلتــامُ
بِـكُـمـا أُصـيـبَ المُـسـلِمـونَ وَفـيـكُما
دُفِــنَ اليَــراعُ وَغُــيِّبــَ الصَــمــصــامُ
لَم يُــطــوَ مَــأتَــمُهــا وَهَــذا مَـأتَـمٌ
لَبِـسـوا السَـوادَ عَـلَيكِ فيهِ وَقاموا
مـا بَـيـنَ مَـصـرَعِهـا وَمَـصـرَعِكِ اِنقَضَت
فـــيـــمــا نُــحِــبُّ وَنَــكــرَهُ الأَيّــامُ
خَــلَتِ القُــرونُ كَــلَيــلَةٍ وَتَــصَــرَّمَــت
دُوَلُ الفُــــتـــوحِ كَـــأَنَّهـــا أَحـــلامُ
وَالدَهـرُ لا يَـألو المَـمـالِكَ مُنذِراً
فَــإِذا غَــفَــلنَ فَــمــا عَــلَيـهِ مَـلامُ
مَــقــدونِــيــا وَالمُـسـلِمـونَ عَـشـيـرَةٌ
كَــيــفَ الخُــئولَةُ فــيــكِ وَالأَعـمـامُ
أَتَــرَيــنَهُــم هـانـوا وَكـانَ بِـعِـزِّهِـم
وَعُـــلُوِّهِـــم يَـــتَـــخــايَــلُ الإِســلامُ
إِذ أَنــتِ نــابُ اللَيـثِ كُـلَّ كَـتـيـبَـةٍ
طَــلَعَــت عَــلَيــكِ فَــريــسَــةٌ وَطَــعــامُ
مـــا زالَتِ الأَيّـــامُ حَـــتّـــى بُــدِّلَت
وَتَـــغَـــيَّرَ الســاقــي وَحــالَ الجــامُ
أَرَأَيـتِ كَـيـفَ أُديـلَ مِـن أُسـدِ الشَرى
وَشَهِـــدتِ كَـــيــفَ أُبــيــحَــتِ الآجــامُ
زَعَــمــوكِ هَــمّــاً لِلخِــلافَـةِ نـاصِـبـاً
وَهَـــلِ المَـــمـــالِكُ راحَـــةٌ وَمَــنــامُ
وَيَــقــولُ قَــومٌ كُــنــتِ أَشــأَمَ مَــورِدٍ
وَأَراكِ ســــائِغَــــةً عَــــلَيـــكِ زِحـــامُ
وَيَـــراكِ داءَ المُـــلكُ نــاسُ جَهــالَةٍ
بِـــالمُـــلكِ مِــنــهُــم عِــلَّةٌ وَسَــقــامُ
لَو آثَـروا الإِصـلاحَ كُـنـتِ لِعَـرشِهِـم
رُكــنــاً عَــلى هــامِ النُـجـومِ يُـقـامُ
وَهــمٌ يُــقَــيِّدُ بَــعــضُهُــم بَــعـضـاً بِهِ
وَقُـــيـــودُ هَــذا العــالَمِ الأَوهــامُ
صُــوَرُ العَــمـى شَـتّـى وَأَقـبَـحُهـا إِذا
نَــظَــرَت بِــغَــيــرِ عُــيــونِهِـنَّ الهـامُ
وَلَقَـد يُـقـامُ مِـنَ السُـيـوفِ وَلَيسَ مِن
عَــثَــراتِ أَخــلاقِ الشُــعــوبِ قِــيــامُ
وَمُـــبَـــشِّرٍ بِـــالصُـــلحِ قُـــلتُ لَعَـــلَّهُ
خَــيــرٌ عَــســى أَن تَــصــدُقَ الأَحــلامُ
تَــرَكَ الفَــريــقــانِ القِــتـالَ وَهَـذِهِ
سِـــلمٌ أَمَـــرُّ مِــنَ القِــتــالِ عُــقــامُ
يَـنـعـى إِلَيـنـا المَـلِكَ ناعٍ لَم يَطَأ
أَرضـــاً وَلا اِنـــتَــقَــلَت بِهِ أَقــدامُ
