البيت العربي

خَفَّ القَطينُ فَراحوا مِنكَ أَو بَكَروا
عدد ابيات القصيدة:84

خَـفَّ القَـطينُ فَراحوا مِنكَ أَو بَكَروا
وَأَزعَـجَـتـهُـم نَـوىً فـي صَـرفِهـا غِـيَـرُ
كَــأَنَّنــي شــارِبٌ يَــومَ اِسـتُـبِـدَّ بِهِـم
مِـن قَـرقَـفٍ ضُـمِّنـَتـهـا حِـمـصُ أَو جَـدَرُ
جـادَت بِهـا مِـن ذَواتِ القـارِ مُترَعَةٌ
كَـلفـاءُ يَـنـحَـتُّ عَـن خُرطومِها المَدَرُ
لَذٌّ أَصــابَــت حُــمَــيّــاهــا مُــقـاتِـلَهُ
فَـلَم تَـكَـد تَـنـجَـلي عَن قَلبِهِ الخُمَرُ
كَــأَنَّنــي ذاكَ أَو ذو لَوعَــةٍ خَــبَــلَت
أَوصــالَهُ أَو أَصــابَـت قَـلبَهُ النُـشَـرُ
شَـوقـاً إِلَيـهِـم وَوَجـداً يَـومَ أُتبِعُهُم
طَـرفـي وَمِـنـهُـم بِـجَـنـبَـي كَـوكَبٍ زُمَرُ
حَـثّـوا المَـطِـيَّ فَـوَلَّتـنـا مَـنـاكِـبُها
وَفـي الخُـدورِ إِذا بـاغَـمتَها الصُوَرُ
يُــبـرِقـنَ لِلقَـومِ حَـتّـى يَـخـتَـبِـلنَهُـمُ
وَرَأيُهُــنَّ ضَــعــيــفٌ حــيــنَ يُــخــتَـبَـرُ
يـا قـاتَلَ اللَهُ وَصلَ الغانِياتِ إِذا
أَيــقَـنَّ أَنَّكـَ مِـمَّنـ قَـد زَهـا الكِـبَـرُ
أَعــرَضـنَ لَمّـا حَـنـى قَـوسـي مُـوَتِّرُهـا
وَاِبـيَـضَّ بَـعـدَ سَـوادِ اللِمَّةـِ الشَـعَـرُ
مــا يَــرعَــويــنَ إِلى داعٍ لِحــاجَــتِهِ
وَلا لَهُـــنَّ إِلى ذي شَـــيـــبَـــةٍ وَطَــرُ
شَـرَّقـنَ إِذ عَـصَـرَ العـيـدانَ بـارِحُهـا
وَأَيـبَـسَـت غَـيـرَ مَـجرى السِنَّةِ الخُضَرُ
فَـالعَـيـنُ عـانِـيَـةٌ بِـالمـاءِ تَـسـفَحُهُ
مِــن نِـيَّةـٍ فـي تَـلاقـي أَهـلِهـا ضَـرَرُ
مُـنـقَـضِـبـيـنَ اِنقِضابَ الحَبلِ يَتبَعُهُم
بَـيـنَ الشَـقـيقِ وَعَينِ المَقسِمِ البَصَرُ
حَــتّـى هَـبَـطـنَ مِـنَ الوادي لِغَـضـبَـتِهِ
أَرضــاً تَـحُـلُّ بِهـا شَـيـبـانُ أَو غُـبَـرُ
حَـتّـى إِذا هُـنَّ وَرَّكـنَ القَـصـيـمَ وَقَـد
أَشـرَفـنَ أَو قُلنَ هَذا الخَندَقُ الحَفَرُ
وَقَـعـنَ أُصـلاً وَعُـجـنـا مِـن نَـجائِبِنا
وَقَــد تُــحُــيِّنــَ مِــن ذي حـاجَـةٍ سَـفَـرُ
إِلى اِمــرِئٍ لا تُــعَــرّيـنـا نَـوافِـلُهُ
أَظــفَـرَهُ اللَهُ فَـليَهـنِـئ لَهُ الظَـفَـرُ
الخـائِضِ الغَـمـرَ وَالمَـيـمـونِ طائِرُهُ
خَـليـفَـةِ اللَهِ يُـسـتَـسـقـى بِهِ المَطَرُ
وَالهَـمُّ بَـعـدَ نَـجِـيِّ النَـفـسِ يَـبـعَـثُهُ
بِـالحَـزمِ وَالأَصمَعانِ القَلبُ وَالحَذَرُ
وَالمُـسـتَـمِـرُّ بِهِ أَمـرُ الجَـمـيـعِ فَما
يَــغــتَــرُّهُ بَــعــدَ تَــوكــيـدٍ لَهُ غَـرَرُ
وَمــا الفُــراتُ إِذا جــاشَـت حَـوالِبُهُ
