قصيدة أعدت الراحة الكبرى لمن تعبا للشاعر أحمد شوقي

البيت العربي

أُعِدَّتِ الراحَةُ الكُبرى لِمَن تَعِبا


عدد ابيات القصيدة:35


أُعِدَّتِ الراحَةُ الكُبرى لِمَن تَعِبا
أُعِـدَّتِ الراحَـةُ الكُـبـرى لِمَـن تَـعِـبـا
وَفـــازَ بِـــالحَــقِّ مَــن يَــألُهُ طَــلَبــا
وَمــا قَــضَـت مِـصـرُ مِـن كُـلِّ لُبـانَـتَهـا
حَـتّـى تَـجُـرَّ ذُيـولَ الغِـبـطَـةِ القُـشُـبا
في الأَمرِ ما فيهِ مِن جِدٍّ فَلا تَقِفوا
مِــن واقِــعٍ جَــزَعــاً أَو طــائِرٍ طَـرَبـا
لا تُـثـبِـتُ العَـيـنُ شَـيـئاً أَو تُـحَقِّقُهُ
إِذا تَـحَـيَّرَ فـيـهـا الدَمـعُ وَاِضـطَـرَبا
وَالصُـبـحُ يُـظـلِمُ فـي عَـيـنَـيـكِ نـاصِعُهُ
إِذا سَــدَلتَ عَــلَيــكَ الشَــكَّ وَالرِيَـبـا
إِذا طَــلَبــتَ عَــظــيــمـاً فَـاِصـبِـرَنَّ لَهُ
أَو فَـاِحـشُـدَنَّ رِمـاحَ الخَـطِّ وَالقُـضُـبـا
وَلا تُـــعِـــدَّ صَــغــيــراتِ الأُمــورِ لَهُ
إِنَّ الصَــغــائِرَ لَيــسَـت لِلعُـلا أُهُـبـا
وَلَن تَــرى صُــحــبَـةً تُـرضـى عَـواقِـبُهـا
كَـالحَـقِّ وَالصَبرِ في أَمرٍ إِذا اِصطَحَبا
إِنَّ الرِجـالَ إِذا مـا أُلجِـئوا لَجَـئوا
إِلى التَـعـاوُنِ فـيـمـا جَـلَّ أَو حَـزَبـا
لا رَيــبَ أَنَّ خُــطــا الآمــالِ واسِـعَـةٌ
وَأَنَّ لَيــلَ سُــراهــا صُــبـحُهُ اِقـتَـرَبـا
وَأَنَّ فــي راحَــتَــي مِــصــرٍ وَصــاحِـبِهـا
عَهــداً وَعَـقـداً بِـحَـقٍّ كـانَ مُـغـتَـصَـبـا
قَــد فَــتَّحــَ اللَهُ أَبـوابـاً لَعَـلَّ لَنـا
وَراءَهــا فُــسَــحَ الآمــالِ وَالرُحُــبــا
لَولا يَـدُ اللَهِ لَم نَـدفَـع مَـنـاكِـبَها
وَلَم نُـعـالِج عَـلى مِـصـراعِهـا الأَرَبا
لا تَـعـدَمُ الهِـمَّةـُ الكُـبـرى جَوائِزَها
سِــيّــانِ مَــن غَـلَبَ الأَيّـامَ أَو غُـلِبـا
وَكُــلُّ سَــعــيٍ سَــيَــجــزي اللَهُ سـاعِـيَهُ
هَـيـهـاتَ يَـذهَـبُ سَـعـيَ المُـحسِنينَ هَبا
لَم يُـبـرِمِ الأَمـرَ حَـتّـى يَـستَبينَ لَكُم
أَســاءَ عــاقِــبَــةً أَم سَــرَّ مُــنــقَـلَبـا
نِــلتُــم جَـليـلاً وَلا تُـعـطـونَ خَـردَلَةً
إِلّا الَّذي دَفَــعَ الدُسـتـورُ أَو جَـلَبـا
