البيت العربي

ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ
عدد ابيات القصيدة:190

ريــمٌ عَــلى القــاعِ بَـيـنَ البـانِ وَالعَـلَمِ
أَحَــلَّ سَــفــكَ دَمــي فــي الأَشــهُــرِ الحُــرُمِ
رَمــى القَــضــاءُ بِــعَــيــنَــي جُــؤذَرٍ أَسَــداً
يــا ســاكِــنَ القــاعِ أَدرِك ســاكِـنَ الأَجَـمِ
لَمّــا رَنــا حَــدَّثَــتــنــي النَــفــسُ قــائِلَةً
يــا وَيـحَ جَـنـبِـكَ بِـالسَهـمِ المُـصـيـبِ رُمـي
جَــحَــدتُهــا وَكَــتَــمــتُ السَهــمَ فــي كَـبِـدي
جُـــرحُ الأَحِـــبَّةـــِ عِـــنــدي غَــيــرُ ذي أَلَمِ
رُزِقــتَ أَســمَــحَ مــا فــي النــاسِ مِـن خُـلُقٍ
إِذا رُزِقــتَ اِلتِــمــاسَ العُـذرِ فـي الشِـيَـمِ
يـــا لائِمـــي فـــي هَـــواهُ وَالهَــوى قَــدَرٌ
لَو شَـــفَّكـــَ الوَجــدُ لَم تَــعــذِل وَلَم تَــلُمِ
لَقَـــد أَنَـــلتُـــكَ أُذنـــاً غَـــيـــرَ واعِــيَــةٍ
وَرُبَّ مُـــنـــتَـــصِـــتٍ وَالقَـــلبُ فـــي صَـــمَـــمِ
يــا نـاعِـسَ الطَـرفِ لا ذُقـتَ الهَـوى أَبَـداً
أَســهَــرتَ مُــضـنـاكَ فـي حِـفـظِ الهَـوى فَـنَـمِ
أَفــديــكَ إِلفــاً وَلا آلو الخَــيــالَ فِــدىً
أَغــراكَ بــاِلبُــخــلِ مَــن أَغــراهُ بِـالكَـرَمِ
سَـــرى فَـــصــادَفَ جُــرحــاً دامِــيــاً فَــأَســا
وَرُبَّ فَــــضــــلٍ عَــــلى العُــــشّـــاقِ لِلحُـــلُمِ
مَــنِ المَــوائِسُ بــانــاً بِــالرُبــى وَقَــنــاً
اللاعِــبــاتُ بِــروحــي الســافِــحــاتُ دَمــي
الســـافِـــراتُ كَــأَمــثــالِ البُــدورِ ضُــحــىً
يُــغِــرنَ شَــمــسَ الضُـحـى بِـالحَـليِ وَالعِـصَـمِ
القـــاتِـــلاتُ بِـــأَجـــفـــانٍ بِهـــا سَـــقَـــمٌ
وَلِلمَــــنِــــيَّةـــِ أَســـبـــابٌ مِـــنَ السَـــقَـــمِ
العـــاثِـــراتُ بِـــأَلبـــابِ الرِجـــالِ وَمـــا
أُقِـــلنَ مِـــن عَـــثَـــراتِ الدَلِّ فــي الرَسَــمِ
المُـــضـــرِمـــاتُ خُـــدوداً أَســـفَـــرَت وَجَــلَت
عَــن فِــتــنَــةٍ تُــســلِمُ الأَكــبــادَ لِلضَــرَمِ
الحـــامِـــلاتُ لِواءَ الحُــســنِ مُــخــتَــلِفــاً
أَشـــكـــالُهُ وَهــوَ فَــردٌ غَــيــرُ مُــنــقَــسِــمِ
مِــن كُــلِّ بَــيــضــاءَ أَو سَــمــراءَ زُيِّنــَتــا
لِلعَــيــنِ وَالحُــســنُ فـي الآرامِ كَـالعُـصُـمِ
يُـــرَعـــنَ لِلبَــصَــرِ الســامــي وَمِــن عَــجَــبٍ
إِذا أَشَـــرنَ أَسَـــرنَ اللَيـــثَ بِـــالغَـــنَـــمِ
وَضَـــعـــتُ خَـــدّي وَقَـــسَّمـــتُ الفُـــؤادَ رُبــيً
يَـــرتَـــعــنَ فــي كُــنُــسٍ مِــنــهُ وَفــي أَكَــمِ
يــا بِــنــتَ ذي اللَبَــدِ المُــحَـمّـى جـانِـبُهُ
أَلقـاكِ فـي الغـابِ أَم أَلقـاكِ فـي الأُطُـمِ
مـــا كُـــنــتُ أَعــلَمُ حَــتّــى عَــنَّ مَــســكَــنُهُ
أَنَّ المُــنــى وَالمَــنــايــا مَـضـرِبُ الخِـيَـمِ
مَــن أَنــبَــتَ الغُــصــنَ مِـن صَـمـصـامَـةٍ ذَكَـرٍ
وَأَخـــرَجَ الريـــمَ مِـــن ضِـــرغـــامَـــةٍ قَــرِمِ
بَــيــنــي وَبَـيـنُـكِ مِـن سُـمـرِ القَـنـا حُـجُـبٌ
وَمِـــثـــلُهـــا عِـــفَّةـــٌ عُـــذرِيَّةـــُ العِـــصَــمِ
لَم أَغــشَ مَــغــنــاكِ إِلّا فــي غُــضـونِ كِـرىً
