قصيدة جد الغرام وزاد القال والقيل للشاعر ابن الساعاتي

البيت العربي

جدَّ الغرامُ وزاد القال والقيلُ


عدد ابيات القصيدة:74


جدَّ الغرامُ وزاد القال والقيلُ
جــدَّ الغـرامُ وزاد القـال والقـيـلُ
وذو الصّــبــابــة مــعــذورٌ ومـعـذول
والبـيـت نـكّـب عـنـهُ الفـيـل مكرمةً
لهــم فــلولاهــمُ مــا نـكّـب الفـيـل
قـومٌ لهـم زمـزمٌ لا دفـعَ عنهُ ووضـ
ـعُ الركـن لمّـا تـعـاطتهُ البهاليل
ذو المـجـد مازال معروفاً فليس به
نـكـرٌ وفـي المـجـد مـعـروفٌ ومـجهول
وكــلُّ عــفٍّ طــليــقٍ فــي فــصــاحــتــه
لســانــه بــحــريـز العـقـل مـعـقـول
أقـام سـوقـاً مـن المـعـروف زاكـيـةً
لا يـنـفـقُ الإفـكُ فيها والأباطيل
جزى عن السيّئ الحسنى وعامل بالب
قـــيـا وقـد كـثـرت فـيه الأقاويل
فــضــيــلةٌ عــرفــتْ مــن عـبـدِ مـطّـلبٍ
والقـوم صـرعـى كـعـصـفٍ وهـو مـأكول
هـم ألفـوا مـن تـمادى في قطيعتهم
وأمــنــوا مــن تــولَّى وهـو إجـفـيـل
تـرعـرعَ الديـن طـفـلاً بـين أظهرهم
ومـــا ألمَّ بـــه وهـــنٌ وتـــكــهــيــل
يـعـدُّهـا الغـمـرُ إسـرافـاً ومـنـقـصة
وإنــمــا هــي تــتــيــم وتــكــمــيــل
فــضــيــلتــا شــرفٍ مــا نــاله بـشـر
أولى وأخـرى بـهـم تـردى الأضاليل
فــعــنــهـمُ أخـذ التـنـزيـل أجـمـعـهُ
فـي الكـافرين وفي الباغين تأويل
الخـمـسـةُ الغـرُّ لم يـقـضَ اجتماعهمُ
إلاّ وسـادسـهـم فـي الجـمـع جـبـريل
لم يـثـو في أهله أهل العباء ففا
ت القــومَ وحــيٌ بـمـثـواهُ وتـنـزيـل
بــبــيـضـهـم فـرعـت عـليـا مـنـابـره
وفــي بــيــوتـهـم الإسـلام مـكـفـول
ردَّت أعــاديــه فــي بــدرٍ ويــومــئذ
جـيـادهُ القـبُّ والطّـيـرُ الأبـابـيـل
فـالنـفـس والبـيـت أشـبـاهٌ مـطـهـرةٌ
والآل والصــحــب أنـجـاد مـفـاضـيـل
مـــن كـــل أزهــر والألوان حــائلة
مـن طـيـنـةِ الحسن والإيمان مجبول
العــالمــون بــأن النــفــسَ هـالكـة
يــومــاً وإنَّ قــضــاءَ الله مــفـعـول
فــلا مــفـاريـحُ إن نـالت رمـاحـهـم
ولا مجازيع في البأساء إن نيلوا
أسـدٌ إذا نـازلوا شـهـب إذا سفروا
لدٌ إذا جــادلوا سـحـب إذا سـيـلوا
والصـفّ سـطر بسمر الخط ينقط والـ
ـبـيـدُ الطـروس وبـالهـنـديّ مـشـكول
والشـمـس رمـدا بـوجه اليوم بادية
فـجـفـنـهـا أمْـرَهٌ بـالنـقـع مـكـحـول
فـالسـرح نـهـبٌ ونـسـل الكفر أجمعهُ
ســبــيٌ بــأيـديـهـم والعـرش مـثـلول
تـردى بـسـاحـتـهـم جردُ الرباط لنص
ر الله أو تـخـدُ العـوذ المـطافيل
لهـم تـحلُّ الحبى والأرض واجفة ال
حــثـى ويـعـقد في الملك الأكاليل
المــؤثــرون وإن جــلّت خــصـاصـتـهـم
وهــم لأمـثـالهـا ضـعـفـاً مـفـاعـيـل
سـمُّ العـداة وفـرسـان البـيـات فمن
فـوق الأجـادل منها الغاب والغيل
المـبـكـيـاتُ عـيـون الزّغـف سـمـرهـم
دمـاً وإن ضـوعـفـت مـنـها السرابيل
السـادة القـادة الحـامـون ديـنـهم
بـالمـشـرفـيّـة والبـيـض المـقـاويـل
إن صـال أو قـال أودى فـي مـواقفه
مـــجـــدّل مـــن أعـــاديــه ومــجــدول
ليـثٌ إذا جـرّ من ذيل الحديد لغـي
ـر الكـبـر فـالجـيش مكفوف ومشلول
يـردي الكـمـيَّ ويـردى رمـحـه قـصـدا
فــرمــحــهُ قــاتــل للقــرن مــقـتـول
خـذ فـضـلهُ جـمـلةً جـاء الكتاب بها
فـعـزَّ أن يـحـصـر التـفـضـيـلَ تـفصيل
وكـيـف يـصـبو إلى الدنيا وزينتها
والقـلبُ مـن دنـس الأطـمـاع مـغسول
أضـاء هـديـاً وجـنـحُ الكـفـر مـعتكرٌ
ووجــهَ حــقٍ وســتــرُ الشــكِّ مــســدول
