قصيدة فلاحون فرنسيون شتاء للشاعر مؤيد الشيباني

البيت العربي

فلاحونَ فرنسيونَ شتاءً..


عدد ابيات القصيدة:54


فلاحونَ فرنسيونَ شتاءً..
فلاحونَ فرنسيونَ شتاءً..
وقطارٌ يتوقفُ عند محطات ٍ باردةٍ
أولئك ألمحُهم حولَ النار ِ، المطرُ الناعمُ لا يطفؤها
أمعنُ في الوهجِ الأزرقِ بين أصابعهم
أتوسلُ في النظرة ِ دفءً يخترقُ النافذة َ الباردة َ
الفلاحونَ يغنونَ ، ويحتفلون بطعمِ نبيذ منازلهم
هل أترجلُ من قاطرتي ؟
وأشقّ ُ العشبَ سريعاً
أعبر ساقيةً
وأهشّ ُ خرافا ً، وخيولا سارحةً
وأحيّي امرأة ً تملأ جرّتَها من شفةِ النهر ِ
وحين تراني تتعثرُ راكضة ً نحوي
وأنادي
وينادونَ
أنا الغائرُ في اللهفة ِ
جئت أخيرا ً.. كي أدخلَ مملكتي
أرخي راحلتي
وأغنّي مزدهيا بنبيذي
يسألني الفلاحونَ ترى كيف تعتقهُ؟
فأقول لهم من فاكهة الحزنِ.
أخبئها في ظلمةِ أيامٍ لا عدّ لها
وأنقّعها في ذاكرتي وقوارير دمي
لتصير نبيذا يشبه طعمَ بلادي
المطرُ الناعمُ لا يوقفهم
وقطارُ الغرباء ِ يمرّ ُ
وموكبُ سنحاريبَ يمرّ، الدمُ يتبعهُ مثل دبيب النمل ِ
وفلاحون عراقيون َ يدسون أغانيهم في القصب المحمولِ
على أكتاف ِ عراة ٍ أسرى
تعبَ الليلُ وصوت المطرب ِ و"البوذيات ُ"
ولم يبقَ سوى النجمةِ
كم أنت ِ هنالك أيتها النجمة ُ؟
ألمحها تنزلُ مثل حنوِّ الغائبِ
هل أتبعها ؟
أين ستأخذني ؟ وإلى أي بلاد ٍ؟
فلاحون عراقيون على جبل ٍ من موت ٍ
قال لهم سنحاريبُ كلوا هذا الجبلَ الشاهقَ
حتى تصلوا الأرضَ
وحتى تشبعَ كلّ سلالات بلاد النهرين ِ
ليبقى الأحفادُ على قيد الموت ِ
يجزون رؤوسَ النخل وقامات البرديِّ
لكي لا يعترضُ الموكبَ شيءٌ فوق الأرض ِ وفوق الماء ِ
فسوف أعودُ لأبحثَ ثانية ً عن ملك ٍ من بابلَ
خبأهُ الأهواريونَ هنا.
فلاحون فرنسيون يغنون على مقربةٍ من قوسِ النصر
وفلاحون عراقيون بلا قوسٍ
بسطاءُ جميلون وليس لديهم غيرالريح ِ
تهبُّ فتكشفهم كي يضحكَ سنحاريب ُ
الفلاحون يغنون بملء هنا
وعراقيون هناك بلا أي هناك
قالت صاحبة ُ الحانة ِ إني راحلة ٌ
وسأتركُ كلّ الأشياء ِعلى حالتها
حين تكفّون عن النوح ِ أهيلوا التربَ على موتاكم
وأعيدوا الأشياءَ.
وسدّوا الأبوابْ !
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

 
مؤيد الشيباني