البيت العربي
حَيِّ المَنازِلَ بَينَ السَفحِ وَالرُحَبِ
عدد ابيات القصيدة:51
حَـيِّ المَـنـازِلَ بَـيـنَ السَـفـحِ وَالرُحَـبِ
لَم يَـبـقَ غَـيـرُ وُشـومِ النـارِ وَالحَطَبِ
وَعُــــقَّرٍ خــــالِداتٍ حَـــولَ قُـــبَّتـــِهـــا
وَطـــامِـــسٍ حَــبَــشِــيِّ اللَونِ ذي طَــبَــبِ
وَغَــيــرُ نُــؤيٍ قَـديـمِ الأَثـرِ ذي ثُـلَمٍ
وَمُــســتَــكــيـنٍ أَمـيـمِ الرَأسِ مُـسـتَـلَبِ
تَــعــتــادُهُ كُــلُّ مِــئلاةٍ وَمــا فَـقَـدَت
عَـرفـاءَ مِـن مـورِهـا مَـجـنـونَةِ الأَدَبِ
وَمُــظــلِمٍ تُــعــلِنُ الشَــكــوى حَـوامِـلُهُ
مُــســتَـفـرِغٍ لِسِـجـالِ العَـيـنِ مُـنـشَـطِـبِ
دانٍ أَبَـــسَّتـــ بِهِ ريـــحٌ يَـــمــانِــيَــةٌ
حَــتّــى تَــبَــجَّسـَ مِـن حَـيـرانَ مُـنـثَـعِـبِ
تَــجَــفُّلــَ الخَــيـلِ مِـن ذي شـارَةٍ تَـئِقٍ
مُــشَهَّرِ الوَجــهِ وَالأَقــرابِ ذي جَــبَــبِ
يَــعُــلُّهــا بِــالبِــلى إِلحـاحُ كَـرِّهِـمـا
بَـعـدَ الأَنـيـسِ وَمَرُّ الدَهرِ ذي الحِقَبِ
فَهــيَ كَــسَـحـقِ اليَـمـانـي بَـعـدَ جِـدَّتِهِ
أَو دارِسِ الوَحـيِ مِـن مَـرفـوضَةِ الكُتُبِ
وَقَــد عَهِــدتُ بِهــا بــيــضــاً مُــنَـعَّمـَةً
لا يَــرتَــديــنَ عَــلى عَــيـبٍ وَلا وَصَـبِ
يَـمـشـيـنَ مَشيَ الهِجانِ الأُدمِ يوعِثُها
أَعــرافُ دَكــداكَــةٍ مُــنـهـالَةِ الكُـثُـبِ
مِــن كُــلِّ بَــيـضـاءَ مِـكـسـالٍ بَـرَهـرَهَـةٍ
زانَــت مَــعــاطِــلَهــا بِـالدُرِّ وَالذَهَـبِ
حَــوراءُ عَـجـزاءُ لَم تُـقـذَف بِـفـاحِـشَـةٍ
هَــيـفـاءُ رُعـبـوبَـةٌ مَـمـكـورَةُ القَـصَـبِ
يَـسـقـي الضَـجـيـعَ لَدَيها بَعدَ رَقدَتِها
مِنها اِرتِشافُ رُضابِ الغَربِ ذي الحَبَبِ
يَــنــفـي أَعـادِيَهـا عَـن حُـرِّ مَـجـلِسِهـا
عَـمـروُ بنُ غَنمٍ بِزارِ العِزِّ ذي الأَشَبِ
تَــرمــي مَــقــاتِــلِ فُـرّاغٍ فَـتُـقـصِـدُهُـم
وَمــا تُــصــابُ وَقَـد يَـرمـونَ مِـن كَـثَـبِ
فَــالقَــلبُ عــانٍ وَإِن لامَــت عَــواذِلُهُ
فــي حَــبــلِهِـنَّ أَسـيـرٌ مُـسـمِـحُ الجَـنَـبِ
هَــل يُــســلِيَــنَّكـَ عَـمّـا لا يَـفـيـنَ بِهِ
شَــحــطٌ بِهِــنَّ لِبَــيــنِ النِــيَّةـِ الغَـرَبِ
