البيت العربي

بدولة التُّركِ عزَّت ملَّةُ العربِ
عدد ابيات القصيدة:57

بـــدولة التُّركِ عـــزَّت مـــلَّةُ العـــربِ
وبــابــن أَيّــوبَ ذلَّت شــيــعـةُ الصُّلـب
وفــي زمــانِ ابــن أَيــوبٍ غَــدتْ حــلبٌ
مـن أَرض مـصـرَ وعـادت مـصـرُ مـن حـلبِ
ولابــن أَيّــوبٍ دانــت كُــلُّ مــمــلكــةٍ
بـالصَّفـْح والصُّلحِ أَو بالْحربِ والحَرَبِ
مــظــفَّرُ النَّصــرِ مــنــعــوتٌ بــهــمـتـه
إلى العــزائِم مــدلولٌ عــلى الغــلَبِ
والدَّهـرُ بـالقَـدرِ المـحـتـومِ يَـخْـدُمُه
والأَرضُ بـالخـلقِِ والأَفـلاكُ بـالشُّهب
ويَـجـتـلي الخـلقُ مـن رايـاتـهِ أَبـداً
مــبـيـضـةَ النَّصـرِ مـن مـصـفَّرة العَـذَب
إِنَّ العــواصــمَ كــانــت أيّ عــاصــمــةٍ
مــعــصــومـةً بـتـعـاليـهـا عـن الرُّتَـبِ
مـــا دارَ قـــطُّ عــليــهــا دورُ دائرةٍ
كــلاَّ وَلاَ وَاصَــلَتْهــا نــوبــةُ النُّوبِ
لو رامَهـا الدَّهـرُ لم يـظـفَرْ بِبُغْيَتهِ
ولَوْ رمــاهَـا بِـقـوسِ الأُفْـقِِ لم يـصُـب
ولوْ أَتَــى أَســدُ الأَبْــراجِ مُـنْـتَـصـراً
خَــارتْ قــوائمــهُ عــنــهــا ولم يَـثِـبِ
جَــليــسـةُ النَّجـْمِ فـي أَعْـلَى مـنـازِله
وطَــالمــا غَـابَ عـنْهـا وهْـي لَمْ تَـغِـبِ
تُــلقِــي إذا عـطـشـت والبـرقُ أَرشـيـةٌ
كــواكــبَ الدَّلو فـي بـئرٍ مـن السُّحـب
كُــلُّ القـلاعِ تـرومُ السُّحـبَ فـي صَـعَـدٍ
إِلاَّ العـواصـمَ تَـبْـغِي السُّحبَ في صَبَب
حـتَّى أَتَـى مَـنْ مَـنـالُ النَّجـْمِ مَـطْـلبُه
يا طالبَ النَّجم قَدْ أَوْغَلْتَ في الطَّلَب
مَــنْ لو أَبـى الفـلكُ الدَّوارُ طـاعـتَه
لصــيَّر الرأْسَ مــنــه مــوضــعَ الذَّنَــب
أَتَـى إِليـهـا يـقـودُ البـحـرَ مُـلتَطِماً
والبِـيـضُ كـالمَـوْجِ والبَيْضَاتُ كالْحبَبِ
تـبـدو الفـوارسُ مـنـه فـي سَـوابِـغِها
بـيـن النـقـيـضـيـن مـن ماءٍ ومن لهبِ
مُــسْــتَــلْئِمـيـن ولولا أَنَّهـم حَـفِـظُـوا
عـوائدَ الحْـربِ لاسْـتَـغْنَوا عن اليَلَبِ
جِـمَـالُهـم مـن مَـغـازيـهـم إِذا قَفَلوا
حَــمَّاــلةُ السَّبــْيِ لا حـمُّاـلةُ الحَـطـبِ
فــطــافَ مــنــهــا بــركـنٍ لا يـقـبِّلـهُ
إِلا أَســنَّةــُ أَطــرافِ القَــنـا السُّلـُبِ
وحـلَّ مـن حـولِهـا الأَقْـصـى عـلى فـلكٍ
ودَارَ مـن بُـرجِهـا الأَعـلى عـلى قُـطُبِ
وَمَـــانَـــعَــتْه كــمــعــشــوقٍ تــمــنُّعــُه
أَحـلى مـن الشَّهدِ أَو أَحْلَى من الضَّرَبِ
فــمــرَّ عــنــهـا بـلا غـيـظٍ ولا حَـنَـقٍ
وســار عــنــهـا بـلا حِـقْـدٍ ولا غَـضَـب
تــطــوى البـلادَ وأَهـليـهـا كـتـائبُه
طــيَّاــً كــمــا طَــوتِ الكـتَّاـبُ للكُـتُـبِ
وافـى الفـراتَ فـأَلفـى فـيـه ذا لَجَبٍ
يــظــلُّ يــهــزأُ مِــنْ تَــيَّاــرِه اللَّجِــبِ
رمَـت بـه الجُـرْدُ فـي التَّيارِ أَنْفسَها
فـعـومـهـا فـيـه كـالتـقـريـب والخبب
لم تـرضَ بـالسُّفـنِ أَن تَـغْدو حواملَها
فــعــزُّهــا ليــس يَــرْضــى ذِلَّة الخَـشـب
وكــان عــلَّمــهــا قــطــعَ الفـراتِ بـه
تـعـلُّمُ العـومِ فـي بـحـر الدَّم السَّرب
وجـــاوزتْه وأَبْـــقَــى مــن فــواقِــعــه
درّاً تـــرصَّعـــَ فــوق العُــرف واللَّبَــبِ
إِلى بــلادٍ أَجــابــت قــبـلمـا دُعـيـت
للخــاطـبـيـن ولولا الخـوفُ لم تُـجـب
لو لم تُـجِـب يُـوسـفـاً مـن قبلِ دعْوَتَه
لَعــادَ عــامِــرُهــا كـالجـوسـق الخَـرِبِ
خَــافَــتْ وخــافَ وفـرَّ المـالكـون لَهـا
فــالْمُـدْنُ فـي رَهَـب والقـومُ فـي هَـرب
ثـم اسـتـجـابَـتْ فـلا حـصـنٌ بـمـمـتـنعٍ
مِــنْهــا عــليــهِ ولا مُـلْك بِـمُـحـتَـجِـبِ
وأَصــبَــحــوا مِــنْه فــي هَـمٍّ وصـبَّحـهـم
وهُــمْ سُــكَـارَى بـكـأْسِ اللَّهـوِ والطَّربِ
تـفـرَّغُـوا لنـعـيـم العـيـشِ واشْتغلوا
عــن الثُّغــورِ بـلثـمِ الثَّغـْرِ والشَّنـَبِ
أَرضُ الجـزيـرةِ لم تـظـفَـرْ مـمـالِكُهـا
بــــمــــالكٍ فــــطِــــنٍ أَو سَــــائِسٍ دَرِبِ
مـــمـــالكٌ لم يُـــدَبِّرهـــا مــدبــرهــا
إِلا بــرأْي خَــصِــيٍّ أَو بــعَــقــلِ صَـبِـي
حـتَّى أَتـاهـا صـلاحُ الدِّيـنِ فـانْصَلَحَتْ
مــن الفـسـادِ كَـمـا صـحَّتـْ مِـنَ الوَصَـبِ
واسـتـعـمـلَ الجِـدَّ فـيـهـا غيرَ مكترثٍ
بــالجَــدِّ حــتــى كـأَنَّ الجِـدَّ كـاللَّعِـب
وقــد حَــواهـا وأَعْـطـى بـعـضَهـا هِـبـةً
فــهــوَ الَّذِي يَهَـبُ الدُّنْـيَـا ولم يَهَـب
يُــعــطــيِ الذي أُخِــذت مـنـه مـمـالكُه
وقــد يَــمُـنُّ عـلى المـسـلوبِ بـالسَّلـب
ويـمـنـحُ المـدنَ فـي الجَـدْوى لسائِله
كـمَـا تـرفَّعـَ فـي الجـدْوى عـن الذَّهـب
ومــذ رأَتْ صــدَّه عــن رَبْــعــهــا حــلبٌ
ووصــــلَه بــــبــــلادِ حُـــلْوةِ الحَـــلَب
غــارَتْ عــليــه ومــدَّتْ كــفَّ مــفْــتـقِـر
مِــنْهــا إِليــه وأَبْــدَت وجـهَ مُـكْـتَـئِب
واســتــعــطــفَـتْه فَـوافَـتْهـا عـواطـفُه
وأَكــثـبَ الصُّلـْحَ إِذ نـادَتْه عـن كَـثـبِ
وحــلَّ مِــنْهــا بــأُفْــقٍ غـيـرِ مـنـخـفـضٍ
للصَّاــعــديــن وبُــرجٍ غــيــرِ مُــنـقـلِب
فــتــحُ الفــتـوحِ بـلا مَـيْـنٍ وصـاحـبُه
مَــلْكُ المــلوكِ ومَــوْلاهــا بِـلا كَـذِبِ
ومــعــجــزٍ كَــمْ أَتـانـا مـنـه مُـشْـبِهُه
فـصـارَ لا عـجـبـاً مـن فَـضْـلهِ العَـجَـبِ
تَهـنَّ بـالفـتـحِ يـا أَوْلَى الأَنـامِ به
فــالفــتــحُ إِرْثُـك عَـنْ آبـائِك النُّجـُبِ
وافـخَـرْ فَـفَـتْـحُـك ذا فـخـرٌ لمـفـتـخـرٍ
ذُخْـــرٌ لمـــدَّخِـــرٍ كـــســبٌ لمــكــتَــســبِ
بــكَ العـواصـمُ طَـبَـت بـعـدمـا خَـبُـثَـتْ
بِــمَــالِكِــيــهـا ولولاَ أَنْـتَ لم تَـطِـبِ
فــــليــــت كـــلَّ صـــبـــاح ذرَّ شَـــارقُه
فـداءُ ليـلِ فَـتَـى الفـتـيـانِ فـي حَلَبِ
إنِّيــ أُحِــبُّ بِــلاداً أَنــت ســاكــنُهــا
وسـاكـنِـيـهـا وليـسُـوا مِـنْ ذَوِي نَسَبي
إِلاَّ لأَنَّكــَ قــد أَصــبــحــتَ مــالكَهــا
دون الأَنــامِ وهــل حُــبٌّ بــلا سَــبَــب
فــجــود كــفِّكــَ ذُخْــرٌ فــي يَـدِي ويـدي
وحُــبُّ بــيــتـكِ إِرْثِـي عـن أَبِـي فَـأَبِـي
ألهــى مــديــحُــك شِــعْـري عـن تَـغَـزُّلِه
فــجـاءَ مـقـتـضَـبـاً فـي إِثـرِ مُـقْـتَـضَـبِ
فـلم أَقُـلْ فـيـه لاَ أَنَّ الصـبـابةَ لِي
يـومَ الرَّحـيـلِ ولا أَنَّ المـليـحـةَ بِي
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: ابن سناء الملك
شاعر من النبلاء، مصري المولد والوفاة، كان وافر الفضل، رحب النادي جيد الشعر بديع الإنشاء، كتب في ديوان الإنشاء بمصر مدة، ولاه الملك الكامل ديوان الجيش سنة 606 هـ.وكان ينبز بالضفدع لجحوظ في عينيه
له (دار الطراز- ط) في عمل الموشحات، (وفصوص الفصل- خ) جمع فيه طائفة من إنشاء كتاب عصره ولاسيما القاضي الفاضل، و(روح الحيوان) اختصر به الحيوان للجاحظ و "كتاب مصايد الشوارد"، و(ديوان شعر- ط) بالهند، وفي دار الكتاب الظاهرية بدمشق الجزء الثاني من منظومة في (غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم) يُظن آنها له.