مَـــغـــنــاكَ أَبــعَــدُ لِلمُــشــتــاقِ مِــن إِرَمِ
يــا نَــفــسُ دُنــيــاكِ تُـخـفـى كُـلَّ مُـبـكِـيَـةٍ
وَإِن بَــدا لَكِ مِــنــهــا حُــســنُ مُــبــتَــسَــمِ
فُــضّــي بِــتَــقــواكِ فــاهــاً كُــلَّمـا ضَـحِـكَـت
كَـــمـــا يَــفُــضُّ أَذى الرَقــشــاءِ بِــالثَــرَمِ
مَــخــطــوبَــةٌ مُــنــذُ كــانَ النـاسُ خـاطِـبَـةٌ
مِـــن أَوَّلِ الدَهـــرِ لَم تُـــرمِـــل وَلَم تَــئَمِ
يَــفــنــى الزَمــانُ وَيَـبـقـى مِـن إِسـاءَتِهـا
جُـــرحٌ بِـــآدَمَ يَــبــكــي مِــنــهُ فــي الأَدَمِ
لا تَــحــفَــلي بِــجَــنــاهــا أَو جِـنـايَـتِهـا
المَــوتُ بِــالزَهــرِ مِـثـلُ المَـوتِ بِـالفَـحَـمِ
كَـــم نـــائِمٍ لا يَـــراهـــا وَهــيَ ســاهِــرَةٌ
لَولا الأَمـــانِـــيُّ وَالأَحـــلامُ لَم يَـــنَــمِ
طَـــوراً تَـــمُــدُّكَ فــي نُــعــمــى وَعــافِــيَــةٍ
وَتــــارَةً فــــي قَــــرارِ البُـــؤسِ وَالوَصَـــمِ
كَـــم ضَـــلَّلَتــكَ وَمَــن تُــحــجَــب بَــصــيــرَتُهُ
إِن يَــلقَ صــابــا يَــرِد أَو عَــلقَـمـاً يَـسُـمُ
يـــا وَيـــلَتــاهُ لِنَــفــســي راعَهــا وَدَهــا
مُــســوَدَّةُ الصُــحــفِ فــي مُــبــيَــضَّةـِ اللَمَـمِ
رَكَــضــتُهــا فــي مَــريـعِ المَـعـصِـيـاتِ وَمـا
أَخَــذتُ مِــن حِــمــيَــةِ الطــاعــاتِ لِلتُــخَــمِ
هـــامَـــت عَـــلى أَثَـــرِ اللَذّاتِ تَــطــلُبُهــا
وَالنَــفــسُ إِن يَـدعُهـا داعـي الصِـبـا تَهِـمِ
صَـــــلاحُ أَمـــــرِكَ لِلأَخـــــلاقِ مَـــــرجِــــعُهُ
فَــقَــوِّمِ النَــفــسَ بِــالأَخــلاقِ تَــســتَــقِــمِ
وَالنَــفــسُ مِـن خَـيـرِهـا فـي خَـيـرِ عـافِـيَـةٍ
وَالنَــفــسُ مِــن شَــرِّهــا فــي مَــرتَــعٍ وَخِــمِ
تَـــطـــغـــى إِذا مُـــكِّنـــَت مِـــن لَذَّةٍ وَهَــوىً
طَــغــيَ الجِــيــادِ إِذا عَــضَّتـ عَـلى الشُـكُـمِ
إِن جَــلَّ ذَنــبــي عَــنِ الغُــفــرانِ لي أَمَــلٌ
فــي اللَهِ يَــجــعَــلُنـي فـي خَـيـرِ مُـعـتَـصِـمِ
أَلقــى رَجــائي إِذا عَــزَّ المُــجــيــرُ عَــلى
مُــفَــرِّجِ الكَــرَبِ فــي الدارَيــنِ وَالغَــمَــمِ
إِذا خَــــفَــــضــــتُ جَــــنـــاحَ الذُلِّ أَســـأَلُهُ
عِـــزَّ الشَـــفـــاعَـــةِ لَم أَســأَل سِــوى أُمَــمِ
وَإِن تَــــقَــــدَّمَ ذو تَــــقـــوى بِـــصـــالِحَـــةٍ
قَـــدَّمـــتُ بَـــيـــنَ يَــدَيــهِ عَــبــرَةَ النَــدَمِ
لَزِمـــتُ بـــابَ أَمــيــرِ الأَنــبِــيــاءِ وَمَــن
يُــمــسِــك بِــمِــفــتـاحِ بـابِ اللَهِ يَـغـتَـنِـمِ
فَــــكُــــلُّ فَــــضــــلٍ وَإِحـــســـانٍ وَعـــارِفَـــةٍ
مـــا بَـــيـــنَ مُـــســتَــلِمٍ مِــنــهُ وَمُــلتَــزِمِ
عَــــلَّقـــتُ مِـــن مَـــدحِهِ حَـــبـــلاً أُعَـــزُّ بِهِ
فــي يَــومِ لا عِــزَّ بِــالأَنــســابِ وَاللُحَــمِ
يُــزري قَــريــضــي زُهَــيــراً حــيــنَ أَمــدَحُهُ
وَلا يُـــــقـــــاسُ إِلى جـــــودي لَدى هَـــــرِمِ
مُــــحَــــمَّدٌ صَــــفـــوَةُ البـــاري وَرَحـــمَـــتُهُ
وَبُـــغـــيَـــةُ اللَهِ مِـــن خَــلقٍ وَمِــن نَــسَــمِ
وَصـــاحِـــبُ الحَـــوضِ يَـــومَ الرُســلِ ســائِلَةٌ