فـي حـافَـتَـيـهِ وَفـي أَوسـاطِهِ العُـشَرُ
وَذَعـذَعَـتـهُ رِيـاحُ الصَـيـفِ وَاِضـطَـرَبَت
فَـــوقَ الجَـــآجِـــئِ مِـــن آذِيِّهــِ غُــدُرُ
مُـسـحَـنـفِـراً مِـن جِبالِ الرومِ تَستُرُهُ
مِــنـهـا أَكـافـيـفُ فـيـهـا دونَهُ زُوَرُ
يَــومــاً بِـأَجـوَدَ مِـنـهُ حـيـنَ تَـسـأَلُهُ
وَلا بِــأَجــهَــرَ مِــنـهُ حـيـنَ يُـجـتَهَـرُ
وَلَم يَــزَل بِــكَ واشــيــهِـم وَمَـكـرُهُـمُ
حَـتّـى أَشـاطـوا بِغَيبٍ لَحمَ مَن يَسَروا
فَـمَـن يَـكُـن طـاوِيـاً عَـنّـا نَـصـيـحَـتَهُ
وَفــي يَـدَيـهِ بِـدُنـيـا غَـيـرِنـا حَـصَـرُ
فَهـوَ فِـداءُ أَمـيـرِ المُـؤمِـنـيـنَ إِذا
أَبــدى النَــواجِــذَ يَـومٌ بـاسِـلٌ ذَكَـرُ
مُــفـتَـرِشٌ كَـاِفـتِـراشِ اللَيـثِ كَـلكَـلَهُ
لِوَقـــعَـــةٍ كــائِنٍ فــيــهــا لَهُ جَــزَرُ
مُـــقَـــدِّمٌ مـــاءَتَـــي أَلفٍ لِمَـــنـــزِلَةٍ
مــا إِن رَأى مِـثـلَهُـم جِـنٌّ وَلا بَـشَـرُ
يَـغـشـى القَـنـاطِـرَ يَبنيها وَيَهدِمُها
مُــسَــوِّمٌ فَــوقَهُ الرايــاتُ وَالقَــتَــرُ
حَــتّــى تَـكـونَ لَهُـم بِـالطَـفِّ مَـلحَـمَـةٌ
وَبِــالثَــوِيَّةــِ لَم يُــنـبَـض بِهـا وَتَـرُ
وَتَــســتَــبــيــنَ لِأَقــوامٍ ضَــلالَتُهُــم
وَيَــســتَــقــيــمَ الَّذي فـي خَـدِّهِ صَـعَـرُ
وَالمُـسـتَـقِـلُّ بِـأَثـقـالِ العِـراقِ وَقَد
كــانَــت لَهُ نِــعــمَـةٌ فـيـهِـم وَمُـدَّخَـرُ
فـي نَـبـعَـةٍ مِـن قُـرَيـشٍ يَـعصِبونَ بِها
مـا إِن يُـوازى بِأَعلى نَبتِها الشَجَرُ
تَـعـلو الهِـضـابَ وَحَلّوا في أَرومَتِها
أَهلُ الرِباءِ وَأَهلُ الفَخرِ إِن فَخَروا
حُـشـدٌ عَـلى الحَـقِّ عَيّافو الخَنا أُنُفٌ
إِذا أَلَمَّتــ بِهِــم مَــكـروهَـةٌ صَـبَـروا
وَإِن تَــدَجَّتــ عَــلى الآفـاقِ مُـظـلِمَـةٌ
كــانَ لَهُـم مَـخـرَجٌ مِـنـهـا وَمُـعـتَـصَـرُ
أَعــطــاهُــمُ اللَهُ جَـدّاً يُـنـصَـرونَ بِهِ
لا جَــدَّ إِلّا صَــغـيـرٌ بَـعـدُ مُـحـتَـقَـرُ
لَم يَـأشَـروا فيهِ إِذ كانوا مَوالِيَهُ
وَلَو يَــكــونُ لِقَــومٍ غَـيـرِهِـم أَشِـروا
شُـمـسُ العَـداوَةِ حَـتّـى يُـسـتَـقادَ لَهُم
وَأَعـظَـمُ النـاسِ أَحـلاماً إِذا قَدَروا
لا يَـسـتَـقِـلُّ ذَوُو الأَضـغـانِ حَـربَهُـمُ
وَلا يُــبَــيِّنــُ فــي عــيــدانِهِـم خَـوَرُ
هُــمُ الَّذيــنَ يُــبـارونَ الرِيـاحَ إِذا
قَلَّ الطَعامُ عَلى العافينَ أَو قَتَروا
بَــنــي أُمَــيَّةــَ نُــعــمــاكُــم مُـجَـلِّلَةٌ
تَــمَّتــ فَــلا مِـنَّةـٌ فـيـهـا وَلا كَـدَرُ
