البيت العربي
يا فَرَنسا نِلتِ أَسبابَ السَماء
عدد ابيات القصيدة:58
يـا فَـرَنـسـا نِلتِ أَسبابَ السَماء
وَتَــمَــلَّكــتِ مَــقــاليــدَ الجِــواء
غُــــلِبَ النَــــســــرُ عَــــلى دَولَتِهِ
وَتَــنَــحّــى لَكِ عَــن عَـرشِ الهَـواء
وَأَتَــتــكِ الريــحُ تَــمــشــي أَمَــةً
لَكِ يـا بَـلقيسُ مِن أَوفى الإِماء
رُوِّضَـــت بَـــعـــدَ جِـــمـــاحٍ وَجَـــرَت
طَــوعَ سُــلطــانَــيــنِ عِـلمٌ وَذَكـاء
لَكِ خَـــيـــلٌ بِـــجَـــنــاحٍ أَشــبَهَــت
خَـيـلَ جِـبـريـلَ لِنَـصـرِ الأَنـبِياء
وَبَــريــدٌ يَــســحَــبُ الذَيــلَ عَــلى
بُــرُدٍ فـي البَـرِّ وَالبَـحـرِ بِـطـاء
تَــطــلُعُ الشَـمـسُ فَـيَـجـري دونَهـا
فَوقَ عُنُقِ الريحِ أَو مَتنِ العَماء
رِحــلَةُ المَــشــرِقِ وَالمَــغـرِبِ مـا
لَبِــثَــت غَــيــرَ صَــبــاحٍ وَمَــســاء
بُـــسَـــلاءُ الإِنــسِ وَالجِــنِّ فِــدىً
لِفَــريــقٍ مِــن بَــنـيـكِ البُـسَـلاء
ضــاقَــتِ الأَرضُ بِهِــم فَــاِتَّخــَذوا
فـي السَـمـاواتِ قُـبـورَ الشُهَـداء
فِــتـيَـةٌ يُـمـسـونَ جـيـرانَ السُهـا
سُـمَـراءَ النَـجـمِ في أَوجِ العَلاء
حُــوَّمــاً فَــوقَ جِــبــالٍ لَم تَــكُــن
لِلرِيــاحِ الهــوجِ يَـومـاً بِـوِطـاء
لِسُــــلَيــــمـــانَ بِـــســـاطٌ واحِـــدٌ
وَلَهُــم أَلفُ بِــسـاطٍ فـي الفَـضـاء
يَــركَــبـونَ الشُهـبَ وَالسُـحـبَ إِلى
رِفـعَـةِ الذِكـرِ وَعَـليـاءِ الثَـناء
يـا نُـسـوراً هَـبَطوا الوادي عَلى
ســالِفِ الحُــبِّ وَمَــأثــورِ الوَلاء
دارُكُــم مِــصــرُ وَفـيـهـا قَـومُـكُـم
مَـرحَـبـاً بِـالأَقـرَبـيـنَ الكُـرَماء
طِــرتُــمُ فــيــهــا فَـطـارَت فَـرَحـاً
بِــأَعَــزِّ الضَــيـفِ خَـيـرِ النُـزَلاء
هَـل شَـجـاكُـم فـي ثَـرى أَهـرامِهـا
مــا أَرَقــتُــم مِــن دُمـوعٍ وَدِمـاء
أَيــنَ نَــســرٌ قَـد تَـلَقّـى قَـبـلَكُـم
عِـظَـةَ الأَجـيـالِ مِـن أَعـلى بِناء
لَو شَهِــدتُــم عَــصــرَهُ أَضــحــى لَهُ
عـالَمُ الأَفـلاكِ مَـعـقودَ اللِواء
جَـــرَحَ الأَهـــرامَ فـــي عِـــزَّتِهــا
فَـمَـشـى لِلقَـبـرِ مَـجـروحَ الإِبـاء
أَخَــذَت تــاجــاً بِــتــاجٍ ثَــأرَهــا
وَجَــزَت مِــن صَــلَفٍ بِــالكِــبـرِيـاء
وَتَـــمَـــنَّتـــ لَو حَـــوَت أَعـــظُـــمَهُ
بَـيـنَ أَبـنـاءِ الشُـمـوسِ العُظَماء
جَـــلَّ شَـــأنُ اللَهِ هـــادي خَـــلقِهِ
بِهُــدى العِــلمِ وَنــورِ العُـلَمـاء
زَفَّ مِــن آيــاتِهِ الكُــبــرى لَنــا
طِــلبَــةً طـالَ بِهـا عَهـدُ الرَجـاء
مَــــركَــــبٌ لَو سَـــلَفَ الدَهـــرُ بِهِ
كــانَ إِحـدى مُـعـجِـزاتِ القُـدَمـاء
نِـــصـــفُهُ طَـــيـــرٌ وَنِــصــفٌ بَــشَــرٌ
يـا لَهـا إِحـدى أَعـاجيبِ القَضاء
رائِعٌ مُـــرتَـــفِــعــاً أَو واقِــعــاً
أَنـفُـسَ الشُـجـعـانِ قَـبلَ الجُبَناء
مُــســرَجٌ فــي كُــلِّ حــيــنٍ مُــلجَــمٌ
كــامِــلُ العُــدَّةِ مَـرمـوقُ الرُواء
