البيت العربي

أَضحى التَنائي بَديلاً مِن تَدانينا
عدد ابيات القصيدة:51

أَضـحـى التَـنـائي بَـديـلاً مِـن تَـدانينا
وَنــابَ عَــن طـيـبِ لُقـيـانـا تَـجـافـيـنـا
أَلّا وَقَــد حــانَ صُــبـحُ البَـيـنِ صَـبَّحـَنـا
حَــيــنٌ فَــقــامَ بِـنـا لِلحَـيـنِ نـاعـيـنـا
مَـن مُـبـلِغُ المُـلبِـسـيـنـا بِـاِنـتِـزاحِهِـمُ
حُـزنـاً مَـعَ الدَهـرِ لا يَـبـلى وَيُـبـلينا
أَنَّ الزَمــانَ الَّذي مــازالَ يُــضــحِــكُـنـا
أُنــســاً بِــقُــربِهِـمُ قَـد عـادَ يُـبـكـيـنـا
غـيـظَ العِدا مِن تَساقينا الهَوى فَدَعَوا
بِــأَن نَــغَــصَّ فَــقــالَ الدَهــرُ آمــيــنــا
فَـاِنـحَـلَّ مـا كـانَ مَـعـقـوداً بِـأَنـفُـسِـنا
وَاِنــبَــتَّ مـا كـانَ مَـوصـولاً بِـأَيـديـنـا
وَقَــد نَــكــونُ وَمــا يُــخــشــى تَـفَـرُّقُـنـا
فَــاليَـومَ نَـحـنُ وَمـا يُـرجـى تَـلاقـيـنـا
يـا لَيـتَ شِـعـري وَلَم نُـعـتِـب أَعـادِيَـكُـم
هَـل نـالَ حَـظّـاً مِـنَ العُـتـبـى أَعـاديـنا
لَم نَـعـتَـقِـد بَـعـدَكُـم إِلّا الوَفـاءَ لَكُم
رَأيـــاً وَلَم نَـــتَــقَــلَّد غَــيــرَهُ ديــنــا
مــا حَــقَّنــا أَن تُـقِـرّوا عَـيـنَ ذي حَـسَـدٍ
بِــنــا وَلا أَن تَـسُـرّوا كـاشِـحـاً فـيـنـا
كُــنّــا نَــرى اليَـأسَ تُـسـليـنـا عَـوارِضُهُ
وَقَــد يَــئِســنـا فَـمـا لِليَـأسِ يُـغـريـنـا
بِـنـتُـم وَبِـنّـا فَـمـا اِبـتَـلَّت جَـوانِـحُـنا
شَــوقــاً إِلَيــكُــم وَلا جَــفَّتــ مَـآقـيـنـا
نَــكــادُ حــيــنَ تُــنــاجـيـكُـم ضَـمـائِرُنـا
يَـقـضـي عَـلَيـنـا الأَسـى لَولا تَـأَسّـيـنا
حـــالَت لِفَـــقــدِكُــمُ أَيّــامُــنــا فَــغَــدَت
ســوداً وَكـانَـت بِـكُـم بـيـضـاً لَيـاليـنـا
إِذ جــانِــبُ العَــيـشِ طَـلقٌ مِـن تَـأَلُّفِـنـا
وَمَــربَــعُ اللَهــوِ صــافٍ مِـن تَـصـافـيـنـا
وَإِذ هَــصَــرنــا فُــنــونَ الوَصــلِ دانِـيَـةً
قِــطــافُهـا فَـجَـنَـيـنـا مِـنـهُ مـا شـيـنـا
لِيُــســقَ عَهــدُكُــمُ عَهــدُ السُــرورِ فَــمــا
كُــنــتُــم لِأَرواحِــنــا إِلّا رَيــاحــيـنـا
لا تَــحــسَـبـوا نَـأيَـكُـم عَـنّـا يُـغَـيِّرُنـا
أَن طــالَمــا غَــيَّرَ النَـأيُ المُـحِـبّـيـنـا
وَاللَهِ مـــا طَـــلَبَــت أَهــواؤُنــا بَــدَلاً
مِـنـكُـم وَلا اِنـصَـرَفَـت عَـنـكُـم أَمـانينا
يـا سـارِيَ البَـرقِ غـادِ القَصرَ وَاِسقِ بِهِ
مَـن كـانَ صِـرفَ الهَـوى وَالوُدُّ يَـسـقـيـنا
وَاِســأَل هُــنــالِكَ هَــل عَــنّــى تَــذَكُّرُنــا
إِلفـــاً تَـــذَكُّرُهُ أَمـــســـى يُــعَــنّــيــنــا
وَيــا نَــســيــمَ الصَــبـا بَـلِّغ تَـحِـيَّتـَنـا
مَـن لَو عَـلى البُـعـدِ حَـيّـا كانَ يُحَيّينا
فَهَــل أَرى الدَهـرَ يَـقـضـيـنـا مُـسـاعَـفَـةً
مِــنــهُ وَإِن لَم يَــكُـن غِـبّـاً تَـقـاضـيـنـا
رَبــــيــــبُ مُـــلكٍ كَـــأَنَّ اللَهَ أَنـــشَـــأَهُ
مِــســكــاً وَقَــدَّرَ إِنــشـاءَ الوَرى طـيـنـا
أَو صــــاغَهُ وَرِقــــاً مَـــحـــضـــاً وَتَـــوَّجَهُ
مِـن نـاصِـعِ التِـبـرِ إِبـداعـاً وَتَـحـسـينا
إِذا تَــــــأَوَّدَ آدَتـــــهُ رَفـــــاهِـــــيَـــــةً
تــومُ العُــقـودِ وَأَدمَـتـهُ البُـرى ليـنـا
كــانَــت لَهُ الشَــمــسُ ظِــئراً فـي أَكِـلَّتِه
بَــل مــا تَــجَــلّى لَهــا إِلّا أَحـايـيـنـا
كَــأَنَّمــا أُثــبِــتَــت فــي صَــحــنِ وَجـنَـتِهِ
زُهــرُ الكَــواكِــبِ تَــعـويـذاً وَتَـزيـيـنـا
مــا ضَــرَّ أَن لَم نَــكُــن أَكـفـاءَهُ شَـرَفـاً
وَفــي المَــوَدَّةِ كــافٍ مِــن تَــكــافــيـنـا
يــا رَوضَــةً طــالَمــا أَجــنَـت لَواحِـظَـنـا
وَرداً جَــلاهُ الصِــبــا غَـضّـاً وَنَـسـريـنـا
وَيــا حَــيــاةً تَــمَــلَّيــنــا بِــزَهــرَتِهــا
مُـــنـــىً ضُـــروبـــاً وَلَذّاتٍ أَفــانــيــنــا
وَيــا نَــعــيــمــاً خَـطَـرنـا مِـن غَـضـارَتِهِ
فـي وَشـيِ نُـعـمـى سَـحَـبـنـا ذَيـلَهُ حـيـنا
لَســنــا نُــسَــمّــيــكِ إِجــلالاً وَتَــكـرِمَـةً
وَقَــدرُكِ المُــعـتَـلي عَـن ذاكَ يُـغـنـيـنـا
إِذا اِنــفَــرَدتِ وَمــا شــورِكـتِ فـي صِـفَـةٍ
فَـحَـسـبُـنـا الوَصـفُ إيـضـاحـاًّ وَتَـبـيـينا
يــا جَــنَّةــَ الخُـلدِ أُبـدِلنـا بِـسِـدرَتِهـا
وَالكَــوثَــرِ العَــذبِ زَقّـومـاً وَغِـسـليـنـا
كَــأَنَّنــا لَم نَــبِــت وَالوَصــلُ ثــالِثُـنـا
وَالسَـعـدُ قَـد غَـضَّ مِـن أَجـفـانِ واشـيـنـا
إِن كانَ قَد عَزَّ في الدُنيا اللِقاءُ بِكُم
فـي مَـوقِـفِ الحَـشـرِ نَـلقـاكُـم وَتَـلقـونا
سِــرّانِ فـي خـاطِـرِ الظَـلمـاءِ يَـكـتُـمُـنـا
حَــتّــى يَـكـادَ لِسـانُ الصُـبـحِ يُـفـشـيـنـا
لا غَـروَ فـي أَن ذَكَرنا الحُزنَ حينَ نَهَت
عَـنـهُ النُهـى وَتَـرَكـنـا الصَـبـرَ ناسينا
إِنّـا قَـرَأنـا الأَسـى يَـومَ النَـوى سُوَراً
مَــكــتـوبَـةً وَأَخَـذنـا الصَـبـرَ تَـلقـيـنـا
أَمّــا هَــواكِ فَــلَم نَــعــدِل بِــمَــنــهَــلِهِ
شُـرَبـاً وَإِن كـانَ يُـرويـنـا فَـيُـظـمـيـنـا
لَم نَــجــفُ أُفــقَ جَــمــالٍ أَنــتِ كَــوكَــبُهُ
ســاليــنَ عَــنــهُ وَلَم نَهــجُـرهُ قـاليـنـا
وَلا اِخــتِــيــاراً تَــجَـنَّبـنـاهُ عَـن كَـثَـبٍ
لَكِــن عَــدَتــنــا عَــلى كُــرهٍ عَــواديـنـا
نَــأســى عَــلَيــكِ إِذا حُــثَّتــ مُــشَـعـشَـعَـةً
فــيــنــا الشَـمـولُ وَغَـنّـانـا مُـغَـنّـيـنـا
لا أَكــؤُسُ الراحِ تُـبـدي مِـن شَـمـائِلِنـا
سِـيَـمـا اِرتِـيـاحٍ وَلا الأَوتـارُ تُلهينا
دومـي عَـلى العَهـدِ مـا دُمـنـا مُـحـافِظَةً
فَـالحُـرُّ مَـن دانَ إِنـصـافـاً كَـمـا ديـنـا
فَـمـا اِسـتَـعَـضـنـا خَـليـلاً مِـنكِ يَحبِسُنا
وَلا اِسـتَـفَـدنـا حَـبـيـبـاً عَـنـكِ يَثنينا
وَلَو صَــبــا نَــحــوَنــا مِـن عُـلوِ مَـطـلَعِهِ
بَـدرُ الدُجـى لَم يَـكُـن حـاشـاكِ يُـصـبينا
أَبـــكـــي وَفــاءً وَإِن لَم تَــبــذُلي صِــلَةً
فَـالطَـيّـفُ يُـقـنِـعُـنـا وَالذِكـرُ يَـكـفـينا
وَفــي الجَــوابِ مَــتــاعٌ إِن شَــفَــعــتِ بِهِ
بـيـضَ الأَيـادي الَّتـي مـا زِلتِ تـولينا
عَــلَيــكِ مِــنّــا سَــلامُ اللَهِ مـا بَـقِـيَـت
صَــبــابَــةٌ بِــكِ نُــخـفـيـهـا فَـتَـخـفـيـنـا
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: ابن زيدون
وزير، كاتب وشاعر من أهل قرطبة، انقطع إلى ابن جهور من ملوك الطوائف بالأندلس، فكان السفير بينه وبين ملوك الأندلس فأعجبوا به. واتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد فحبسه، فاستعطفه ابن زيدون برسائل عجيبة فلم يعطف.
فهرب واتصل بالمعتضد صاحب إشبيلية فولاّه وزارته، وفوض إليه أمر مملكته فأقام مبجّلاً مقرباً إلى أن توفي باشبيلية في أيام المعتمد على الله ابن المعتضد.
ويرى المستشرق كور أن سبب حبسه اتهامه بمؤامرة لإرجاع دولة الأمويين.
وفي الكتاب من يلقبه بحتري المغرب، أشهر قصائده: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا.
ومن آثاره غير الديوان رسالة في التهكم بعث بها عن لسان ولاّدة إلى ابن عبدوس وكان يزاحمه على حبها، وهي ولاّدة بنت المستكفي.
وله رسالة أخرى وجهها إلى ابن جهور طبعت مع سيرة حياته في كوبنهاغن وطبع في مصر من شروحها الدر المخزون وإظهار السر المكنون.