بَـــرقٌ جَـــوائِبُهُ صَـــواعِـــقُ كُـــلُّهـــا
وَمِـــنَ البُـــروقِ صَـــواعِـــقٌ وَغَــمــامُ
إِن كـــانَ شَـــرٌّ زارَ غَــيــرَ مُــفــارِقٍ
أَو كـــانَ خَـــيــرٌ فَــالمَــزارُ لِمــامُ
بِــالأَمـسِ أَفـريـقـا تَـوَلَّت وَاِنـقَـضـى
مُــلكٌ عَــلى جــيــدِ الخِــضَــمِّ جِــســامُ
نَــظَــمَ الهِــلالُ بِهِ مَـمـالِكَ أَربَـعـاً
أَصــبَــحــنَ لَيــسَ لِعَــقــدِهِــنَّ نِــظــامُ
مِـن فَـتـحِ هـاشِـمَ أَو أُمَـيَّةـَ لَم يُـضِع
آســــاسَهــــا تَـــتَـــرٌ وَلا أَعـــجـــامُ
وَاليَـومَ حُـكـمُ اللَهِ فـي مَـقـدونِـيـا
لا نَــقــضَ فــيــهِ لَنــا وَلا إِبــرامُ
كـانَـت مِـنَ الغَـربِ البَـقِـيَّةُ فَاِنقَضَت
فَــعَــلى بَــنــي عُـثـمـانَ فـيـهِ سَـلامُ
أَخَــذَ المَـدائِنَ وَالقُـرى بِـخِـنـاقِهـا
جَــيــشٌ مِــنَ المُــتَــحــالِفــيـنَ لُهـامُ
غَــطَّتــ بِهِ الأَرضُ الفَــضــاءَ وَجَـوَّهـا
وَكَـــسَـــت مَــنــاكِــبَهــا بِهِ الآكــامُ
تَـمـشـي المَـنـاكِـرُ بَـيـنَ أَيدي خَيلِهِ
أَنّـــى مَـــشــى وَالبَــغــيُ وَالإِجــرامُ
وَيَــحُــثُّهــُ بِــاِســمِ الكِــتــابِ أَقِــسَّةٌ
نَـشَـطـوا لِمـا هُـوَ فـي الكِتابِ حَرامُ
وَمُــسَــيـطِـرونَ عَـلى المَـمـالِكِ سُـخِّرَت
لَهُـــمُ الشُـــعــوبُ كَــأَنَّهــا أَنــعــامُ
مِــن كُــلِّ جَــزّارٍ يَــرومُ الصَــدرَ فــي
نــــادي المُــــلوكِ وَجَــــدُّهُ غَـــنّـــامُ
سِــــكّـــيـــنُهُ وَيَـــمـــيـــنُهُ وَحِـــزامُهُ
وَالصَـــولَجـــانُ جَـــمـــيــعُهــا آثــامُ
عــيــســى سَــبــيــلُكَ رَحــمَــةٌ وَمَـحَـبَّةٌ
فــي العــالَمــيــنَ وَعِــصــمَـةٌ وَسَـلامُ
مـا كُـنـتَ سَـفّـاكَ الدِمـاءِ وَلا اِمرَأً
هــانَ الضِــعــافُ عَــلَيــهِ وَالأَيـتـامُ
يــا حـامِـلَ الآلامِ عَـن هَـذا الوَرى
كَـــثُـــرَت عَــلَيــهِ بِــاِســمِــكَ الآلامُ
أَنـتَ الَّذي جَـعَـلَ العِـبـادَ جَـمـيـعَهُم
رَحِــمــاً وَبِــاِسـمِـكَ تُـقـطَـعُ الأَرحـامُ
أَتَــتِ القِــيـامَـةُ فـي وِلايَـةِ يـوسُـفٍ
وَاليَــومَ بِــاِســمِــكَ مَــرَّتَـيـنِ تُـقـامُ
كَــم هــاجَهُ صَــيـدُ المُـلوكِ وَهـاجَهُـم
وَتَـــكـــافَــأَ الفُــرســانُ وَالأَعــلامُ
البَــغــيُ فــي ديــنِ الجَـمـيـعِ دَنِـيَّةٌ