كَـبِـسـاطِ الريـحِ فـي القُـدرَةِ أَو
هُـدهُـدِ السـيـرَةِ في صِدقِ البَلاء
أَو كَــحــوتٍ يَــرتَــمـي المَـوجُ بِهِ
ســـابِـــحٌ بَــيــنَ ظُهــورٍ وَخَــفــاء
راكِـــبٌ مـــا شــاءَ مِــن أَطــرافِهِ
لا يُــرى مِــن مَــركَـبٍ ذي عُـدَواء
مَــــلَأَ الجَـــوَّ فِـــعـــالاً وَغَـــدا
عَــجَـبَ الغِـربـانِ فـيـهِ وَالحِـداء
وَتَــــرى السُــــحــــبَ بِهِ راعِــــدَةً
مِــن حَــديـدٍ جُـمِّعـَت لا مِـن رَواء
حَــمَــلَ الفــولاذَ ريــشــاً وَجَــرى
فــي عِــنــانَــيــنِ لَهُ نـارٍ وَمـاء
وَجَـــنـــاحٍ غَـــيـــرِ ذي قـــادِمَـــةٍ
كَــجَـنـاحِ النَـحـلِ مَـصـقـولٍ سَـواء
وَذُنـــابـــى كُـــلُّ ريـــحٍ مَـــسَّهـــا
مَــسَّهــُ صــاعِــقَــةٌ مِــن كَهــرُبــاء
يَـــتَـــراءى كَـــوكَـــبــاً ذا ذَنَــبٍ
فَــإِذا جَــدَّ فَــسَهــمــاً ذا مَـضـاء
فَـــإِذا جـــازَ الثُــرَيّــا لِلثَــرى
جَــرَّ كَــالطـاووسِ ذَيـلَ الخُـيَـلاء
يَــمــلَأُ الآفــاقَ صَــوتــاً وَصَــدىً
كَـعَـزيفِ الجِنِّ في الأَرضِ العَراء
أَرسَــلَتــهُ الأَرضُ عَــنـهـا خَـبَـراً
طَــنَّ فــي آذانِ سُــكّــانِ السَـمـاء
يـا شَـبـابَ الغَـدِ وَاِبنايَ الفِدى
لَكُــمُ أَكــرِم وَأَعــزِز بِــالفِــداء
هَـل يَـمُـدُّ اللَهُ لِيَ العَـيـشَ عَـسى
أَن أَراكُـم فـي الفَريقِ السُعَداء
وَأَرى تـــاجَـــكُـــمُ فَـــوقَ السُهــا
وَأَرى عَــــرشَـــكُـــمُ فَـــوقَ ذُكـــاء
مَـن رَآكُـم قـالَ مِـصـرُ اِسـتَـرجَـعَت
عِــزَّهــا فـي عَهـدِ خـوفـو وَمِـنـاء
أُمَّةــٌ لِلخُــلدِ مــا تَــبــنــي إِذا
مـا بَـنـى النـاسُ جَميعاً لِلعَفاء
تَـعـصِمُ الأَجسامَ مِن عادي البِلا
وَتَـقـي الآثارَ مِن عادي الفَناء
إِن أَسَــأنــا لَكُــمُ أَو لَم نُــسِــئ
نَـحـنُ هَـلكـى فَـلَكُـم طولُ البَقاء
إِنَّمـــا مِـــصــرُ إِلَيــكُــم وَبِــكُــم
وَحُــقــوقُ البِـرِّ أَولى بِـالقَـضـاء
عَــصــرُكُــم حُــرٌّ وَمُــســتَــقــبَـلُكُـم
فـي يَـمـيـنِ اللَهِ خَـيـرِ الأُمَناء
لا تَـقـولوا حَـطَّنـا الدَهـرُ فَـما
هُــوَ إِلّا مِــن خَــيــالِ الشُـعَـراء
هَــل عَــلِمــتُــم أُمَّةـً فـي جَهـلِهـا
ظَهَـرَت فـي المَجدِ حَسناءَ الرِداء
بــاطِــنُ الأُمَّةــِ مِــن ظــاهِــرِهــا
إِنَّمـا السـائِلُ مِـن لَونِ الإِنـاء
فَــخُــذوا العِــلمَ عَــلى أَعــلامِهِ
وَاِطـلُبـوا الحِكمَةَ عِندَ الحُكَماء
وَاِقـرَأوا تـاريـخَـكُـم وَاِحـتَفِظوا
بِــفَــصــيــحٍ جـاءَكُـم مِـن فُـصَـحـاء
أَنــــزَلَ اللَهُ عَــــلى أَلسُـــنِهِـــم
وَحـيَهُ فـي أَعـصُـرِ الوَحيِ الوِضاء
وَاِحـكُـمـوا الدُنـيا بِسُلطانٍ فَما
خُــلِقَــت نَــضــرَتُهــا لِلضُــعَــفــاء
وَاِطلُبوا المَجدَ عَلى الأَرضِ فَإِن
هِـيَ ضـاقَـت فَـاِطلُبوهُ في السَماء
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أحمد شوقي
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932