وَقَــد حَــلَفــتُ يَـمـيـنـاً غَـيـرَ كـاذِبَـةٍ
بِـاللَهِ رَبِّ سُـتـورِ البَـيـتِ ذي الحُـجُبِ
وَكُـــلِّ مـــوفٍ بِــنَــذرٍ كــانَ يَــحــمِــلُهُ
مُــضَــرَّجٍ بِــدِمــاءِ البُــدنِ مُــخــتَــضِــبِ
إِنَّ الوَليــدَ أَمــيــنَ اللَهِ أَنــقَـذَنـي
وَكــانَ حِــصــنـاً إِلى مَـنـجـاتِهِ هَـرَبـي
أَتَــيــتُهُ وَهُــمــومــي غَــيــرُ نــائِمَــةٍ
أَخـا الحِـذارِ طَـريـدَ القَـتـلِ وَالحَرَبِ
فَــآمَــنَ النَـفـسَ مـا تَـخـشـى وَمَـوَّلَهـا
قَــذمَ المَــواهِـبِ مِـن أَنـوائِهِ الرُغُـبِ
وَثَــبَّتــَ الوَطــءَ مِــنّـي عِـنـدَ مُـضـلِعَـةٍ
حَــتّــى تَــخَـطَّيـتُهـا مُـسـتَـرخِـيَ اللَبَـبِ
خَــليــفَــةُ اللَهِ يُــســتَـسـقـى بِـسُـنَّتـِهِ
أَلغَـيـثُ مِـن عِـندِ مَولى العِلمِ مُنتَجِبِ
إِلَيـكَ تَـقـتـاسُ هَـمّـي العـيـسُ مُـسـنَفَةً
حَــتّــى تَــعَــيَّنـَتِ الأَخـفـافُ بِـالنَـقَـبِ
مِــن كُــلِّ صَهــبـاءَ مِـعـجـالٍ مُـجَـمـهَـرَةٍ
بَـعـيـدَةِ الضَـفـرِ مِـن مَـعـطوفَةِ الحَقَبِ
كَــبــداءَ دَفــقــاءَ مِــحــيــالٍ مُـجَـمَّرَةٍ
مِــثـلِ الفَـنـيـقِ عَـلاةٍ رَسـلَةِ الخَـبَـبِ
كَــأَنَّمــا يَــعــتَــريــهـا كُـلَّمـا وَخَـدَت
هِـــرٌّ جَـــنـــيـــبٌ بِهِ مَــسٌّ مِــنَ الكَــلَبِ
وَكُـــلِّ أَعـــيَـــسَ نَـــعّــابٍ إِذا قَــلِقَــت
مِـنـهُ النُـسـوعُ لِأَعـلى السَـيرِ مُغتَصِبِ
كَــأَنَّ أَقــتــادَهُ مِـن بَـعـدِ مـا كَـلَمَـت
عَــلى أَصَــكَّ خَــفـيـفِ العَـقـلِ مُـنـتَـخَـبِ
صُــعــرُ الخُـدودِ وَقَـد بـاشَـرنَ هـاجِـرَةً
لِكَــوكَــبٍ مِــن نُـجـومِ القَـيـظِ مُـلتَهِـبِ
حـامـي الوَديـقَـةِ تُغضي الريحُ خَشيَتَهُ
يَـكـادُ يُـذكـي شَرارَ النارِ في العُطَبِ
حَـــتّـــى يَــظَــلَّ لَهُ مِــنــهُــنَّ واعِــيَــةٌ
مُـسـتَـوهِـلٌ عـامِـلُ التَـقـزيـعِ وَالصَـخَبِ
إِذا تَــكَــبَّدنَ مِــمــحــالاً مُــسَــربَــلَةً
مِــن مُــســجَهِــرٍّ كَـذوبِ اللَونِ مُـضـطَـرِبِ
يَـــأرِزنَ مِـــن حِـــسِّ مِـــضــرابٍ لَهُ ذَأَبٌ
مُــشَــمِّرٍ عَــن عَــمــودِ السـاقِ مُـرتَـقَـبِ
يَــخــشَــيـنَهُ كُـلَّمـا اِرتَـجَّتـ هَـمـاهِـمُهُ
