البيت العربي

حَلَّت صُبَيرَةُ أَمواهَ العِدادِ وَقَد
عدد ابيات القصيدة:55

حَــلَّت صُــبَــيـرَةُ أَمـواهَ العِـدادِ وَقَـد
كــانَــت تَــحُــلُّ وَأَدنــى دارِهــا تُـكُـدُ
وَأَقــفَــرَ اليَــومَ مِــمَّنـ حَـلَّهُ الثَـمَـدُ
فَـالشُـعـبَـتـانِ فَـذاكَ الأَبـرَقُ الفَـرَدُ
وَبِــالصَــريــمَــةِ مِــنــهـا مَـنـزِلٌ خَـلَقٌ
عـــافٍ تَـــغَــيَّرَ إِلّا النُــؤيُ وَالوَتِــدُ
دارٌ لِبَهــنــانَــةٍ شَــطَّ المَــزارُ بِهــا
وَحــالَ مِـن دونِهـا الأَعـداءُ وَالرَصَـدُ
بَــكــرِيَّةـٍ لَم تَـكُـن داري لَهـا أَمَـمـاً
وَلا صُـــبَـــيــرَةُ مِــمَّنــ تَــيَّمــَت صَــدَدُ
يــا لَيــتَ أُخـتَ بَـنـي دُبٍّ يَـريـعُ بِهـا
صَـرفُ النَـوى فَـيَـنـامَ العـائِرُ السَهِدُ
أَمــسَــت مَـنـاهـا بِـأَرضٍ مـا يُـبَـلِّغُهـا
بِــصـاحِـبِ الهَـمِّ إِلّا الجَـسـرَةُ الأُجُـدُ
إِذا اليَـعـافـيـرُ فـي أَظـلالِها لَجَأَت
لَم تَـسـتَـطِـع شَأوَها المَقصوصَةُ الحُرُدُ
كَـــأَنَّهـــا واضِـــحُ الأَقـــرابِ أَفــزَعَهُ
غُــضـفٌ نَـواحِـلُ فـي أَعـنـاقِهـا القِـدَدُ
ذادَ الضِــراءَ بِــرَوقَــيــهِ وَكَــرَّ كَـمـا
ذادَ الكَـتـيـبَـةَ عَـنـهُ الرامِحُ النَجِدُ
أَو قــارِبٌ بِــالعُــرى هـاجَـت مَـراتِـعُهُ
وَخــانَهُ مــوثِــقُ الغُــدرانِ وَالثَــمَــدُ
رَعــى عُــنــازَةَ حَــتّــى صَــرَّ جُــنـدَبُهـا
وَذَعــذَعَ المــاءَ يَــومٌ صــاخِــدٌ يَــقِــدُ
فــي ذُبَّلــٍ كَــقِـداحِ النَـبـعِ يَـعـذِمُهـا
حَــتّــى تُــنــوسِـيَـتِ الأَضـغـانُ وَاللَدَدُ
يَـــشُـــلُّهُـــنَّ بِـــشَـــدٍّ مـــا يَــقــومُ لَهُ
مِــنــهــا مَـتـابـيـعُ أَفـلاءٍ وَلا جُـدَدُ
كَــأَنَّهــُ بَــعــدَ طـولِ الشَـدِّ إِذ لَحِـقَـت
جِــحــشـانُهـا وَاِنـطَـوَت أَمـعـاؤُهُ مَـسَـدُ
حَــتّــى تَــأَوَّبَ عَـيـنـاً مـا يَـزالُ بِهـا
مِــنَ الأَخــاضِــرِ أَو مِــن راسِــبٍ رَصَــدُ
دُســمُ العَـمـائِمِ مُـسـحٌ لا لَحـومَ لَهُـم
إِذا أَحَــسّــوا بِــشَــخـصٍ نـابِـئٍ لَبَـدوا
عَــلى شَــرائِعِهــا غَــرثــانُ مُــرتَــقِــبٌ
إِبــصــارَهــا خــائِفٌ إِدبــارَهــا كَـمِـدُ
حَــتّـى إِذا أَمـكَـنَـتـهُ مِـن مَـقـاتِـلِهـا
وَهـــوَ بِـــنَـــبـــعِــيَّةــٍ زَوراءَ مُــتَّئــِدِ
أَهـوى لَهـا مِـعـبَلاً مِثلَ الشِهابِ وَلَم