تَـــمَهَّدَت عَـــقَـــبـــاتٌ غَـــيـــرُ هَــيِّنــَةٍ
تَـلقـى رُكـابُ السُـرى مِن مِثلِها نَصَبا
وَأَقـــبَـــلَت عَـــقَـــبــاتٌ لا يُــذَلِّلُهــا
فـي مَـوقِفِ الفَصلِ إِلّا الشَعبُ مُنتَخَبا
لَهُ غَـــداً رَأيُهُ فـــيــهــا وَحِــكــمَــتُهُ
إِذا تَــمَهَّلــَ فَــوقَ الشَــوكِ أَو وَثَـبـا
كَـم صَـعَّبـَ اليَـومُ مِـن سَهـلٍ هَـمَـمتَ بِهِ
وَسَهَّلـَ الغَـدُ فـي الأَشـيـاءِ مـا صَعُبا
ضَــمّــوا الجُهــودَ وَخَــلوُهــا مُــنَــكَّرَةً
لا تَملَئوا الشَدقَ مِن تَعريفِها عَجَبا
أَفـي الوَغـى وَرَحـى الهَـيـجـاءِ دائِرَةٌ
تُـحـصـونَ مَـن ماتَ أَو تُحصونَ ما سُلِبا
خَــلّوا الأَكــاليــلَ لِلتـاريـخِ إِنَّ لَهُ
يَـــداً تُـــؤَلِّفُهـــا دُرّاً وَمَـــخــشَــلَبــا
أَمــرُ الرِجــالِ إِلَيــهِ لا إِلى نَــفَــرٍ
مِـن بَـيـنِـكُـم سَـبَقَ الأَنباءَ وَالكُتُبا
أَمـلى عَـلَيهِ الهَوى وَالحِقدُ فَاِندَفَعَت
يَــداهُ تَــرتَــجِـلانِ المـاءَ وَاللَهَـبـا
إِذا رَأَيــتَ الهَــوى فــي أُمَّةـٍ حَـكَـمـاً
فَـاِحـكُـم هُـنـالِكَ أَنَّ العَـقلَ قَد ذَهَبا
قـالوا الحِـمـايَـةُ زالَت قُلتُ لا عَجَبٌ
بَـل كـانَ بـاطِـلُهـا فـيكُم هُوَ العَجَبا
رَأسُ الحِــمـايَـةِ مَـقـطـوعٌ فَـلا عَـدِمَـت
كِـنـانَـةُ اللَهِ حَـزمـاً يَـقـطَـعُ الذَنَبا
لَو تَــســأَلونَ أَلِنـبـي يَـومَ جَـنـدَلَهـا
بِــأَيِّ سَــيــفٍ عَــلى يــافـوخِهـا ضَـرَبـا
أَبــا الَّذي جَـرَّ يَـومَ السِـلمِ مُـتَّشـِحـاً
أَم بِـالَّذي هَـزَّ يَـومَ الحَـربِ مُـخـتَضِبا
أَم بِـالتَـكـاتُـفِ حَـولَ الحَـقِّ فـي بَـلَدٍ
مِـن أَربَـعـيـنَ يُنادي الوَيلَ وَالحَرَبا
يـا فـاتِـحَ القُـدسِ خَـلِّ السَـيفَ ناحِيَةً
لَيـسَ الصَـليـبُ حَـديـداً كـانَ بَل خَشَبا
إِذا نَــظَــرتَ إِلى أَيــنَ اِنــتَهَـت يَـدُهُ
وَكَــيـفَ جـاوَزَ فـي سُـلطـانِهِ القُـطُـبـا
عَـــلِمـــتَ أَنَّ وَراءَ الضَــعــفِ مَــقــدِرَةً
وَأَنَّ لِلحَــــقِّ لا لِلقُــــوَّةِ الغَـــلَبـــا
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932
تصنيفات قصيدة أُعِدَّتِ الراحَةُ الكُبرى لِمَن تَعِبا