وَالسَـــلمُ عَهـــدٌ وَالقِـــتـــالُ زِمــامُ
وَاليَــومَ يَهــتِـفُ بِـالصَـليـبِ عَـصـائِبٌ
هُـــــــــــم لِلإِلَهِ وَروحِهِ ظُـــــــــــلّامُ
خَـلَطـوا صَـليـبَـكَ وَالخَـناجِرَ وَالمُدى
كُــــــــلٌّ أَداةٌ لِلأَذى وَحِـــــــمـــــــامُ
أَوَ مــا تَــراهُــم ذَبَّحـوا جـيـرانَهُـم
بَــيــنَ البُــيــوتِ كَــأَنَّهــُم أَغــنــامُ
كَــم مُــرضَـعٍ فـي حِـجـرِ نِـعـمَـتِهِ غَـدا
وَلَهُ عَـــلى حَـــدِّ السُـــيـــوفِ فِــطــامُ
وَصَــبِــيَّةــٍ هُــتِــكَـت خَـمـيـلَةُ طُهـرِهـا
وَتَــنــاثَــرَت عَــن نَــورِهِ الأَكــمــامُ
وَأَخــي ثَــمـانـيـنَ اِسـتُـبـيـحَ وَقـارُهُ
لَم يُــغــنِ عَــنـهُ الضَـعـفُ وَالأَعـوامُ
وَجَـــريـــحِ حَـــربٍ ظـــامِــئٍ وَأَدوهُ لَم
يَــــعــــطِــــفــــهُـــمُ جُـــرحٌ دَمٍ وَأُوامُ
وَمُهـــاجِـــريــنَ تَــنَــكَّرَت أَوطــانُهُــم
ضَـلّوا السَـبـيـلَ مِنَ الذُهولِ وَهاموا
السَـيـفُ إِن رَكِـبـوا الفِرارَ سَبيلُهُم
وَالنِـطـعُ إِن طَـلَبـوا القَـرارَ مُـقامُ
يَـــتَـــلَفَّتــونَ مُــوَدِّعــيــنَ دِيــارَهُــم
وَاللَحــــظُ مــــاءٌ وَالدِيـــارُ ضِـــرامُ
يــا أُمَّةــً بِــفَــروقَ فَــرِّقَ بَــيــنَهُــم
قَــدَرٌ تَــطــيــشُ إِذا أَتــى الأَحــلامُ
فــيـمَ التَـخـاذُلُ بَـيـنَـكُـم وَوَراءَكُـم
أُمَـــمٌ تُـــضــاعُ حُــقــوقُهــا وَتُــضــامُ
اللَهُ يَــشــهَــدُ لَم أَكُــن مُــتَــحَـزِّبـاً
فـــي الرُزءِ لا شِـــيَــعٌ وَلا أَحــزامُ
وَإِذا دَعَــوتُ إِلى الوِئامِ فَــشــاعِــرٌ
أَقـــصـــى مُـــنـــاهُ مَـــحَـــبَّةــٌ وَوِئامُ
مَــن يَـضـجُـرُ البَـلوى فَـغـايَـةُ جَهـدِهِ
رُجــعــى إِلى الأَقــدارِ وَاِســتِـسـلامُ
لا يَـأخُـذَنَّ عَـلى العَـواقِـبِ بَـعـضُـكُم
بَــعــضــاً فَــقِــدمـاً جـارَتِ الأَحـكـامُ
تَـقـضـي عَـلى المَرءِ اللَيالي أَو لَهُ
فَــالحَــمــدُ مِــن سُــلطـانِهـا وَالذامُ
مِــن عــادَةِ التــاريـخِ مِـلءُ قَـضـائِهِ
عَـــدلٌ وَمِـــلءُ كِــنــانَــتَــيــهِ سِهــامُ
مــا لَيــسَ يَـدفَـعُهُ المُهَـنَّدُ مُـصـلَتـاً
لا الكُــتــبُ تَــدفَـعُهُ وَلا الأَقـلامُ
إِنَّ الأُلى فَـتَـحـوا الفُـتوحَ جَلائِلاً
دَخَـلوا عَـلى الأُسدِ الغِياضَ وَناموا
