البيت العربي

وَفِتيَةٍ كَمَصابيحِ الدُجى غُرَرٍ
عدد ابيات القصيدة:33

وَفِــتــيَــةٍ كَــمَــصــابــيــحِ الدُجــى غُــرَرٍ
شُــمِّ الأُنــوفِ مِــنَ الصــيـدِ المَـصـاليـتِ
صالوا عَلى الدَهرِ بِاللَهوِ الَّذي وَصَلوا
فَـــلَيـــسَ حَــبــلُهُــمُ مِــنــهُ بِــمَــبــتــوتِ
دارَ الزَمــانُ بِــأَفــلاكِ السُــعـودِ لَهُـم
وَعــاجَ يَــحــنــو عَـلَيـهِـم عـاطِـفَ الليـتِ
نــادَمــتُهُــم قَـرقَـفَ الإِسـفَـنـطِ صـافِـيَـةً
مَــشــمــولَةً سُــبِــيَــت مِـن خَـمـرِ تِـكـريـتِ
مِــنَ اللَواتــي خَــطَــبـنـاهـا عَـلى عَـجَـلٍ
لَمّــا عَــجَــجــنــا بِــرَبّــاتِ الحَــوانـيـتِ
فــي فَــيــلَقٍ لِلدُجــى كَــاليَــمِّ مُــلتَـطِـمٍ
طــامٍ يَــحــارُ بِهِ مِــن هَــولِهِ النــوتــي
إِذا بِـــكـــافِــرَةٍ شَــمــطــاءَ قَــد بَــرَزَت
فــــي زَيِّ مُــــخــــتَــــشِــــعٍ لِلَّهِ زِمّـــيـــتِ
قــالَت مَـنِ القَـومُ قُـلنـا مَـن عَـرَفـتِهُـمُ
مِــن كُــلِّ سَــمــحٍ بِـفَـرطِ الجـودِ مَـنـعـوتِ
حَــلّوا بِــدارِكِ مُــجـتـازيـنَ فَـاِغـتَـنِـمـي
بَــذلَ الكِــرامِ وَقــولي كَــيــفَـمـا شـيـتِ
فَــقَــد ظَــفِــرتِ بِـصَـفـوِ العَـيـشِ غـانِـمَـةً
كَـــغُـــنـــمِ داوُدَ مِـــن أَســـلابِ جـــالوتِ
فَــاِحــيَــي بِــريــحِهِــم فــي ظِـلِّ مَـكـرُمَـةٍ
حَـتّـى إِذا اِرتَـحَـلوا عَـن دارِكُـم مـوتـي
قـالَت فَـعِـنـدي الَّذي تَـبـغونَ فَاِنتَظِروا
عِـنـدَ الصَـبـاحِ فَـقُـلنـا بَـل بِهـا إيـتي
هِــيَ الصَــبـاحُ تُـحـيـلُ اللَيـلَ صِـفـوَتُهـا
إِذا رَمَـــت بِـــشِـــرارٍ كَـــاليَـــواقـــيــتِ
رَمــيَ المَــلائِكَــةِ الرُصّــادِ إِذ رَجَــمَــت
فـي اللَيـلِ بِـالنَـجـمِ مُـرّادَ العَـفـاريتِ
فَــأَقــبَــلَت كَــضِــيــاءِ الشَــمــسِ نـازِعَـةً
فـي الكَـأسِ مِن بَينِ دامي الخَصرِ مَنكوتِ
قُـلنـا لَهـا كَـم لَها في الدَنِّ مُذ حُجِبَت
قـــالَت قَـــدِ اِتُّخــِذَت مِــن عَهــدِ طــالوتِ
كــانَــت مُــخَــبَّأـَةً فـي الدَنِّ قَـد عَـنَـسَـت
فــي الأَرضِ مَـدفـونَـةً فـي بَـطـنِ تـابـوتِ
فَـقَـد أُتـيـتُـم بِهـا مِـن كُـنـهِ مَـعـدِنِهـا
فَـحـاذِروا أَخـذَهـا فـي الكَـأسِ بِـالقـوتِ
تُهـدي إِلى الشَـربِ طـيـبـاً عِـندَ نَكهَتِها
كَــنَــفــحِ مِــسـكٍ فَـتـيـقِ الفـارِ مَـفـتـوتِ
كَـــأَنَّهـــا بِـــزُلالِ المُـــزنِ إِذ مُــزِجَــت
شِـــبـــاكُ دُرٍّ عَـــلى ديـــبـــاجِ يـــاقــوتِ
يُـــديـــرُهـــا قَـــمَـــرٌ فـــي طَــرفِهِ حَــوَرٌ
كَــأَنَّمــا اِشــتُــقَّ مِــنــهُ سِــحــرُ هــاروتِ
وَعِــنــدَنــا ضــارِبٌ يَــشــدو فَــيُـطـرِبُـنـا
يــا دارَ هِــنــدٍ بِــذاتِ الجِــزعِ حُــيِّيــتِ
إِلَيــهِ أَلحــاظُــنــا تُــثــنــى أَعِــنَّتـُهـا
فَــلَو تَــرانــا إِلَيــهِ كَــالمَــبــاهــيــتِ
مِــن أَهــلِ هــيــتٍ سَــخِـيِّ الجَـرمِ ذي أَدَبٍ
لَهُ أَقــولُ مِــزاحــاً هــاتِ يــا هــيــتــي
فَــيَــنــبَــري بِـفَـصـيـحِ اللَحـنِ عَـن نَـغَـمٍ
مُـــثَـــقَّفــاتٍ فَــصــيــحــاتٍ بِــتَــثــبــيــتِ
حَــتّــى إِذا فَــلَكُ الأَوتــارِ دارَ بِــنــا
مَــعَ الطُــبــولِ ظَــلَلنــا كَــالسَـبـابـيـتِ
فُــزنــا بِهــا فــي حَــديــقــاتٍ مُــلَفَّفــَةٍ
بِــالزَنــدِ وَالطَــلحِ وَالرُمّــانِ وَالتــوتِ
تُــلهــيــكَ أَطــيــارُهـا عَـن كُـلِّ مُـلهِـيَـةٍ
إِذا تَـــرَنَّمـــَ فــي تَــرجــيــعِ تَــصــويــتِ
لَم يَـنـثَـنـي اللَهـوُ عَـن غِشيانِ مَورِدِها
وَلَم أَكُــن عَــن دَواعــيــهــا بِــصَــمّــيــتِ
حَــتّــى إِذا الشَـيـبُ فـاجـانـي بِـطَـلعَـتِهِ
أَقــبِــح بِــطَــلعَــةِ شَــيـبٍ غَـيـرِ مَـبـخـوتِ
عِــنــدَ الغَــوانــي إِذا أَبـصَـرنَ طَـلعَـتَهُ
آذَنَ بِـــالصَـــرمِ مِـــن وِدٍّ وَتَـــشـــتـــيــتِ
فَــقَــد نَــدِمــتُ عَـلى مـا كـانَ مِـن خَـطَـلٍ
وَمِــن إِضــاعَــةِ مَــكــتــوبِ المَــواقــيــتِ
أَدعــوكَ سُــبـحـانَـكَ اللَهُـمَّ فَـاِعـفُ كَـمـا
عَـفَـوتَ يـا ذا العُـلى عَـن صـاحِبِ الحوتِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أبو نُوّاس
شاعر العراق في عصره. ولد في الأهواز من بلاد خوزستان ونشأ بالبصرة، ورحل إلى بغداد فاتصل فيها بالخلفاء من بني العباس، ومدح بعضهم، وخرج إلى دمشق، ومنها إلى مصر، فمدح أميرها ، وعاد إلى بغداد فأقام بها إلى أن توفي فيها.
كان جده مولى للجراح بن عبد الله الحكمي، أمير خراسان، فنسب إليه، وفي تاريخ ابن عساكر أن أباه من أهل دمشق، وفي تاريخ بغداد أنه من طيء من بني سعد العشيرة.
هو أول من نهج للشعر طريقته الحضرية وأخرجه من اللهجة البدوية، وقد نظم في جميع أنواع الشعر، وأجود شعره خمرياته.