قصيدة قم ناج جلق وانشد رسم من بانوا للشاعر أحمد شوقي

البيت العربي

قُم ناجِ جِلَّقَ وَاِنشُد رَسمَ مَن بانوا


عدد ابيات القصيدة:41


قُم ناجِ جِلَّقَ وَاِنشُد رَسمَ مَن بانوا
قُـم نـاجِ جِـلَّقَ وَاِنـشُـد رَسـمَ مَـن بـانوا
مَـــشَـــت عَــلى الرَســمِ أَحــداثٌ وَأَزمــانُ
هَـــذا الأَديـــمُ كِــتــابٌ لا كِــفــاءَ لَهُ
رَثُّ الصَـــحـــائِفِ بـــاقٍ مِـــنــهُ عُــنــوانُ
الديـــنُ وَالوَحـــيُ وَالأَخــلاقُ طــائِفَــةٌ
مِــــنـــهُ وَســـائِرُهُ دُنـــيـــا وَبُهـــتـــانُ
مــا فــيــهِ إِن قُــلِّبَــت يَـومـاً جَـواهِـرُهُ
إِلّا قَـــــــرائِحُ مِـــــــن رادٍ وَأَذهــــــانُ
بَــنــو أُمَــيَّةــَ لِلأَنــبــاءِ مـا فَـتَـحـوا
وَلِلأَحــاديــثِ مــا ســادوا وَمـا دانـوا
كـانـوا مُـلوكـاً سَـريـرُ الشَـرقِ تَـحـتَهُـمُ
فَهَــل سَــأَلتَ سَـريـرَ الغَـربِ مـا كـانـوا
عــاليــنَ كَـالشَـمـسِ فـي أَطـرافِ دَولَتِهـا
فـــي كُـــلِّ نـــاحِـــيَـــةٍ مُـــلكٌ وَسُــلطــانُ
يـا وَيـحَ قَـلبِـيَ مَهـمـا اِنـتـابَ أَرسُمَهُم
سَـــرى بِهِ الهَـــمُّ أَو عــادَتــهُ أَشــجــانُ
بِـالأَمـسِ قُـمـتُ عَـلى الزَهـراءِ أَنـدُبُهُـم
وَاليَــومَ دَمـعـي عَـلى الفَـيـحـاءِ هَـتّـانُ
فــي الأَرضِ مِــنــهُــم سَــمـاواتٌ وَأَلوِيَـةٌ
وَنَــــــيِّراتٌ وَأَنـــــواءٌ وَعُـــــقـــــبـــــانُ
مَــعــادِنُ العِــزِّ قَـد مـالَ الرَغـامُ بِهِـم
لَو هـانَ فـي تُـربِهِ الإِبـريزُ ما هانوا
لَولا دِمَــشــقُ لَمــا كــانَــت طُــلَيــطِــلَةٌ
وَلا زَهَــت بِــبَــنــي العَــبّــاسِ بَــغــدانُ
مَــرَرتُ بِــالمَــســجِــدِ المَــحـزونِ أَسـأَلَهُ
هَــل فـي المُـصَـلّى أَوِ المِـحـرابِ مَـروانُ
تَــغَــيَّرَ المَـسـجِـدُ المَـحـزونُ وَاِخـتَـلَفَـت
عَـــلى المَـــنـــابِـــرِ أَحــرارٌ وَعِــبــدانُ
فَــــلا الأَذانُ أَذانٌ فــــي مَــــنــــارَتِهِ
إِذا تَــــــــعــــــــالى وَلا الآذانُ آذانُ
آمَــنــتُ بِــاللَهِ وَاِســتَــثــنَــيــتُ جَـنَّتـَهُ
دِمَــــشــــقُ روحٌ وَجَــــنّــــاتٌ وَرَيــــحــــانُ
قــالَ الرِفــاقُ وَقَــد هَــبَّتــ خَــمـائِلُهـا
الأَرضُ دارٌ لَهــا الفَــيــحــاءُ بُــسـتـانُ
جَـــرى وَصَـــفَّقــَ يَــلقــانــا بِهــا بَــرَدى
كَـــمـــا تَـــلقـــاكَ دونَ الخُــلدِ رَضــوانُ
دَخَــــلتُهــــا وَحَــــواشـــيـــهـــا زُمُـــرُّدَةٌ
وَالشَــمــسُ فَــوقَ لُجَـيـنِ المـاءِ عِـقـيـانُ
وَالحــورُ فــي دُمَّرَ أَو حَــولَ هــامَــتِهــا
حــــورٌ كَــــواشِــــفُ عَــــن ســــاقٍ وَوِلدانُ
وَرَبـــوَةُ الوادِ فـــي جِــلبــابِ راقِــصَــةٍ
الســـاقُ كـــاسِــيَــةٌ وَالنَــحــرُ عُــريــانُ
وَالطَـيـرُ تَـصـدَحُ مِـن خَـلفِ العُـيـونِ بِها
وَلِلعُـــيـــونِ كَـــمـــا لِلطَـــيـــرِ أَلحــانُ
وَأَقــبَــلَت بِــالنَـبـاتِ الأَرضُ مُـخـتَـلِفـاً
أَفـــــوافُهُ فَهـــــوَ أَصـــــبـــــاغٌ وَأَلوانُ
وَقَــد صَــفــا بَــرَدى لِلريــحِ فَــاِبـتَـدَرَت
لَدى سُـــتـــورٍ حَـــواشـــيـــهُـــنَّ أَفــنــانُ
ثُـمَّ اِنـثَـنَـت لَم يَزَل عَنها البَلالُ وَلا
جَــــفَّتـــ مِـــنَ المـــاءِ أَذيـــالٌ وَأَردانُ
خَــلَّفــتُ لُبــنــانَ جَـنّـاتِ النَـعـيـمِ وَمـا
نُـــبِّئـــتُ أَنَّ طَـــريـــقَ الخُــلدِ لُبــنــانُ
حَــتّــى اِنــحَــدَرتُ إِلى فَــيــحـاءَ وارِفَـةٍ
فــيــهــا النَــدى وَبِهــا طَــيٌّ وَشَــيـبـانُ
نَــزَلتُ فــيــهــا بِــفِــتــيــانٍ جَـحـاجِـحَـةٍ
آبــاؤُهُــم فــي شَــبــابِ الدَهــرِ غَــسّــانُ
بـــيـــضُ الأَسِــرَّةِ بــاقٍ فــيــهُــمُ صَــيَــدٌ
مِــن عَــبـدِ شَـمـسٍ وَإِن لَم تَـبـقَ تـيـجـانُ
يـا فِـتـيَـةَ الشامِ شُكراً لا اِنقِضاءَ لَهُ
لَو أَنَّ إِحــســانَــكُــم يَــجــزيــهِ شُـكـرانُ
مــا فَـوقَ راحـاتِـكُـم يَـومَ السَـمـاحِ يَـدٌ
وَلا كَــأَوطــانِــكُــم فـي البِـشـرِ أَوطـانُ
خَـــمـــيــلَةُ اللَهِ وَشَّتــهــا يَــداهُ لَكُــم
فَهَـــل لَهـــا قَـــيِّمـــٌ مِــنــكُــم وَجَــنّــانُ
شيدوا لَها المُلكَ وَاِبنوا رُكنَ دَولَتِها
فَــالمُــلكُ غَــرسٌ وَتَــجــديــدٌ وَبُــنــيــانُ
لَو يُــرجَــعُ الدَهــرُ مَــفـقـوداً لَهُ خَـطَـرٌ
لَآبَ بِـــالواحِـــدِ المَـــبـــكِــيِّ ثَــكــلانُ
المُـلكُ أَن تَـعمَلوا ما اِستَطَعتُمو عَمَلاً
وَأَن يَــبــيــنَ عَــلى الأَعــمــالِ إِتـقـانُ
المُــلكُ أَن تُــخــرَجَ الأَمــوالُ نــاشِـطَـةً
لِمَــــطـــلَبٍ فـــيـــهِ إِصـــلاحٌ وَعُـــمـــرانُ
المُــــلكُ تَــــحــــتَ لِســــانٍ حَــــولَهُ أَدَبٌ
وَتَــحــتَ عَــقــلٍ عَــلى جَــنــبَـيـهِ عِـرفـانُ
المُــلكُ أَن تَــتَــلافَــوا فــي هَـوى وَطَـنٍ
تَـــفَـــرَّقَـــت فـــيـــهِ أَجـــنــاسٌ وَأَديــانُ
نَــصــيــحَــةٌ مِــلؤُهــا الإِخــلاصُ صـادِقَـةٌ
وَالنُــــصــــحُ خـــالِصُهُ ديـــنٌ وَإيـــمـــانُ
وَالشِــعـرُ مـا لَم يَـكُـن ذِكـرى وَعـاطِـفَـةً
أَو حِـــكـــمَــةً فَهــوَ تَــقــطــيــعٌ وَأَوزانُ
وَنَـحـنُ فـي الشَـرقِ وَالفُـصـحـى بَـنو رَحِمٍ
وَنَـــحـــنُ فــي الجُــرحِ وَالآلامِ إِخــوانُ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932
تصنيفات قصيدة قُم ناجِ جِلَّقَ وَاِنشُد رَسمَ مَن بانوا