هَـــذا جَـــنــاهُ عَــلَيــكُــمُ آبــاؤُكُــم
صَــبــراً وَصَــفــحــاً فَـالجُـنـاةُ كِـرامُ
رَفَعوا عَلى السَيفِ البِناءَ فَلَم يَدُم
مــا لِلبِــنــاءِ عَــلى السُـيـوفِ دَوامُ
أَبـقـى المَـمـالِكَ مـا المَـعارِفُ أُسُّهُ
وَالعَــــدلُ فــــيــــهِ حـــائِطٌ وَدِعـــامُ
فَــإِذا جَــرى رَشـداً وَيُـمـنـاً أَمـرُكُـم
فَـاِمـشـوا بِـنـورِ العِـلمِ فَهـوَ زِمـامُ
وَدَعـوا التَـفاخُرَ بِالتُراثِ وَإِن غَلا
فَــالمَــجــدُ كَــســبٌ وَالزَمــانُ عِـصـامُ
إِنَّ الغُــــــرورَ إِذا تَـــــمَـــــلَّكَ أُمَّةً
كَــالزَهـرِ يُـخـفـي المَـوتَ وَهـوَ زُؤامُ
لا يَــعــدِلَنَّ المُــلكَ فـي شَهَـواتِـكُـم
عَــرَضٌ مِــنَ الدُنــيــا بَــدا وَحُــطــامُ
وَمَــنـاصِـبٌ فـي غَـيـرِ مَـوضِـعِهـا كَـمـا
حَـــلَّت مَـــحَـــلَّ القُـــدوَةِ الأَصــنــامُ
المُـلكُ مَـرتَـبَـةُ الشُـعـوبِ فَـإِن يَـفُت
عِــزُّ السِــيــادَةِ فَــالشُــعــوبُ سَــوامُ
وَمِـــنَ البَهـــائِمِ مُـــشـــبَــعٌ وَمُــدَلَّلٌ
وَمِــنَ الحَــريــرِ شَــكــيــمَــةٌ وَلِجــامُ
وَقَــفَ الزَمــانُ بِـكُـم كَـمَـوقِـفِ طـارِقٍ
اليَــــأسُ خَــــلفٌ وَالرَجــــاءُ أَمــــامُ
الصَــبـرُ وَالإِقـدامُ فـيـهِ إِذا هُـمـا
قُــتِـلا فَـأَقـتُـلُ مِـنـهُـمـا الإِحـجـامُ
يُــحـصـي الدَليـلُ مَـدى مَـطـالِبِهِ وَلا
يَـحـصـي مَـدى المُـسـتَـقـبِـلِ المِـقدامُ
هَــذي البَــقِــيَّةــُ لَو حَــرَصـتُـم دَولَةٌ
صــالَ الرَشــيــدُ بِهــا وَطــالَ هِـشـامُ
قِــســمُ الأَئِمَّةــِ وَالخَـلائِفِ قَـبـلَكُـم
فــي الأَرضِ لَم تُـعـدَل بِهِ الأَقـسـامُ
سَــرَتِ النُــبُــوَّةُ فــي طَهــورِ فَـضـائِهِ
وَمَــشــى عَــلَيــهِ الوَحــيُ وَالإِلهــامُ
وَتَــدَفَّقــَ النَهــرانِ فــيــهِ وَأَزهَــرَت
بَـــغـــدادُ تَـــحـــتَ ظِــلالِهِ وَالشــامُ
أَثــــرَت سَـــواحِـــلُهُ وَطـــابَـــت أَرضُهُ
فَـــــالدُرُّ لُجٌّ وَالنُـــــضــــارُ رَغــــامُ
شَــرَفـاً أَدِرنَـةُ هَـكَـذا يَـقِـفُ الحِـمـى
لِلغــاضِــبــيــنَ وَتَــثــبُــتُ الأَقــدامُ
وَتُـــرَدُّ بِـــالدَمِ بُــقــعَــةٌ أُخِــذَت بِهِ
وَيَـــمـــوتُ دونَ عَــريــنِهِ الضِــرغــامُ
وَالمُــلكُ يُــؤخَــذُ أَو يُـرَدُّ وَلَم يَـزَل
