البيت العربي

عادَ الهُمومُ وَما يَدري الخَلِيُّ بِها
عدد ابيات القصيدة:34

عادَ الهُمومُ وَما يَدري الخَلِيُّ بِها
وَاِسـتَـورَدَتـنـي كَما يُستَورَدُ الشَرَعُ
فَـبِـتُّ أَنـجـو بِهـا نَـفـسـاً تُـكَـلِّفُني
مــا لا يَهُـمُّ بِهِ الجَـثّـامَـةُ الوَرَعُ
وَلَومِ عـــاذِلَةٍ بـــاتَــت تُــؤَرِّقُــنــي
حَـزّى المَـلامَـةِ مـا تُبقي وَما تَدَعُ
لَمّـا رَأَتـنِـيَ أَقـرَرتُ اللِسـانَ لَهـا
قــالَت أَطِـعـنِـيَ وَالمَـتـبـوعُ مُـتَّبـَعُ
أَخـشـى عَـلَيـكِ حِـبـالَ المَوتِ راصِدَةً
بِــكُــلِّ مَـورِدَةٍ يُـرجـى بِهـا الطَـمَـعُ
فَـقُـلتُ لَن يُـعـجِـلَ المِـقـدارُ عُـدَّتَهُ
وَلَن يُــبــاعِـدَهُ الإِشـفـاقُ وَالهَـلَعُ
فَهَـل عَـلِمـتِ مِـنَ الأَقـوامِ مِـن أَحَدٍ
عَـلى الحَـديـثِ الَّذي بِـالغَيبِ يَطَّلِعُ
وَلِلمَـــنِـــيَّةــِ أَســبــابٌ تُــقَــرُّبُهــا
كَــمــا تَــقَــرَّبَ لِلوَحــشِــيَّةــِ الذُرُعُ
وَقَـد أَرى صَـفـحَـةَ الوَحـشِـيِّ يُخطِئُها
نَـبـلُ الرُماةِ فَيَنجو الآبِدُ الصَدَعُ
وَقَــد تَــذَكَّرَ قَــلبـي بَـعـدَ هَـجـعَـتِهِ
أَيَّ البِــلادِ وَأَيَّ النــاسِ أَنــتَـجِـعُ
فَــقُـلتُ بِـالشـامِ إِخـوانٌ ذَوُو ثِـقَـةٍ
مــا إِن لَنـا دونَهُـم رَيٌّ وَلا شَـبَـعُ
قَـومٌ هُـمُ الذِروَةُ العُليا وَكاهِلُها
وَمَـن سِـواهُـم هُـمُ الأَظلافُ وَالزَمَعُ
فَـإِن يَـجـودوا فَـقَـد حـاوَلتُ جودَهُمُ
وَإِن يَــضَــنّــوا فَـلا لَومٌ وَلا قَـذَعُ
وَكَــم قَــطَــعــتُ إِلَيـكُـم مِـن مُـوَدَّأَةٍ
كَــأَنَّ أَعــلامَهـا فـي آلِهـا القَـزَعُ
غَبراءَ يَهماءَ يَخشى المُدلِجونَ بِها
زيــغَ الهُـداةِ بِـأَرضٍ أَهـلُهـا شِـيَـعُ
كَــأَنَّ أَيــنُــقَــنــا جــونِــيَّ مَــورِدَةٍ
مُـلسُ المَـنـاكِـبِ فـي أَعـناقِها هَنَعُ
قَـوارِبَ المـاءِ قَد قَدَّ الرَواحُ بِها
فَهُــنَّ تَــفــرَقُ أَحــيـانـاً وَتَـجـتَـمِـعُ
صُـفـرُ الحَـنـاجِـرِ لَغـواهـا مُـبَـيَّنـَةٌ
فـي لُجَّةـِ اللَيلِ لَمّا راعَها الفَزَعُ
يَــســقــيــنَ أَولادَ أَبـسـاطٍ مُـجَـدَّدَةٍ
أَردى بِهـا القَـيـظُ حَـتّى كَلَّها ضَرَعُ
صَــيــفِــيَّةــٌ حَــمَـكٌ حُـمـرٌ حَـواصِـلُهـا
فَـمـا تَـكـادُ إِلى النَـقـناقِ تَرتَفِعُ
يَــسـقـيـنَهُـنَّ مُـجـاجـاتٍ يَـجِـئنَ بِهـا
مِـن آجِـنِ الماءِ مَحفوفاً بِهِ الشِرَعُ
بــاكَــرنَهُ وَفُـضـولُ الريـحِ تَـنـسُـجُهُ
مُــعـانِـقـاً سـاقَ رَيّـا سـاقُهـا خَـرِعُ
كَـطُـرَّةِ البُـردِ يَـروى الصادِياتُ بِهِ
مِــنَ الأَجــارِعِ لا مِــلحٌ وَلا نَــزَعُ
لَمّــا نَــزَلنَ بِــجَــنـبَـيـهِ دَلَفـنَ لَهُ
جَوادِفَ المَشيِ مِنها البُطءُ وَالسَرَعُ
حَـتّـى إِذا ما اِرتَوَت مِن مائِهِ قُطُفٌ
تَـسـقـي الحَـواقِـنَ أَحـياناً وَتَجتَرِعُ
وَلَّت حِـثـاثـاً تُـواليـهـا وَأَتـبَـعَها
مِـن لابَـةٍ أَسـفَـعُ الخَـدَّيـنِ مُـخـتَضِعُ
يَـسـبِـقـنَ بِـالقَـصدِ وَالإيغالِ كَرَّتَهُ
إِذا تَــفَــرَّقــنَ عَـنـهُ وَهـوَ مُـنـدَفِـعُ
مُــلَمــلَمٌ كَــمُــدُقِّ الهَــضـبِ مُـنـصَـلِتٌ
مـا إِن يَـكـادُ إِذا مـا لَجَّ يُـرتَـجَعُ
حَتّى اِنتَهى الصَقرُ عَن حُمٍّ قَوادِمُها
تَـدنـو مِنَ الأَرضِ أَحياناً وَما تَقَعُ
وَظَـلَّ بِـالأُكـمِ مـا يَـصـري أَرانِبَها
مِـن حَـدِّ أَظـفـارِهِ الجُحرانُ وَالقَلَعُ
بَـل مـا تَذَكَّرُ مِن هِندٍ إِذا اِحتَجَبَت
بِـاِبـنَـي عُـوارٍ وَأَمـسـى دونَها بُلَعُ
وَجــاوَرَت عَــشَــمِــيّــاتٍ بِــمَــحــنِـيَـةٍ
يَـــنـــأى بِهِــنَّ أَخــو داوِيَّةــٍ مَــرِعُ
قـاصـي المَـحَـلِّ طَـبـاهُ عَـن عَـشيرَتِهِ
جُـرءٌ وَبَـيـنـونَـةُ الجَـرداءِ أَو كَرَعُ
بِــحَــيــثُ تَــلحَــسُ عَـن زُهـرٍ مُـلَمَّعـَةٍ
عَـيـنٌ مَـراتِـعُهـا الصَـحراءُ وَالجَرَعُ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: الراعي النُمَيري
من فحول الشعراء المحدثين، كان من جلّة قومه، ولقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل وكان بنو نمير أهل بيتٍ وسؤدد.
وقيل: كان راعَي إبلٍ من أهل بادية البصرة.
عاصر جريراً والفرزدق وكان يفضّل الفرزدق فهجاه جرير هجاءاً مُرّاً وهو من أصحاب الملحمات.
وسماه بعض الرواة حصين بن معاوية.