بـثّـت نـبـوتـه الأخـبـارُ إذ نـطـقـت
فــحــدّثــت عــنــهُ تــوراةٌ وإنــجـيـل
وقــفـتُ والدمـع جـارٍ يـوم بـيـنـهـمِ
وكــيـف أمـضـي وحـدّ الصـبـر مـفـلول
والومـض يـغـمـض فـي جـفـنـيَّ صـارمـهُ
لا غـرو للسـيـف يـدمـي وهـو مسلول
قـالوا بـكـيـت دمـاً والعـيس سائرة
بــكــل خــالٍ بـه فـي الحـي مـشـغـول
وسـنـانُ أشـقـى بـعـطـفـيـه وريـقـتـه
فــآفــتــي عــاســلٌ مــنــهُ ومــعـسـول
لدنُ المـعـاطـف لا تـصـحـو شـمـائله
كــأنــمــا هـو بـالصـهـبـاء مـشـمـول
يـجـنـي وفـي كـل جـزء مـن مـحـاسـنه
عــذرٌ جـمـيـلٌ إلى العـشـاق مـقـبـول
خـلا مـن البـدر طـرفـي وهـو منزلهُ
والقــلب وهــو أخــوهُ مـنـهُ مـأهـول
للبــرق فــيــك إشـاراتٌ لهـا طـربـي
وللنــســيــم حــديــثٌ عــنـك مـنـقـول
أشـكـو فـيـنـصـركـم قـلبـي ويـخذلني
وفــي المــحــبــة مــنـصـورٌ ومـخـذول
يـا واليَ القـلب أهـواهُ ويـظـلمـني
وكــلُّ والٍ بــحــكــم الدهــر مـعـزول
بـالحـلي ما بي فكم للوشح من قلقٍ
بـادٍ وكـم غـصَّةـٍ تـشـكـو الخـلاخـيـل
مــجــالسٌ أوحــشــتْ مــنـهـم وانـديـة
عــلى العـويـل بـهـا للصـبِ تـعـويـل
لا جـرَّ حـيـن خـلتْ مـنـهـا مـلاعبها
ذيـلُ النـسـيـم عـليـهـا وهـو مبلول
ظـللتُ فـي الدار أبـكـيها ويضحكها
دمــعٌ عـلى تـلكـم الأطـلال مـطـلول
يـا دمـيـة الحـيِّ ما حزني لفرقتكم
دعــوى ولا وجــدي العـذريُّ مـنـحـول
هـمُ المـنـى والأمـانـي غـير صادقة
وعــداً وسـؤلي هـمُ لو يـدرك السـول
فــمــا كــواحــدهــم فـي فـضـله أحـدٌ
ولا كــجــيــلهــمِ فــي فــضــله جـيـل
عـج بـالمـنـازل وأسأل عن أوانسها
فـهـي المـحـاريـب أو هـنَّ التماثيل
وكـم ركـبـتُ بـهـيـم الليـل فـي غرضٍ
وبــدره غــرةٌ والصــبــح تــحــجــيــل
كــم بــرّدت غــلةٌ مــن مــاء كـوثـره
أذن وكــم فــكَّ مــصــفــودٌ ومــغــلول
له تــزخــرف أفــنـاء الجـنـان وعـن
رضـوانـه حـلَّ مـنـهـا العرضُ والطول
فــسـيّـد الرسـل حـقـاً لا خـفـاءَ بـه
وشـافـعٌ فـي جـمـيـع النـاس مـقـبـول
مــرتّــلُ الوحــي يــتــلوهُ ويــدرســهُ
ولم يــكــن لكــلام الله تــرتــيــل
ولم يــجــبْ آدمٌ فــي حــال دعــوتــه
نــعــم ولم يــكُ قــابــيـلٌ وهـابـيـل
لولاه لم تــكُ شــمــسٌ لا ولا قـمـرٌ
ولا الفـرات وجـاراهـا ولا النـيل
هـو البـشـيـر النذير العدلُ شاهدهُ
وللشـــهـــادة تــجــريــحٌ وتــعــديــل
وكــيــف أخــمــل فــي دنــيـا وآخـرة
ومــنــطــقــي ورســول الله مــأمــول
ومـن عـجـائب مـا تـحـدى الرّكاب به
صـيـتٌ يـطـيـر بـفـضـلي وهـو مـحـمـول
حـسـبـي الثـلاثـة بـالتبريز شاهدةً
البـيـدُ والليـلُ والعـيسُ المراسيل
يـا حـاسـداً نـال مـن فـضلي بمنقصةٍ
عــليــك نـفـسـك إن الجـهـل مـفـضـول
فــعــلّلانـي وإن أبـصـرتـمـا شـفـقـاً
فــذاك نــضــح دمٍ والصــبـح مـقـتـول
فـالأنـجم الزّهر في الآفاق واقفة
كــأنــمــا عــلقــت مـنـهـا قـنـاديـل
مــضـت قـصـارُ ليـاليـنـا وأعـقـبـهـا
ليــلٌ طـويـل وفـي ليـل الأسـى طـول
ووردة الفــجــر فــي خـدَّي مـطـالعـهِ
كــأنــهــا أثــرٌ أبــقــاهُ تــقــبـيـل
أبــكـي وأنـدب رسـمـيـهـا بـكـاظـمـةٍ
وفــيــهـمـا لعـليـل الشـوق تـعـليـل
وإنَّنــــي لأرجّــــي أجــــرَ حــــبّهــــمُ
فــي يــومَ حــبّهــمُ أجــرٌ وتــنــويــل
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

على بن محمد بن رستم بن هَردوز أبو الحسن بهاء الدين المعروف بابن الساعاتى: الشاعر الدمشقي، نعته الذهبي ب(عين الشعراء) وفد والده من خراسان إلى دمشق وعمل في خدمة نور الدين الشهيد، ونبغ في صناعة الساعات وعلوم الفلك وهو الذي عمل الساعة المعلقة عند باب الجامع بدمشق وولد له في دمشث ولدان أحدهما بهاء الدين أبو الحسن صاحب هذا الديوان والثاني فخر الدين رضوان الطبيب الوزير الذي استوزره الملك الفائز ابن الملك العادل الأيوبي والملك المعظم عيسى بن الملك العادل. وانتقل بهاء الدين من دمشق إلى القاهرة وخدم صلاح الدين وتوفي فيها وهو في الحادية والخمسين وكل قصائده المؤرخة بعد 585 نظمت في وادي النيل. كما يقول الأستاذ أنيس المقدسي محقق ديوانه قال: ويوجد من المدائح ما يرجع عهده الى سنة 583 هجرية وقد ذكر أنه أنشدها في دمشق ومنها قصيدة في تهنئة صلاح الدين الايوبي بفتحه القدس. والظاهر أنه لم يرحل عن وطنه دمشق الا كارها مدفوعا الى الرحيل بطلب المال وحسن الحال أو كما يقول:
قال ابن خلكان: شاعر مبرز في حلبة المتأخرين، له ديوان شعر يدخل في مجلدين، أجاد فيه كل الإجادة، وديوان أخر لطيف سماه " مقطعات النيل " نقلت منه قوله: (ثم أورد قطعتين ثم قال): وله كل معنى مليح. أخبرني ولده بالقاهرة المحروسة أن أباه توفي يوم الخميس الثالث والعشرين من شهر رمضان سنة أربع وستمائة بالقاهرة، ودفن بسفح المقطم وعمره إحدى وخمسون سنة وستة أشهر وأثنا عشر يوماً. ورأيت بخط بعض المشايخ وقد وافق في تاريخ الوفاة ولكنه قال: عاش ثمانياً وأربعين سنة وسبعة أشهر واثني عشر يوما وأنه ولد بدمشق، رحمه الله تعالى. والله أعلم بالصواب. وهردوز: بفتح الهاء وسكون الراء وضم الدال وسكون الواو وبعدها زاي.
تصنيفات قصيدة جدَّ الغرامُ وزاد القال والقيلُ