يَــرِثُ الحُـسـامَ عَـلى البِـلادِ حُـسـامُ
عِــرضُ الخِــلافَـةِ ذادَ عَـنـهُ مُـجـاهِـدٌ
فــي اللَهِ غــازٍ فـي الرَسـولِ هُـمـامُ
تَــســتَــعـصِـمُ الأَوطـانُ خَـلفَ ظُـبـاتِهِ
وَتَـــعُـــزُّ حَـــولَ قَـــنــاتِهِ الأَعــلامُ
عُــثـمـانُ فـي بُـردَيـهِ يَـمـنَـعُ جَـيـشَهُ
وَاِبــنُ الوَليــدِ عَـلى الحِـمـى قَـوّامُ
عَـلِمَ الزَمـانُ مَـكـانَ شُـكـري وَاِنتَهى
شُــكــرُ الزَمــانِ إِلَيــهِ وَالإِعــظــامُ
صَــــبـــراً أَدِرنَـــةُ كُـــلُّ مُـــلكٍ زائِلٌ
يَــومــاً وَيَــبــقــى المـالِكُ العَـلّامُ
خَــفَــتِ الأَذانُ فَــمــا عَــلَيـكِ مُـوَحِّدٌ
يَـسـعـى وَلا الجُـمَـعُ الحِـسـانُ تُـقامُ
وَخَــبَــت مَـسـاجِـدُ كُـنَّ نـوراً جـامِـعـاً
تَـــمـــشـــي إِلَيـــهِ الأُســدُ وَالآرامُ
يَـدرُجـنَ فـي حَـرَمِ الصَـلاةِ قَـوانِـتـاً
بـــيـــضَ الإِزارِ كَـــأَنَّهـــُنَّ حَـــمـــامُ
وَعَـفَـت قُـبـورُ الفـاتِـحـيـنَ وَفُـضَّ عَـن
حُـــفَـــرِ الخَـــلائِفِ جَـــنــدَلٌ وَرِجــامُ
نُــبِـشَـت عَـلى قَـعـسـاءِ عِـزَّتِهـا كَـمـا
نُـبِـشَـت عَـلى اِسـتِـعـلائِهـا الأَهرامُ
فــي ذِمَّةــِ التــاريـخِ خَـمـسَـةُ أَشـهُـرٍ
طـــالَت عَـــلَيـــكِ فَـــكُــلُّ يَــومٍ عــامُ
السَـــيـــفُ عـــارٍ وَالوَبـــاءُ مُــسَــلَّطٌ
وَالسَـــيـــلُ خَـــوفٌ وَالثُـــلوجُ رُكــامُ
وَالجــوعُ فَــتّــاكٌ وَفــيــهِ صَــحــابَــةٌ
لَو لَم يَـجـوعوا في الجِهادِ لَصاموا
ضَـنّـوا بِـعِـرضِـكِ أَن يُـبـاعَ وَيُـشـتَـرى
عِــرضُ الحَــرائِرِ لَيــسَ فــيــهِ سُــوامُ
ضــاقَ الحِــصــارُ كَــأَنَّمــا حَــلَقــاتُهُ
فَــــلَكٌ وَمَــــقـــذوفـــاتُهـــا أَجـــرامُ
وَرَمــى العِــدى وَرَمَــيــتِهِــم بِـجَهَـنَّمٍ
مِـــمّـــا يَـــصُـــبُّ اللَهُ لا الأَقــوامُ
بِــعــتِ العَــدُوَّ بِــكُــلِّ شِــبــرٍ مُهـجَـةً
وَكَــذا يُــبــاعُ المُــلكُ حــيـنَ يُـرامُ
مـا زالَ بَـيـنَـكِ فـي الحِـصارِ وَبَينَهُ
شُـــمُّ الحُـــصــونِ وَمِــثــلُهُــنَّ عِــطــامُ
حَــتّــى حَــواكِ مَــقــابِــراً وَحَــوَيــتِهِ
جُــثَــثــاً فَـلا غَـبـنٌ وَلا اِسـتِـذمـامُ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932
تصنيفات قصيدة يا أُختَ أَندَلُسٍ عَلَيكِ سَلامُ