يُـقـصِـد وَقَـد كـادَ يَـلقى حَتفَهُ العَضِدُ
أَدبَــرنَ مِــنـهُ عِـجـالاً وَقـعُ أَكـرُعِهـا
كَـمـا تَـسـاقَـطَ تَـحـتَ الغَـبـيَـةِ البَرَدُ
يـا اِبـنَ القَـريـعَينِ لَولا أَنَّ سَيبَكُمُ
قَـد عَـمَّنـي لَم يُـجِـبـنـي داعِـيـاً أَحَـدُ
أَنـتُـم تَـدارَكـتُـمـونـي بَـعـدَمـا زَلِقَت
نَــعــلي وَأَخــرَجَ عَـن أَنـيـابِهِ الأَسَـدُ
وَمِـــن مُـــوَدِّئَةٍ أُخـــرى تَـــدارَكَـــنـــي
مِـــثـــلُ الرُدَيــنِــيِّ لا واهٍ وَلا أَوِدُ
نِــعــمَ الخُــؤولَةُ مِــن كَــلبٍ خُــؤولَتُهُ
وَنِــعــمَ مـا وَلَدَ الأَقـوامُ إِذ وَلَدوا
بــازٌ تَــظَــلُّ عِــتـاقُ الطَـيـرُ خـاشِـعَـةً
مِــنــهُ وَتَــمــتَـصِـعُ الكِـروانُ وَاللُبَـدُ
تَـــرى الوُفـــودَ إِلى جَــزلٍ مَــواهِــبُهُ
إِذا اِبــتَــغَــوهُ لِأَمــرٍ صـالِحٍ وَجَـدوا
إِذا عَــثَــرتُ أَتــانــي مِــن فَــواضِــلُهُ
سَــيــبٌ تُـسَـنّـى بِهِ الأَغـلالُ وَالعُـقَـدُ
لا يُـسـمَـعُ الجَهـلُ يَـجـري فـي نَـدِيِّهِمِ
وَلا أُمَــيَّةــُ مِــن أَخــلاقِهــا الفَـنَـدُ
تَـــمَّتـــ جُـــدودُهُـــمُ وَاللَهُ فَــضَّلــَهُــم
وَجَـــدُّ قَـــومٍ سِــواهُــم خــامِــلٌ نَــكِــدُ
هُـــمُ الَّذيـــنَ أَجــابَ اللَهُ دَعــوَتَهُــم
لَمّـا تَـلاقَت نَواصي الخَيلِ فَاِجتَلَدوا
لَيـسَـت تَـنـالُ أَكُـفُّ القَـومِ بَـسـطَـتَهُـم
وَلَيـسَ يَـنـقُـضُ مَـكـرُ الناسِ ما عَقَدوا
قَـومٌ إِذا أَنـعَـمـوا كـانَـت فَـواضِـلُهُم
سَــيــبــاً مِـنَ اللَهِ لا مَـنٌّ وَلا حَـسَـدُ
لَقَــد نَــزَلتُ بِــعَــبــدِ اللَهِ مَــنــزِلَةً
فـيـهـا عَـنِ الفَـقـرِ مَـنـجـاةٌ وَمُـنتَفَدُ
كَـــأَنَّهـــُ مُـــزبِـــدٌ رَيّــانُ مُــنــتَــجَــعٌ
يَـعـلو الجَـزائِرَ فـي حـافـاتِهِ الزَبَدُ
حَـــتّـــى تَـــرى كُـــلَّ مُـــزوَرٍ أَضَـــرَّ بِهِ
كَــأَنَّمــا الشَــجَــرُ البــالي بِهِ بُـجُـدُ
تَــظَــلُّ فــيــهِ بَـنـاتُ المـاءِ أَنـجِـيَـةً
وَفــي جَــوانِــبِهِ اليَــنـبـوتُ وَالحَـصَـدُ
سَهــلُ الشَـرائِعِ تَـروى الحـائِمـاتُ بِهِ
إِذا العِــطــاشُ رَأَوا أَوضــاحَهُ وَرَدوا
فَــأَمــتَــعَ اللَهُ بِـالقَـومِ الَّذيـنَ هُـمُ
فَـكّـوا الأُسارى وَمِنهُم جاءَنا الصَفَدُ
وَيَــومَ شُــرطَــةِ قَـيـسٍ إِذ مُـنـيـتَ لَهُـم