حَــتّــى تَــجَـشَّمـَ رَبـواً مُـحـمِـشَ التَـعَـبِ
إِذا حُــبِــســنَ لِتَــغــمــيـرٍ عَـلى عَـجَـلٍ
فــي جَــمِّ أَخــضَــرَ طــامٍ نـازِحِ القَـرَبِ
يَــعــتَــفــنَهُ عِـنـدَ تـيـنـانٍ بِـدِمـنَـتِهِ
بـادي العُـواءِ ضَـئيـلِ الشَـخـصِ مُكتَسِبِ
طـــاوٍ كَـــأَنَّ دُخـــانَ الرِمـــثِ خــالَطَهُ
بـادي السَـغـابِ طَـويـلِ الفَـقرِ مُكتَئِبِ
يَــمــنِــحــنَهُ شَــزرَ إِنـكـارٍ بِـمَـعـرِفَـةٍ
لَواغِــبَ الطَــرفِ قَــد حَـلَّقـنَ كَـالقُـلُبِ
وَهُـنَّ عِـنـدَ اِغـتِـرارِ القَـومِ ثَـورَتَهـا
يَـرهَـقـنَ مُـجـتَـمَـعَ الأَذقـانِ بِـالرُكَـبِ
مِــنــهُــنَّ ثُــمَّتـَ يَـزفـي قَـذفُ أَرجُـلِهـا
إِهــذابَ أَيــدٍ بِهـا يَـفـريـنَ كَـالعَـذَبِ
كَــلَمــعِ أَيــدي مَــثــاكــيــلٍ مُــسَـلِّبَـةٍ
يَـنـعَـيـنَ فِـتـيانَ ضَرسِ الدَهرِ وَالخُطُبِ
لَم يُـبـقِ سَـيـري إِلَيـهِـم مِن ذَخائِرِها
غَـيـرَ الصَـمـيـمِ مِـنَ الأَلواحِ وَالعَصَبِ
حَـتّـى تَـنـاهى إِلى القَومِ الَّذينَ لَهُم
عِــزُّ المُــلوكِ وَأَعــلى ســورَةِ الحَـسَـبِ
بــيـضٌ مَـصـاليـتُ لَم يُـعـدَل بِهِـم أَحَـدٌ
فــي كُــلِّ مُــعـظَـمَـةٍ مِـن سـادَةِ العَـرَبِ
الأَكـثَـريـنَ حَـصـىً وَالأَطـيَـبـيـنَ ثَـرىً
وَالأَحــمَــديــنَ قِــرىً فـي شِـدَّةِ اللِزَبِ
مـا إِن كَـأَحـلامِهِـم حِـلمٍ إِذا قَـدَروا
وَلا كَــبَــطــشِهِــمِ بَــطــشٌ لَدى الغَـضَـبِ
وَهُــم ذُرا عَــبـدِ شَـمـسٍ فـي أُرومَـتِهـا
وَهُــم صَــمــيـمُهُـمُ لَيـسـوا مِـنَ الشَـذَبِ
وَكـــانَ ذَلِكَ مَـــقـــســـومـــاً لِأَوَّلِهِـــم
وِراثَــــةً وَرِثــــوهــــا عَـــن أَبٍ فَـــأَبِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: الأَخطَل
شاعر مصقول الألفاظ، حسن الديباجة، في شعره إبداع. اشتهر في عهد بني أمية بالشام، وأكثر من مدح ملوكهم. وهو أحد الثلاثة المتفق على أنهم أشعر أهل عصرهم: جرير والفرزدق والأخطل.
نشأ على المسيحية في أطراف الحيرة بالعراق واتصل بالأمويين فكان شاعرهم، وتهاجى مع جرير والفرزدق، فتناقل الرواة شعره. وكان معجباً بأدبه، تياهاً، كثير العناية بشعره. وكانت إقامته حيناً في دمشق وحيناً في الجزيرة.