البيت العربي

ما جالَ بَعدَكِ لَحظي في سَنا القَمَرِ
عدد ابيات القصيدة:51

مـا جـالَ بَعدَكِ لَحظي في سَنا القَمَرِ
إِلّا ذَكَــرتُـكِ ذِكـرَ العَـيـنِ بِـالأَثَـرِ
وَلا اِسـتَـطَـلتُ ذَمـاءَ اللَيلِ مِن أَسَفٍ
إِلّا عَــلى لَيــلَةٍ سَــرَّت مَــعَ القِـصَـرِ
نـــاهـــيــكِ مِــن سَهَــرٍ بَــرحٍ تَــأَلَّفَهُ
شَـوقٌ إِلى مـا اِنقَضى مِن ذَلِكَ السَمَرِ
فَــلَيــتَ ذاكَ السَـوادَ الجَـونَ مُـتَّصـِلٌ
لَو اِسـتَـعـارَ سَـوادَ القَـلبِ وَالبَـصَرِ
أَمّــا الضَـنـى فَـجَـنَـتـهُ لَحـظَـةٌ عَـنَـنٌ
كَــأَنَّهــا وَالرَدى جــاءا عَــلى قَــدَرِ
فَهِمتُ مَعنى الهَوى مِن وَحيِ طَرفَكِ لي
إِنَّ الحِــوارَ لَمَــفــهــومٌ مِـنَ الحَـوَرِ
وَالصَــدرُ مُــذ وَرَدَت رِفـهـاً نَـواحِـيَهُ
تـومُ القَـلائِدِ لَم تَـجـنَـح إِلى صَـدَرِ
حُـسـنٌ أَفـانـيـنُ لَم تَـسـتَـوفِ أَعيُنُنا
غــايــاتِهِ بِــأَفــانــيـنٍ مِـنَ النَـظَـرِ
واهــــاً لِثَــــغـــرِكِ بـــاتَ يَـــكـــلَؤُهُ
غَـيـرانُ تَـسـري عَـواليـهِ إِلى الثُغَرِ
يَـقـظـانُ لَم يَـكـتَـحِـل غَـمضاً مُراقَبَةً
لَرابِـطِ الجَـأشِ مِـقـدامٍ عَـلى الغِـرَرِ
لا لَهــوُ أَيّـامِهِ الخـالي بِـمُـرتَـجِـعٍ
وَلا نَــعــيــمُ لَيــاليــهِ بِــمُـنـتَـظَـرِ
إِذ لا التَــحِــيَّةـُ إيـمـاءٌ مُـخـالَسَـةً
وَلا الزِيــارَةُ إِلمــامٌ عَــلى خَــطَــرِ
مُــنــىً كَــأَن لَم يَـكُـن إِلّا تَـذَكُّرُهـا
إِنَّ الغَــرامَ لِمُــعــتــادٌ مَـعَ الذِكَـرِ
مَـن يَـسأَلِ الناسَ عَن حالي فَشاهِدُها
مَـحـضُ العِيانِ الَّذي يُغني عَنِ الخَبَرِ
لَم تَـطـوِ بُـردَ شَـبـابـي كَـبـرَةٌ وَأَرى
بَرقَ المَشيبِ اِعتَلى في عارِضِ الشَعَرِ
قَـبـلَ الثَلاثينَ إِذ عَهدُ الصِبا كَثَبٌ
وَلِلشَــبــيــبَــةِ غُــصـنٌ غَـيـرُ مُهـتَـصِـرِ
هـا إِنَّهـا لَوعَـةٌ فـي الصَـدرِ قـادِحَةٌ
نـارَ الأَسـى وَمَـشـيـبـي طائِرُ الشَرَرِ
لا يُهـنَـىءِ الشامِتَ المُرتاحَ خاطِرُهُ
أَنّـي مُـعَـنّـى الأَمـانـي ضائِعُ الخَطَرِ
هَـلِ الرِيـاحُ بِـنَـجـمِ الأَرضِ عـاصِـفَـةٌ
أَمِ الكُـسـوفُ لِغَـيـرِ الشَـمـسِ وَالقَمَرِ
إِن طالَ في السِجنِ إيداعي فَلا عَجَبٌ
قَـد يـودَعُ الجَفنَ حَدُّ الصارِمِ الذَكَرِ
وَإِن يُـثَـبِّطـ أَبـا الحَزمِ الرِضى قَدَرٌ
عَـن كَـشـفِ ضُـرّي فَلا عَتَبٌ عَلى القَدَرِ
مـا لِلذُنـوبِ الَّتـي جـانـي كَـبائِرِها
غَــيــري يُــحَــمِّلــُنـي أَوزارَهـا وَزَري
مَـن لَم أَزَل مِـن تَـأَنّـيـهِ عَـلى ثِـقَـةٍ
وَلَم أَبِــت مِــن تَــجَــنّـيـهِ عَـلى حَـذَرِ
ذو الشيمَةِ الرَسلِ إِن هيجَت حَفيظَتُهُ
وَالجـانِـبِ السَهلِ وَالمُستَعتِبِ اليَسَرِ
مَـن فـيـهِ لِلمُـجتَلي وَالمُبتَلي نَسَقاً
جَـمـالُ مَـرأَىءً عَـليـهِ سَـروُ مُـخـتَـبَـرِ
مُــذَلِّلٌ لِلمَــســاعــي حُـكـمَهـا شَـطَـطـاً
عَـليـهِ وَهُـوَ العَـزيزُ النَفسِ وَالنَفَرِ
وَزيــرُ سَــلمٍ كَــفــاهُ يُــمــنُ طــائِرِهِ
شُــؤمَ الحُــروبِ وَرَأيٌ مُـحـصَـدُ المِـرَرِ
أَغــنَــت قَــريــحَـتُهُ مُـغـنـى تَـجـارِبِهِ
وَنـابَـتِ اللَمـحَـةُ العَجلى عَنِ الفِكَرِ
كَـم اِشـتَـرى بِـكَـرى عَـيـنَـيهِ مِن سَهَرٍ
هُـدوءُ عَـيـنِ الهُـدى فـي ذَلِكَ السَهَـرِ
فـي حَـضـرَةٍ غـابَ صَـرفُ الدَهـرِ خَشيَتَهُ
عَـنـهـا وَنـامَ القَطا فيها فَلَم يَثُرِ
مُــمَـتَّعـٌ بِـالرَبـيـعِ الطَـلقِ نـازِلُهـا
يُـلهـيـهِ عَـن طـيـبِ آصـالٍ نَـدى بُـكَـرِ
مـا إِن يَـزالُ يَـبُـثُّ النَـبـتَ في جَلَدٍ
مُـذ سـاسَهـا وَيَـفـيـضُ الماءَ مِن حَجَرِ
قَـد كُـنـتُ أَحـسُـبُـني وَالنَجمَ في قَرَنٍ
فَـفـيـمَ أَصـبَـحـتُ مُـنـحَطّاً إِلى العَفَرِ
أَحــيــنَ رَفَّ عَـلى الآفـاقِ مِـن أَدَبـي
غَــرسٌ لَهُ مِــن جَـنـاهُ يـانِـعُ الثَـمَـرِ
وَســيــلَةً سَــبَــبـاً إِلّا تَـكُـن نَـسَـبـاً
فَهُـوَ الوِدادُ صَـفـا مِـن غَيرِ ما كَدَرِ
وَبــائِنٍ مِــن ثَــنــاءٍ حُــســنُهُ مَــثَــلٌ
وَشـيُ المَـحـاسِـنِ مِـنـهُ مُـعـلَمُ الطُرَرِ
يُـسـتَـودَعُ الصُـحـفَ لا تَـخفى نَوافِحُهُ
إِلّا خَـفـاءَ نَـسـيمِ المِسكِ في الصُرَرِ
مِــن كُـلِّ مُـخـتـالَةٍ بِـالحِـبـرِ رافِـلَةٍ
فيهِ اِختِيالَ الكَعابِ الرَودِ بِالحِبَرِ
تُـجـفى لَها الرَوضَةُ الغَنّاءُ أَضحَكَها
مَـجـالُ دَمـعِ النَـدى في أَعيُنِ الزَهَرِ
يـا بَهـجَةَ الدَهرِ حَيّاً وَهُوَ إِن فَنِيَت
حَــيــاتُهُ زيــنَــةُ الآثــارِ وَالسِـيَـرِ
لي فـي اِعـتِـمـادِكَ بِالتَأميلِ سابِقَةٌ
وَهِـجـرَةٌ فـي الهَـوى أَولى مِنَ الهِجَرِ
فَـفـيـمَ غَـضَّتـ هُـمـومـي مِن عُلا هِمَمي
وَحـاصَ بـي مَـطـلَبـي عَـن وِجهَةِ الظَفَرِ
هَـل مِـن سَـبـيلٍ فَماءُ العَتبِ لي أَسِنٌ
إِلى العُـذوبَـةِ مِـن عُـتـبـاكَ وَالخَصَرِ
نَـذَرتُ شُـكـرَكَ لا أَنـسـى الوَفـاءَ بِهِ
إِن أَسـفَـرَت لِيَ عَـنـهـا أَوجُهُ البُـشَرِ
لا تَـلهُ عَـنّـي فَـلَم أَسـأَلكَ مُـعتَسِفاً
رَدَّ الصِـبـا بَـعـدَ إيفاءٍ عَلى الكِبَرِ
وَاِسـتَـوفِـرِ الحَـظِّ مِـن نُـصـحٍ وَصـاغِيَةٍ
كِـلاهُـمـا العِـلقُ لَم يوهَب وَلَم يُعَرِ
هَــبـنـي جَهِـلتُ فَـكـانَ العِـلقُ سَـيِّئـَةً
لا عُـذرَ مِـنـهـا سِوى أَنّي مِنَ البَشَرِ
إِنَّ السِــيــادَةَ بِــالإِغـضـاءِ لابِـسَـةٌ
بَهـاءَهـا وَبَهـاءُ الحُـسـنِ فـي الخَفَرِ
لَكَ الشَــفـاعَـةُ لا تُـثـنـى أَعِـنَّتـُهـا
دونَ القَـبـولِ بِـمَـقـبـولٍ مِـنَ العُـذُرِ
وَاِلبَس مِنَ النِعمَةِ الخَضراءِ أَيكَتَها
ظِـلّاً حَـرامـاً عَـلى الآفاتِ وَالغِيَرِ
نَـعـيـمَ جَـنَّةـِ دُنـيـا إِن هِـيَ اِنصَرَمَت
نَـعِـمـتَ بِـالخُلدِ في الجَنّاتِ وَالنَهَرِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: ابن زيدون
وزير، كاتب وشاعر من أهل قرطبة، انقطع إلى ابن جهور من ملوك الطوائف بالأندلس، فكان السفير بينه وبين ملوك الأندلس فأعجبوا به. واتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد فحبسه، فاستعطفه ابن زيدون برسائل عجيبة فلم يعطف.
فهرب واتصل بالمعتضد صاحب إشبيلية فولاّه وزارته، وفوض إليه أمر مملكته فأقام مبجّلاً مقرباً إلى أن توفي باشبيلية في أيام المعتمد على الله ابن المعتضد.
ويرى المستشرق كور أن سبب حبسه اتهامه بمؤامرة لإرجاع دولة الأمويين.
وفي الكتاب من يلقبه بحتري المغرب، أشهر قصائده: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا.
ومن آثاره غير الديوان رسالة في التهكم بعث بها عن لسان ولاّدة إلى ابن عبدوس وكان يزاحمه على حبها، وهي ولاّدة بنت المستكفي.
وله رسالة أخرى وجهها إلى ابن جهور طبعت مع سيرة حياته في كوبنهاغن وطبع في مصر من شروحها الدر المخزون وإظهار السر المكنون.