حَـنَّتـ مَـثـاكـيـلُ مِـن إيـقـاعِـكُـم نُـكُدُ
ظَــلّوا وَظَـلَّ سَـحـابُ المَـوتِ يُـمـطِـرُهُـم
حَــتّــى تَــوَجَّهــَ مِــنــهُــم عــارِضٌ بَــرِدُ
وَالمَــشــرَفِـيَّةـُ أَشـبـاهُ البُـروقِ لَهـا
فــي كُــلِّ جُــمــجُــمَــةٍ أَو بَـيـضَـةٍ خُـدَدُ
وَيَــومَ صِــفّــيــنَ وَالأَبــصـارُ خـاشِـعَـةٌ
أَمَــدَّهُــم إِذ دَعَــوا مِــن رَبِّهــِم مَــدَدُ
عَـلى الأُلى قَـتَـلوا عُـثـمـانَ مَـظـلِمَةً
لَم يَـنـهَهُـم نَـشَـدٌ عَـنـهُ وَقَـد نُـشِـدوا
فَــثَــمَّ قَــرَّت عُــيــونُ الثــائِريــنَ بِهِ
وَأَدرَكـــوا كُـــلَّ تَــبــلٍ عِــنــدَهُ قَــوَدُ
فَــلَم تَــزَل فَـيـلَقٌ خَـضـراءُ تَـحـطِـمُهُـم
تَـنـعـى اِبـنَ عَـفّـانَ حَتّى أَفرَخَ الصَيدُ
وَأَنــتُــمُ أَهــلُ بَــيــتٍ لا يُــوازِنُهُــم
بَــيــتٌ إِذا عُــدَّتِ الأَحــسـابُ وَالعَـدَدُ
أَيـديـكُـمُ فَـوقَ أَيـدي النـاسِ فـاضِـلَةٌ
وَلَن يُـــوازِنَـــكُـــم شـــيــبٌ وَلا مُــرُدُ
لا يَــزمَهِــرُّ غَــداةَ الدَجـنِ حـاجِـبُهُـم
وَلا أَضِــنّـاءُ بِـالمِـقـرى وَإِن ثُـمِـدوا
قَـــومٌ إِذا ضَـــنَّ أَقـــوامٌ ذَوُو سَـــعَــةٍ
أَو حاذَروا حَضرَةَ العافينَ أَو جَحِدوا
بــاروا جُــمــادى بِـشـيـزاهُـم مُـكَـلَّلَةً
فـيـهـا خَـليطانِ واري الشَحمِ وَالكَبِدِ
المُــطــعِــمــونَ إِذا هَــبَّتــ شَــآمِــيَــةٌ
غَـبـراءُ يَـحـجَـرُ مِـن شَـفّـانِهـا الصَـرِدِ
وَإِن سَــأَلتَ قُــرَيــشــاً عَــن أَوائِلِهــا
فَهُــم ذُؤابَــتُهــا الأَعــلَونَ وَالسَـنَـدُ
وَلَو يُـــجَـــمَّعــُ رِفــدُ النــاسِ كُــلِّهِــمِ
لَم يَـرفِـدِ الناسُ إِلّا دونَ ما رَفَدوا
فَـالمُـسـلِمـونَ بِـخَـيـرٍ مـا بَـقـيتَ لَهُم
وَلَيــسَ بَــعــدَكَ خَــيــرٌ حـيـنَ تُـفـتَـقَـدُ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: الأَخطَل
شاعر مصقول الألفاظ، حسن الديباجة، في شعره إبداع. اشتهر في عهد بني أمية بالشام، وأكثر من مدح ملوكهم. وهو أحد الثلاثة المتفق على أنهم أشعر أهل عصرهم: جرير والفرزدق والأخطل.
نشأ على المسيحية في أطراف الحيرة بالعراق واتصل بالأمويين فكان شاعرهم، وتهاجى مع جرير والفرزدق، فتناقل الرواة شعره. وكان معجباً بأدبه، تياهاً، كثير العناية بشعره. وكانت إقامته حيناً في دمشق وحيناً في الجزيرة.