قصيدة كفى بك داء أن ترى الموت شافيا للشاعر المُتَنَبّي

البيت العربي

كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا


عدد ابيات القصيدة:47


كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا
كَـفـى بِـكَ داءً أَن تَـرى المَـوتَ شـافِـيـا
وَحَــســبُ المَــنــايـا أَن يَـكُـنَّ أَمـانِـيـا
تَــمَــنَّيــتَهــا لَمّــا تَــمَــنَّيــتَ أَن تَــرى
صَــديــقــاً فَــأَعـيـا أَو عَـدُوّاً مُـداجِـيـا
إِذا كُــنــتَ تَــرضــى أَن تَــعــيــشَ بِــذِلَّةٍ
فَــلا تَــســتَـعِـدَّنَّ الحُـسـامَ اليَـمـانِـيـا
وَلا تَـــســـتَـــطـــيــلَنَّ الرِمــاحَ لِغــارَةٍ
وَلا تَــســتَـجـيـدَنَّ العِـتـاقَ المَـذاكِـيـا
فَـمـا يَـنـفَـعُ الأُسـدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى
وَلا تُـــتَّقـــى حَــتّــى تَــكــونَ ضَــوارِيــا
حَــبَــبــتُــكَ قَـلبـي قَـبـلَ حُـبِّكـَ مَـن نَـأى
وَقَــد كــانَ غَــدّاراً فَــكُـن أَنـتَ وافِـيـا
وَأَعــلَمُ أَنَّ البَــيــنَ يُــشــكــيــكَ بَـعـدَهُ
فَــلَســتَ فُــؤادي إِن رَأَيــتُــكَ شــاكِــيــا
فَـــإِنَّ دُمـــوعَ العَـــيـــنِ غُــدرٌ بِــرَبِّهــا
إِذا كُـــنَّ إِثـــرَ الغــادِريــنَ جَــوارِيــا
إِذا الجـودُ لَم يُـرزَق خَلاصاً مِنَ الأَذى
فَـلا الحَـمدُ مَكسوباً وَلا المالُ باقِيا
وَلِلنَــفــسِ أَخــلاقٌ تَــدُلُّ عَــلى الفَــتــى
أَكــانَ سَــخــاءً مــا أَتــى أَم تَـسـاخِـيـا
أَقِــلَّ اِشــتِــيــاقـاً أَيُّهـا القَـلبُ رُبَّمـا
رَأَيــتُـكَ تُـصـفـي الوُدَّ مَـن لَيـسَ جـازِيـا
خُــلِقــتُ أَلوفــاً لَو رَحَــلتُ إِلى الصِـبـا
لَفـارَقـتُ شَـيـبـي مـوجَـعَ القَـلبِ بـاكِـيا
وَلَكِـــنَّ بِـــالفُـــســـطــاطِ بَــحــراً أَزَرتُهُ
حَـيـاتـي وَنُـصـحـي وَالهَـوى وَالقَـوافِـيـا
وَجُــرداً مَــدَدنـا بَـيـنَ آذانِهـا القَـنـا
فَــبِــتــنَ خِــفــافـاً يَـتَّبـِعـنَ العَـوالِيـا
تَــمــاشــى بِــأَيـدٍ كُـلَّمـا وافَـتِ الصَـفـا
نَــقَــشــنَ بِهِ صَــدرَ البُــزاةِ حَــوافِــيــا
وَتَــنــظُــرُ مِــن سـودٍ صَـوادِقَ فـي الدُجـى
يَــرَيــنَ بَــعــيــداتِ الشُــخـوصِ كَـمـا هِـيَ
وَتَــنــصِــبُ لِلجَــرسِ الخَــفــيِّ سَــوامِــعــاً
يَــخَــلنَ مُــنــاجــاةَ الضَـمـيـرِ تَـنـادِيـا
تُـــجـــاذِبُ فُـــرســـانَ الصَـــبـــاحِ أَعِــنَّةً
كَــأَنَّ عَــلى الأَعـنـاقِ مِـنـهـا أَفـاعِـيـا
بِـعَـزمٍ يَـسـيـرُ الجِـسمُ في السَرجِ راكِباً
بِهِ وَيَـسـيـرُ القَـلبُ فـي الجِـسـمِ مـاشِيا
قَــــواصِـــدَ كـــافـــورٍ تَـــوارِكَ غَـــيـــرِهِ
وَمَـن قَـصَـدَ البَـحـرَ اِسـتَـقَـلُّ السَـواقِـيا
فَــجــاءَت بِــنــا إِنــســانَ عَــيـنِ زَمـانِهِ
وَخَـــلَّت بَـــيــاضــاً خَــلفَهــا وَمَــآقِــيــا
نَـجـوزَ عَـلَيـهـا المُـحـسِـنـيـنَ إِلى الَّذي
نَــرى عِــنــدَهُــم إِحــســانَهُ وَالأَيـادِيـا
فَــتــىً مـا سَـرَيـنـا فـي ظُهـورِ جُـدودِنـا
إِلى عَــصــرِهِ إِلّا نُــرَجّــي التَــلاقِــيــا
تَـــرَفَّعـــَ عَـــن عَـــونِ المَــكــارِمِ قَــدرُهُ
فَــمــا يَــفـعَـلُ الفَـعـلاتِ إِلّا عَـذارِيـا
يُـــبـــيــدُ عَــداواتِ البُــغــاةِ بِــلُطــفِهِ
فَـإِن لَم تَـبِـد مِـنـهُـم أَبـادَ الأَعـادِيا
أَبا المِسكِ ذا الوَجهُ الَّذي كُنتُ تائِقاً
