البيت العربي

مر كالطفولة من هنا، لم يخلف وراءه صيفاً أو غيمة أو حجر.
عدد ابيات القصيدة:38

مر كالطفولة من هنا، لم يخلف وراءه صيفاً أو غيمة أو حجر.
أوقفَ الحجرَ في مطلع النحت، وقال: هنا مكمنُ الضباب،
اقتحم الوقتَ، تر الصيفَ، ولا تسكن لديه ولا تعد.
ما الذي أطلق البنتَ في المشهد الآن، رغم غياب الهمس والقبلات،
ورغم انكفاء السماء على ما جفَّ بلا معطف في المطر!
أوقفَ الصيفَ خارج جمجمة الفقير، وقال: أيّ عاصفة تود؟ شبَّه الوقت بالثمر،
فجاء الصباح كحبة توت،
الظهيرة دراقة، والغروب انتهى كحبة مانجو تركت ظهرها للسماء،
المساء اشتهي حبيبات الكرز .
مرَّ الهواءُ سريعاً، فانتصبت حلمةٌ وبكت زرقة في رحيق، ربما ها هنا كرز،
وما يؤرَّخُ به للدلال.
أوقف الغيمةَ في مستهل المطر، وقال: هل رأيتَ عشباً؟
هنا يثمر العشبُ.
مر الغناء سريعا، تدلت وريقات لوز، وغطت بَهاءَ الوصال بِـ(هَاءِ) الحريقِ.
أوقف الصخب في مطلع الرعشة، وقال: هنا لبلابةٌ.
مرَّ في الرقص، كأن الشبابيك تفتحت، وهبَّ نحل ٌ، كان جسدُ العاشق يحلِّق،
ورحيقٌ كالعسل يقطر على بياض العاشقة، فترتاح، كان إلهياً جداً،
يشبه تفاحاً، ويشبه عنباً، وهو..
حبة توت في كف ملاك.
أوقف اللوزَ في مَدْرَجِ السكْر، وقال: كن بائعة للخرز،
انهمرت حبات اللون على حِجر الطفلة، كان الأزرقُ ذبالة فانوس، والأخضر كان مشعاً.
ولما مرر الأصفر في معصم البنت سنبلة، ذاب،
والأبيض راح يسرب مفاتنه في الجسد، وكان يمهد للأحمر نشوته،
زرقاء على الجبهة حبيبات الخرز، وحمراء قانية على فص القلب.
مر كالطفولة من هنا، أوقف الوقت في لمعة الرمل وسار، كان الخريف يجيء،
وكان الشتاء. وفي الربيع، رأينا السهول تفر، رأينا الصهيل يهفو، رأينا البنات الجميلات،
ورأينا كل شيء.ثقب في الروح
يخرجون من ثقبٍ ويتركون البحر نازفاً.
أرى فتنةً تضيء وناقوساً يراجع سيرةَ صوته.
غير بعيد من هنا، الرجال يقشرون القبلات عن أجسادهم،
والنسوة يدحرجن أرغفة.
صرخت لحية، استقالت شفة من حلمة، والبرتقال غصّ بعصيره.
أدرك حلزونٌ معنى البطء، علّق مشنقة، واختبرَ الفكرةَ،
أوصى بالقوقعة لعاشقة يختمر الوقت على نهديها.
مرت قوافل الرمل،
الصغيرات قمن يحرقن البخورَ لأجل الغائبين: الغياب سلّم للعشق.
ابتدأت الرقصة بصمت، ثم انهار العازفون، كان عليكِ أن تنصتي:
الإيقاعُ يخرج من ثقب في الروح.
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: وليد علاء الدين
صدر له في الشعر: (تردني لغتي إلي)، و(تفسر أعضاءها للوقت)، وفي المسرح (العصفور) الحاصلة على جائزة الشارقة للإبداع العربي، و(72 ساعة عفو) الحائزة على جائزة ساويرس لأفضل نص مسرحي، وفي الرحلة (خطوات باتساع الأزرق، مشاهدات من رحلة إلى الجزائر). وفي الدراسات الثقافية (واحد مصري)، وفي الرواية (ابن القبطية).
نال عدة جوائز منها جائزة الشارقة للإبداع العربي في المسرح، وجائزة ساويرس لأفضل نص مسرحي، وجائزة أدب الحرب المصرية للقصة القصيرة، وجائزة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات (غانم غباش) للقصة القصيرة.
تُرجمت مختارات من نصوصه الشعرية إلى اللغتين الفرنسية والفارسية.
وله قيد الطبع في المسرح (مولانا المقدم) وفي الدراسات الثقافية: (شجرة، وطن، دين).
كاتب مقالة صحفية، له مقالات دورية في جريدة المصري اليوم القاهرية، وصحيفة العرب – لندن، وموقع "بتانة" الثقافي، وبوابة الأهرام القاهرية، وغيرها.
يصف الناقد الدكتور أيمن بكر تجربة وليد علاء الدين الشعرية قائلاً: (اتسعت دائرة القول، وربما تشابهت الأصوات في المشهد الشعري المعاصر، بحيث صار من الصعب أن تتعرف على نبرة شاعر بعينه.