مَــتــى الوُرودُ وَجِــبــريــلُ الأَمـيـنُ ظَـمـي
سَـــنـــاؤُهُ وَسَـــنـــاهُ الشَـــمـــسُ طـــالِعَـــةً
فَـــالجِـــرمُ فــي فَــلَكٍ وَالضَــوءُ فــي عَــلَمِ
قَــد أَخــطَــأَ النَــجــمَ مــا نــالَت أُبُــوَّتُهُ
مِـــن سُـــؤدُدٍ بـــاذِخٍ فـــي مَــظــهَــرٍ سَــنِــمِ
نُــمــوا إِلَيــهِ فَـزادوا فـي الوَرى شَـرَفـاً
وَرُبَّ أَصـــلٍ لِفَـــرعٍ فـــي الفَـــخــارِ نُــمــي
حَـــواهُ فـــي سُــبُــحــاتِ الطُهــرِ قَــبــلَهُــمُ
نــورانِ قــامــا مَــقــامَ الصُــلبِ وَالرَحِــمِ
لَمّــــا رَآهُ بَــــحــــيـــرا قـــالَ نَـــعـــرِفُهُ
بِــمــا حَــفِــظــنـا مِـنَ الأَسـمـاءِ وَالسِـيَـمِ
ســـائِل حِـــراءَ وَروحَ القُــدسِ هَــل عَــلِمــا
مَـــصـــونَ سِـــرٍّ عَـــنِ الإِدراكِ مُـــنـــكَــتِــمِ
كَـــم جـــيـــئَةٍ وَذَهـــابٍ شُـــرِّفَـــت بِهِـــمـــا
بَــطــحــاءُ مَــكَّةــَ فــي الإِصـبـاحِ وَالغَـسَـمِ
وَوَحــشَــةٍ لِاِبــنِ عَــبــدِ اللَهِ بــيــنَهُــمــا
أَشــهــى مِــنَ الأُنـسِ بِـالأَحـسـابِ وَالحَـشَـمِ
يُــســامِــرُ الوَحــيَ فــيــهــا قَـبـلَ مَهـبِـطِهِ
وَمَــن يُــبَــشِّر بِــســيــمــى الخَــيــرِ يَـتَّسـِمِ
لَمّــا دَعــا الصَـحـبُ يَـسـتَـسـقـونَ مِـن ظَـمَـإٍ
فــاضَــت يَــداهُ مِــنَ التَــسـنـيـمِ بِـالسَـنَـمِ
وَظَــــلَّلَتــــهُ فَــــصــــارَت تَـــســـتَـــظِـــلُّ بِهِ
غَـــمـــامَـــةٌ جَـــذَبَــتــهــا خــيــرَةُ الدِيَــمِ
مَـــــحَـــــبَّةــــٌ لِرَســــولِ اللَهِ أُشــــرِبَهــــا
قَــعــائِدُ الدَيــرِ وَالرُهــبـانُ فـي القِـمَـمِ
إِنَّ الشَـــمـــائِلَ إِن رَقَّتـــ يَـــكـــادُ بِهـــا
يُــغــرى الجَــمــادُ وَيُــغــرى كُــلُّ ذي نَـسَـمِ
وَنـــودِيَ اِقـــرَأ تَــعــالى اللَهُ قــائِلُهــا
لَم تَــتَّصــِل قَــبــلَ مَــن قــيــلَت لَهُ بِــفَــمِ
هُــــنــــاكَ أَذَّنَ لِلرَحَــــمَـــنِ فَـــاِمـــتَـــلَأَت
أَســـمـــاعُ مَــكَّةــَ مِــن قُــدسِــيَّةــِ النَــغَــمِ
فَــلا تَــسَــل عَــن قُــرَيــشٍ كَــيـفَ حَـيـرَتُهـا
وَكَــيــفَ نُــفــرَتُهــا فــي السَهــلِ وَالعَــلَمِ
تَـــســـاءَلوا عَــن عَــظــيــمٍ قَــد أَلَمَّ بِهِــم
رَمـــى المَـــشـــايِـــخَ وَالوِلدانِ بِــاللَمَــمِ
يـــا جـــاهِــليــنَ عَــلى الهــادي وَدَعــوَتِهِ
هَــل تَــجــهَــلونَ مَــكــانَ الصــادِقِ العَــلَمِ
لَقَّبـــتُـــمــوهُ أَمــيــنَ القَــومِ فــي صِــغَــرٍ
وَمـــا الأَمـــيـــنُ عَـــلى قَـــولٍ بِـــمُــتَّهــَمِ
فــاقَ البُــدورَ وَفــاقَ الأَنــبِــيــاءَ فَـكَـم
بِــالخُــلقِ وَالخَــلقِ مِــن حُــسـنٍ وَمِـن عِـظَـمِ
جــاءَ النــبِــيّــونَ بِــالآيــاتِ فَـاِنـصَـرَمَـت
وَجِـــئتَـــنــا بِــحَــكــيــمٍ غَــيــرِ مُــنــصَــرِمِ
آيــــاتُهُ كُــــلَّمــــا طــــالَ المَـــدى جُـــدُدٌ
يَــــزيـــنُهُـــنَّ جَـــلالُ العِـــتـــقِ وَالقِـــدَمِ
يَـــكـــادُ فـــي لَفـــظَـــةٍ مِـــنــهُ مُــشَــرَّفَــةٍ
يــوصــيــكَ بِــالحَــقِّ وَالتَــقــوى وَبِـالرَحِـمِ
يــا أَفــصَــحَ النـاطِـقـيـنَ الضـادَ قـاطِـبَـةً