إِلَيــهِ وَذا الوَقــتُ الَّذي كُـنـتُ راجِـيـا
لَقــيــتُ المَــرَورى وَالشَــنــاخـيـبَ دونَهُ
وَجُــبــتُ هَـجـيـراً يَـتـرُكُ المـاءَ صـادِيـا
أَبــا كُــلِّ طـيـبٍ لا أَبـا المِـسـكِ وَحـدَهُ
وَكُـــلَّ سَـــحـــابٍ لا أَخَـــصُّ الغَـــوادِيـــا
يَـــدِلُّ بِـــمَـــعـــنــىً واحِــدٍ كُــلَّ فــاخِــرٍ
وَقَــد جَـمَـعَ الرَحـمَـنُ فـيـكَ المَـعـانِـيـا
إِذا كَــسَــبَ النــاسُ المَـعـالِيَ بِـالنَـدى
فَــإِنَّكــَ تُــعــطـي فـي نَـداكَ المَـعـالِيـا
وَغَـــيـــرُ كَـــثـــيـــرٍ أَن يَـــزورَكَ راجِــلٌ
فَــيَــرجِــعَ مَــلكــاً لِلعِــراقَــيـنِ والِيـا
فَــقَــد تَهَـبَ الجَـيـشَ الَّذي جـاءَ غـازِيـاً
لِســائِلِكَ الفَــردِ الَّذي جــاءَ عــافِــيــا
وَتَــحــتَــقِــرُ الدُنــيـا اِحـتِـقـارَ مُـجَـرِّبٍ
يَــرى كُـلَّ مـا فـيـهـا وَحـاشـاكَ فـانِـيـا
وَمـا كُـنـتَ مِـمَّنـ أَدرَكَ المُـلكَ بِـالمُـنى
وَلَكِـــن بِـــأَيّــامٍ أَشَــبــنَ النَــواصِــيــا
عِــداكَ تَــراهــا فـي البِـلادِ مَـسـاعِـيـاً
وَأَنــتَ تَــراهــا فـي السَـمـاءِ مَـراقِـيـا
لَبِــســتَ لَهــا كُــدرَ العَــجــاجِ كَــأَنَّمــا
تَـرى غَـيـرَ صـافٍ أَن تَـرى الجَـوَّ صـافِـيا
وَقُـــدتَ إِلَيـــهـــا كُـــلَّ أَجـــرَدَ ســـابِــحٍ
يُــؤَدّيــكَ غَــضــبــانــاً وَيَــثـنِـكَ راضِـيـا
وَمُـــخـــتَـــرَطٍ مـــاضٍ يُـــطـــيــعُــكَ آمِــراً
وَيَـعـصـي إِذا اِسـتَـثـنَيتَ لَو كُنتَ ناهِيا
وَأَســمَــرَ ذي عِــشــريــنَ تَــرضــاهُ وارِداً
وَيَــرضـاكَ فـي إيـرادِهِ الخَـيـلَ سـاقِـيـا
كَــتــائِبَ مــا اِنــفَـكَّتـ تَـجـوسُ عَـمـائِراً
مِـنَ الأَرضِ قَـد جـاسَـت إِلَيـهـا فَـيـافِيا
غَـــزَوتَ بِهـــا دورَ المُــلوكِ فَــبــاشَــرَت
سَــنــابِــكُهــا هــامـاتِهِـم وَالمَـغـانِـيـا
وَأَنـــتَ الَّذي تَـــغــشــى الأَسِــنَّةــَ أَوَّلاً
وَتَــأنَــفَ أَن تَــغــشـى الأَسِـنَّةـَ ثـانِـيـا
إِذا الهِـنـدُ سَـوَّت بَـيـنَ سَـيـفَـي كَـريـهَةٍ
فَــسَــيــفُــكَ فــي كَـفٍّ تُـزيـلُ التَـسـاوِيـا
وَمِــــن قَــــولِ ســــامٍ لَو رَآكَ لِنَـــســـلِهِ
فِـدى اِبـنِ أَخـي نَـسـلي وَنَـفـسـي وَمالِيا
مَـــدىً بَـــلَّغَ الأُســـتـــاذَ أَقــصــاهُ رَبُّهُ
وَنَــفــسٌ لَهُ لَم تَــرضَ إِلّا التَــنــاهِـيـا
دَعَــتــهُ فَـلَبّـاهـا إِلى المَـجـدِ وَالعُـلا
وَقَـد خـالَفَ النـاسُ النُـفـوسَ الدَواعِـيا
فَـــأَصـــبَــحَ فَــوقَ العــالَمــيــنَ يَــرَونَهُ
وَإِن كــانَ يُــدنــيــهِ التَــكَــرُّمُ نـائِيـا
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب.
الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة المعاني المبتكرة.
ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس.
قال الشعر صبياً، وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه.
وفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه.
قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز.
عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسّد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد.
وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي.
تصنيفات قصيدة كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا