البيت العربي

حاشى الرَقيبَ فَخانَتهُ ضَمائِرُهُ
عدد ابيات القصيدة:34

حــاشــى الرَقـيـبَ فَـخـانَـتـهُ ضَـمـائِرُهُ
وَغَــيَّضــَ الدَمــعَ فَــاِنــهَــلَّت بَــوادِرُهُ
وَكـاتِـمُ الحُـبِّ يَـومَ البَـيـنِ مُـنـهَـتِـكٌ
وَصــاحِــبُ الدَمــعِ لا تَـخـفـى سَـرائِرُهُ
لَولا ظِــبــاءُ عَــدِيٍّ مــا شُـغِـفـتُ بِهِـم
وَلا بِـــــرَبـــــرَبِهِــــم لَولا جَــــآذِرُهُ
مِــن كُــلِّ أَحــوَرَ فــي أَنــيــابِهِ شَـنَـبٌ
خَــمــرٌ يُــخــامِــرُهــا مِــسـكٌ تُـخـامِـرُهُ
نَـــعـــجٌ مَـــحـــاجِــرُهُ دُعــجٌ نَــواظِــرُهُ
حُــــمــــرٌ غَـــفـــائِرُهُ ســـودٌ غَـــدائِرُهُ
أَعــارَنــي سُــقــمَ عَــيـنَـيـهِ وَحَـمَّلـَنـي
مِــنَ الهَــوى ثِـقـلَ مـا تَـحـوي مَـآزِرُهُ
يـا مَـن تَـحَـكَّمـَ فـي نَـفـسـي فَـعَـذَّبَـني
وَمَــن فُــؤادي عَــلى قَــتـلي يُـضـافِـرُهُ
بِــعَــودَةِ الدَولَةِ الغَــرّاءِ ثــانِــيَــةً
سَــلَوتُ عَــنــكَ وَنــامَ اللَيــلَ سـاهِـرُهُ
مِـن بَـعـدِ مـا كانَ لَيلي لا صَباحَ لَهُ
كَــــأَنَّ أَوَّلَ يَــــومِ الحَــــشـــرِ آخِـــرُهُ
غـابَ الأَمـيـرُ فَـغـابَ الخَـيرُ عَن بَلَدٍ
كـادَت لِفَـقـدِ اِسـمِهِ تَـبـكـي مَـنـابِـرُهُ
قَـدِ اِشـتَـكَـت وَحـشَـةَ الأَحـيـاءِ أَربُعُهُ
وَخَــبَّرَت عَــن أَسـى المَـوتـى مَـقـابِـرُهُ
حَــتّــى إِذا عُـقِـدَت فـيـهِ القِـبـابُ لَهُ
أَهَـــــلَّ لِلَّهِ بـــــاديــــهِ وَحــــاضِــــرُهُ
وَجَـــدَّدَت فَـــرَحــاً لا الغَــمُّ يَــطــرُدُهُ
وَلا الصَــبــابَــةُ فــي قَــلبٍ تُـجـاوِرُهُ
إِذا خَــلَت مِـنـكَ حِـمـصٌ لا خَـلَت أَبَـداً
فَــلا سَــقــاهـا مِـنَ الوَسـمِـيِّ بـاكِـرُهُ
دَخَــلتَهــا وَشُــعــاعُ الشَــمــسِ مُــتَّقــِدُ
وَنــورُ وَجــهِــكَ بَــيـنَ الخَـلقِ بـاهِـرُهُ
فــي فَــيـلَقٍ مِـن حَـديـدٍ لَو قَـذَفـتَ بِهِ
صَــــرفَ الزَمـــانِ لَمـــا دارَت دَوائِرُهُ
تَـمـضـي المَـواكِـبُ وَالأَبـصـارُ شـاخِصَةٌ
مِـنـهـا إِلى المَـلِكِ المَـيـمونِ طائِرُهُ
قَــد حِــرنَ فــي بَـشَـرٍ فـي تـاجِهِ قَـمَـرٌ
فـــي دِرعِهِ أَسَـــدٌ تَـــدمـــى أَظــافِــرُهُ
حُــــلو خَــــلائِقُهُ شــــوسٍ حَــــقــــائِقُهُ
تُـحـصـى الحَـصـى قَـبلَ أَن تُحصى مَآثِرُهُ
تَـضـيـقُ عَـن جَـيـشِهِ الدُنيا وَلَو رَحُبَت
كَــصَــدرِهِ لَم تَــبِــن فـيـهـا عَـسـاكِـرُهُ
إِذا تَــغَــلغَـلَ فِـكـرُ المَـرءِ فـي طَـرَفٍ
مِــن مَــجــدِهِ غَــرِقَــت فــيــهِ خَـواطِـرُهُ
تَــحــمـى السُـيـوفُ عَـلى أَعـدائِهِ مَـعَهُ
كَــــأَنَّهــــُنَّ بَــــنــــوهُ أَو عَـــشـــائِرُهُ
إِذا اِنـتَـضـاهـا لِحَـربٍ لَم تَـدَع جَسَداً
إِلّا وَبـــاطِـــنُهُ لِلعَـــيـــنِ ظـــاهِـــرُهُ
فَــقَــد تَــيَــقَّنــَ أَنَّ الحَــقَّ فــي يَــدِهِ
وَقَـــد وَثِـــقـــنَ بِـــأَنَّ اللَهَ نــاصِــرُهُ
تَــرَكــنَ هــامَ بَــنــي عَــوفٍ وَثَــعـلَبَـةٍ
عَـــلى رُؤوسٍ بِـــلا نـــاسٍ مَـــغــافِــرُهُ
فَـخـاضَ بِـالسَـيـفِ بَـحـرَ المَـوتِ خَلفَهُمُ
وَكــانَ مِــنـهُ إِلى الكَـعـبَـيـنِ زاخِـرُهُ
حَتّى اِنتَهى الفَرَسُ الجاري وَما وَقَعَت
فـي الأَرضِ مِـن جُـثَـثِ القَتلى حَوافِرُهُ
كَـــم مِـــن دَمٍ رَوِيَــت مِــنــهُ أَسِــنَّتــُهُ
وَمُهـــجَـــةٍ وَلَغَــت فــيــهــا بَــواتِــرُهُ
وَحـــائِنٍ لَعِـــبَــت سُــمــرُ الرِمــاحِ بِهِ
فَــالعَــيــشُ هــاجِــرُهُ وَالنَـسـرُ زائِرُهُ
مَــن قـالَ لَسـتَ بِـخَـيـرِ النـاسِ كُـلِّهِـمِ
فَــجَهــلُهُ بِــكَ عِــنــدَ النــاسِ عــاذِرُهُ
أَو شَـــكَّ أَنَّكـــَ فَـــردٌ فـــي زَمــانِهِــمِ
بِــلا نَــظــيــرٍ فَــفـي روحـي أُخـاطِـرُهُ
يـــا مَـــن أَلوذُ بِهِ فــيــمــا أُؤَمِّلــُهُ
وَمَــــن أَعــــوذُ بِهِ مِــــمّـــا أُحـــاذِرُهُ
وَمَـــن تَـــوَهَّمــتُ أَنَّ البَــحــرَ راحَــتُهُ
جـــوداً وَأَنَّ عَـــطـــايـــاهُ جَـــواهِـــرُهُ
لا يَـجـبُـرُ النـاسُ عَـظـماً أَنتَ كاسِرُهُ
وَلا يَهــيــضــونَ عَـظـمـاً أَنـتَ جـابِـرُهُ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: المُتَنَبّي
الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة المعاني المبتكرة.
ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس.
قال الشعر صبياً، وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه.
وفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه.
قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز.
عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسّد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد.
وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي.