البيت العربي

بِأَبي وَروحي الناعِماتِ الغيدا
عدد ابيات القصيدة:50

بِــأَبــي وَروحـي النـاعِـمـاتِ الغـيـدا
البــاسِــمــاتِ عَــنِ اليَــتــيـمِ نَـضـيـدَ
الرانِـــيـــاتِ بِـــكُـــلِّ أَحــوَرَ فــاتِــرٍ
يَــذُرُ الخَــلِيَّ مِــنَ القُــلوبِ عَــمـيـدا
الراوِيــاتِ مِــنَ السُــلافِ مَــحــاجِــراً
النــــاهِــــلاتِ سَــــوالِفـــاً وَخُـــدودا
اللاعِــبــاتِ عَــلى النَـسـيـمِ غَـدائِراً
الراتِــعــاتِ مَــعَ النَــســيــمِ قُــدودا
أَقــبَــلنَ فــي ذَهَــبِ الأَصــيـلِ وَوَشـيِهِ
مِــــلءَ الغَــــلائِلِ لُؤلُؤاً وَفَـــريـــدا
يَــحــدِجــنَ بِـالحَـدقِ الحَـواسِـدِ دُمـيَـةً
كَــظِــبــاءِ وَجــرَةَ مُــقــلَتَـيـنِ وَجـيـدا
حَــوَتِ الجَـمـالَ فَـلَو ذَهَـبـتَ تَـزيـدُهـا
فـي الوَهـمِ حُـسـناً ما اِستَطَعتَ مَزيدا
لَو مَــرَّ بِــالوِلدانِ طَــيــفُ جَــمـالِهـا
فــي الخُــلدِ خَــرّوا رُكَّعــاً وَسُــجــودا
أَشـهـى مِـنَ العـودِ المُـرَنَّمـِ مَـنـطِـقـاً
وَأَلَذُّ مِــــن أَوتــــارِهِ تَــــغــــريــــدا
لَو كُـــنـــتَ مُـــطـــلِقَ السُــجَــنــاءِ لَم
تُــطــلِق لِســاحِــرِ طَــرفِهــا مَــصـفـودا
مــا قَــصَّرَ الرُؤَســاءُ عَــنــهُ سَـعـى لَهُ
سَـــعـــدٌ فَـــكـــانَ مُــوَفَّقــاً وَرَشــيــدا
يـا مِـصـرُ أَشـبـالُ العَـريـنِ تَـرَعـرَعَـت
وَمَــشَــت إِلَيــكِ مِــنَ السُــجـونِ أُسـودا
قــاضــى السِـيـاسَـةِ نـالَهُـم بِـعِـقـابِهِ
خَـشِـنَ الحُـكـومَـةِ فـي الشَـبـابِ عَتيدا
أَتَــتِ الحَــوادِثُ دون عَــقــدِ قَــضــائِهِ
فَـــاِنـــهـــارَ بَـــيِّنـــَةً وَدُكَّ شَهـــيــدا
تَـقـضـي السِـيـاسَـةُ غَـيـرَ مـالِكَـةٍ لِما
حَــكَــمَــت بِهِ نَــقــضــاً وَلا تَــوكـيـدا
قــالوا أَتَــنــظُــمُ لِلشَــبــابِ تَــحِــيَّةً
تَــبــقـى عَـلى جـيـدِ الزَمـانِ قَـصـيـدا
قُــلتُ الشَــبــابُ أَتَــمُّ عِــقــدَ مَــآثِــرٍ
مِــن أَن أَزيــدَهُـمـو الثَـنـاءَ عُـقـودا
قَــبِــلَت جُهــودَهُــمُ البِــلادُ وَقَــبَّلــَت
تــاجــاً عَــلى هــامــاتِهِــم مَــعـقـودا
خَــرَجـوا فَـمـا مَـدّوا حَـنـاجِـرَهُـم وَلا
مَــنّــوا عَــلى أَوطــانِهِــم مَــجــهــودا
خَـفِـيَ الأَسـاسُ عَـنِ العُـيـونِ تَـواضُـعاً
مِـن بَـعـدِ مـا رَفَـعَ البِـنـاءَ مَـشـيـدا
مــا كــانَ أَفــطَــنَهُــم لِكُــلُّ خَــديـعَـةٍ
وَلِكُــــلِّ شَــــرٍّ بِــــالبِــــلادِ أُريــــدا
لَمّــا بَــنــى اللَهُ القَــضِــيَّةـَ مِـنـهُـمُ
قــامَـت عَـلى الحَـقِّ المُـبـيـنِ عَـمـودا
جــادوا بِــأَيّــامِ الشَـبـابِ وَأَوشَـكـوا
يَــتَــجــاوَزونَ إِلى الحَــيـاةِ الجـودا
طَـلَبـوا الجَـلاءَ عَـلى الجِهادِ مَثوبَةً
لَم يَــطــلُبــوا أَجـرَ الجِهـادِ زَهـيـدا
وَاللَهِ مــــا دونَ الجَــــلاءِ وَيَــــومِهِ
يَــومٌ تُــسَــمّــيــهِ الكِــنــانَــةُ عـيـدا
وَجَــدَ السَــجــيــنُ يَـداً تُـحَـطِّمـُ قَـيـدَهُ
مَـــن ذا يُـــحَــطِّمــُ لِلبِــلادِ قُــيــودا
رَبِــحَــت مِــنَ التَـصـريـحِ أَنَّ قُـيـودَهـا
قَـــد صِـــرنَ مِــن ذَهَــبٍ وَكُــنَّ حَــديــدا
أَوَ مــا تَــرونَ عَــلى المَـنـابِـعِ عُـدَّةً
لا تَــنــجَـلي وَعَـلى الضِـفـافِ عَـديـدا
يا فِتيَةَ النيلِ السَعيدِ خُذوا المَدى
وَاِســتَـأنِـفـوا نَـفَـسَ الجِهـادِ مَـديـدا
وَتَـنَـكَّبوا العُدوانَ وَاِجتَنِبوا الأَذى
وَقِـفـوا بِـمِـصـرَ المَـوقِـفَ المَـحـمـودا
الأَرضُ أَليَـــقُ مَـــنــزِلاً بِــجَــمــاعَــةٍ
يَــبــغــونَ أَســبــابَ السَـمـاءِ قُـعـودا
أَنــتُــم غَــداً أَهــلُ الأُمــورِ وَإِنَّمــا
كُــنّــا عَــلَيــكُـم فـي الأُمـورِ وُفـودا
فَــاِبــنـوا عَـلى أُسُـسِ الزَمـانِ وَروحِهِ
رُكــنَ الحَــضــارَةِ بــاذِخــاً وَشَــديــدا
الهَــدمُ أَجــمَــلُ مِــن بِــنـايَـةِ مُـصـلِحٍ
يَـبـنـي عَـلى الأُسُـسِ العِـتـاقِ جَـديدا
وَجــهُ الكِــنــانَـةِ لَيـسَ يُـغـضِـبُ رَبَّكـُم
أَن تَـــجـــعَــلوهُ كَــوَجــهِهِ مَــعــبــودا
وَلّوا إِلَيــهِ فــي الدُروسِ وُجــوهَــكُــم
وَإِذا فَــرَغــتُــمُ وَاِعــبُــدوهُ هُــجــودا
إِنَّ الَّذي قَـــسَـــمَ البِــلادَ حَــبــاكُــمُ
بَــلَداً كَــأَوطــانِ النُــجــومِ مَــجـيـدا
قَــد كــانَ وَالدُنــيــا لُحــودٌ كُــلُّهــا
لِلعَـــبـــقَـــرِيَّةـــِ وَالفُــنــونِ مُهــودا
مَــــجــــدُ الأُمــــورِ زَوالُهُ فــــي زَلَّةٍ
لا تَــرجُ لِاِســمِــكَ بِــالأُمـورِ خُـلودا
الفَــردُ بِــالشــورى وَبِــاِســمِ نَـدِيِّهـا
لُفِـظَ الخَـليـفَـةُ فـي الظَـلامِ شَـريـدا
خَــلَعَــتــهُ دونَ المُــسـلِمـيـنَ عِـصـابَـةٌ
لَم يَــجــعَــلوا لِلمُــســلِمــيـنَ وُجـودا
يَـــقـــضـــونَ ذَلِكَ عَـــن سَــوادٍ غــافِــلٍ
خُـــلِقَ السَـــوادُ مُـــضَـــلَّلاً وَمَــســودا
جَــعَــلوا مَــشــيـئَتَهُ الغَـبِـيَّةـَ سُـلَّمـاً
نَــحــوَ الأُمــورِ لِمَــن أَرادَ صُــعــودا
إِنّــي نَـظَـرتُ إِلى الشُـعـوبِ فَـلَم أَجِـد
كَـــالجَهـــلِ داءً لِلشُــعــوبِ مُــبــيــدا
الجَهـــلُ لا يَـــلِدُ الحَــيــاةَ مَــواتُهُ
إِلّا كَـــمـــا تَـــلِدُ الرِمـــامُ الدودا
لَم يَــخــلُ مِــن صُـوَرِ الحَـيـاةِ وَإِنَّمـا
أَخــطــاهُ عُــنــصُــرُهــا فَــمـاتَ وَليـدا
وَإِذا سَـبـى الفَـردُ المُـسَـلَّطُ مَـجـلِسـاً
أَلفَــيــتَ أَحــرارَ الرِجــالِ عَــبــيــدا
وَرَأَيــتَ فــي صَــدرِ النَــدِيِّ مُــنَــوَّمــاً
فـــي عُـــصــبَــةٍ يَــتَــحَــرَّكــونَ رُقــودا
الحَـــقُّ سَهـــمٌ لا تَـــرِشـــهُ بِــبــاطِــلٍ
مــا كــانَ سَهــمُ المُـبـطِـليـنَ سَـديـدا
وَاِلعَـــب بِـــغَــيــرِ سِــلاحِهِ فَــلَرُبَّمــا
قَــــتَـــلَ الرِجـــالَ سِـــلاحُهُ مَـــردودا
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أحمد شوقي
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932