بَــنــي أُمَــيَّةــَ قَــد نـاضَـلتُ دونَـكُـمُ
أَبـنـاءَ قَـومٍ هُـمُ آوَوا وَهُـم نَـصَروا
أَفـحَـمتُ عَنكُم بَني النَجّارِ قَد عَلِمَت
عُـليـا مَـعَـدٍّ وَكـانـوا طالَما هَدَروا
حَـتّـى اِسـتَـكانوا وَهُم مِنّي عَلى مَضَضٍ
وَالقَـولُ يَـنـفُـذُ ما لا تَنفُذُ الإِبَرُ
بَـــنـــي أُمَــيَّةــَ إِنّــي نــاصِــحٌ لَكُــمُ
فَــلا يَــبــيـتَـنَّ فـيـكُـم آمِـنـاً زُفَـرُ
وَاِتَّخـــــِذوهُ عَـــــدُوّاً إِنَّ شــــاهِــــدَهُ
وَمـــا تَـــغَــيَّبــَ مِــن أَخــلاقِهِ دَعَــرُ
إِنَّ الضَـغـيـنَـةَ تَـلقـاهـا وَإِن قَـدُمَت
كَـالعَـرِّ يَـكـمُـنُ حـيـنـاً ثُـمَّ يَـنـتَـشِرُ
وَقَـد نُـصِـرتَ أَمـيـرَ المُـؤمِـنـينَ بِنا
لَمّـا أَتـاكَ بِـبَـطـنِ الغـوطَـةِ الخَـبَرُ
يُـعَـرِّفـونَـكَ رَأسَ اِبـنِ الحُـبـابِ وَقَـد
أَضــحـى وَلِلسَـيـفِ فـي خَـيـشـومِهِ أَثَـرُ
لا يَـسـمَـعُ الصَـوتَ مُـسـتَـكّـاً مَسامِعُهُ
وَلَيــسَ يَـنـطِـقُ حَـتّـى يَـنـطِـقَ الحَـجَـرُ
أَمـسَـت إِلى جـانِـبِ الحَـشّـاكِ جـيـفَتُهُ
وَرَأسُهُ دونَهُ اليَـــحـــمــومُ وَالصِــوَرُ
يَـسـأَلُهُ الصُـبـرُ مِن غَسّانَ إِذ حَضَروا
وَالحَـزنُ كَـيـفَ قَـراكَ الغِلمَةُ الجَشَرُ
وَالحــارِثَ بــنَ أَبـي عَـوفٍ لَعِـبـنَ بِهِ
حَــتّـى تَـعـاوَرَهُ العِـقـبـانُ وَالسُـبَـرُ
وَقَـيـسَ عَـيـلانَ حَـتّـى أَقـبَـلوا رَقَصاً
فَـبـايَـعـوكَ جِهـاراً بَـعـدَ مـا كَفَروا
فَـلا هَـدى اللَهُ قَـيـساً مِن ضَلالَتِهِم
وَلا لَعـاً لِبَـنـي ذَكـوانَ إِذ عَـثَـروا
ضَـجّـوا مِـنَ الحَـربِ إِذ عَضَّت غَوارِبَهُم
وَقَـيـسُ عَـيـلانَ مِـن أَخـلاقِها الضَجَرُ
كــانـوا ذَوي إِمَّةـٍ حَـتّـى إِذا عَـلِقَـت
بِهِـم حَـبـائِلُ لِلشَـيـطـانِ وَاِبـتَهَـروا
صُــكّـوا عَـلى شـارِفٍ صَـعـبٍ مَـراكِـبُهـا
حَــصّــاءَ لَيــسَ لَهــا هُــلبٌ وَلا وَبَــرُ
وَلَم يَــزَل بِــسُــلَيــمٍ أَمـرُ جـاهِـلِهـا
حَـتّـى تَـعَـيّـا بِهـا الإيرادُ وَالصَدَرُ
إِذ يَـنـظُـرونَ وَهُـم يَـجـنـونَ حَـنظَلَهُم
إِلى الزَوابي فَقُلنا بُعدَ ما نَظَروا
كَـرّوا إِلى حَـرَّتَـيـهِـم يَـعـمُـرونَهُـمـا
كَــمــا تَـكُـرُّ إِلى أَوطـانِهـا البَـقَـرُ
فَــأَصــبَـحَـت مِـنـهُـمُ سِـنـجـارُ خـالِيَـةً
فَـالمَـحـلَبِـيّـاتُ فَـالخـابـورُ فَالسُرَرُ
وَمــا يُــلاقــونَ فَــرّاصــاً إِلى نَـسَـبٍ
حَـتّـى يُـلاقِـيَ جَـديَ الفَـرقَـدِ القَـمَرُ
وَلا الضَـبـابَ إِذا اِخـضَـرَّت عُـيـونُهُمُ
وَلا عُـــصَـــيَّةـــَ إِلّا أَنَّهـــُم بَـــشَـــرُ
وَمــا سَــعـى مِـنـهُـمُ سـاعٍ لِيُـدرِكَـنـا
إِلّا تَــقــاصَــرَ عَــنّــا وَهـوَ مُـنـبَهِـرُ
وَقَـد أَصـابَـت كِـلابـاً مِـن عَـداوَتِـنا
إِحـدى الدَواهـي الَّتي تُخشى وَتُنتَظَرُ
وَقَــد تَــفــاقَــمَ أَمــرٌ غَـيـرُ مُـلتَـئِمٍ
مـا بَـيـنَـنـا فـيـهِ أَرحـامٌ وَلا عِذَرُ
أَمّـا كُـلَيـبُ بـنُ يَـربـوعٍ فَـلَيـسَ لَهُم
عِــنــدَ المَــكـارِمِ لا وِردٌ وَلا صَـدَرُ
مُــخَــلَّفــونَ وَيَـقـضـي النـاسُ أَمـرَهُـمُ
وَهُـم بِـغَـيـبٍ وَفـي عَـمياءَ ما شَعَروا
مُــلَطَّمــونَ بِــأَعـقـارِ الحِـيـاضِ فَـمـا
يَــنــفَــكُّ مِــن دارِمِــيٍّ فــيــهِـمِ أَثَـرُ
بِـئسَ الصُـحـاةُ وَبِـئسَ الشَـربُ شُـربُهُمُ
إِذا جَــرى فـيـهِـمِ المُـزّاءُ وَالسَـكَـرُ
قَــومٌ تَــنـاهَـت إِلَيـهِـم كُـلُّ فـاحِـشَـةٍ
وَكُــلُّ مُــخــزِيَــةٍ سُــبَّتــ بِهــا مُــضَــرُ
عَـلى العِـيـاراتِ هَـدّاجـونَ قَـد بَلَغَت
نَــجــرانَ أَو حُــدِّثَــت سَـوآتِهِـم هَـجَـرُ
الآكِــلونَ خَــبــيــثَ الزادِ وَحــدَهُــمُ
وَالسـائِلونَ بِـظَهرِ الغَيبِ ما الخَبَرُ
وَاِذكُــر غُــدانَــةَ عِــدّانــاً مُــزَنَّمــَةً
مِـنَ الحَـبَـلَّقِ تُـبـنـى حَـولَهـا الصِيَرُ
تَـمـذي إِذا سَـخُـنَـت فـي قُبلِ أَدرُعِها
وَتَــزرَئِمُّ إِذا مــا بَــلَّهــا المَــطَــرُ
وَمــا غُــدانَــةُ فــي شَــيـءٍ مَـكـانَهُـمُ
أَلحـابِـسـو الشـاءِ حَتّى تَفضُلَ السُؤَرُ
يَـــتَّصـــِلونَ بِـــيَـــربـــوعٍ وَرِفـــدُهُــمُ
عِــنـدَ التَـرافُـدِ مَـغـمـورٌ وَمُـحـتَـقَـرُ
صُفرُ اللِحى مِن وَقودِ الأَدخِناتِ إِذا
رَدَّ الرِفــادَ وَكَــفَّ الحــالِبِ القَــرِرُ
ثُـــمَّ الإِيـــابُ إِلى ســـودٍ مُـــدَنَّســَةٍ
مـا تَـسـتَـحِـمُّ إِذا مـا اِحتَكَّتِ النُقَرُ
قَـد أَقـسَـمَ المَـجدُ حَقّاً لا يُحالِفُهُم
حَـتّـى يُـحـالِفَ بَـطـنَ الراحَـةِ الشَـعَرُ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: الأَخطَل
شاعر مصقول الألفاظ، حسن الديباجة، في شعره إبداع. اشتهر في عهد بني أمية بالشام، وأكثر من مدح ملوكهم. وهو أحد الثلاثة المتفق على أنهم أشعر أهل عصرهم: جرير والفرزدق والأخطل.
نشأ على المسيحية في أطراف الحيرة بالعراق واتصل بالأمويين فكان شاعرهم، وتهاجى مع جرير والفرزدق، فتناقل الرواة شعره. وكان معجباً بأدبه، تياهاً، كثير العناية بشعره. وكانت إقامته حيناً في دمشق وحيناً في الجزيرة.