حَــديــثُــكَ الشَهــدُ عِــنــدَ الذائِقِ الفَهِــمِ
حَـــلَّيـــتَ مِــن عَــطَــلٍ جــيــدَ البَــيــانِ بِهِ
فــي كُــلِّ مُــنــتَــثِــرٍ فــي حُــســنِ مُـنـتَـظِـمِ
بِــــكُــــلِّ قَــــولٍ كَــــريــــمٍ أَنـــتَ قـــائِلُهُ
تُـــحـــيِ القُــلوبَ وَتُــحــيِ مَــيِّتــَ الهِــمَــمِ
سَــــرَت بَــــشــــائِرُ بــــاِلهـــادي وَمَـــولِدِهِ
في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ
تَـــخَـــطَّفـــَت مُهَـــجَ الطــاغــيــنَ مِــن عَــرَبٍ
وَطَـــيَّرَت أَنـــفُــسَ البــاغــيــنَ مِــن عُــجُــمِ
ريــعَــت لَهــا شَــرَفُ الإيــوانِ فَـاِنـصَـدَعَـت
مِــن صَــدمَــةِ الحَــقِّ لا مِـن صَـدمَـةِ القُـدُمِ
أَتَــيــتَ وَالنــاسُ فَــوضــى لا تَــمُــرُّ بِهِــم
إِلّا عَـــلى صَـــنَـــمٍ قَـــد هــامَ فــي صَــنَــمِ
وَالأَرضُ مَـــــمـــــلوءَةٌ جَــــوراً مُــــسَــــخَّرَةٌ
لِكُـــلِّ طـــاغِــيَــةٍ فــي الخَــلقِ مُــحــتَــكِــمِ
مُــسَــيــطِــرُ الفُــرسِ يَــبــغــي فــي رَعِـيَّتـِهِ
وَقَـــيـــصَـــرُ الرومِ مِـــن كِــبــرٍ أَصَــمُّ عَــمِ
يُــــعَــــذِّبــــانِ عِـــبـــادَ اللَهِ فـــي شُـــبَهٍ
وَيَـــذبَـــحـــانِ كَـــمــا ضَــحَّيــتَ بِــالغَــنَــمِ
وَالخَــلقُ يَــفــتِــكُ أَقــواهُــم بِــأَضــعَـفِهِـم
كَــاللَيــثِ بِـالبَهـمِ أَو كَـالحـوتِ بِـالبَـلَمِ
أَســــرى بِــــكَ اللَهُ لَيــــلاً إِذ مَــــلائِكُهُ
وَالرُسـلُ فـي المَـسـجِـدِ الأَقـصـى عَـلى قَدَمِ
لَمّـــا خَـــطَـــرتَ بِهِ اِلتَـــفّــوا بِــسَــيِّدِهِــم
كَــالشُهـبِ بِـالبَـدرِ أَو كَـالجُـنـدِ بِـالعَـلَمِ
صَــــلّى وَراءَكَ مِـــنـــهُـــم كُـــلُّ ذي خَـــطَـــرٍ
وَمَـــن يَـــفُــز بِــحَــبــيــبِ اللَهِ يَــأتَــمِــمِ
جُــبــتَ السَــمــاواتِ أَو مــا فَــوقَهُـنَّ بِهِـم
عَــــــلى مُــــــنَــــــوَّرَةٍ دُرِّيَّةــــــِ اللُجُــــــمِ
رَكـــــوبَـــــةً لَكَ مِــــن عِــــزٍّ وَمِــــن شَــــرَفٍ
لا فـي الجِـيـادِ وَلا فـي الأَيـنُـقِ الرُسُمِ
مَـــشـــيــئَةُ الخــالِقِ البــاري وَصَــنــعَــتُهُ
وَقُـــــدرَةُ اللَهِ فَـــــوقَ الشَــــكِّ وَالتُهَــــمِ
حَـــتّـــى بَــلَغــتَ سَــمــاءً لا يُــطــارُ لَهــا
عَـــلى جَـــنـــاحٍ وَلا يُـــســعــى عَــلى قَــدَمِ
وَقــــيـــلَ كُـــلُّ نَـــبِـــيٍّ عِـــنـــدَ رُتـــبَـــتِهِ
وَيـــا مُـــحَـــمَّدُ هَـــذا العَــرشُ فَــاِســتَــلِمِ
خَــطَــطــتَ لِلديــنِ وَالدُنــيــا عُــلومَهُــمــا
يــا قــارِئَ اللَوحِ بَــل يــا لامِـسَ القَـلَمِ
أَحَــطــتَ بَــيــنَهُــمــا بِــالسِــرِّ وَاِنـكَـشَـفَـت
لَكَ الخَــــزائِنُ مِــــن عِـــلمٍ وَمِـــن حِـــكَـــمِ
وَضـــاعَـــفَ القُــربُ مــا قُــلِّدتَ مِــن مِــنَــنٍ
بِـــلا عِـــدادٍ وَمـــا طُـــوِّقـــتَ مِـــن نِــعَــمِ
سَــل عُــصــبَـةَ الشِـركِ حَـولَ الغـارِ سـائِمَـةً
لَولا مُـــطـــارَدَةُ المُـــخـــتــارِ لَم تُــسَــمَ
هَـل أَبـصَـروا الأَثَـرَ الوَضّـاءَ أَم سَـمِـعـوا
هَــمــسَ التَــســابــيــحِ وَالقُــرآنِ مِـن أُمَـمِ
وَهَــل تَــمَــثَّلــَ نَــســجُ العَــنــكَــبـوتِ لَهُـم
كَــالغــابِ وَالحــائِمـاتُ وَالزُغـبُ كَـالرُخَـمِ
فَـــأَدبَـــروا وَوُجـــوهُ الأَرضِ تَـــلعَـــنُهُـــم
كَـــبـــاطِـــلٍ مِـــن جَــلالِ الحَــقِّ مُــنــهَــزِمِ
لَولا يَــدُ اللَهِ بِــالجــارَيــنَ مــا سَـلِمـا
وَعَـــيـــنُهُ حَـــولَ رُكـــنِ الديــنِ لَم يَــقُــمِ
تَـــوارَيـــا بِـــجَـــنــاحِ اللَهِ وَاِســتَــتَــرا
وَمَــــن يَـــضُـــمُّ جَـــنـــاحُ اللَهِ لا يُـــضَـــمِ
يــا أَحــمَـدَ الخَـيـرِ لي جـاهٌ بِـتَـسـمِـيَـتـي
وَكَــيــفَ لا يَــتَــســامــى بِــالرَســولِ سَـمـي
المــــادِحــــونَ وَأَربـــابُ الهَـــوى تَـــبَـــعٌ
لِصــاحِــبِ البُــردَةِ الفَــيــحـاءِ ذي القَـدَمِ
مَــــديــــحُهُ فــــيــــكَ حُــــبٌّ خـــالِصٌ وَهَـــوىً
وَصـــادِقُ الحُـــبِّ يُـــمـــلي صـــادِقَ الكَـــلَمِ
اللَهُ يَـــــشـــــهَـــــدُ أَنّـــــي لا أُعــــارِضُهُ
مـــن ذا يُـــعــارِضُ صَــوبَ العــارِضِ العَــرِمِ
وَإِنَّمــا أَنــا بَــعــضُ الغــابِــطــيــنَ وَمَــن
يَـــغـــبِـــط وَلِيَّكـــَ لا يُـــذمَـــم وَلا يُــلَمِ
هَـــذا مَـــقــامٌ مِــنَ الرَحــمَــنِ مُــقــتَــبَــسٌ
تَـــرمـــي مَهــابَــتُهُ سَــحــبــانَ بِــالبَــكَــمِ
البَـــدرُ دونَـــكَ فـــي حُـــســـنٍ وَفـــي شَــرَفٍ
وَالبَـــحـــرُ دونَــكَ فــي خَــيــرٍ وَفــي كَــرَمِ
شُــمُّ الجِــبــالِ إِذا طــاوَلتَهــا اِنـخَـفَـضَـت
وَالأَنــجُــمُ الزُهــرُ مــا واسَــمـتَهـا تَـسِـمِ
وَاللَيـــثُ دونَـــكَ بَــأســاً عِــنــدَ وَثــبَــتِهِ
إِذا مَــشَــيــتَ إِلى شــاكــي السِــلاحِ كَـمـي
تَهـــفـــو إِلَيـــكَ وَإِن أَدمَـــيــتَ حَــبَّتــَهــا
فــي الحَــربِ أَفــئِدَةُ الأَبــطــالِ وَالبُهَــمِ
مَـــحَـــبَّةـــُ اللَهِ أَلقـــاهـــا وَهَـــيـــبَـــتُهُ
عَـــلى اِبـــنِ آمِـــنَـــةٍ فــي كُــلِّ مُــصــطَــدَمِ
كَــأَنَّ وَجــهَــكَ تَــحــتَ النَــقــعِ بَــدرُ دُجــىً
يُــضــيــءُ مُــلتَــثِــمــاً أَو غَــيــرَ مُــلتَـثِـمِ
بَــــدرٌ تَــــطَــــلَّعَ فــــي بَــــدرٍ فَــــغُــــرَّتُهُ
كَـــغُـــرَّةِ النَــصــرِ تَــجــلو داجِــيَ الظُــلَمِ
ذُكِــرتَ بِــاليُــتــمِ فــي القُــرآنِ تَــكـرِمَـةً
وَقــيــمَــةُ اللُؤلُؤِ المَـكـنـونِ فـي اليُـتُـمِ
اللَهُ قَــــسَّمــــَ بَــــيــــنَ النـــاسِ رِزقَهُـــمُ
وَأَنــــتَ خُـــيِّرتَ فـــي الأَرزاقِ وَالقِـــسَـــمِ
إِن قُـلتَ فـي الأَمـرِ لا أَو قُـلتَ فيهِ نَعَم
فَــخــيــرَةُ اللَهِ فــي لا مِــنــكَ أَو نَــعَــمِ
أَخــوكَ عــيــســى دَعــا مَــيــتــاً فَـقـامَ لَهُ
وَأَنـــتَ أَحـــيَــيــتَ أَجــيــالاً مِــنَ الزِمَــمِ
وَالجَهـــلُ مَـــوتٌ فَــإِن أوتــيــتَ مُــعــجِــزَةً
فَـاِبـعَـث مِـنَ الجَهـلِ أَو فَـاِبعَث مِنَ الرَجَمِ
قــالوا غَــزَوتَ وَرُســلُ اللَهِ مــا بُــعِـثـوا
لِقَـــتـــلِ نَـــفـــسٍ وَلا جــاؤوا لِسَــفــكِ دَمِ
جَهـــلٌ وَتَـــضـــليـــلُ أَحـــلامٍ وَسَـــفــسَــطَــةٌ
فَــتَــحـتَ بِـالسَـيـفِ بَـعـدَ الفَـتـحِ بِـالقَـلَمِ
لَمّـــا أَتـــى لَكَ عَـــفـــواً كُـــلُّ ذي حَـــسَــبٍ
تَـــكَـــفَّلــَ السَــيــفُ بِــالجُهّــالِ وَالعَــمَــمِ
وَالشَـــرُّ إِن تَـــلقَهُ بِــالخَــيــرِ ضِــقــتَ بِهِ
ذَرعـــاً وَإِن تَـــلقَهُ بِـــالشَـــرِّ يَــنــحَــسِــمِ
سَــلِ المَــســيــحِــيَّةــَ الغَــرّاءَ كَــم شَـرِبَـت
بِـــالصـــابِ مِــن شَهَــواتِ الظــالِمِ الغَــلِمِ
طَــريــدَةُ الشِــركِ يُــؤذيــهــا وَيــوسِــعُهــا
فــي كُــلِّ حــيــنٍ قِــتــالاً ســاطِــعَ الحَــدَمِ
لَولا حُـــمـــاةٌ لَهــا هَــبّــوا لِنُــصــرَتِهــا
بِـالسَـيـفِ مـا اِنـتَـفَـعَـت بِـالرِفـقِ وَالرُحَمِ
لَولا مَـــكـــانٌ لِعــيــســى عِــنــدَ مُــرسِــلِهِ
وَحُــــرمَــــةٌ وَجَـــبَـــت لِلروحِ فـــي القِـــدَمِ
لَسُـــمِّرَ البَـــدَنُ الطُهـــرُ الشَـــريــفُ عَــلى
لَوحَـــيـــنِ لَم يَــخــشَ مُــؤذيــهِ وَلَم يَــجِــمِ
جَـــلَّ المَـــســـيـــحُ وَذاقَ الصَــلبَ شــانِــئُهُ
إِنَّ العِـــقـــابَ بِـــقَـــدرِ الذَنــبِ وَالجُــرُمِ
أَخــــو النَــــبِــــيِّ وَروحُ اللَهِ فـــي نُـــزُلٍ
فَـــوقَ السَـــمــاءِ وَدونَ العَــرشِ مُــحــتَــرَمِ
عَـــلَّمـــتَهُـــم كُـــلَّ شَـــيـــءٍ يَــجــهَــلونَ بِهِ
حَــتّــى القِــتــالَ وَمــا فــيــهِ مِـنَ الذِمَـمِ
دَعَــــوتَهُــــم لِجِهــــادٍ فـــيـــهِ سُـــؤدُدُهُـــم
وَالحَــــربُ أُسُّ نِـــظـــامِ الكَـــونِ وَالأُمَـــمِ
لَولاهُ لَم نَــــــرَ لِلدَولاتِ فــــــي زَمَــــــنٍ
مـــا طـــالَ مِــن عُــمُــدٍ أَو قَــرَّ مِــن دُهُــمِ
تِــــلكَ الشَـــواهِـــدُ تَـــتـــرى كُـــلَّ آوِنَـــةٍ
فـي الأَعـصُـرِ الغُـرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ
بِـــالأَمـــسِ مــالَت عُــروشٌ وَاِعــتَــلَت سُــرُرٌ
لَولا القَـــذائِفُ لَم تَـــثـــلَم وَلَم تَـــصُــمِ
أَشــيــاعُ عــيــســى أَعَــدّوا كُــلَّ قــاصِــمَــةٍ
وَلَم نُـــعِـــدُّ سِـــوى حـــالاتِ مُـــنـــقَـــصِـــمِ
مَهــمــا دُعـيـتَ إِلى الهَـيـجـاءِ قُـمـتَ لَهـا
تَــرمــي بِــأُســدٍ وَيَــرمــي اللَهُ بِــالرُجُــمِ
عَـــلى لِوائِكَ مِـــنـــهُـــم كُـــلُّ مُـــنــتَــقِــمٍ
لِلَّهِ مُـــســـتَـــقـــتِــلٍ فــي اللَهِ مُــعــتَــزِمِ
مُــــسَــــبِّحــــٍ لِلِقــــاءِ اللَهِ مُــــضــــطَــــرِمٍ
شَــوقــاً عَــلى ســابِــخٍ كَــالبَــرقِ مُــضـطَـرِمِ
لَو صــادَفَ الدَهــرَ يَــبــغــي نَـقـلَةً فَـرَمـى
بِـــعَـــزمِهِ فـــي رِحـــالِ الدَهـــرِ لَم يَـــرِمِ
بــيــضٌ مَــفــاليـلُ مِـن فِـعـلِ الحُـروبِ بِهِـم
مِــن أَســيُــفِ اللَهِ لا الهِــنــدِيَّةـُ الخُـذُمُ
كَــم فــي التُــرابِ إِذا فَــتَّشــتَ عَــن رَجُــلٍ
مَــن مـاتَ بِـالعَهـدِ أَو مَـن مـاتَ بِـالقَـسَـمِ
لَولا مَــواهِــبُ فــي بَــعــضِ الأَنــامِ لَمــا
تَــفــاوَتَ النــاسُ فــي الأَقــدارِ وَالقِـيَـمِ
شَــــريـــعَـــةٌ لَكَ فَـــجَّرتَ العُـــقـــولَ بِهـــا
عَـــن زاخِـــرٍ بِــصُــنــوفِ العِــلمِ مُــلتَــطِــمِ
يَــلوحُ حَــولَ سَــنــا التَــوحــيـدِ جَـوهَـرُهـا
كَــالحَــليِ لِلسَــيــفِ أَو كَــالوَشــيِ لِلعَــلَمِ
غَـــرّاءُ حـــامَــت عَــلَيــهــا أَنــفُــسٌ وَنُهــىً
وَمَــن يَــجِــد سَــلسَــلاً مِــن حِــكــمَــةٍ يَـحُـمِ
نــورُ السَــبــيــلِ يُــسـاسُ العـالِمـونَ بِهـا
تَـــكَـــفَّلـــَت بِـــشَـــبـــابِ الدَهــرِ وَالهَــرَمِ
يَــجــري الزَمــانُ وَأَحــكــامُ الزَمـانِ عَـلى
حُــكــمٍ لَهــا نــافِــذٍ فــي الخَـلقِ مُـرتَـسِـمِ
لَمّــا اِعــتَــلَت دَولَةُ الإِســلامِ وَاِتَّســَعَــت
مَـــشَـــت مَــمــالِكُهُ فــي نــورِهــا التَــمَــمِ
وَعَــــلَّمَــــت أُمَّةــــً بِــــالقَــــفـــرِ نـــازِلَةً
رَعــيَ القَــيــاصِــرِ بَــعـدَ الشـاءِ وَالنَـعَـمِ
كَــم شَــيَّدَ المُــصــلِحــونَ العــامِـلونَ بِهـا
فـي الشَـرقِ وَالغَـربِ مُـلكـاً بـاذِخَ العِـظَـمِ
لِلعِــلمِ وَالعَــدلِ وَالتَـمـديـنِ مـا عَـزَمـوا
مِـــنَ الأُمـــورِ وَمـــا شَـــدّوا مِــنَ الحُــزُمِ
سُــرعــانَ مــا فَــتَـحـوا الدُنـيـا لِمِـلَّتِهِـم
وَأَنــهَـلوا النـاسَ مِـن سَـلسـالِهـا الشَـبِـمِ
ســاروا عَــلَيـهـا هُـداةَ النـاسِ فَهـيَ بِهِـم
إِلى الفَـــلاحِ طَـــريـــقٌ واضِـــحُ العَـــظَـــمِ
لا يَهــدِمُ الدَهــرُ رُكــنــاً شــادَ عَــدلَهُــمُ
وَحــائِطُ البَــغــيِ إِن تَــلمَــســهُ يَــنــهَــدِمِ
نـالوا السَـعـادَةَ فـي الدارَينِ وَاِجتَمَعوا
عَــلى عَــمــيــمٍ مِــنَ الرُضــوانِ مُــقــتَــسَــمِ
دَع عَــنــكَ رومــا وَآثــيــنــا وَمــا حَـوَتـا
كُــلُّ اليَــواقــيــتِ فــي بَــغــدادَ وَالتُــوَمِ
وَخَــــلِّ كِــــســــرى وَإيــــوانــــاً يَــــدِلُّ بِهِ
هَـــوىً عَـــلى أَثَـــرِ النـــيـــرانِ وَالأَيُـــمِ
وَاِتــرُك رَعــمَــســيــسَ إِنَّ المُــلكَ مَــظـهَـرُهُ
فــي نَهــضَـةِ العَـدلِ لا فـي نَهـضَـةِ الهَـرَمِ
دارُ الشَــــرائِعِ رومــــا كُــــلَّمـــا ذُكِـــرَت
دارُ السَـــلامِ لَهـــا أَلقَـــت يَـــدَ السَــلَمِ
مــا ضــارَعَــتــهــا بَــيـانـاً عِـنـدَ مُـلتَـأَمٍ
وَلا حَــكَــتــهــا قَــضــاءً عِــنــدَ مُــخــتَـصَـمِ
وَلا اِحــتَــوَت فــي طِــرازٍ مِــن قَـيـاصِـرِهـا
عَـــلى رَشـــيـــدٍ وَمَـــأمـــونٍ وَمُـــعـــتَـــصِــمِ
مَــــنِ الَّذيــــنَ إِذا ســـارَت كَـــتـــائِبُهُـــم
تَـــصَـــرَّفـــوا بِـــحُـــدودِ الأَرضِ وَالتُـــخَــمِ
وَيَــــجــــلِســــونَ إِلى عِــــلمٍ وَمَــــعـــرِفَـــةٍ
فَـــلا يُـــدانَـــونَ فـــي عَـــقـــلٍ وَلا فَهَــمِ
يُــطَــأطِــئُ العُــلَمــاءُ الهـامَ إِن نَـبَـسـوا
مِـن هَـيـبَـةِ العِـلمِ لا مِـن هَـيـبَـةِ الحُـكُمِ
وَيُـــمـــطِــرونَ فَــمــا بِــالأَرضِ مِــن مَــحَــلٍ
وَلا بِـــمَـــن بــاتَ فَــوقَ الأَرضِ مِــن عُــدُمِ
خَــــلائِفُ اللَهِ جَــــلّوا عَــــن مُــــوازَنَــــةٍ
فَـــلا تَـــقـــيـــسَـــنَّ أَمـــلاكَ الوَرى بِهِــمِ
مَــن فــي البَــرِيَّةــِ كَــالفــاروقِ مَــعــدَلَةً
وَكَــاِبــنِ عَـبـدِ العَـزيـزِ الخـاشِـعِ الحَـشِـمِ
وَكَـــالإِمـــامِ إِذا مـــا فَـــضَّ مُـــزدَحِـــمــاً
بِـــمَـــدمَــعٍ فــي مَــآقــي القَــومِ مُــزدَحِــمِ
الزاخِــــرُ العَـــذبُ فـــي عِـــلمٍ وَفـــي أَدَبٍ