وترجم له الصفدي في الوافي قال:
قال ابن سعيد المَغرِبي": كان غالياً في التشيّع (ثم سمى كتبه ثم قال):
وقال ياقوت الحموي: حدثني الصاحب الوزير جمال الدين الأكرم، قال: كان سناء الملك واسمه رَزين رجلاً يهودياً صيرفيّاً بمصر وكانت له ثروةٌ، فأسلم ثم مات، وخلّف ولدَه الرشيد جعفراً، وكان له مضارَباتٌ وقُروضٌ وتجاراتٌ اكتسب بها أموالاً جمّةً ولم يكن عنده من العلم ما يشتهِر إلا أنه ظفِر بمصر بجزء من كتاب الصِحاح الجَوهري، وهو نِصف الكتاب بخط الجوهري نفسِهِ فاشتراه بشيء يسير، وأقام عنده محروساً عدّة سنين إلى أن ورد إلى مصر رجلٌ أعجمي ومعه النصف الآخر من صحاح الجوهري، فعرضه على كتبيّ بمصر، فقال له: نصف هذا الكتاب الآخر عند الرشيد بن سناء الملك، فجاءه به وقال: هذا نصف الكتاب الذي عندك، فإما أن تُعطِيَني النصفَ الذي عندك وأنا أدفَعُ إليك وزنَه دراهم، فجعل الرشيد يضرب أخماساً لأسداس ويخاصم نفسَه في أحد الأمرين حتى حمل نفسه وأخرج دراهم ووزَن له ما أراد، وكان مقدارها خمسةَ عشر ديناراً، وبقيت النسخة عنده، ونشأ له السعيد ابنهُ هبةُ الله، فتردّد بمصر إلى الشيخ أبي المحاسن البَهنَسي النحوي، وهو والد الوزير البهنسي الذي وزر للأشرف بن العادل، وكان عنده قَبولٌ وذكاء وفطنة، وعاشر في مجلسه رجلاً مغربيّاً كان يتعانى عمل الموشحات المغربية والأزجال، فوقّفه على أسرارها وباحثه فيها وكثّر حتى انقَدَح له في عملها ما زاد على المَغاربة حُسناً، وتعانى البلاغة والكتابة، ولم يكن خَطّه جيّداً، انتهى، قلتُ: وكان يُنبَز بالضفدع لجحوظٍ في عينيه، وفيه يقول ابن الساعاتي، وكتب ذلك على كتابه "مصايد الشوارد":
وفيه يقول أيضاً وقد سقط عن بغل له، كان عالياً جدّاً ويسمَّى الجَمَل:
وهذا دليل على أن ابنَ سناء الملك كان شيعيّاً، ...إلخ
ولم يذكر ابن خلكان أن جده كان يهوديا ولا أنه كان ينبز بالضفدع قال:
ابن سناء الملك القاضي السعيد أبو القاسم هبة الله بن القاضي الرشيد أبي الفضل جعفر بن المعتمد
سناء الملك أبي عبد الله محمد بن هبة الله بن محمد السعدي، الشاعر المشهور، المصري صاحب ديوان الشعر البديع والنظم الرائق، أحد الفضلاء الرؤساء النبلاء، ...إلخ.
وفي السلوك للمقريزي ترجمة نادرة لوالده الرشيد في وفيات سنة 592 ونصها:
وفي خامس ذي الحجة: مات القاضي الرشيد ابن سناء الملك. قال القاضي الفاضل فيه: "ونعم الصاحب الذي لا تخلفه الأيام، ولا يعرف له نظير من الأقوام: أمانة سمينة، وعقيدة ود متينة، ومحاسن ليست بواحدة، ومساع في نفع المعارف جاهدة. وكان حافظا لكتاب الله، مشتغلا بالعلوم الأدبية، كثير الصدقات، نفعه الله، والأعمال الصالحات، عرفه الله بركاتها".
ومن شعر ابن سناء الملك قصيدة في 68 بيتا يودع بها والده القاضي الرشيد في سفرة له إلى دمشق، وفيها قوله:
ومن مدائحه في الرشيد الموشح الذي مطلعه:
أَخْمَلَ ياقوتَ الشفقْ - دُرُّ الدراري
وفيه قوله:
ثم أورد العماد موشحا له في رثاء أمه أوله:
وكلا الموشحين ليسا في ديوانه المنشور في إصدارات الموسوعة السابقة
(1) قلت أنا بيان: انفرد ياقوت بهذه المعلومة الخطيرة وقد فندها الأستاذ محمد إبراهيم نصر في كتابه (ابن سناء الملك) انظر كلامه كاملا في صفحة القصيدة الدالية التي أولها: