قصيدة هل تهبط النيرات الأرض أحيانا للشاعر أحمد شوقي

البيت العربي

هَل تَهبِطُ النَيِّراتُ الأَرضَ أَحيانا


عدد ابيات القصيدة:33


هَل تَهبِطُ النَيِّراتُ الأَرضَ أَحيانا
هَـل تَهـبِـطُ النَـيِّراتُ الأَرضَ أَحـيـانا
وَهَـــل تَـــصــورُ أَفــراداً وَأَعــيــانــا
نَــزَلنَ أَوَّلَ دارٍ فــي الثَــرى رَفَــعَــت
لِلشَــمـسِ مُـلكـاً وَلِلأَقـمـارِ سُـلطـانـا
تَـفَـنَّنـَت قَـبـلَ خَـلقِ الفَـنِّ وَاِنـفَـجَـرَت
عِـلمـاً عَـلى العُـصُرِ الخالي وَعِرفانا
أُبُــوَّةٌ لَو سَــكَــتــنـا عَـن مَـفـاخِـرِهِـم
تَــواضُــعــاً نَــطَــقَــت صَـخـراً وَصَـوّانـا
هُـم قَـلَّبـوا كُـرَةَ الدُنـيـا فَما وَجَدَت
أَقـوى عَـلى صَـولَجـانِ المَـلكِ أَيـمانا
وَصَــيَّروا الدَهــرَ هُـزءاً يَـسـخَـرونَ بِهِ
حَـتّـى يَـنـالَ لَهُـم بِـالهَـدمِ بُـنـيـانا
لَم يَـسـلُكِ الأَرضَ قَـومٌ قَـبـلَهُـم سُبُلاً
وَلا الزَواخِــرَ أَثــبــاجــاً وَشُــطّـانـا
تَـقَـدَّمَ النـاسَ مِـنـهُـم مُـحـسِنونَ مَضَوا
لِلمَـوتِ تَـحـتَ لِواءِ العِـلمِ شُـجـعـانـا
جـابـوا العُـبـابَ عَـلى عـودٍ وَسـارِيَـةٍ
وَأَوغَـلوا فـي الفَلا كَالأُسدِ وُحدانا
أَزمـانَ لا البَـرُّ بِـالوابـورِ مُنتَهَباً
وَلا البُــخـارُ لِبِـنـتِ المـاءِ رُبّـانـا
هَل شَيَّعَ النَشءُ رَكبَ العِلمِ وَاِكتَنَفوا
لِعَــبــقَــرِيَّةــٍ أَحــمــالاً وَأَظــعــانــا
وَسـايَـروا المَـوكِـبَ المَـرمـوقَ مُتَّشِحاً
عِــزَّ الحَــضــارَةِ أَعــلامـاً وَرُكـبـانـا
يَـسـيـرُ تَـحـتَ لِوائِهِ العَـلَمُ مُـؤتَـلِفاً
وَلَن تَــرى كَــجُــنـودِ العِـلمِ إِخـوانـا
العِــلمُ يَــجــمَـعُ فـي جِـنـسٍ وَفـي وَطَـنٍ
شَــتّـى القَـبـائِلِ أَجـنـاسـاً وَأَوطـانـا
وَلَم يَــزِدكَ كَــرَســمِ الأَرضِ مَــعــرِفَــةً
بِـالأَرضِ داراً وَبِـالأَحـيـاءِ جـيـرانا
عَـلَمٌ أَبـانَ عَـنِ الغَـبـراءِ فَـاِنـكَـشَفَت
زَرعــاً وَضَــرعــاً وَإِقـليـمـاً وَسُـكّـانـا
وَقَــــسَّمـــَ الأَرضَ آكـــامـــاً وَأَودِيَـــةً
وَفَــصَّلــَ البَــحـرَ أَصـدافـاً وَمُـرجـانـا
وَبَـــيَّنـــَ النـــاسَ عـــاداتٍ وَأَمــزِجَــةٍ
وَمَــيَّزَ النــاسَ أَجــنــاســاً وَأَديـانـا
وَفــدَ المَـمـالِكِ هَـزَّ النـيـلُ مَـنـكَـبَهُ
لَمّــا نَـزَلتُـم عَـلى واديـهِ ضـيـفـانـا
غَـدا عَـلى الثَـغـرِ غـادٍ مِـن مَواكِبِكُم
فَــراحَ مُــبــتَــسِـمَ الأَرجـاءِ جَـذلانـا
جَــرَت سَــفــيــنَــتُــكُـم فـيـهِ فَـقَـلَّبَهـا
عَــلى الكَــرامَــةِ قَـيـدومـاً وَسُـكّـانـا
بِــلُقــاكُــمُ بِـسَـمـاءِ البَـحـرِ ضـاحِـيَـةً
وَتـــارَةً بِـــفَــضــاءِ البَــرِّ مُــزدانــا
وَلَو نَــزَلتُــمُ بِهِ وَالدَهــرُ مُــعــتَــدِلٌ
نَــزَلتُــمُ بِــعَــروسِ المُــلكِ عُــمـرانـا
إِذِ الفَــنــارُ وَراءَ البَــحــرِ مُـؤتَـلِقٌ
كَـــأَنَّهـــُ فَـــلَقٌ مِـــن خِـــدرِهِ بـــانــا
أَنــافَ خَــلفَ سَــمــاءِ اللَيــلِ مُـتَّقـِداً
يُــخــالُ فــي شُـرَفـاتِ الجَـوِّ كـيـوانـا
تَـطـوي الجَـواري إِلَيـهِ اليَـمَّ مُـقبِلَةً
تَــجـري بَـوارِجَ أَو تَـنـسـابُ خُـلجـانـا
نـورُ الحَـضـارَةِ لا تَـبغي الرُكابُ لَهُ
لا بِـالنَهـارِ وَلا بِـاللَيـلِ بُـرهـانا
يـا مَـوكِبَ العِلمِ قِف في أَرضِ مَنفَ بِهِ
يُــنـاجِ مَهـداً وَيَـذكُـر لِلصِـبـا شـابـا
بَــكــى تَــمــائِمَهُ طِــفـلاً بِهـا وَبَـكـي
مَـلاعِـبـاً مِـن رُبـى الوادي وَأَحـضانا
أَرضٌ تَــرَعــرَعَ لَم يَــصـحَـب بِـسـاحَـتِهـا
إِلّا نَــبِــيّــيـنَ قَـد طـابـوا وَكُهّـانـا
عـيـسـى اِبـنُ مَـريَـمَ فـيـها جَرَّ بُردَتَهُ
وَجَـرَّ فـيـهـا العَصا موسى بنُ عِمرانا
لَولا الحَـيـاءُ لَنـاجَـتـكُـم بِـحـاجَتِها
لَعَــلَّ مِــنـكُـم عَـلى الأَيّـامِ أَعـوانـا
إِذا تَــفَــرَّقــتُــمُ فـي الغَـربِ أَلسِـنَـةً
لَيَّنــتُــمُ كُــلَّ قَــلبٍ لَم يَــكُــن لانــا
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932
تصنيفات قصيدة هَل تَهبِطُ النَيِّراتُ الأَرضَ أَحيانا