وَالنــاصِــرُ النَــدبِ فــي حَــربٍ وَفــي سَــلَمِ
أَو كَـــاِبـــنِ عَــفّــانَ وَالقُــرآنُ فــي يَــدِهِ
يَــحـنـو عَـلَيـهِ كَـمـا تَـحـنـو عَـلى الفُـطُـمِ
وَيَــجــمَــعُ الآيَ تَــرتــيــبــاً وَيَــنــظُـمُهـا
عِــقــداً بِــجــيـدِ اللَيـالي غَـيـرَ مُـنـفَـصِـمِ
جُــرحـانِ فـي كَـبِـدِ الإِسـلامِ مـا اِلتَـأَمـا
جُــرحُ الشَهــيــدِ وَجُــرحٌ بِــالكِــتــابِ دَمــي
وَمــــا بَــــلاءُ أَبـــي بَـــكـــرٍ بِـــمُـــتَّهـــَمٍ
بَــعــدَ الجَــلائِلِ فــي الأَفــعـالِ وَالخِـدَمِ
بِــالحَــزمِ وَالعَـزمِ حـاطَ الديـنَ فـي مِـحَـنٍ
أَضَــــلَّتِ الحُـــلمَ مِـــن كَهـــلٍ وَمُـــحـــتَـــلِمِ
وَحِـــدنَ بِـــالراشِـــدِ الفـــاروقِ عَــن رُشــدٍ
فــي المَــوتِ وَهــوَ يَــقــيـنٌ غَـيـرُ مُـنـبَهِـمِ
يُــــجــــادِلُ القَــــومَ مُـــســـتَـــلّاً مُهَـــنَّدَهُ
فــي أَعــظَــمِ الرُســلِ قَـدراً كَـيـفَ لَم يَـدُمِ
لا تَــــعــــذُلوهُ إِذا طــــافَ الذُهــــولُ بِهِ
مــاتَ الحَــبــيــبُ فَــضَــلَّ الصَــبُّ عَــن رَغَــمِ
يــــا رَبِّ صَــــلِّ وَسَــــلِّم مــــا أَرَدتَ عَــــلى
نَـــزيـــلِ عَـــرشِـــكَ خَــيــرِ الرُســلِ كُــلِّهِــمِ
مُـــحـــيِ اللَيــالي صَــلاةً لا يُــقَــطِّعــُهــا
إِلّا بِـــدَمـــعٍ مِــنَ الإِشــفــاقِ مُــنــسَــجِــمِ
مُــسَــبِّحــاً لَكَ جُــنــحَ اللَيــلِ مُــحــتَــمِــلاً
ضُـــرّاً مِـــنَ السُهـــدِ أَو ضُـــرّاً مِــنَ الوَرَمِ
رَضِـــيَّةـــٌ نَـــفـــسُهُ لا تَــشــتَــكــي سَــأَمــاً
وَمـــا مَـــعَ الحُــبِّ إِن أَخــلَصــتَ مِــن سَــأَمِ
وَصَــــــلِّ رَبّــــــي عَــــــلى آلٍ لَهُ نُـــــخَـــــبٍ
جَــعَــلتَ فــيــهِــم لِواءَ البَــيــتِ وَالحَــرَمِ
بـــيـــضُ الوُجــوهِ وَوَجــهُ الدَهــرِ ذو حَــلَكٍ
شُـــمُّ الأُنـــوفِ وَأَنــفُ الحــادِثــاتِ حَــمــى
وَأَهـــدِ خَـــيـــرَ صَـــلاةٍ مِـــنـــكَ أَربَـــعَـــةً
فــي الصَــحــبِ صُــحــبَـتُهُـم مَـرعِـيَّةـُ الحُـرَمِ
الراكِـــبـــيــنَ إِذا نــادى النَــبِــيُّ بِهِــم
مــا هــالَ مِــن جَــلَلٍ وَاِشــتَــدَّ مِــن عَــمَــمِ
الصـــابِـــريـــنَ وَنَـــفـــسُ الأَرضِ واجِـــفَــةٌ
الضــاحِــكــيــنَ إِلى الأَخــطــارِ وَالقُــحَــمِ
يـــا رَبِّ هَـــبَّتــ شُــعــوبٌ مِــن مَــنِــيَّتــِهــا
وَاِســتَــيــقَــظَــت أُمَــمٌ مِــن رَقــدَةِ العَــدَمِ
سَــــعــــدٌ وَنَــــحـــسٌ وَمُـــلكٌ أَنـــتَ مـــالِكُهُ
تُـــديـــلُ مِـــن نِـــعَــمٍ فــيــهِ وَمِــن نِــقَــمِ
رَأى قَـــضـــاؤُكَ فـــيـــنـــا رَأيَ حِـــكــمَــتِهِ
أَكـــرِم بِـــوَجــهِــكَ مِــن قــاضٍ وَمُــنــتَــقِــمِ
فَــاِلطُــف لِأَجــلِ رَســولِ العــالَمـيـنَ بِـنـا
وَلا تَـــزِد قَـــومَهُ خَـــســـفـــاً وَلا تُـــسِــمِ
يــا رَبِّ أَحــسَــنــتَ بَــدءَ المُــســلِمـيـنَ بِهِ
فَــتَــمِّمــِ الفَــضــلَ وَاِمـنَـح حُـسـنَ مُـخـتَـتَـمِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أحمد شوقي
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932